الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طه حسين وشيوخ المنابر

داود السلمان

2018 / 9 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شيوخ المنابر، او الذين يسميهم بعض الكتاب المعممون، وهو الصحيح، بين فترة واخرى يخرج علينا احدهم بقصة او بحكاية من الوزن الثقيل (وكلمة –علينا- لا اقصد نحن المثقفون وانما اقصد عوام الناس) يخرج بحكاية من سرديات بنات افكاره، بهدف جذب الناس اليه والانشداد الى ما يطرحه من مواضيع له فيها هدف وغاية، فضلا عن أن تلك الخزعبلات، ودعونا نسميها بهذه التسمية، وهي فعلا هكذا، لأنها لا تنسجم مع العقل والمنطق الصحيح، بل هي خرافة يراد من ورائها تجهيل الناس وتسفيه المجتمعات.
اصحاب المنابر، هذه هي بضاعتهم ويظهر أنها، في هذه الايام بضاعة ليست بكاسدة، بل تدر على اصحابها اموال طائلة.
وهنا سنذكر نموذجاً واحدا من مئات النماذج يغنينا عمن سواه، نموذج واحد حتى لا نطيل المقام في هذا المقال.
مقطع فيديو وصلني على صفحتي من (الفيس). عبارة عن معمم يتحدث من على المنبر وهو يقص حكاية: ان هناك امرأة جاءت الى الحج، وفي الطريق نفد ما موجود لديها من ماء، وكادت ان تموت من الظمأ، فرفعت رأسها الى السماء وخاطبت الله مباشرة، بقولها: كيف اموت من العطش وأنا متوجهة الى بيتك يا الله، وبعد هنيئة، نزل عليها دلوِ يتدلى بحبل فيه ماء بارد حلو المذاق، فشربت منه تلك المرأة، وظلت بعدها سبع سنوات لا تشتهي الماء ولا تشعر بالظمأ!.
(هنا الجمهور عج بالتصفيق.. اقصد بالتكبير والصلوات).
ولا اريد أن اعلق على هذه الاسطورة السخيفة، واترك عميد الادب العربي الدكتور طه حسين، والذي يذكر في كتابه "في الشعر الجاهلي" من أن مثل هذه القصص التي يروج لها اليوم العديد من اصحاب المنابر، هي ذاتها القصص القديمة واليوم تعود الى الانتشار وهناك من يستمع اليها ويتقبلها برحابة صدر على انها حقيقة ساطعة.
طه حسين يقول لا تستغربون من هؤلاء القصاصين، لأن هناك عوامل كثيرة جعلت منهم أن يضعوا هذه القصص التي لا وجود لها في الواقع الخارجي. فهناك عوامل سياسية واخرى دينية، وغيرها اقتصادية، لأن الذي يضع مثل هذه القصص ويدسها يأخذ عليها مبالغ نقدية، ولا يهمه ما يقال بعد ذلك.
يقول طه حسين: "كان قصاص المسلمين يتحدثون الى الناس في مساجد الامصار فيذكرون لهم قديم العرب والعجم وما يتصل بالنبؤات، ويمضون معهم في تفسير القرآن والحديث والرواية والمغازي والفتوح الى حيث يستطيع الخيال أن يذهب بهم الى حيث يلزمهم العلم والصدق أن يقفوا. وكان الناس كلفين بهؤلاء القصاص مشغوفين بما يلقون اليهم من حديث". (طه حسين، في الشعر الجاهلي، ص 92، الطبعة الاولى سنة الطبع 1926م). واشارة طه حسين الاخيرة هي عين ما يجري اليوم من وضع يرثى له. وضع يراد أن يتفشى به فكر داعشي يبث ثقافة التجهيل وبالتالي قتل الانسان اينما وجد ما لم يصدق بتلك الخرافات، والقصص الاسطورية.
ويرجح طه حسين أن مثل هذه القصص يستمد القصاص قوته من مصادر مختلفة، ويذكر اهمها اربع مصادر هي:
(الاول): مصدر عربي هو القرآن وما كان يتصل به من الاحاديث والروايات، وما كانت تتحدث به العرب من الامصار من الاخبار والاساطير وما كانت من شعر، وما كان يتحدث به الرواة من سير النبي والخلفاء وغزواتهم وفتوحاتهم.
(الثاني): مصدر يهودي نصراني، وهو ما كان يأخذه القصاص من اهل الكتاب من اخبار الانبياء والرهبان وما يتصل بذلك...الخ
(الثالث) مصدر فارسي، وهو هذا الذي كان يستقيه القصاص في العراق خاصة من الفرس مما يتصل بأخبارهم واساطيرهم واخبار الهند واساطيرها.
(الرابع): مصدر مختلف هو هذا الذي يمثل نفسية العامة غير العربية من اهل العراق والجزيرة والشام والانباط والسريان ومن اليهم من هؤلاء الذين كانوا منبثين في هذه الاقطار والذين لم تكن لهم سيادة ولا وجود سياسي ظاهر". (المصدر نفسه، ص 93- 94).
وصاحب السطور هذه يضيف مصدر خامس، يستمد منه اصحاب المنابر معلوماتهم، وهو:
(الخامس): اساطيرهم التي يحيكونها ويصيغونها من بنات افكارهم، ويبثونها من اجل استنهاض العواطف الدينية لدى العوام حتى يحضون بمقبولية لديهم، وبالتالي هي مصدر رزقهم.
وقد نوه الى ذلك الشيخ مرتضى المطهري في كتابه "الملحمة الحسينية". نوه الى العديد من هذه القصص الخرافية على كونها حقيقة كعين الشمس، وقد دسها اناس متخصصين بهذا الفن.

30 / 9 / 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن وهم
صباح ابراهيم ( 2018 / 9 / 30 - 11:54 )
يشتهر الغرب بأبحاثه العلمية واكتشافاته الفلكية و اختراعاته التي تقدم الخدمات الكثيرة للبشرية ، وتزودهم بالطائرات والمكائن والأدوية و آخر المبتكرات في عالم الاتصالات و الانترنت .

اما العرب والمسلمون و خاصة رجال الدين منهم ، فهم بارعون في ابتكار واكتشاف واختراع القصص الخرافية ، و كيف يعض الثعبان الأقرع الميت في قبره و ينعل والديه ، وكيف يستمتع الرجل بنكاح اربع نساء و ما ملكت يمينه ويساره من النساء ، وكيف يصبح ملياردير خلال عدة شهور بنهب أموال الشعب .
وكيف يعملون الهريسة والقيمة وتصنيع الزنجيل والقامة للمواكب الحسينية كي يستحقون التعويضات من خزينة ولاية السفيه .

اخر الافلام

.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية