الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاح الدين الأيوبي في القراءات والدراسات الأوربية (ج2)

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2018 / 9 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



كما أن الكاتب محمد يسري وفي مقالة له بعنوان؛ ((صلاح الدين في عيون الغرب: "أمير عادل وحازم وحكيم ومتدين وفقاً لتقاليد بني جنسه")) يقول: " شخصية القائد الكردي صلاح الدين الأيوبي، كانت واحدة من أهم الشخصيات المؤثرة على مسرح العلاقات الإسلامية-الغربية في العصور الوسطى" ويضيف كذلك " القائد الذي استنقذ بيت المقدس من أيدي الصليبيين في 583هـ/ 1187م، حيكت حوله الكثير من القصص والأخبار في الثقافة الغربية، بحيث نُظر إليه على كونه نموذجاً مميزاً جمع سمات الشهامة والشجاعة والبطولة" وبخصوص شخصيته في الثقافة الأوربية فيكتب: "تواترت تلك الحكايات التي تميل للمبالغة والغلو في أدبيات الشعراء والمفكرين الأوروبيين وملاحمهم" ويستوضح ذلك من خلال قوله؛ "بدأ صلاح الدين يجد لنفسه مكاناً مهماً في تواريخ الحروب الصليبية عند الغربيين، في مرحلة مبكرة جداً من تلك الفترة التاريخية" ويستكمل فيقول: ((فبحسب ما تذكر المؤرخة البريطانية كارول هيلينبراند في بحثها الموسوم بـ“تطور أسطورة صلاح الدين في الغرب"، فإن وليام الصوري، الذي يُعد أشهر مؤرخي الحروب الصليبية، قد ذكر بطل حطين في كتابه، حيث وصفه في أحد المواضع بقوله: "رجل حاد الذهن، نشط في الحرب، وسخيّ دونما حد" وفي موضع أخر يصفه قائلاً "أمير عادل وحازم وحكيم ومتدين وفقاً لتقاليد بني جنسه")). ويقول الكاتب يسري أيضاً؛ "أما أرنولد سائس الفارس باليان أبلين، والذي كان الفارس المكلف بالدفاع عن القدس بعد هزيمة الصليبيين في حطين، فكان شاهد عيان على دخول صلاح الدين لبيت المقدس" ويضيف "كما أنه أشاد مراراً بسلوك السلطان المسلم بعد فتح المدينة، فأظهر في كتابه، شفقته على المسيحيين الذين هزمهم، وكيف أنه كان شهماً جداً مع زوجات وبنات المقاتلين الصليبيين".

وبالمناسبة ولشدة إعجاب بعض الغربيين بشخصية صلاح الدين الأيوبي فقد جعل البعض -وبرغبة في العقل الباطن- بأنه من جذور مسيحية وهناك الكثير من تلك الروايات حيث يذكر الكاتب محمد يسري بخصوص ذلك ما يلي: "الصورة التي رسمتها له المصادر اللاحقة، قد استبدلت الحقائق التاريخية المرتبطة به، بمجموعة من المتخيلات التي حاولت أن تسلبه من جذوره الإسلامية وأن تلحقه بالعالم المسيحي"ويضيف ((ففي كتاب "تاريخ ما وراء البحار، وأصل صلاح الدين"، الذي دونه مؤلف مجهول من القرن الثالث عشر، يأتي ذكر صلاح الدين على كونه ابناً لأسرة مسيحية فرنسية نبيلة، وأنه ظل يميل للمسيحية طوال حياته))، بل يذكر كذلك؛ "حتى أنه وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، قد قام بتقسيم مملكته إلى ثلاثة أجزاء، وكان الجزء الأكبر والأفضل للمسيحيين، بينما وزع القسمين الآخرين على كلّ من المسلمين واليهود". كما أن الكاتب يسري يقف عند هذه القضية مع مصدر آخر فيقول: ((وفي كتاب آخر يعود لنفس الفترة الزمنية، وعنوانه هو "أغنيات المطرب الجوال من مدينة ريمس"، نُسجت قصة غريبة عن العلاقة العاطفية التي ربطت ما بين الملكة الفرنسية إليانور وصلاح الدين، وكيف أن مدينة صور الشامية قد جمعت ما بين المحبين)) ويضيف كاتب المقالة؛ "وتناسى المؤلف المجهول للكتاب أن الواقع التاريخي يؤكد على زيف تلك القصة، لأن الوقت الذي شهد تربع إليانور على عرش فرنسا، كان صلاح الدين فيه لا يزال طفلاً يلهو في شوارع دمشق وأزقتها". بقناعتي أن أولئك الكتاب الأوربيين لم يكن يتناسون بقدر ما كانت لهم الرغبة بأن تكون هذه الشخصية ملكاً لهم ولتراثهم وذلك لما كان يتمتع به من خصال وصفات نبل وقوة وكرامة، بينما أبناء شعبنا وللأسف يتنكرون له بكل بساطة وبلاهة وسطحية معرفية.

ويضيف الكاتب يسري كذلك فيقول: ((وقد بقيت الصورة المشرقة لصلاح الدين في جميع تواريخ العصور الوسطى وعصر النهضة، ولما تطورت النزعة الإستشراقية الغربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، استمرت الإشادة بصلاح الدين، حيث تكلم عنه العديد من مؤرخي تلك المرحلة بشكل إيجابي، رغم نقدهم في الكثير من الأوقات لبعض رموز الإسلام. فعلى سبيل المثال، وصفه الفرنسي تشارلز روزبولت، في كتابه "صلاح الدين أمير الشهامة"، بقوله:"بطل متجذر في أسمى مبادئ الفروسية، وفارس لجميع الأزمنة". أما المؤرخ الإنجليزي هاميلتون جب، فقد وصفه في كتابه "حياة صلاح الدين"، فقال: "نراه قائداً يجاهد في سبيل مثالياته، تجلت بطولته، ليس فقط في انتصاراته، وإنما بالأنموذج الذي يقدمه، وهو أنموذج لإنسان تملكته الآمال والرؤى وأعجزه الزمن عن تحقيقها")). وإضافةً إلى حضوره القوي في الكتابات التاريخية -كما يقول المصدر- فإن لشخصية صلاح الدين الأيوبي حضوره الوافر كذلك في الكتابات الأدبية حيث يذكرنا المصدر السابق بالتالي: "رغم الحضور القوي لصلاح الدين في الكتابات التاريخية الغربية، إلا أن تأثيرات تلك الشخصية الفريدة في الثقافة الأوروبية، قد تأكدت وترسخت، باستدعائها مراراً وتكراراً في عدد من أهم الأدبيات والملاحم الغربية التي تم نسجها عبر القرون" ويذكرنا بعدد من الأمثلة، مثل؛ الكوميديا الإلهية للشاعر الإيطالي دانتي حيث يقول الكاتب يسري: "ظهر صلاح الدين في الكوميديا الإلهية لدانتي، التي تمثل رحلة في العالم الآخر، كواحد من مجموعة لم يُدخلها الشاعر الإيطالي في الجنة أو في النار، حيث حظي القائد المسلم بفرصة لمصاحبة الشاعر هوميروس صاحب الإلياذة والأوديسة، والفيلسوف اليوناني أفلاطون، والقائد الروماني العظيم يوليوس قيصر"، كما رأينا سابقاً في مصدر آخر من بحثنا عن صلاح الدين الأيوبي.

كما "وفي منتصف القرن نفسه تقريباً، عاد اسم صلاح الدين لواجهة الأدب الإيطالي مرة أخرى، عندما قام بوكاتشيو باستخدامه في قصصه المشهورة المعروفة باسم ديكاميرون، والتي كانت تقترب جداً في طريقة سردها من قصص ألف ليلة وليلة المعروفة في المشرق الإسلامي"يقول الكاتب يسري وكذلك يذكر عدد من القصص والحكايات في مختلف الآداب الأوربية وهي تشيد بشخصية صلاح الدين الأيوبي وبنبله وشجاعته وحكمته وفروسيته فمثلاً يكتب ما هو يلي: "ظهر صلاح الدين في بعض تلك القصص، حيث صور على كونه بطلاً نبيلاً متسامحاً مع أعدائه، وفي الوقت ذاته يتنكر مع بعض رفاقه ليتفقد حال رعيته وليلبي لهم حاجاتهم وطلباتهم" ويضيف "ولم يقتصر ظهور صلاح الدين على أدبيات الفرنسيين والطليان، بل أن ذلك الظهور قد امتد كذلك ليتسرب لبعض الأعمال الأدبية في البلاد التي لم تشارك في الحملات الصليبية على الشام، بل شهدت شكلاً مختلفاً من مواجهة الحكم الإسلامي" بحسب ما يذكره الدكتور أحمد درويش في كتابه "صورة صلاح الدين في أدب الفرنجة"، أن الأديب الإسباني جون مانويل قد كتب قصة في منتصف القرن الرابع عشر، ظهر فيها صلاح الدين في صورة المحب العاشق الذي يُعجب بامرأة مصرية بالغة الجمال. وأنها قد سألته عن أفضل الخصال التي يجب أن يتحلى بها الرجل، فلما لم يجد صلاح الدين إجابة، سافر لإيطاليا وفرنسا بحثاً عن الجواب، ثم وصل لإسبانيا متنكراً في هيئة شاعر جوال، وهناك وجد إجابة سؤاله عند أحد الحكماء".

كذلك و"في 1779م، فقد ظهر صلاح الدين في الأدب الألماني، وذلك من خلال مسرحية "ناثان الحكيم"، التي ألفها جوتهولد افرايم ليسنج، والتي صارت واحدة من أهم مسرحيات الأدب الألماني عبر تاريخه. دارت أحداث المسرحية في القدس، إبان فترة الحروب الصليبية، وكان أبطالها الثلاثة الرئيسيون هم ناثان اليهودي الثري الحكيم، وأحد فرسان الصليبيين، وصلاح الدين. وحاولت المسرحية أن تشرح وتبيّن قيم التسامح التي ينبغي أن تجمع ما بين أتباع الديانات الثلاث، وهي تصور صلاح الدين في صورة ممتازة، فهو يتقبل آراء المخالفين له، ويحترمهم، ويحاول أن ينصحهم ويهدأ من ثورة غضبهم كذلك. وقد صورت المسرحية حواراً فلسفياً عميقاً ما بين صلاح الدين وناثان، عندما سأل الأول الثاني عن الدين الصحيح، فيجاوب اليهودي مستخدماً قصة الخواتم الثلاثة، والتي صارت قصة مشهورة في الثقافة الغربية بعد ذلك". (المصدر السابق) ويضيف كذلك؛ "أما في الربع الأول من القرن التاسع عشر، فقد عاد ذكر القائد الكردي -لاحظوا هنا أيضاً يكنى بالكردي وليس الإسلامي / الكاتب- مرة أخرى، وسط أجواء عكست النظرة لبلاد المشرق على أنها سحرية مفعمة بالغموض والرهبة، عندما نشر الكاتب الإنجليزي والتر سكوت، روايته المعنونة بالطلسم. تدور أحداث الرواية في زمن الحروب الصليبية، وتقوم حبكتها الرئيسة على التعويذة التي أهداها صلاح الدين لأحد الفرسان الإنجليز، والتي بمقدورها شفاء الأمراض. وقد عمل سكوت في روايته، على تصوير كل من صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد، على كونهما خصمين عنيدين متنافسين، ويكنان في الوقت ذاته الاحترام والتقدير لبعضهما البعض".

كما أن الدكتور عبد الرحمن عزام في كتابه "صلاح الدين الأيوبي" والصادر عن دار "بلوز بري" والكتاب بالأساس ليس إلا "موضوع أطروحته للدكتوراه من جامعة أكسفورد" حيث "يتناول المؤلف شخصية صلاح الدين الأيوبي وكيف صاغ الغرب والشرق رؤيته لهذه الشخصية، وهذه الحكايات المتتابعة التي استهوت رواية قصص خيالية عن صلاح الدين جعلت الحد الفاصل بين الأسطورة والحقيقة التاريخية يصعب الحصول عليه" (من مقالة للكاتب خالد عزب بعنوان؛ "أسطورة صلاح الدين الأيوبي في الغرب والشرق") ويقول الكاتب بخصوص نظرة الغرب لصلاح الدين: ((فعلى الجانب الغربي وهو الإضافة الحقيقة للدكتور عزام في رؤيتنا لصلاح الدين الأيوبي، ترسخت سمعة صلاح الدين في أذهان الأوروبيين بفضل الطريقة التي حقق بها انتصاراته بقدر ما أسهمت في ذلك الانتصارات في حد ذاتها، فإنه بالمثل يمكن القول إن صميم تحولات الشخصية وما يدل على وجود معضلة عسيرة الحل إنما مرده إلى الطريقة التي كسرت بها شوكة الصليبيين بقدر ما ساعدت على تعزيز أيديهم، فقد أمكن تقبل الأمر واستيعابه، بيد أن طبيعة الهزيمة نفسها ولا سيما ما أظهره السلطان المنتصر، الملحد في نظرهم، صلاح الدين من فضائل الحكام ومكارم أخلاق «مسيحية« كانت مسألة أخرى)) ويضيف؛ ((يرى المؤلف أن محاولات الاستجابة لهذه المعضلة والسعي إلى عقلنتها بدأت تبزغ شيئاً فشيئاً. ففي غضون قرن من وفاة صلاح الدين راجت الإشاعات التي تلمح إلى اعتناقه المسيحية، كما ذاعت في حقبة مبكرة ترقى إلى عام 1251 ميلادية قصص تتحدث عن تعميد صلاح الدين سراً. بل ذهب بعض الكتاب إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ أورد ما ثيو بريس في كتابه «historia Anglorum» أن والدة صلاح الدين تحمل أصولاً إنكليزية. كما نجد حكايات عن سفر صلاح الدين إلى باريس حيث تجلت خصاله النبيلة في انخراطه في مبارزات ثنائية ووقوعه في الحب والعشق)). هنا مرة أخرى تأكيد على رغبة الغرب في جعل تلك الشخصية الفذة أن تنتمي بطريقة ما لثقافتهم وهذه إن دلت على شيء، فإنما تدل على الإعجاب إلى درجة تمني أن يكون العدو من جذورها التاريخية والثقافية كما أشرنا سابقاً.

وللتأكيد على عظمة شخصية صلاح الدين الأيوبي في رؤية الغرب وسادتها وقادتها وليس فقط كتابها وأدبائها، فإن المصدر السابق يذكر الحادثة التالية: "..إلى أن يقودنا المؤلف لزيارة القيصر فيلهلم الثاني الشهيرة في عام 1898 ميلادية لمرقد صلاح الدين، حيث تأثر بالحالة المؤسفة التي وجد عليها المرقد وأصدر توجيهاته بترميمه على نفقته الخاصة وأن توضع دراسة مفصلة عن صلاح الدين فوق قنديل يتدلى من أعلى المرقد. ولعل تلك اللحظة التي قام فيها خليفة الإمبراطور فريدريك بارباروسا الذي قاد الحملة الصليبية الثالثة مع ريتشارد الأول ملك إنكلترا وفيليب الثاني ملك فرنسا، بتقديم فروض الولاء والتقدير لثأر سلفه البعيد في رأي عبد الرحمن عزام هي لحظة الذروة في الفصل بين شخصية صلاح الدين الأسطورية وشخصيته الحقيقة التاريخية". كما أن الكاتب عزوز علي إسماعيل يقول في مقالة له بعنوان (قراءة في "صورة صلاح الدين في الآداب الغربية") منشورة في موقع الأهرام ما يلي: ".. جعلوا من أصول صلاح الدين ونظرًا لشجاعته وإقدامه في حربهم يثبتون أن أصوله مسيحية وأن القيم التي يتمتع بها هي في الأصل قيم مسيحية وأن أصوله أوروبية، وأصبحت هناك دراسات في هذا المجال وأقوال من الشعر والنثر، وكانت تلك الدراسات خاصة بالأدب المقارن في رصد صورة الشرق في الأدب الغربي، ومن أهم تلك الدراسات الدراسة التي قدمها الإيطالي فيور افانتي 1891 حول أسطورة صلاح الدين في الأدبين الإيطالي والفرنسي، وقد علق عليها الكاتب الفرنسي الشهير جاستون باري وهو الأمر الذي فتح مجالًا واسعًا حول الدراسات المقارنة والاطلاع على الآداب المختلفة. وليس غريبًا أن تجرى تلك الدراسات حول شخصية قد انتصرت على الحملات الصليبية ضد العرب واستردت بيت المقدس منهم". طبعاً تلك الحملات لم تكن ضد العرب وإلا ما كانت سميت بالصليبية، بل ربما بالجرمانية –لو كانت فعلاً ضد العرب- حيث كان الدين هو المحرك ولكن لها أهداف اقتصادية وسياسية وكل طرف يحاول تحقيق مشروعه الخاص.

وهكذا وعلى الرغم من حقد وكره البعض لصلاح الدين لأسباب دينية أو سياسية فإنه وبالأخير يعود ويقر بفروسية ونبل وأخلاق هذا القائد التاريخي وللتوضيح أكثر، فإننا سوف نأخذكم لمقالة الكاتب محمد إلهامي وهو باحث في التاريخ والحضارة -كما معرف به- على موقع الجزيرة والتي نشرت مقالة له بعنوان؛ "ماذا تعرف عن أم صلاح الدين المسيحية؟" حيث يقول فيها؛ ((..لقد سلك بعض الغربيين مسلكا غير نزيه في إثبات فروسية صلاح الدين، فمنهم من سلبه مكانته العسكرية ليعترف له بنبل أخلاقه كما فعل المؤرخ الصهيوني يوشع براور، إذ اعتبره زعيما وقائدا عسكريا متوسط القيمة قبل أن يمدح كونه "رجل دولة موهوبا، كريما مع الصديق والعدو محبا للغير يبعث عن الثقة"(1))) ويضيف ((ومنهم من جعله استثناء وحيدا فدخل إلى مدحه عبر باب ذم قومه كما فعل تشارلز روزبولت بقوله: "طبقا لجميع نظريات الوراثة والبيئة كان ينبغي لصلاح الدين الكردي أن يكون قاسيا بلا رحمة، جشعا لا يبالي بغيره، طاغية متعجرف تتحكم فيه نزواته. لقد كان القوم الذين نشأ فيهم غارقين في البداوة، مقاتلين، لصوص، يحتقرون الحضارة..." وبعد أن انتهى من التحقير قال: "كان صلاح الدين فارس كل العصور، مثالي الأخلاق، مثالي السلوك، عظيم السخاء، بالغ الدماثة"(2))). لاحظوا دائماً يربط صفة الكردي بصلاح الدين في الكتابات الغربية الأوربية، إن كانت ذماً أو مدحاً وهو تأكيد على نظرة الغرب للمسألة؛ بأن صلاح الدين كان له مشروعه السياسي الخاص به ككردي ولو بقناعات دينية وذلك بحكم المرحلة التاريخية حيث كانت الأديان هي الحوامل للمشاريع السياسية وليس الفكر القومي، كون هذه الأخيرة جاءت متأخرة كثيراً عن عهد صلاح الدين الأيوبي، كوننا نعلم جميعاً؛ بأن الفكر القومي عموماً نتاج عصر التنوير والثورة الفرنسية حيث يقول الشيخ الدكتور سفر الحوالي على موقعه الخاص بخصوص مسألة القوميات: "القومية لم تكن معروفة في أوروبا على الإطلاق إنما كان الأصل في العالم -فيما يسميه المؤرخون في القرون الوسطى- هو الدين، وكانت القاعدة في التعامل هي الدين، وكان الإنسان يسأل أكثر ما يسأل عن دينه، فهو إما مسلم وإما نصراني وإما يهودي وإما مجوسي... إلخ، أما العصبيات والعنصريات فلها اعتبار ثانٍ يأتي بعد الدين، وكان ذلك في أوروبا وفي الشرق وفي كل مكان حتى ظهرت الفكرة القومية. فلما ظهرت هذه الفكرة بشكل وطني..".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من كتابي؛ "كلمات في الدين والدولة (صلاح الدين والدولة الأيوبية أم الكردية)".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع