الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتال العمالقة، -العسكرية الفلسطينية-

مهند طلال الاخرس

2018 / 9 / 30
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


قتال العمالقة..
"العسكرية الفلسطينية من 1973-1994"
هذا الكتاب من اعداد وتأليف اللواء مازن عزالدين ويقع على 446 صفحة من القطع الكبير والصادر عن وزارة الاعلام والهيئة الوطنية للمتقاعدين العسكريين في فلسطين سنة 2014، وهو الجزء الثاني من محصلة جهد وتقصي مضني ومرهق للتوثيق وحفظ المشروع الوطني (عسكريا)، وكان قد سبقه في عام 2009 الجزء الاول والذي تحدث عن العسكرية الفلسطينية من 1948-1973 .

يتناول الكتاب دور القوات الفلسطينية في حرب اكتوبر 73 على مختلف الجبهات ونتائجها السياسية على م.ت.ف ، ثم يتحدث الكتاب عن الحرب الاهلية اللبنانية وقتال الثورة على جبهتين والتحولات في الموقف السوري ، ثم يتحدث عن حرب الليطاني وتطور التجربة القتالية الفلسطينية، ثم يتحدث الكتاب عن المواجهة الشاملة واجتياح بيروت واهم المعارك واهم القطاعات ونتائج الحرب والخروج الى عدة دول عربية وتوزع القوات فيها، ثم يتحدث الكتاب في الباب السابع عن معارك ثانوية ارغمت الثورة على خوضها كالتجربة في ليبيا واوغندا وغيرها، ثم يتحدث عن الانشقاق وحرب المخيمات وعمليات أسر الجنود الاسرائيلين الى حين العودة الى ارض الوطن واقامة السلطة الوطنية الفلسطينية مضافا اليه مجموعة من الملاحق والفهارس الغنية.

هذا إستعراض لاهم عنواين الكتاب ومحطاته، لكن ما يميز هذا الكتاب(بالاضافة الى الجزء الاول وكتاب الطريق الى طرابلس)التوثيق الغني للاحداث والاشخاص والامكنة والازمنة، وبعيد كل البعد عن الاستعراضات والمجاملات والتلفيق وما شابه من امراض تصيبنا بالعمى وتسيىء الى تاريخنا وارثنا النضالي، اضافة الى اعطاء الرواد الاوائل نوعا من التكريم بحفظ عطائاتهم وتضحياتهم بالاسم والزمان والمكان والحدث بالاضافة الى ذكر وحفظ تراث القوات وتكوينها ومختلف الاجهزة والقطاعات ومساهماتها في العمل الثوري والوطني، كل هذا مضافا الى قيمة الكتاب البحثية والتوثيقية والتاريخية والاهم من كل ذالك ان هذا الكتاب جائت أسطره ممن ساهم فعليا وخطوة خطوة في العمل العسكري الفلسطيني فجاء الكتاب من صانع للحدث وواقف عليه ومراقب احيانا ومحققا أحيانا أخرى....كل هذا تأتى للكاتب كونه من الرعيل القيادي الاول ومن واكب الثورة منذ انطلاقتها وتدرجه في كافة المواقع والرتب وكان من المنحازين دائما للشرعية.

كتاب رائع يستحق أن يقرأ اولا وان يقتنى ثانيا كمرجع موسوعي يحفظ إرثنا النضالي والوطني في ذاكرة الاجيال المتعاقبة.

أبدع الاخ المناضل مازن عزالدين في كل حرف خطه وفي كل إسم مناضل ذكره بين ثنايا أسطره لينتصر لذاكرتنا الوطنية ويدافع عنها خير إنتصار كعادته دائما حيث كان في الخندق الاول في الدفاع عن الثورة وفي خوض معاركها كي لا تسقط الراية ،وكأن لسان حاله يقول لا أريد لهذا الحلم ان ينتهي ...

اللواء مازن عز الدين وهو الهاديء الطباع المنسجم مع ذاته ومع اسمه الحركي اذ ان اسمه الحقيقي سلامة زيدان عبد العزيز ابو قاسم وهو من مواليد دير البلح عام 1947 حيث درس المراحل الاولى حتى الثانوية العامة في مدارس غزة والتحق في صفوف الثورة الفلسطينية عام 1966 ، وشارك في كل معارك الثورة وفي الدفاع عنها، تنقل بين كافة الساحات التي احتضنت قوات الثورة الفلسطينية من الاردن الى سوريا الى لبنان الى اليمن الى تونس الى ان عاد الى ارض الوطن عام 1994.

اللواء مازن عز الدين وهو الشغوف بالتوثيق والتاريخ لمسيرة الثورة لم يتوانى عن خدمة قضيته والانتصار لها ولشرعيتها في كل المواقع والمحافل، وهو اذ يتحفنا بكتاباته التي تأخذ مكانها الى الرفوف والقلوب لم يكتف بذلك بل تعداه الى العمل منذ سنوات على مشروع تأريخ وتوثيق تاريخ الثورة من خلال تسجيل حلقات تلفزيونية مع كل من استطاع ويستطيع الوصول اليه من الرعيل الاول للثورة وعن كل حكاية او واقعة او محطة مهمة في تاريخ الثورة حفظا لهذا التاريخ من العبث او الاندثار.

تقلد اللواء مازن عزالدين عدة مواقع في الثورة الفلسطينية منذ بدايتها عام 1965 وعمل نائبا للطيب عبدالرحيم عندما كان المفوض السياسي العام ونائبا للواء نصر يوسف عندما كان المفوض السياسي العام ونائبا لعثمان ابو غربية عندما كان المفوض السياسي العام وعينه وزير الداخلية المفوض السياسي العام لهيئة التوجيه السياسي والوطني. وكان اللواء عزالدين حقق انجازات طيبة لهيئة التوجيه السياسي والوطني وهو حاصل على درجة الماجستير في التاريخ وبعدها اكمل دراسة الدكتوراة وتلقى علومه العسكرية في الاتحاد السوفييتي سابقا وحاصل على دورة قادة كتائب وقادة الوية، وحاصل على العديد من الشهادات والدورات العسكرية في كل من ليبيا والصين واليمن وبريطانيا. وهو عضو في المجلس الثوري والمجلس الوطني والمجلس الاستشاري ومجلس الامن القومي.

من مؤلفاته معارك الدفاع عن القرار الفلسطيني المستقل (الطريق الى طرابلس) وكتاب العسكرية الفلسطينية الجزء الاول من 1948-1973. وهذان الكتابان لا يقلان اهمية عن كتابه موضوع المقال والبحث، وبالاجمال هي كُتُب كُتِبت بالدم وبكثير من الجهد والالم، كتب كتبت عن فلسطين ولاجل فلسطين، تفوح منها رائحة الذكريات ونحتت فيها اسماء الكثير من الشهداء. ولا عجب في ذلك ، خاصة ان المؤلف ذهب لهذا التأكيد في كلمات اهدائه لهذا الكتاب حيث جاء فيه:" الى الذين رسموا البسمة في مواجهة الموت المتلاحق كأمواج البحر الهائج....الى جيل من العمالقة كان قادتهم في قلب ميدان المعركة، سعد صايل، وخليل الوزير، وياسر عرفات".

خلاصة القول، هذه الكتب كصاحبها من الزمن الثوري الجميل، زمن الفدائي الذي عُمِدّ بالدم وأعاد رسم حدود فلسطين من جديد بعد ان اعاد رفع العلم على كل شبر فيها وعلى كل خطوة سارت اقدامه عليها، ولم ينسى للحظة ان ينحت في الصخر او يترك اثار خطواته على الطريق كي تُعلِّم وتهدي كل محب ينوي السير على نفس الطريق .
خلاصة الخلاصة؛ هذا كتاب من زمن الفدائي الذي خَلق من جَزمةٍ افقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص