الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الطريق الى روما ... الشراب الايطالي وشربت الحاج زبالة

مؤيد عبد الستار

2018 / 10 / 1
الادب والفن


روما المدينة التاريخية تحفل بالمعالم الفنية والمتاحف المختلفة والتماثيل المرمرية الشهيرة لاعظم الفنانين ، اضافة الى كونها مهد الكنيسة البابوية الفاتيكان وزيارتها حلم لا يمكن ابعاده عن ذهن اي محب للسياحة والاطلاع على تاريخ النهضة الاوربية الفنية والتاريخ الروماني القديم .
ورغم اني زرتها سابقا عدة مرات خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي الا اني وجدت ضرورة تنشيط صور وذكريات الزيارات الماضية والقيام بزيارة جديدة الى روما لاستعادة الاستمتاع بالحاضر الحافل بالفنون والماضي المتسربل بعبق التاريخ البعيد .
ما ان اخذت مكاني في الطائرة المتوجهة الى مطار ليوناردو دافنشي حتى بدأت سلسلة من الصور والذكريات تختلط بين روما وبغداد وتوالت متلاحقة مع ارتفاع الطائرة الى طبقات السماء العليا ومن الغريب ان يقفز شربت الحاج زبالة الى الطائرة ما ان وضعت امامي المضيفة قنينة صغيرة من الشراب الاحمر وشطيرة خبز وجبن .
كان شربت الحاج زبالة من اشهر المشروبات في بغداد . وحين نذهب الى ثانوية الاعدادية المركزية اواسط الستينات لا نستغني عن قدح من شربت زبيب الحاج زبالة اللذيذ الطعم والنكهة ، حلو المذاق زكي الرائحة ما زلنا نذكر حلاوته حتى اليوم ، واحيانا كنا نشتري منه مع الشربت قطعة من الصمون والجبن الابيض .
بعد ان اضطررنا الى مغادرة بغداد اواخر السبعينات وتفرقنا في بلدان العالم انقطعت اخبار شربت الزبيب ، ولم نجد ما يعوضه من مشروبات غازية وروحية .
وحين سنحت الفرصة في العودة الى بغداد في زيارة سريعة بعد تحرير البلاد من قبضة العصابة الصدامية حالفنا الحظ خلال جولة في شارع المتنبي في الالتفاف على الثقافة والبحث عن ما يطفئ لهيب العطش فاشار علينا صديق بزيارة محل الحاج زبالة وتناول شربت الزبيب الشهير . وفتح شهيتنا ببيت الاعشى الشهير:
وقد غدوتُ الى الحانوت يتبعني / شاوٍ مشلٌ شلولٌ شلشلٌ شولُ
حين دلفنا الى الحانوت وجدناه ما زال في آخر سلم التطور ، فقد بدا الحانوت فقيرا في ادواته وكوؤسه وخدماته المحدودة بحدود بضعة امتار اقتطعها من جانب الرصيف الذي كان يوما رصيفا يبعث الامل والسعادة في النفوس ، فغدا بائسا لا يسمن من جوع ولا يروي من عطش .
تناولنا الشربت الشهير و ذكرنا الحاج زبالة ذكرا طيبا على ما ترك من اثر ، وقد توارد ذكره الى خاطري اليوم حين توجهت الطائرة الى ايطاليا ، فما ان استقربنا المقام على الكراسي الوثيرة وصعدت الطائرة الى عنان السماء واصبحت الغيوم البيضاء تحت اجنحة الطائرة حتى وجدت عربة الشراب والطعام تقترب من جانبي فطلبت شرابا ايطاليا
وفطيرة ايطالية ، فناولتني فاتنة الطائرة المضيافة قنينة حمراء صغيرة وفطيرة من الخبز والجبن الايطالي .
وما ان سكبت الشراب الاحمر في الكأس التي امامي حتى قفزت الى ذهني صورة كـأس الحاج زبالة وشربته ، وتساءلت مع نفسي ماذا كان يضير العراق لو سمح بتطوير شربت الحاج زبالة ليصبح مثل هذه القناني الصغيرة التي لا يزيد محتواها على كأس صغيرة ، ومع ذلك تباع بحفنة مجزية من الدولارات . الشراب الايطالي ليس بالضرورة شراب كحولي ، فالكثير منه خال من الكحول ، وهو الذي بدأ يكثر شربه طلبا للصحة والعافية .
اشعر لو توفرت للعراق قيادات حريصة على تطوير البلد لما كان شربت الحاج زباله اقل شأنا من هذا الشراب الايطالي المسمى فينو روسو .
Salute








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد