الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملهاة السورية

مازن كم الماز

2018 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لم أكن فخورا أني سوري قط إلا عندما كشفت الحرب عن قدرتنا العجيبة كسوريين على الذبح بسعادة بالغة .. أخيرا اكتشفنا داخلنا المجرم السعيد , القاتل الذي بلا ضمير , إنها الجريمة الكاملة , المجزرة العبثية , قمة العبث , عبثية الموت و الحياة , عبثية كل شيء .. كان ذلك احتكارا أسديا , حجاجيا , مملوكيا , قراقوشيا , ثم إسلاميا , داعشيا , ثم جعلناه ملكا للجميع .. كلنا أثبتنا قدرة استثنائية على ذبح الأطفال بسعادة غامرة , التهليل لسيف ينزل على رقبة أحدهم و القذف أو الاستمناء بينما تنبلج الدماء من جسد امرأة ترجم حتى الموت ... نزعة سادية لا تليق إلا بالأبطال , كبار المجرمين الذين صنعوا التاريخ البشري المؤلف من العظام و الجماجم .. لكن واحسرتاه .. فحفلة الشواء السورية كئيبة , تشع تفاهة و غباءا .. أين نحن من أبطال اسخيليوس , أين زينب و عائشة من هيلين طروادة أو عشتار التي نهبت و خدعت ملوك الأرض بعدما أوقعتهم في مصيدتها ثم قتلتهم بعد أن نهبتهم , أين الكراكوز التافه الجالس في قصر الشعب من كاليجولا أو نيرون , و أين نحن من الراعي الذي تحول ذئبا يسرق كل يوم شاة و يذبحها كي يحظى بعشتار مرة أخرى .. يتنافس البشر في الحروب على من سيكون القاتل , المجرم , السيد , و حربنا ليست استثناءا , لكننا أكثر المقاتلين - القتلة كآبة في التاريخ , لأننا مجرمون يتنافسون على من هو الضحية .. هل هناك ما هو أتفه من أن تقتل خصمك و هو أعزل من السلاح و أنت تعتقد أنك ضحيته ... أين نحن من كرونوس الذي خصى والده و اغتصب عرشه و تزوج أخته و التهم أولاده عندما قالت النبؤة أن أحدهم سيطيح به , بينما نسحق الأطفال تحت أقدامنا و نحن نزعم أننا نفعل ذلك بأمر من إله أرحم بهم من أمهاتهم .. يا للتفاهة !!!! أي شياطين نحن و نحن نزعم أننا نرتدي لبوس الملائكة .. تصوروا أوديب و هو يزعم أنه قتل أباه بأمر من شخصية أسطورية يسميها أبو بكر أو علي , و أنه اغتصب أمه لأن اسمها زينب أو عائشة .. نحن أكثر جبنا من أن نفقأ أعيننا .. لسنا إلا سيزيف و هو يرسم ابتسامة غبية بينما ينظر إلى صخرته و هي تسقط نحو القاع و هو يهرول وراءها مبتسما .. أما آن لهذا الدم أن ينتهك , أما آن لزينب أن تسبى , أما آن لعائشة أن تضاجع عشيقها حتى الذروة , أما آن لنا أن ندنس عذرية مريم , أما آن لهذا الدم أن ينتهك .. في لحظة الذروة تنقلب مأساتنا إلى ملهاة , البطل يرفض أن يتوج بطلا و الإله يهدم معبده و ينكر أمجاده و يسجد لأصنام لا تضر و لا تنفع فقط كي يداري عجزه و هكذا بدلا من التصفيق يحصل فقط على ضحكات الشفقة و السخرية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف