الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة نقدية في نص قصّصيّ

عماد نوير

2018 / 10 / 1
الادب والفن


قراءة نقدية بقلم عماد نوير لنص (منتهى) للقاصّة مريم بغيبغ


مُنتَهى
قِمم بَيضاء..
شَمس تَشرق وتغِيب..
رِياح تُعربِد وخِيام تَرقص...
ذَلك الظلّ الصَّامت يُراقب شَجرة الزّيتُون وهي تَحمرّ يومًا بعد يَوم.
————————-
العتبة
المنتهى، الغاية أو النهاية العظيمة، كأن الكاتب يشير لغويا لقصته من خلال عنوانها بأن الأمة تنتظر إشراقة عظيمة، نصر كبير، خاتمة سعيدة، منتهى السّعادة لقاء الغائب، شفاء مريض معضل، يُسر الحال بعد العوز، يمكن للعنوان أن يكون وسم لقصة اجتماعية أو عشقية أو وطنية.
و لابد أن يتبادر لذهن القارئ حين يصل إلى مسمعه إيقاع منتهى أن يربط بتلقائية و عفوية بسدرة المنتهى، و هي شجرة في الجنة عندها جنة المأوى، و كأنه إيحاء إلى بلده عند شجرة كبيرة هي عين الله، كأن فلسطين جنة المأوى عند العناية الإلهية.
الفكرة
ليس هناك عسر من اقتناص فكرة الكاتب، فهو و لا شك يكتب نصّا وطنيا، يرثي فيه حياة طويلة من الشقاء، حيث يصف الوضع الذي ترزح تحته كل أجواء بلاده، فيتغنى بحزن بجباله و سمائه و أرضه، و يعرضها بطريقة ذكية، و لا ينسى كيف يمر على أخوته دون أن يخترق قواعد اللياقة، و دون أن ينتهك قوانين الأخلاق في عرض عتابه و لومه.
الحبكة
النص صيغ بطريقة إيحائية بسيطة و سهلة، فبأربع جُمل فقط استطاع الكاتب أن يرضي قارئه، و الترتيب الحكائي للنص قد مرَّ أولا بالجمل الثلاث الأولى إلى وصف المأساة التي يعيشها وطنه المغتصب، و بالجملة الأخيرة الطويلة قد ضمّنها وصفين متداخلين، صمت العالم حيال ما يجري له و ازدياد وحشية و قسوة المحتل الوقح.
و الحق يقال، رغم طول الجملة الأخيرة و التي كان ينبغي أن تكون أقصر الجمل، لكنها كانت قد أثمرت غايتها و أتت منتهاها حين عرَّت الصمت الأخوي و افتخرت بالصبر على شدّة احمرار بلد الزيتون.

قمم بيضاء
جبال بلادي، و بردها و ثلجها القارص، و هنا أيضا إسقاط جميل باستهلال للشموخ الذي يرافق لفظة الجبال أو القمم، فخر منذ انطلاق القصة.

شمس تشرق و تغيب
دورة الأيام نفسها، و الحال كما هو، حيث الصبر على الاعتداء، و حيث الهدوء من المتنعمين بضيائها و أشعتها دون اكتراث، و هي جملة تُهيَّئ للتي بعدها.

رِياح تُعربِد وخِيام تَرقص...
بلد تحت رحمة ما يجود به الجلّاد من مخيمات لا تصلح للعيش فيها بأمان، و الرياح دلالة العنف الذي يباغت النيام دونما رحمة أو رأفة، و العربدة لغة الوحشية و الاستبداد، الفرد هنا لا يعرف معنى الاستقرار الذي يعرفه الآخرون، فمسكنه يرقص و هو عرضة لآليات لا ترحم، ليس بينها و بين الهدم غير عربدة محركاتها الملعونة، و يترك الباقي من الخوف الذي يشعر به أبطال الكاتب عند النقاط الثلاث التي لحقها بجملته.

ذَلك الظلّ الصَّامت يُراقب شَجرة الزّيتُون وهي تَحمرّ يومًا بعد يَوم.
خاتمته الطويلة خلافا لجمله الثلاث، كانت القاضية و التي ملأها كلاما كثيرا مكثّفا في جملة اجتهد في تقصيرها احتراما للجنس الذي يكتب فيه، ((الظّلُّ الصامت))، كانت بمثابة لعنة في ثوب عتب أو استنكار، ((يراقب)) هي الأخرى لا تقلّ عن مثيلتها من حيث الهزء بالأخ الذي ينبغي له أن يكون صدرا موغلا بالجراح دون أخيه، لا أن يكتفي بلذة المراقبة و الصمت المطبق!
يراقب ماذا؟
يراقب الزيتونة اللا شرقية و لا غربية، زيتونة عربية، اصطبغت خضرتها من كثر نزفها حمراء قانية، يوم يبشر اليوم الذي يسبقه بأنه سيكون أكثر احمرارا.

نصّ جميل و ذكي لغته جيدة و مفرداته بسبطة، وِظفت لأداء أهدافها بأسلوب راق.
شكرا لكاتب النص و تمنياتي له بدوام الإبداع.
تحيّتي و الود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في