الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى حامد عبد الصمد

عادل صوما

2018 / 10 / 4
كتابات ساخرة


لا شك أن برنامج "صندوق الاسلام" من أكبر البرامج ذات النسبة العالية من المشاهدة بسبب جرأة فتح نقاشات حول مواضيع تؤرق المؤمن قبل العلماني وغير المؤمن، وجسارة مقدمه الذي يسير ويعيش تحت حراسة الشرطة الألمانية لأنه استعمل عقله، وجرأة ضيوفه الذين يظهرون بأسمائهم وبدون حجب صورتهم حتى من كان معروفا منهم بالصوت فقط على "يوتيوب".
الملاحظ في جميع حلقات البرنامج أن الضيوف المتخصصين في الاديان المقارنة أو المخطوطات أو تاريخ الاسلام قد جاءوا إلى البرنامج ومعهم مستندات وصور فوتوغرافية ومراجع، بعكس الاسلاميين الذي جاءوا بلسان يجيد التلاعب باللغة والتخدير بسحر البيان واللجوء إلى أسلوب المعاريض إذا كان الامر غير مقبول في القرن الواحد والعشرين، وبدا للمشاهدين ذلك واضحا بصورة لبس فيها في حلقتي الشيخ المغربي محمد بن الازرق الأنجري، الذي حلق لحيته وتخلى عن اللباس الاسلامي اخيرا ليظهر بصورة الرجل المعتدل، وهذا الدور وُجد في السنوات القليلة السابقة لمواجهة المد العلماني والإلحادي المستفحل بين المسلمين.
حاول الشيخ الأنجري مستميتا إقناع المشاهدين بما لا يتقبله أي عقل مستنير، واستعمل مفردات أصبحت في القاموس، وتهرّب من مسألة حقوق الانسان الحديثة بأن النص ورد في زمن مختلف، رغم أن النص الإلهي يجب أن يبصر كل العصور ولا يرى عصره فقط، كما استخدم كلمات لم تعد موجودة في حياتنا اليوم سوى في المجتمعات المتجذرة في التخلف الحضاري، أو بين الناس الذين يمارسون التنمّر على النساء والكراهية ضد من ليس من دينهم.
موضوع حلقتي الشيخ الأنجري كان حكم نكاح ملك اليمين وتكريم المرأة في الإسلام، وجاء ضربها وفق السياق "الفقهوصحراوي" الذي يعتبر أن الناس لا يتطورون، ويتجاهل من ثمة أن المرأة المحامية والطبيبة والباحثة لا تقبل أن يضربها زوجها، حتى ضرب خفيف، ولن يضربها زوجها أيضا لأنه لا يُعقل أن تتزوج من جاهل.
الزوج اليوم يدرك أن المرأة صارت أرقى من البدوية التي كانت تحلب العنزة في الصحراء، وكل ما تملكه هو جسدها وما يجب أن تفعله هو إشباع رغبات زوجها حتى لا تلعنها الملائكة والقبول بزوج يطأها مع أخريات وقت ما شاء وأينما رغب وإرضاء حماتها وأهل زوجها.
اصبح في عصرنا ضرب الزوجة وحتى ممارسة الجنس معها بدون رغبتها مخالفا لشرعة حقوق الانسان، ولا حاجة من ثمة لقراءة سبع عشرة ألف صفحة وفتوى وتفسير للوصول إلى واقع كان واضحاً في أساطير الاولين، وشرائع ما قبل الأدبيات الإبراهيمية التي رددتها كما هي، ونسبتها إلى السماء باكتشاف لا يقبل أي مناقشة هو الوحي الذي لم يُدرك أن عصر الانترنت سيكشف المستور.
أصبحت المرأة أكثر علما وإستقلت ماليا وأصبح من حقها أن تفعل ما لم تستطع أختها البدوية فعله، وأصبح يكرمها العالم على إنجازاتها، لكنها تتلقى التهديد بالقتل وفقاً للفقه إياه إذا استخدمت عقلها، وإذا لم تلبس الحجابيّن الجسدي والفكري، وقد طالت موجة القتل أخيرا حتى من تحصل على لقب ملكة جمال، رغم حضور متشددين أفغان، بلحى طولها نصف متر على الأقل، حفلا وطنيا صينيا رقصت فيه فتيات بملابس ضيقة شفافة.
كان عمر بن الخطاب يضرب الناس بعصاه لأنه أمير المؤمنين، واليوم لا يقبل قاض أو جرّاح أو استاذ جامعي أن يُضرب من رئيس جمهورية مسلم أو خليفة المسلمين المرتقب إردوغان، لأنه لم يؤد فريضة الصلاة، أو لأنه وسيم ويتباهي بشعره، أو أحرج عالم في الدين على الهواء وأفحمه، وهذا الامر حدث مع الدكتور سيد القمني.
العلماني أيضا لا يقبل أن يضربه فقيه لأنه لا يؤمن بأسطورة الخلق كما وردت في أساطير الأولين وبعدها الادبيات الإبراهيمية، بينما علم الجينات والانساب وشيفرات الكروموزومات يقولوا أن مسألة الخلق مرة واحدة مستحيلة كما هو واضح في الطبيعة.
ما فهمته من الأستاذ حامد عبد الصمد في الحلقة 157، وهو سبب المقدمة السالفة وموضوع رسالتي إليه، انه سينتهج خط حوار مع الرأي الآخر، وحتى الناس الذين يتشاجرون ويرفعون أصواتهم في الحلقات، ومن المؤكد أن عبد الصمد حر في اختياراته، لكن هذا المنحى سيأخذ "صندوق الاسلام" إلى الجدل عوضاً عن العلم وإلى الاستشهاد بسحر البيان عوضاً عن الوقائع وإلى إلقاء الكراسي من الضيوف على بعضهم البعض، كما يحدث على الهواء في فضائيات كثيرة، بل حدث معه شخصيا عندما رفضوا دخوله أحد المساجد، ولولا وجود الحرس والكاميرات لكان له معهم ما لا يُحمد عقباه.
الرأي الاخر الذي يود حامد عبد الصمد الانفتاح عليه عنده عشرات الشاشات وألوف المرتزقين وعشرات الملايين من المؤمنين بأن الإنسان يستحيل أن يتطور، وهم ليسو بحاجة إلى شاشته ليرددوا ويجادلوا المستنيرين بما لم يعد مقبولا في عصر العلم.
اخشى على برنامج "صندوق الاسلام" أن تسقط الصفة التنويرية عنه، ويكون ضيوفه مجرد أصحاب معجزات لا أصحاب علم، وتتحول حلقاته إلى ما يشبه معظم برامج التلفزيونات العربية "كلام وجدل وتهديد وتكفير وتسفيه" لم يعد مفيدا في عصرنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تقرير رائع
Yahya Talib ( 2018 / 10 / 4 - 20:52 )
صح كلامك انا ايضا كتبت له عدة مرات لكن الظاهر لايقرء التعليقات واقترحت عليه ان يخصص ندوات في موضوع كذبة الحياة بعد الموت بالبراهين وبصراحة توقفت عن مشاهدة حلقات الاستضافة هذه لاني لااود رؤية تلك الاشكال المزعجة


2 - عوان= اسرى
بولس اسحق ( 2018 / 10 / 5 - 06:49 )
يقول الشيخ للدلالة على احترام رسول الرحمة للمرأة بانه أوصي أمته بالنسبة للنساء (استوصوا بالنساء خيراً ، فإنما هن عوان عندكم)... فهل يدرك هذا المعتوه معنى كلمة عوان:
العوان جمع عانية وهي الأسيرة ، يعني أن الزوجة عند زوجها بمنزلة الأسير عند من أسره ؛ لأنه يملكها ، وإذا كان يملكها فهي كالأسير عنده... (عوان ) أي : أسيرات جمع عانية ، بالعين المهملة ، وهي الأسيرة ، والعاني : الأسير... اي شبه رسول الرحمة والاخلاق المرأة في دخولها تحت حكم الزوج بالأسير .
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=56&ID=2133... والحقيقة ان هذه الحلقة جعلتني اكره ان اتابع بقية الحلقات فربما تكون على هذه الشاكلة من الكذب والتدليس الذي شبعنا منه من السادة الشيوخ... تحياتي.


3 - غسل ونشر
johnhabil ( 2018 / 10 / 5 - 11:18 )
في وقت متأخر من الليل وعن طريق الصدفة تابعتُ مناظرة بين أحد الشيوخ والقمص زكريا بطرس
؟؟ وكان الموضوع لماذا اشتهى الرسول حليلة ابنه زيد ) بالتبني ولماذا زوجها الله لرسوله بعد أن قضى منها زيدُ وطراً وشمٌع بالأحمر التبني في الإسلام
فلف الشيخ ودار في مكانه وقرأ نصف القرآن ولم يتطرق للموضوع
وهنا نجد
1- مقارعة وهمية وجعجعة بلا طحين فالشيخ يحافظ على وظيفته ومورد رزقه
2- والدواهش تزداد والمواطن يفقد الأمن والسلام والقتل والذبح يطال العرب المسلمين
3- والدول الرأسمالية والإستعمارية لايهمها فناء الدين ولا ترضى بالعدل والمسلواة بين الدول وانتشار الديمقراطية بل تريد السيطرة والإستغلال
4- الحل هو استبدال الكتب السماوية ,,,, بالقوانين الأرضية الإنسانية واعظوا مال قيصر لقيصر ومال الله لله في دولة علمانية مدنية

اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا