الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف من الشيوعيين !!

حارث رسمي الهيتي

2018 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أيام قليلة وفي برنامج يقدمه الاعلامي حامد السيد ، طل علينا السيد طالب الرفاعي وهو احد ابرز مؤسسي حزب الدعوة الاسلامية ، طالب الرفاعي الذي يذكر في أماليه التي نقلها لنا الدكتور رشيد الخيون انه كان جامحاً الى الفكر اليساري أو الاشتراكي الشيوعي آنذاك ، بدافع انه ينصف الفقير وينصر العامل والفلاح ، ويتحدث كيف كان لأصدقائه الدور في ان يتخذ موقفاً قريباً من اليسار والاشتراكية حيث كان اصدقاؤه يذكرون أمامه ان الفكر الشيوعي يقف الى جانب الامام علي بن ابي طالب وعمار بن ياسر وابو ذر الغفاري الى ان قرأ كتاب " الشيوعية ضد الاديان " للشيخ محمد مهدي الخالصي فتقيأ الشيوعية حسب ذكره مؤكداً على انه لم يقرأ كتاباً واحداً عن الشيوعية لا حين اراد ان يقتنع بها ولا عندما اتخذ موقفاً رافضاً لها وبدأ بالعمل ضدها !!
السيد الرفاعي وفي لقاءه هذا ذكر من جملة ما ذكره نقطتان أود التوقف عندهما :
الاولى : حين كان يتحدث عن تأسيس حزب الدعوة عام 1959 وهو التاريخ الذي يصر عليه هو والذي يختلف معه الكثيرون حين يرجعون تأسيس حزب الدعوة الى عام 1957، يذكر السيد الرفاعي ان تأسيسنا جاء ردة فعل على كان يفعله الشيوعيين في النجف خاصة حيث يذكر ان الشيوعيين كانوا قد وضعوا سهماً على بيت السيد الحكيم وعلامات على بيوتنا ونحن المعروفون عندهم بانتظار ساعة الصفر ليقوموا بسحلنا في الشوارع !!
هذه التصرفات الواردة في سياق حديث السيد الرفاعي هي تصرفات " محتملة " ، فلم تجر عمليات كهذه تستهدف رجال دين هنا او هناك ، متناسياً السيد الرفاعي ما ذكره في اماليه حين يقول :
لم تحصل مشاكسات مع الشيوعيين بسبب كتاب فلسفتنا فالشيوعيون ليسوا مثل البعثيين كانت لديهم معايير اخلاقية في خلافاتهم مع الآخرين لم يتجاوزوها وربما اكتفوا بالسب والشتم .
وحتى هذا السب والشتم هي تصرفات فردية من شيوعيين أو محسوبين على الحزب وليست صادرة من قياداتهم ، فمثلما يذكر كان أحد قياديين الحزب في النجف ( حسن عوينة ) لا يرضى بمثل هكذا تصرف ويعمل على الحد منها وايقافها !!
والدليل على ذلك أنه ورغم صدور فتوى السيد الحكيم بتكفيرهم علناً وتحريم الانتماء الى حزبهم لم يجرأ أحد من الشيوعيين ان يتصرف تصرفاً مثل الذي قال عنه السيد الرفاعي وهم الذين قال عنهم علي صالح السعدي المسؤول الاول لحزب البعث ونائب رئيس الوزراء آنذاك :
( لو كنا نعلم ما يملكه الحزب الشيوعي من قوة كما تكشف لنا الآن لما تجرأنا على القيام بثورتنا اطلاقاً )!!
الثانية : حين يذكر السيد الرفاعي أن عبد الكريم قاسم كان دميةً بيد الشيوعيين !!
حيث ان كل الحقائق التاريخية وشهادات الشهود والأدلة تشير الى ان عبد الكريم قاسم عملاً جاهداً ضد الحزب الشيوعي العراقي ، ففي الوقت الذي كان قاسم يضيق الخناق على نشاط الشيوعيين من عدم الموافقة على اجازة حزبهم واعطاها لجماعة الصائغ وتحت نفس الاسم في محاولة منه لضرب الحزب و اغلاق جريدتهم المركزية أكثر من مرة كان قد سمح لجماعة العلماء والتي كان السيد الرفاعي أحد اعضائها بأن تقرأ بياناتهم عبر اذاعة بغداد حسب ما تذكر المصادر ويؤكده السيد الرفاعي بنفسه في أماليه !!
عبد الكريم قاسم الذي لم يكن طائفياً وانما كان ميله الى الشيعة حسب ما ذكره السيد الرفاعي لم يدخر جهداً في القضاء على الشيوعيين حتى انه يخاطب مدير الاستخبارات العسكرية العقيد محسن الرفيعي ومدير الأمن العام العقيد عبد المجيد جليل قائلاً :
كان الشيوعيون في زمن نوري السعيد في جحورهم ولم يستطع أن يخرجهم الى النور ، اما انا فقد اخرجتهم الى النور فتولوا أمرهم !!
عبد الكريم قاسم الذي يعترف السيد الرفاعي ان البعثيون والقوميين هم الذين ساقوا علماء الدين والشيعة منهم على الاخص الى معاداته لا لشئ الا بغضاً بالشيوعيين يؤكد ان الموضوع لا يخلو من كونه عواطف شخصية بالضد من قاسم ، كان الشيوعيين يدافعون عنه لا حباً به ولا تملقاً لحكومة كانوا بعيدين عنها كل البعد – ولعل هذه واحدة من اخطاء الشيوعيين آنذاك – ولكن دافعوا عن جمهورية فتية كانت قد حققت نوعاً من الاستقلال السياسي للعراق متمثلاً بالخروج من حلف بغداد والخروج ايضاً من منطقة الجنيه الاسترليني ، واقرار قانون الاصلاح الزراعي الذي حقق شيئاً من اعادة الكرامة والاعتبار الى الفلاح العراقي الذي طالما رزح تحت نير الاقطاع والاقطاعيين الذين لم تنبت كل المراجع الدينية ببنت شفة للدفاع عنهم وعن حقوقهم في الارض التي أكلت من اعمارهم وابناءهم الكثير وذهبت لصالح غيرهم ، كما اقر لأول مرة قانون الاحوال الشخصية المدني الذي على اثره جن جنون علماء الدين وفي النجف خصوصاً كما يؤكد السيد الرفاعي نفسه ، الى ما غير ذلك من انجازات لم تتحق بسبب الانقضاض على الثورة فالبعثيون وعبد الناصر وكل المتضررين من تلك المنجزات بذلوا كل جهودهم للاطاحة به وفي ايذاء العراق في عهده وبلا شك في ان المرجعية الدينية ساهمت في ذلك حسب ما قاله السيد الرفاعي .
أخيراً : ان هذا الموقف من الشيوعيين نتحمل نحن جزءً منه ، فالحزب الشيوعي الذي لعب دوراً كبيراً في انجاح ثورة تموز 1958 من خلال تأمين القاعدة الجماهيرية للثورة وسياسة " قائدها " هو نفسه يتحمل مسؤولية اخطاء جسيمة منها على سبيل المثال السلطة الفردية التي تم حصرها بيد قاسم والتعويل عليه والمغالاة بدوره ، فحين شخص الشهيد سلام عادل في ايلول 1958 السلطة القائمة انذاك باعتبارها سلطة برجوازية وطنية ثورية تمثل مختلف فئات البرجوازية وهي لا تمثل كافة القوى الوطنية ، فالواقع هو ان القوى القائدة للحركة الوطنية هي قوى العمال والفلاحين وان من اصبحت بيدهم السلطة هي البرجوازية الصغيرة والمتوسطة !!
وبرنامج الحزب الشيوعي العراقي في المؤتمر الثاني المنعقد عام 1970 يعترف بأنه " لقد كان على حزبنا في الوضع الثوري الذي بدأ في 14 / تموز ان يواصل النضال على رأس الجماهير الثورية لتغير الحكومة واقامة حكومة ديمقراطية ثورية تمثل الاحزاب والقوى الوطنية التي يعنيها انجاز الثورة الوطنية الديمقراطية دون أي تساهل في تحقيق هذا الشعار المركزي " .
نتحمل جزءً من هذا الموقف حين سكتنا طوال هذه العقود عن الحديث في ما فعله قاسم تجاه الشيوعيين وحزبهم وعداءه لهم لا لشئ سوى لأنه وطنياً ونزيهاً فقط وابناً للشعب البار كما اعلن عن ذلك المكتب السياسي للحزب في 23 / آيار / 1959 ومن على صفحات جريدة اتحاد الشعب حيث وبحجة الحفاظ على وحدة الصف الوطني فأن حملة الحزب التثقيفية بشعار المشاركة في الحكومة ستتوقف لأن الحزب حقق شطراً مهماً مما توخاه من الدعوة وهي صيانة الجمهورية وضرورة صيانة الوحدة الوطنية بزعامة ابن الشعب البار عبد الكريم قاسم !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر