الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل آن الأوان لفتح صفحة جديدة في سجل السياسة العراقية؟

جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)

2018 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



لقد أتيحت لي فرصة أن أتعرف عن كثب على شخصيتين سياستين عراقيتين متميزتين عن باقي شخصيات المشهد السياسي العراقي ، وأقصد بهما، الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق الجديد والسيد عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء الجديد المنتخبين قبل ساعات. وكل منهما يتمتع بمزايا فريدة وخبرة عالية وعلاقات جيدة وكثيرة على أعلى المستويات، إقليمياً ودولياً ومحلياً، والإثنان يمتلكان تأهيلاً جامعياً راقياً وتجربة حياتية غنية من خلال الاحتكاك مع أنماط الحياة والتجارب السياسية في العديد من العواصم المتقدمة كواشنطن ولندن وباريس، وكلاهما كانا ، لعدة مرات، ضحية لمناورات وتسويات سياسية أنانية ضيقة حيث غلبت المصالح الحزبية على المصالح الوطنية وأبعدتهما عن مواقع السلطة العليا. وهما يمتلكان رؤية واضحة وعملية ومنهجاً وبرامج لانتشال الواقع العراقي مما حل به من مآسي وانتكاسات وتقهقر ما قاده للغرق في منظومة الفساد المافيوية التي دمرت كل مفاصل الإنتاج وعرقلت الدورة الاقتصادية السوية والسليمة التي تمناها الشعب في أعقاب إطاحة نظام صدام حسين الدموي. لذا لم يعد الشارع العراق الذي يغلي في الوقت الحاضر قادراً على تحمل إخفقات جديدة ومساومات حزبية ضيقة مبنية على المصالح والمنافع والمناصب والمكاسب الحزبية. كان لابد من التخلص من المأزق ووقف الإنزلاق نحو الهاوية ووضع الأسس الصحيحة لسياسة بعيدة عن المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية ، الأمر الذي يتطلب وجود عقلية تتمتع بعمق وعقل استراتيجي وتمتلك الأدوات النظرية والعملية لإحياء عجلة الاقتصاد والإنتاج والحد من الاعتماد على الاقتصاد الريعي والتحول إلى الاقتصاد الإنتاجي. وهو الأمر الذي يتوفر لدى السيد عادل عبد المهدي ويكفي الرجوع لكتاباته التنظيرية ومؤلفاته الكثيرة للاطلاع على منهجه ورؤيته ومقترحاته العملية المتعلقة بالمسألة العراقية من كافة نواحيها. إلا أن رؤساء الكتل والقادة السياسيين الذين انتفعوا من تجربة الحكم طيلة 15 عاماً وكونوا ثروات طائلة أن الخصوم، وهم كثيرون، لن يستسلموا بسهولة للسياسة المستقلة التي ينوي السيد عادل عبد المهدي اتباعها لتوفير الخدمات وترميم البنية التحتية ومحاربة الفساد والخروج من المحاصصة كما جاء في برنامج تحالف سائرون الذي رشح السيد عبد المهدي لهذه المهمة العسيرة. فلقد سمعت من بعض المنكوبين والخاسرين في هذه التسوية السياسية أن مصير عبد المهدي لن يختلف عن مصير الراحل أحمد الجلبي رئيس المؤتمر العراقي وعراب التغيير في مرحلة المعارضة والذي مات مسموماً كما تشير إلى ذلك العديد من الأدلة و المؤشرات عن موته الغامض والمفاجيء، لذا يتوجب على السيد عادل عبد المهدي توخي الحذر الشديد من هذه الناحية. لم أستغرب من شروط السيد عادل عبد المهدي لقبول هذا التكليف في ظل ظروف في غاية التعقيد والصعوبة كأن يمنح الحربة الكاملة في تنفيذ برنامجه دون تدخل الأحزاب والكتل السياسية وأن يختار بحرية أعضاء تشكيلته الوزارية القادمة من ذوي الكفاءات المشهود لهم والنزيهين ، والحال أن القوى السياسية المناكفة التزمت الصمت في الوقت الحاضر خوفاً من غضب الشارع العراقي المتأزم لكنها أعربت في السر عن عدم موافقتها التامة وأنها ستعمل على خلق العراقيل أمامه بغية إ فشال مهمته الإنقاذية كما فعلت مع سابقيه وبالتالي من المتوقع أن تواجه حكومة السيد عادل عبد المهدي صعوبات جمة من خلال العناصر والشخصيات التخريبية المتغلغلة في مفاصل الدولة والمؤسسات الحكومية والتابعة للأحزاب السياسية المتضررة أو التي ستتضرر جراء اختيار عبد المهدي وسياسته القادمة وتداعياتها، ليس اقلها خسارة حزب الدعوة للسلطة العليا في الدولة ، أي منصب رئاسة الوزراء التي احتكرها هذا الحزب على مدى خمسة عشر عاماً ، من إبراهيم الجعفري ومروراً بنوري المالكي وإنتهاءاً بحيدر العبادي، والتي فشلت فشلاً ذريعاً في بناء عراق مزدهر ومتطور، ما خلق حالة من التذمر الجماهيري جراء تلك الإخفاقات وخروج الجماهير الغاضبة في تظاهرات إحتجاجية بعضها كان عنيفاً وتعرض للقمع الدموي . أمام الحكومة القادمة ملفات ملحة ، الخدمات ، كالكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات الصحية والتربية والتعليم والمدارس وأزمة السكن والبطالة والحد من نهب المال العام وإعادة بناء وترميم البنى التحتية والنشاط الصناعي والزراعي وترشيد التجارة ووقف نزف مزاد العملة الصعبة الذي يقوم به حالياً البنك المركزي العراقي الذي يقوده أحد كوادر حزب الدعوة وهو علي العلاق، والأهم إعادة هيبة الدولة وفرض الأمن والاستقرار والقضاء على العصابات المسلحة وتجريد الميليشيات من أسلحتها وحصرها بيد الجيش والشرطة الإتحادية والقوى الأمنية الشرعية ومحاسبة المسؤولين واستعادة الأموال المنهوبة والمسروقة والمهربة للخارج وتقديم المذنبين من السياسيين للعدالة لمحاكمتهم فهل ستنجح حكومة السيد عادل عبد المهدي في مواجهة تلك التحديات ؟ من الصعب تقديم إجابة قاطعة لكن يجب ألا نغرق في التشاؤم حتى قبل أن تبدأ الحكومة الجديدة خطواتها الأولى علينا أن نتحلى بالأمل والتفاؤل والثقة بمن سيقود المرحلة القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء