الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَكّابِيُّون وليسَ مكّة: الخلفيّة التوراتيّة لسورة الفيل(1)

ناصر بن رجب

2018 / 10 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مَكّابِيُّون وليسَ مكّة: الخلفيّة التوراتيّة لسورة الفيل(1)

ترجمة وإعداد:
ناصر بن رجب


مدخل المترجم:
جاءت في القرآن عدّة قصص خالية من أيّ إطار سردي. ولذلك فهي ترِد في السّور يلفّها ضباب كثيف ويكتنفها غموض محيّر من وجهة نظر تاريخيّة، لأنّها من ناحية وردت بدون سياق زماني ولا مكاني محدّد مثل قصّة "أصحاب الأخدود" وحكاية "عاد وثمود" وغيرها من القصص التي بذل المأثور الإسلامي قصارى جهده لتفسيرها ووضع أسماء على الشخصيّات التي تحكي عنها والأماكن والأزمنة التي دارت فيها وقائعها؛ ومن ناحية أخرى مَن يتأمّل فيها مليّا يجد في معظمها صدى، ولو باهتا في أحيان كثيرة، لقصص جاءت في الكتب المقدّسة الأخرى وبالخصوص منها التّوراة والأناجيل.
تمثّل سورة الفيل، موضوع هذا المبحث الذي نقدّمه لقرّاء الحوار، أفضل أنموذج لهذا الصّنف من القصص التي تأتي في خارج كلّ سياق تاريخي تاركة مهمّة استكناه وقائعها والتّعرّف على شخصيّاتها إلى المفسّرين الذين جاؤوا بعد نزول القرآن بعشرات، إن لم نقل بمئات السّنين. لقد قدّم الكثير من الباحثين في التراث العربي الإسلامي العديد من الفرضيّات حول الطريقة التي تناول بها القرآن هذه القصص، نذكر من بينها تلك التي تقدّم تفسيرا مفاده أنّ القرآن لم يكن في حاجة لذكر تفاصيل هذه القصص، فهذا لم يكن هدفه الأساسي، لأنّ متلقيّي القرآن من العرب الأوائل، سواء منهم الوثنيّين أم اليهود أو النصارى، كانوا على علم تامّ بها وبتفاصيلها وخاصّة البيئة التي نشأت وترعرعت فيها وكانوا يعتَبِرون بعض هذه الحكايات "أساطير الأوّلين". فقد كان القوم مُتعايِشين ويعرف بعضهم بعضا بصورة جيّدة إلى درجة كان من السهل معها معرفة ما يقوله الآخر وما يرمي إليه من وراء أقواله معرفة لا تتطلّب أدنى تفسير أو تأويل. فأسئلة الصّحابة التي زَعم المأثور الإسلامي أنّهم طرحوها على النبيّ لتوضيح ما غمض من هذه القصص، تمّت فبْركتها في زمن متأخّر جدّا في إطار علم "أسباب النّزول" الذي اخترعه لاحقا المفسّرون والمحدِّثون والأخباريون المسلمون؛ ولذلك نرى أنّ القرآن كان قد ركّز فقط على الشّكل القصصي البحت من ناحية جماليّة اللّفظ وأدائه العاطفي، والبلاغة والسّجع بُغية التهويل (قدرة الله الخارقة) لإدخال الرّعب أو الانبهار، أو الإثنين معا، في نفوس المستمعين "للوحي الإلهي" (المعارضين والمُعْرضين من قُريْش وبقيّة العرب) بضرب الأمثال لهم بما حدث للأمم الغابرة بأسلوب وعظي له وقع على النّفوس، دون الاهتمام بالجانب الإخباري بتقديم محتوى واضح وجليّ. الدّليل على ذلك أنّنا لا نجد في سورة الفيل أيّ ذكر لأبرهة الأشرم، ولا لإسم فِيلِه (الذي منحه المأثور الإسلامي اسم "محمود" (وهو، على حدّ زعمهم، أوّل فيل دخل بلاد العرب، وهو يكاد يكون اسم "محمّد" قبل الأوان)، ولا المكان الذي جاء منه (اليمن حسب المفسّرين) ولا تاريخ هذه الحملة العسكريّة (سنة ميلاد النبيّ محمّد) ولا هدف هذه الحملة (هدم البيت الحرام كي لا تحجّ إليه العرب بعد ذلك، فتصبح الكنيسة العظيمة "القُلّيْس" التي بناها أبرهة في صنعاء باليمن مقصد الحجّاج الوحيد)، ولا سبب الإتيان بالفيل أو الفِيَلة (لا يوجد سبب آخر غير الحرب، تحوّل دور الفيل عند ابن كثير إلى ربطه بحائط الكعبة لزحزحتها وهدمها). ولذلك فنحن لا نعرف على وجه الدّقة ما إذا كان تعبير "أساطير الأوّلين"، الذي جاء به القرآن نفسه كان يعني قصصا خياليّة ابتكرها الأوّلون أم كان المقصود من ذلك أخبارا حقيقيّة عاشتها شعوب وأقوام من قبل مجيء محمّد والإسلام معه.
والأهمّ من كلّ هذا أنّ القارئ المتأنّي والواقف موقف الحياد الموضوعي بعيدا عن التأثير المباشر للجانب العقدي والإيماني يصطدم من الوهلة الأولى بالغياب التّام في السورة لأيّ ذكر "للبيت الحرام" أي "الكعبة" التي يذكر المأثور الإسلامي أنّها هي التي كانت مُستَهدَفة من قبل جيوش أبرهة. ولكنّنا نجد الحديث عنها في السّورة التي تأتي مباشرة بعدها أي سورة قريش. ويبدو أنّ بعض المفسّرين، ربّما شُعورًا منهم بأنّ السّياق يقتضي أن تكون سورة قريش مُكمِّلة بشكل طبيعي لسورة الفيل إذ تمثّل النتيجة المنطقيّة لأحداثها، فتُجلي بعض الغموض عن بعض ألغازها، اعْتَبروهما سورة واحدة وذكروا أنّ بعض المصاحف لم تضع بينهما البسملة. فقد أورد الطّبري على سبيل المثال أنّ أهل العربيّة اختلفوا "في المعنى الجالبِ هذه اللاّم في قوله "لإيلاف قريش"؛ فكان بعضُ نحويِّي البصرة يقول: الجالب لها قولُه "فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُول" (...) فالواجبُ على هذا القول أن يكونَ معنى الكلام: ففَعَلْنا بأصحاب الفيل هذا الفعلَ نِعْمةً منّا على أهل هذا البيت، وإِحساناً منّا إليهم، إلى نعمتِنا عليهم في رحلة الشّتاء والصّيف" (ص 647). وبالرّغم من أنّ الطبري لا يميل إلى ترجيح هذا الرّأي فإنّ تفنيده لهذا الرأي جاء مرتبكا غير مُقنِع إذ يرتكز أساسا على "إجماع جميع المسلمين على أنّهما سورتان تامّتان، كلّ واحدة منهما منفصِلة عن الأخرى" (ص 650). وكذلك ماهيّة الرّب الذي كان يحمي هذا "البيت" وأنزل عقابه الشديد على هؤلاء الذين كانوا يترصّدون بها شرّا لا نعرف من هو. حتّى القول الشّهير الذي وُضِع على لسان عبد المطلب، سيّد قُريش، "إنّي أنا ربُّ الإبل، وإنّ للبيت ربّا سيمنَعُه" لا يُسعفنا في شيء البتّة. فمن هو هذا "الرّب"؟ هل هو "الله"، إله محمّد فيما بعد؟ أم هو "هُبل"، إله قريش، الصّنم الذي كان منصوبا في جوف الكعبة يحميها؟ ويُقال له "ربّ الكعبة" في الجاهليّة؟. السورة لا تقول شيئا من كلّ هذا. المفسّرون وكتّاب السيرة النبويّة هم وحدهم الذين قرّروا المعنى المراد والمختفي عن العين المجرّدة وراء ألفاظ الآيات.
لقد أجمعت كلّ التفاسير التقليديّة وكذلك الدّراسات الحديثة، على أنّ سورة الفيل (سورة 105 في ترتيب المصحف) تشير في حقيقة الأمر إلى قصّة "أصحاب الفيل"، تلك التي تروي مسيرة ملك اليمن المسيحي أبرهة الحبشي المزعومة الذي قاد فيها جنده ومعه الفِيَلة (قيل 8 أفيال، وقيل 13 فيلا، وقيل ألف فيل حسب مختلف مصادر إحصائيّات المأثور الإسلامي) قصد مهاجمة مكّة في الجاهليّة يريد تخريبها. ثمّ كيف أنزل الله بهم أشدّ العقاب وسحق هذا الجيش.
إنّ وَصفَ ابن جرير الطبري لسياق القصّة فيه إيحاء بأنّ عبد المطّلِب وأهل مكّة كانوا يُوحّدون الله وليسوا وثنيّين. وهذا التّناقض يمثّل مأزقا حرجا بالنّسبة للمأثور الإسلامي الذي يتلاعب بكلّ مقوّمات العمل التاريخي. لجأ هنا الطّبري لتقديم عبد المطلب وأهل مكّة على أنّهم يعبدون إلها واحدا الذي "يحمي البيت" لأنّ "وثَنا لا يمكن أن يحميه" وفي القصيدة، التي عزاها له المأثور الإسلامي، اقتباس من القرآن (قبل نزول القرآن؟): "ولَئِن فَعَلْت فإنَّه أمْر تُتِمُّ به فِعالَك" "إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" (الطلاق، 3). وسنرى لاحقا كيف استنبط ابن كثير حلاّ للخروج من هذا المأزق.
لا ذكر عند الطبري لديانة قريش ولا لديانة أبرهة؛ ابن كثير يتحدّث ببعض الإسهاب عن ديانة أبرهة المسيحي (نصراني) غير أنّه يجعل مسيحيّة أبرهة تكاد توازي وثنيّة قريش في الشرك والكفر بالله "وكانوا قوما نصارى [أي الأحباش]، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالا ممّا كان عليه قريش من عبادة الأوثان". ابن عاشور، في تفسير التحرير والتّنوير، يبدأ تفسير الآية بالتّذكير بدين قريش (عبادة الأصنام) ويجعل أنّ الله فعل ذلك (أي هجوم أبرهة) الغاية منه تذكير قريش بأنّه لا مكان لأصنامهم في الحرم المكّي الذي هو بيته هو لا يُعبَد فيه إلاّ سواه.
لقد طوّح خيال المفسّرين بهم حتّى تخيّلوا أمورا عجيبة بخصوص "الطير الأبابيل" ترقى، في نظري، إلى مستوى أفلام الرّعب أو تفوق. فقد تصوّروا مثلا هذه الطيور وهي تخرج في اللّيل من البحر تارة سوداء أو بيضاء لونها وتارة خضراء بمناقير صفراء لها خراطيم كخراطيم الطير وأكفٌّ كأكُفّ الكلاب، أو كانت طيورا خضراء لها رؤوس كرؤوس السّباع. يذهب ابن عاشور، الذي أنكر على أسلافه هذه الأوصاف واعتبر أنّ القصّاصين اختلفوا في وصف هذا الطّائر "اختلافا خياليّا"، وذكر بأنّ تلك الطيور لم تكن معروفة عند العرب مع أنّه يُرجِّح حديث عائشة بأنّ الطيور كانت "تُشبه الخطاطيف" أو "الوطواط" حسب ما قاله غيرها، إلى حدّ التدقيق في ألوان الحجارة (سوداء مخطّطة بحُمرَة) ولكنّه يقلِّل من دور الطيور الأبابيل (وهي عنده من جند الله) وحجارة السجّيل إذ يعزو هلاك أبرهة وجيشه إلى ظهور "مرض عضال هو الجُدري" الذي فتك بهم. والطّريف في الامر أن ابن عاشور، عوض مناقشة أحداث القصّة، يُفرِد، هكذا مجّانا ربّما للحشو وملئ الفراغ فقط، ما لا يقلّ عن نصف صفحة لوصف الفيل وكأنّه حيوان خرافي أو مُنقَرض لا يعرفه أهل هذا الزّمان حتّى ولو كان ذلك من خلال الصّور والأفلام. وقد أحجم ابن عاشور على الذّهاب، كما فعل أسلافه من المفسّرين والقصّاصين، إلى أنّ الفيل "محمود" كان يفهم لغة البشر ويُتقِن العربيّة. فلم يذكر ما جاء عند الطبري وابن كثير اللّذين صوّرا اللّقطة السّرياليّة التي تُقدِّم لنا نُفيْل بن حبيب وهو يَهمْس في أذُن "محمود" الفيل يأمُره: "أُبْرُك محمود، أو ارْجِع راشدا من حيث جِئتَ، فإنّك في بلد الله الحرام". نرى هنا أنّ الفيل بَرك في مكانه ورفض التّوجّه صوب مكّة، برغم كلّ محاولات الأحباش، بأمر من نُفيْل وليس بأمر من الله على الإطلاق، فالرّواية صريحة في ذلك ولا تقول أبدا أنّ الله أمر الفيل "محمود" أو ألهمه أن يعصي أمر سائسه ويبرك لا يبرح مكانه، حتّى وإن أشبعه ضربا مبرّحا لحدّ أن سال دمه، إلاّ عندما كان يُوجِّهَه صوب اليمن "فيقوم مُهروِلا" أو صوب الشّام أو أيّ جهة أخرى، فيفعل مثل ذلك، سوى جهة مكّة فهو كان يبرك كلّ مرّة كان يُطْلَب منه ذلك. ولم يكتف الفيل بالرّبوض مكانه بل أنّه كان "يَصيح" أيضا، مُعربا بذلك ولا شكّ عن رفضه للمُضيّ إلى الكعبة، حسب ابن كثير نقلا عن الواقدي.
كما أنّ وصف الكوارث التي حفّت بأصحاب الفيل هي من خصب الخيال خاصّة عند الطبري وابن كثير: كان حجم هذه الحجارة هو دون الحِمَّصة وفوق العدسة وهي إذ تقع على رأس رجل إلاّ وتخرج من دبره، ولا يقع على شيء من جسده إلاّ وخرج من الجانب الآخر. وهذا التأثير قد قوي عندما بعث الله ريحا شديدة زادتها شدّة ففتكت بجيش أبرهة. فكانت حجارة السجّيل إذا أصابت أحدا خرج به الجُدَري (أوّل يوم رُئيَ فيه الجدري، لم يُر قبل ذلك اليوم ولا بعده)، وينْفط لها الجِلد. أُصيب أبرهة في جسده "تسقط أَنَامِلُه أُنمُلة أُنْمُلَة، كلّما سقطت أنملة أتبعتها مِدّة تَمُثُّ قيْحا"، "فرّ أبرهة وكلّما قدم أرضا تساقط بعض لحمه، ثم انفجر صدر أبرهة وانصدع عن قلبه فهلك".
هذا المقال يذهب أبعد من كلّ هذا مُحاوِلاً أن يرفع الغطاء عن الخلفيّة التوراتيّة لقصّة "أصحاب الفيل" كما جاءت في سفر المكّابيّين 2 و3.

1- مقدّمة وتلخيص
لقد أجمعت كلّ التفاسير التقليديّة وكذلك الدّراسات الحديثة، على أنّ سورة الفيل (سورة 105 في ترتيب المصحف) تشير في حقيقة الأمر إلى قصّة "أصحاب الفيل"؛ تلك التي تروي مسيرة ملك اليمن المسيحي أبرهة الحبشي المزعومة الذي قاد فيها جنده ومعه الفِيَلة (قيل 8 أفيال، وقيل 13 فيلا، وقيل ألف فيل حسب مختلف مصادر إحصائيّات المأثور الإسلامي الميدانيّة) قصد مهاجمة مكّة في الجاهليّة يريد تخريبها. ثمّ كيف أنزل الله بهم أشدّ العقاب وسحق هذا الجيش.
يحاول هذا المقال أن يُبرهِن على أنّ سورة الفيل (105) يجب فهمها أكثر على أنّها عِظة عربيّة استُخلِصت من حقبة في تاريخ العبرانيّين التي تحّدثت عنها أسفار المكابيّين وخاصّة السفران الثاني والثالث. وهي نصوص أينعت في مأثورات الشرق المسيحي بما فيها المسيحيّة السريانيّة. يركّز هذان النصّان على سرد حيثيّات محاولة جيش ملكي مُشرِك استخدم الفِيَلة في الهجوم على جماعة يهوديّة مؤمِنة بغيَة سحقها. وفي كلا النصّين يهرَع الرّب بصورة دراماتيكيّة لإنقاذ يهوده المؤمنين به بتدمير قوى الشّرك وهَزم فِيَلة الحّرب هزيمة نكراء. "أصحاب الفيل" في السّورة 105 ما هم إلاّ السَلوكِيّون الأعداء الذين يحدّث عنهم سفرا المكّابيّين الثاني والثالث. أمّا السّورة 105 فإنّها لا تتحدّث عن غزوة أسطوريّة قام بها الحبشيون المسيحيّون وفِيَلتهم ضدّ وثنيّي مكّة قبل الإسلام.
والنّص البايْبَلي (التّوراتي) الذي يكوّن خلفيّة نصّ سورة الفيل يقترح أيضا حلاّ لائقا لمشاكل التناصّ الكلاسيكيّة. فالصّعوبة اللّغويّة في الآيتين 3-4 من السّورة دفعت بالمفسّرين إلى تأويل " طَيْرًا أَبَابِيلَ" على أنها أَسْراب من الطّيور الصّغيرة يتبع بعها بعضا (الطّبري: فرق، أقاطيع، متفرِّقة، زُمُر، كثير، وهي شتّى متتابعة مجتمعة، مختلفة تأتي من هنا ومن هنا، من جميع الأماكن، إلخ...) وهي تقذِف أصحاب الفيل " بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ" التي هي عبارة عن خليط من حجارة وطين. لكن، وكما سنبيِّنه في هذا المقال، من المستحسن أن نقرأ هاتين الآيتين كمرجعيّة للمكّابيّين 3: 6، عندما نزلت الملائكة من السّماء ودكّت فلول جيش بطليموس وفيَلَته ونجّت بذلك اليهود من الإبادة. إذا فهمنا أنّ الملائكة، عوضا عن الطّيور، هي التي رمت "الحجارة من سجّيل" فإنّ الآية 4 من سورة الفيل تُصبِح متناغمة تناغما تامّا مع الآيتين 81-82 من السورة 11 (هود): "قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81)، فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ (82)"؛ والآية 33 من السورة 51 (الذّاريات): " لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ"، إذ نرى أنّ هذه الآيات تروي كيف أنّ الله أنزل العقاب بالقوم الفاسقين من قوم لوط بأمره الملائكة برميهم بحجارة من طين/سجّيل. أمّا بخصوص اللّفظة الغريبة التي جاءت يتيمة في القرآن "أَبَابِيل"، فإنّ المفسّرين فهموها فهما سليما في سياقها على أنّ الطّير كانت تأتي بمثابة فرق أو زُمُر متتابعة. غير أن السّورة، عوض استعمال لفظة "أسراب"، لجأت ببساطة لاستخدام هذه الكلمة غير المألوفة لوصف تدخُّل جُنْد الملائكة الذي ينتظم في شكل "صفوف" وهو تعبير معروف استعمله القرآن بكثرة عند الحديث عن "جند الملائكة". أخيرا، كلمة "طَيْرا" تستخدِمها السّورة كتعبير مجازي للملائكة المجنَّحة، كما جاء في الآية 1 في السورة 35 (فاطر): "الْحَمْدُ لِلَّهِ (...) جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ..."، التي تنزل من السّماء لإنقاذ المؤمنين من بطش جيوش المشركين، وليس بالمعنى الحرفي للطّيور.
2- نصّ سورة الفيل
1. أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ
2. أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ
3. وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ
4. تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ
5. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ

3- السّياق الإسلامي التقليدي لسورة الفيل
هذه السّورة اللُّغز فُهِمت منذ زمن طويل على أنّها تروي محاولة حِصار مكّة من طرف الملك أبرهة، الحاكم الحبشي المسيحي لليمن. ونحن سنناقش هنا تفسير ابن كثير لهذه السّورة كممثِّل للتّفسير التقليدي.
كان ذو نواس الملك الحميري اليهودي، حسب ما رواه ابن كثير، قد قتل عشرين ألف مسيحيّ من "أصحاب الأخدود" الذين جاء ذكرهم على خلفيّة السورة 85 (البروج)(1). فجهّز ملك الحبشة، بأمر من القيصر البيزنطي، جيشا كثيفا وأرسله إلى اليمن لنجدة النّصارى وعلى رأسه أميرَان أرياط وأبرهة فهزما ذي نواس ورمياه في البحر فهلك غرقا. ثمّ اختلف الأميران فيمن يحكم منهما اليمن، فتبارزا(2)، فقتل أبرهةُ أرياطَ واستتبّ له بذلك الأمر في إدارة جيش الحبشة في اليمن. وقد أغضب ذلك ملك الحبشة فكتب إلى أبرهة يلومه على صنيعه ويتوعّد بمعاقبته. وحتّى يهدئ من غضب سيّده، وعد أبرهة ملكَ الحبشة أن يبني له "كنيسة بأرض اليمن لم يُبْنَ قبلها مثلها". فبنى أبرهة كنيسة هائلة بصنعاء، سُمِّيت "القُلَّيْس"، وعزم على أن يُجبِر العرب بالحجّ إليها.
وما إن سمِعَ العرب بذلك حتّى غضبوا غضبا شديدا واعتبروا الكنيسة الجديدة خطرا يهدّد الحجّ إلى مكّة حتّى عمد أحد شباب قريش إلى دخول كنيسة أبرهة ليلا ودنّسها، وتبعته مجموعة من الشباب فأضرموا النّار في أسفل الكنيسة. فهاج أبرهة واشتطّ غيضا، وعبّأ جيشا عرمرما بغية القيام بحملة تأديبيّة ضدّ قريش، واصطحب معه فيلا ضخما أُطلِق عليه، من محاسن الصّدف، اسم "محمود". وبما أنّ اليمن كان بطبيعة الحال يفتقِر إلى وجود الفِيَلة، فإنّ النّجاشي، ملك الحبشة، شحن "محمود" ومعه إثنا عشر فيلا عن طريق البحر لمساعدة أبرهة في حملته على مكّة. وقد أعدّ أبرهة لفِيَلته الحبشيّة سيناريو تقوم فيه بتهديم الكعبة بأن يَجعَل السّلاسلَ في الأركان ثمّ تُربَط في عنق الفيل "محمود" الذي يجرّها فسقط البيت دُفعَة واحدة.
تحرّك أبرهة بجيشه نحو الشّمال وتوغّل به في منطقة الحجاز إلى أن التقى بأهل مكّة عند مشارف المدينة يتقدّمهم سيّدهم عبد المطّلب بن هاشم الذي أبلغ أمام أبرهة أنّ المكيّين لا طاقة لهم على محاربته وحماية مدينتهم، ولكن حذّره، مع ذلك، بأنّ الله هو الذي سيحمي كَعْبَته. ثمّ رجع عبد المطّلب إلى قريش فخرجوا كلّهم من مكّة وتحصّنوا برؤوس الجبال هربا من بطش جيش أبرهة وهم "يَدعون الله ويَستَنْصِرونَه على أبرهة وجنده" (ابن كثير، ص 2031).
[بقيّة القصّة معروفة وقد تعرّضنا لها ببعض التّفصيل في المقدّمة، ولذلك لا فائدة من العودة إلى ذلك مجدّدا]
4- التقليد الإسلامي وإشكاليّاته مع سياق سورة الفيل
إنّ التفسير التقليدي الإسلامي، وهو يقدّم سورة الفيل على أنّها تذكير للمكيّين بنزاع حقيقي حدث في تاريخ مدينتهم القريب، لا يخلو من عدّة إشكاليّات جديّة(3). فهذه السّورة ليست متلائمة مع ما يُعتَقَد أنّه تقليد إسلامي متواتر بخصوص تفسيرها الأصلي أكثر من تلاؤم تفسير جارتها سورة قريش على غرار أولى السّور المكيّة مثل "الكوثر" و"المسد" و"الإخلاص".
أوّلا، من غير المعقول أن تحتفي سورة الفيل بهزيمة مسيحيّين أثيوبيّين مُوحِّدين على يد وَثَنيّي قريش. فلماذا يتدخّل الله لإنقاذ مشركين، أحرقوا كنيسة (القُلَّيس)، من هزيمة نكراء على أيدي المسيحيّين؟ ثمّ لماذا يتلو محمّد سورة الفيل ليُذكِّر أتابعه من أهل مكّة بحادثةٍ تدخَّلت فيها العناية الإلهيّة مؤخّرا لتخليص المشركين من براثن أهل الكتاب؟(4)
ثانيا، لم يكن من السّهل على المسيحيّين الأحباش محاصرة مكّة، المدينة الصحراويّة المعزولة، باستخدام فِيَلة الحرب.
ثالثا، الإشكاليّات النصيّة واللّغويّة تُلقي ظلالا من الشّك على مدى قدرة التفاسير الإسلاميّة التقليديّة على المحافظة على السّياق الأصلي للسّورة. فسورة الفيل تحتوي على سلسلة من الألفاظ اليتيمة [= وردت مرّة واحدة في النّص القرآني]، التي شكّلت أربعةٌ منها فواصل الآيات من بين الخمس فواصل التي تحتوي عليها السّورة: "فيل" و "أبابيل" هما لفظتان يتيمتان تماما، "تظليل" و"مأكول" هما لفظتان يتيمتان من حيث الشّكل، أمّا "سِجِّيل" فهي كلمة دخيلة(5). يقع تقليديّا تفسير كلمة "أبابيل"، حسب السّياق الذي وردت فيه، بمعنى "أسراب". غير أنّ ابن كثير يذكر مجموعة من المعاني العديدة الأخرى التي أعطاها المفسِّرون لهذه اللّفظة من بينها "الفِرق"، "يتبع بعضها بعضا"، "الكثيرة"، "شتّى متتابعة مجتمعة"، "المختلفة، تأتي من ها هنا، ومن ها هنا، أتتهم من كلّ مكان"، "الأقاطيع، كالإبل المؤبّلة"؛ وأيضا "لها خراطيم كخراطيم الطّير، وأكفّ كأكفّ الكلاب"... وهلمّ جرّا. وقد سبّبت اللّفظتان العصيّتان على الفهم "سجّيل" و"عَصْف" نفس المتاعِب والمشاكل للمفسّرين. ثمّ من الغريب أن تكون "الطّير الأبابيل" هي الأداة التي اختار العدل الإلهي استخدامها.
رابعا، نرى أنّ المصادر غير العربيّة لتلك الفترة لا تتطابق مع التأريخ الإسلامي التقليدي. فقد وصف بروكوبيوس القيصري المساعدة البحريّة التي قدّمتها بيزنطة للحملة الأثيوبيّة ضدّ ذو نواس، الحاكم اليهودي الحميري لليمن(6). فقد روى الانتصار الإثيوبي/البيزنطي الذي نتج عنه صعود أبرهة إلى الحكم. فلو أنّ الأحباش كانوا قد استخدموا فِيَلة الحرب في هذه الأحداث لأثار ذلك فضول المؤرِّخ البيزنطي(7). لكنّ الفِيلة كانت غائبة تماما في روايته.
من المؤكّد أنّ أبرهة لم يقم ولو بحملة عسكريّة واحدة داخل الحجاز. فالنّقوش التي عُثر عليها في منطقة المريغان في جنوب الجزيرة العربية (Ry 506)، المكتوبة بالسّبئيّة، تُوثِّق لانتصار جيوش أبرهة في واحة يُقال لها "طربان"، التي تقع على ألف كيلومتر شرقيّ الطّائف وهي التي تبعد بدورها حوالي مائة كيلومتر جنوب شرقي مكّة(8). يصف النّقش قوّات أبرهة بمثابة ضرب من الكونفدرالية مكوّنة من قبيلة كندة وقبائل حليفة أخرى، وعلى رأسها "أبو جبر"، في حين تزعّم أبرهة بنفسه جيوش الحبشة. ذهب الباحثون إلى اعتبار الهجوم الذي وقع على مكّة من طرف الأحباش وفيَلتهم الحربيّة على أنّه جزء مكمِّل للحملة التي يصفها النّقش(9). إلاّ أنّ نقش المريغان يتحدّث عن صراع حجازي بين قبائل بدويّة دون تدخُّل مباشر من الطرف الجيوش الأثيوبيّة. ولم يُسجِّل لنا التّاريخ المعاصر لتلك الفترة أيّ هجوم على مكّة، بالفِيَلة أو بدونها، ولا أيّة عداوة يكون قد أبداها الحاكم المسيحي أبرهة تجاه منسك الحجّ الوثني للكعبة في مكّة. كما أنّ التّاريخ المعاصر لم يقدِّم لنا معلومة تُذكَر عن كيفيّة وفاة أبرهة نفسه؛ فتاريخ النّقش يعود إلى سنة 553 ميلاديّة، ويُفتَرض أنّ يكون أبرهة قد مات بعد ذلك بقليل بدليل أنّه خرج من التّاريخ ودخل طيّ النسيان. من الصّعب جدّا أن يتحدّث نقش المريغان عن انتصار أبرهة في حين أن هذا الأخير يكون قد مات (بحجارة من سجّيل أم بغير ذلك)، أو تكون جيوشه قد سُحِقت في نفس حملة الحجاز. المشكلة الأخرى تتمثّل في أنّ حملة طربان حصلت سنة 553 م، أي قبل سنة 570 م بكثير، تلك السّنة التي يحدّدها المأثور الإسلامي كتاريخ لحملة أبرهة على مكّة وكتاريخ لميلاد محمّد.
هناك إشكال آخر متعلّق بطبيعة الفيل. فالفيل الهندي (Elephas maximus indicus) يمكن أن يُدرَّب على القيام بشتّى المهامّ المتعدّدة وهو ما نراه إلى حدّ اليوم في مناطق من آسيا التي ظلّت تستخدم الفيل كحيوان للجرّ. تاريخيّا، مُعظم فِيَلة الحرب هي الفيلة الهنديّة التي لها تاريخ ثريّ في الممارسة الحربيّة وخاصّة في مناطق سوريا، وفارس والهند. وقد اشتهرت الإمبراطوريّة السلوقيّة باستعمالها المكثَّف للفيل الهندي مع سَلوقس الأوّل (أحد قادة جيش الإسكندر الأكبر) الذي سيُطلَق عليه اسم "سائس الفيلة"؛ ولهذا السّبب تحتلّ الفيلة مكانا هامّا في المخاطر العسكريّة في سفر المكّابيّين الثاني. وقد نُقْش على العُمْلة السُلوقيّة عادة فيل الحرب الهندي كرمز مُهيمِن للسّلطة المكيّة السلوقيّة(10).
في المقابل، فإنّ الفِيَلة الإفريقيّة (من جنس مختلف تماما Loxodonta) يصعُب ترويضها وتدريبها ولها تاريخ محدود في ممارسة الحروب(11). والفيلة من طبعها، وهي على حقّ في ذلك، تكره خوض المعارك، فحتّى الفيل الهندي المُطيع أكثر يتطلّب تدريبا متخصِّصا ومكثّفا لكي يُصبح عنصرا مفيدا في ساحة المعركة(12). فعلى العكس من التّاريخ العسكري الطويل للفيلة الهندية، فإنّنا نعرف أنّ الفيَلة الإفريقيّة استُخدمت بأعداد كبيرة من قبل مصر البطلميّة، والقرطاجيّين والرّومان؛ وكانت آخر معركة استُعملت فيها الفيلة الإفريقيّة هي معركة ثابسوس (اليوم "رأس ديماس" في تونس) سنة 46 قبل الميلاد(13). إذا كان الأحباش قد استخدموا حقيقة أفيال الحرب في اليمن في القرن السّادس ميلادي، فإنّ ذلك يكون أوّل استخدام موثّق تاريخيّا للفيل الإفريقي في الحرب منذ ستّة قرون، وآخر استخدام من هذا النّوع على الإطلاق(14). لقد قيل أنّ العربات الملكيّة لملوك أكسوم كانت تجرّها الفِيَلة، الشّيء الذي يدلّ بكلّ وضوح بأنّ الفيلة الإفريقيّة كانت قد سُخِّرت في أثيوبيا في ذلك الوقت لهذه المهامّ التي لم تكن نسبيّا شاقّة(15). ولكن بصرف النّظر عمّا يدّعيه التقليد الإسلامي، لا يُعرف أنّ هذه الفيلة كانت قد استُخدمت في الحرب. فالإدّعاء بأنّ الملك الأثيوبي كان قد أرسل فيَلة حَربٍ إفريقيّة للهجوم على اليمن وبعد ذلك على الحجاز يفتقر افتقارا شديدا إلى الدّعم التّاريخي الموثوق. كما أنّ ذلك يفترض حماقة استراتيجيّة لا تٌغتَفر من طرف الأحباش وذلك نظرا للتّحدي اللوجستي المتمثّل في تجهيز حملة عسكريّة عبر البحر ثمّ التوغّل في عمق الصّحراء الحجازيّة باتّجاه وادي مكّة.
أخيرا، تجدر الإشارة إلى أنّ محاولة المسلمين تحديد سنة ميلاد محمّد بـ "عام الفيل" التي قادها أبرهة كانت من أولى وأهمّ النّقاط التي ارتكز عليها الباحثون الغربيون لتوجيه النّقد للسّيرة النبويّة وإدخال الشّك في صحّتها. فقد لاحظ لامانس في وقت مبكّر أنّ الكرونولوجيا التي تسعى لربط مولد محمّد بعام الفيل خاطئة ومُفبْرَكة(16). كما أقرّ باحثون آخرون أنّ مثل هذه الحملة يجب أن تكون قد حدثت قبل وقت محمّد. ومع ذلك حاول العلماء الغربيون فكّ ألغاز النّواة التاريخيّة لهذه القصّة وتحديد التّسلسل الزّمني مع قيامهم بإزالة أو تحييد المعتقدات بخصوص التّفاصيل الأسطوريّة العديدة والمتناقضة(17). ولكن دون العثور على حلّ مُرْض.
في سياق تحليلهم لعدد لا يُحصى لمشاكل من هذا النّوع، انتهى العلماء الغربيون إلى القبول بالقصّة التقليديّة لحملة أبرهة بالفِيلَة على مكّة كحقيقة تاريخيّة وكأساس سردي خاصّ لسورة الفيل(18). وحتّى في يومنا هذا، هناك باحثون بارزون في الدّراسات القرآنيّة يقبلون بالرّواية الإسلاميّة التقليديّة مع تسليمهم بالسّياق التّاريخي الغريب الذي يُميّز سورة الفيل مقارنة بالسّور الأخرى(19).
هناك استثناء رائع لهذا التّقصير في الغوص في البحث والتمحيص يتمثّل في قراءة ألفريد لويس دي بريمار لسورة الفيل على أنّها تُشير إلى معركة دارت رحاها في القادسيّة بعد وفاة محمّد، على الرّغم من أنّ تحليله يظلّ سطحيّا نوعا مّا(20). ولكن في حين أنّ دي بريمار مُحقٌّ في رفضه تاريخيّة حملة أبرهة على مكّة، وأنّ قراءته، التي تَعتَبر "الفيل" هنا يُحيل لفيَلَة الحرب الفارسيّة، هي قراءة صحيحة للموضوع الأساسي لسورة الفيل(21)؛ فبالمقابل، لا حاجة إلى استدعاء القادسيّة كمرجع تاريخي لها أو إلى تَخيُّل مكان تأليف السّورة في بلاد ما بين النّهرين، في الوقت الذي نجد أنّ مرجعيّة بايْبليّة بسيطة – وعلى وجه التّحديد في سِفْريْ المكّابيّين 2 و3 – هي أكثر معقوليّة، و أكثر وجاهة وموثَّقة تاريخيّا (22).
5- سفر "المكّابيّين" في أواخر العصر القديم
هناك سلسلة رقميّة لجملة من الكتب تحمل عنوان "المكّابيّون" كانت تُستَعمل لتحديد العديد من النّصوص المختلفة كانت قد انتشرت في أرجاء الشّرق الأدنى خلال أواخر العصر القديم، وكانت تتمتّع بدرجات متفاوتة من القانونيّة والانتشار داخل مختلف التّقاليد الدّينيّة.
فأناجيل الكنيسة الكاثوليكيّة الرومانيّة تعترف بالمكّابيّين 1 والمكّابيّين 2 على أنّهما نصّان قانونيّان؛ في حين تعتبرهما الكنيسة البروتستنتية من النّصوص المنحولة (أبوكريفا). أمّا اليهوديّة الرَبِّينيّة فإنّها لم تعترف بأيّ نصّ من النصوص المكّابيّة. على النّقيض من كلّ هذا، كانت الكنيسة الشّرقيّة أكثر ميلا إلى الإعتراف بالنّصوص المكّابيّة وإعطائها الصّبغة القانونيّة من ضمنها ثلاثة أسفار من أسفار المكّابيّين. أمّا التقليد السّرياني المسيحي، الذي يكتسي أهمّية بالغة لصلة القرابة التي تجمعه مع القرآن من حيث المصطَلح الديني والأسلوب السردي، فهو يضمّ ثلاثة أسفار مكّابيّة في أولى مخطوطاته للعهد القديم (البَسيطّة Peshitta). وكما سنوضِّحه أدناه، فإنّ السّفريْن المكّابيّيْن 2 و3 يشكِّلان النّص البايْبلي الخلفي لسورة الفيل؛ فالنصّان يركِّزان على تخليص الرّب لليهود المؤمنين الورعين من خطر سحقهم من قبل أفيال الحرب الملكيّة [ما يُعرَف بالمَدَد الغيبي، الإلهي].
حدّد الدّارسون أيضا في السلسلة الرقمّية العديد من الأسفار المكّابيّة الأخرى من رقم 4 إلى رقم 8. لا أحد من هذه الأسفار يتمتّع بصبغة قانونيّة مؤكَّدة في أيّ من التقاليد الدينيّة الرئسيّة(23). فالتّقليد المسيحي الأثيوبي – التقليد الذي يشكِّل خلفيّة هجوم الفيل المزعوم على مكّة – له نصوصه المكّابيّة الفريدة بروعتها والتي يُطلَق عليها أسفار مقابيّة 1-3(24). خلافا للسِّفريْن المكّابيّيْن 2 و3، لا أحد من هذه النّصوص الهامشيّة المكّابيّة والمقابيّة يناقش حملات فيليَّة على مؤمنين موحِّدين أتقياء.
إنّ الموضوعات التي زُعِم أنّها "مكّابيّة" من المحتمَل أن تكون قد لقت رواجا داخل سياقات تاريخيّة ودينيّة، فهي تمثّل أنموذجا مثاليّا للخلاص التوحيدي يروي كيف أنّ جماعة من المؤمنين حوصِرَت وهوجِمت من طرف قوّات عسكريّة "وثنيّة" و"مُشرِكة" ساحِقة وكيف يتمّ إنقاذها بأعجوبة خارقة بفضل إيمانها الثّابت وتفانيها في عبادة ربّها. وهذا النموذج يتلاءم أيضا في حدّ ذاته مع المنظور الأخروي، من حيث أنّ تخليص يَهْوَه اليهودَ من بطش الجيوش الوثنيّة يُستَخدَم كتمهيد لتدخُّل الرّب النهائي الوشيك لإنقاذ مُؤْمِنِيه من تهديدات القوى الوثنيّة – "الفرقان" حسب المصطلحات القرآنيّة. وأخيرا، يمكن أن تكون مواضيع المكّابيّين قد استهوت مجموعة واسعة من الموحِّدين، بما في ذلك اليهود والمسيحيّين، وبالتّالي تكون قد شكَّلت رسائل مسكونيّة يمكن تبليغها إلى مجموعات مختلِفة ومتنوّعة من المؤمنين.
(يتبع)
نُشر هذا النّص بالإنجليزيّة: *
Daniel A. Beck, « MACCABEES NOT MECCA: THE BIBLICAL SUBTEXT OF SŪRAT AL-FĪL ».
______________
الهوامش:
(1) لقد تمَّت المساءلة والبحث في تاريخيّة "أصحاب الأخدود". فقد قدّم مانفريد كروپ براهين مُقنِعة على أنّ سورة البروج لا تُحيل إلى حدث تاريخي يتعلّق بأصحاب الأخدود وهم يقتلون مسيحيّين ويرمون بهم في أخدود أو خندق، بل هي تحمل رسالة مفاده أنّ "أصحاب الجحيم" سيخلُدون في النّار إلى أبد الآبدين. أنظر:
M. Kropp, “Koranische Texte als Sprechakte: am Beispiel der Sure 85,” Vom Koran zum Islam, ed. Gross/Ohlig (2009)
(2) يروي الطّبري، بكلّ طرافة وظرافة، أنّ عَتْوَده [وفي رواية أخرى لنفس الطّبري نجد اسم "أَرنْجده"] أحَد عبيد أبرهة قتل أرْياط واختار كمكافأة له على ذلك أن "لا تَدْخُل امرأةُ اليمن [= كلّ عروسة من أهل اليمن] على زوجها حتّى يُبْدَأَ بي [أي يطأها هو قبل زوجها]". تاريخ، ج 2، ص 128.
(3) لقد وضع الدّارسون موضع الشّك كلاّ من المعركتيْن الشّهيرتين بدر ومؤْته وكذلك مذبحة "أصحاب الأخدود" مُنتَقدين في نفس الوقت علاقة الأحداث المرويّة بالنّص القرآني وطبيعتها الأسطوريّة. أنظر:
Donner, “Qur’anic Furqan,” Journal of Semitic Studies (2007) D. Powers, Muhammad is Not the Father of any of Your Men (2009) C. Luxenberg, “Keine Schlacht von ‘Badr’,” Vom Koran zum Islam, ed. Gross/Ohlig (2009) M. Kropp, “Koranische Texte als Sprechakte: am Beispiel der Sure 85,” Vom Koran zum Islam, ed. Gross/Ohlig (2009).
إنّ اقتراح ألفريد دونر، الذي مفاده أنّ الآية 41 من سورة الأنفال تُشير إلى تخليص الله لبني إسرائيل بشقّه البحر الأمر حتّى يَعبروه سالمين ولا تشير إلى معركة بدر، هو اقتراح شقترب اقترابا شديدا من موضوع مقالنا هذا.
(4) يشرح ابن كثير أنّ الأحباش كانوا قوما نصارى على دين المسيح، وبالتّالي فإنّ دينهم أقرب ما يكون إلى الدّين الصّحيح أكثر من وثنيّة قُريْش. ولكنّ الله مع ذلك دمّر الجيش المسيحي "من باب الإرهاص والتّوطِئة لمبعث رسول الله (...) ولسان حال القدر يقول: لم ننصُركم – يا معشر قريش – على الحبشة لخيْريَتكم عليهم، ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سنشرِّفه ونعظِّمه ونوقِّره ببعثة النبيّ الأميّ محمّد"، خاتم الأنبياء.
ولكن هذا لم يحلّ مشكلة "شرك" قريش عند المفسّرين. وخير مثال على ذلك العالِم المعاصر سيّد أبو الأعلى المودودي الذي يؤكِّد في كتابه "تفهيم القرآن العظيم" أنّ سادة قريش تحوّلوا مؤقّتا إلى الإيمان بالله الواحد ودعوه من دون الآلهة الأخرى لتخليصهم من أبرهة، ثمّ بعد هذه الحادثة عادوا إلى شركهم وعبادة الأوثان. هذا الغموض والخبط خبط عشواء من قبل المفسّرين يُبرِز الإشكال الذي يسبّبه جعل مكّة ما قبل الإسلام كخلفيّة تاريخيّة لسورة الفيل.
(5) أنظر:
M. Toorwawa, “Hapaxes in the Qur’ān,” New Perspectives on the Qur’ān: The Qur’ān in its Historical Context 2, ed. G.S. Reynolds (Routledge Studies in the Qur’ān 2011), p. 244.
(6) أنظر: Procopius, History of the Wars 1.20.
(7) الفِيَلة لا تُنسى بسهولة. ويظلّ حنبعل (هاني بعل) الأكثر شهرة على نطاق واسع لعبوره جبال الألب على رأس جيوش قطاج مستخدما الفِيَلة، وذلك بالّغم من أنّ تلك الفيلة لعبت دورا ثانويّا فقط في حملته تلك على روما. والملاحظ أنّ استخدام هذه الفيلة توقّف بعد وقت قصير من أوّل معركة شاركت فيها وذلك لأسباب غير معروفة.
(8) أنظر:
Stuart Munro-Hay, “Abraha” in Siegbert Uhlig, ed., Encyclopaedia Aethiopica: A-C (2003).
(9) أنظر: Francis E. Peters, Muhammad and the Origins of Islam (1994) at p. 88.
(10) للمزيد من التوضيحات حول آخر النقاشات بخصوص الفيلة الهنديّة كرمز للسّلطة والهويّة الملكيّة للسلوقيّين، أنظر:
P. Kosmin, “Apologetic Ethnography: Megasthenes’ Indica and the Seleucid Elephant,” Ancient Ethnography: New Approaches, ed. Almagor and Skinner (Bloomsbury 2013).
(11) من المعروف أنّ الفِيلة الإفريقيّة والهنديّة اشتبكت فقط في ساحة المعركة مرّة واحدة، في معركة رافيا قُرب غزّة سنة 217 قبل الميلاد، وذلك عندما اصطدمت أفيال أنطيوخس الثالث الهنديّة بأفيال بطليموس الرّابع الإفريقيّة. وقد روى بوليبيوس أنّ الأفيال الإفريقيّة، التي كانت أصغر حجما وأضعف من الفِيلة الهنديّة، فرّت بمجرّد رؤية هذه الأخيرة وشمّت رائحتها.
(12) أنظر: K. Nossov, War Elephants (Osprey 2008), p. 8 (citing Kautilya).
(13) هناك جدال حول استخدام الفيلة الإفريقيّة في الحرب. لقد أظهر التحليل الجيني المعاصر أنّ فيَلة إفريقيا تتكوّن من جنسيْن منفصِليْن، Loxodonta africana (فيل السافانا)، و Loxodonta cyclotis (فيل الغابة). فيَلة الغابة، المنحصرة اليوم في غرب ووسط إفريقيا الإستوائيّة، هي فيلة أصغر بكثير من فيلة السافانا أو الفيلة الهنديّة. وبما أنّ المؤرِّخين القدامى أجمعوا على أنّ فيلة الحرب الإفريقيّة كانت أصغر بكثير من مثيلاتها الهنديّة، فقد وقع الإتّفاق على أنّ فيلة الحرب القرطاجيّة وفيلة بطليموس لا بدّ أنّها كانت فيلة غابيّة أو هي من الأجناس الفرعيّة المنقرضة لفِيَلة شمال إفريقيا. المسألة تعقّدت أكثر فأكثر من جرّاء آلاف السّنين من الإستغلال المفرط للفيَلة في إفريقيا وبعض المناطق من آسيا.
(14) K. Nossov, War Elephants (Osprey 2008), p. 38.
(15) وفْقا لـتقرير Chronographia of Theophanes، كان الحارث، الملك الحبشي "يقف على أربعة فيلة مُنتَصِبة بها نِير وأربع عجلات"، الشيء الذي يعني بطبيعة الحال أنّ عربة الملك كان يجرّها أربعة فيلة إفريقيّة، وذلك بالرّغم من أنّ هذا التقرير كان قد أشار إلى نقوش للفيل على العربة أو المِحفَّة التي تحملها أربعة فيلة.
(16) هناك سياقات إسلاميّة تنطوي على أحداث تاريخيّة وهميّة أخرى تتعلّق بالحبشة. فكما أشار ورنير ديام فإنّ مراسلات محمّد مع امبراطور الحبشة يجب اعتبارها مراسلات غير صحيحة من حيث الخلفيّة التاريخيّة والأسلوبيّة. فالرّسائل كانت قد كُتِبت بأسلوب سجعي ظهر فقط بعد ذلك بقرون عدّة. أنظر:
W. Diem, “Arabic Letters in Pre-Modern Times,” Documentary Letters from the Middle East: The Evidence in Greek, Coptic, South Arabian, Pehlevi, and Arabic (1st-15 c CE), Asiatische Studien LXII, ed. E. Grob and A. Kaplony (2008), p. 858.
(17) أنظر:
L. Conrad, “Abraha and Muhammad: Some Observations Apropos of Chronology and Literary Topoi in the Early Arabic Historical Tradition,” Bulletin of the School of Oriental and African Studies 50 (1987), pp. 225-40.
(18) أنظر: C.E Bosworth, The History of Tabari (1999), Vol. 5, p. 223 n. 563 (يحلّل المؤلّف ومناقش تاريخيّة حملة أبرهة على مكّة ثم خلص إلى نتيجة مفادها أنّ ذلك يكون "من المُحتَمل" أنّه قد حدث فعلا). وعلى غرار هذا، يشرح مونتغومري واط أنّ "محمّد يكون قد وُلِد في عام الفيل. وهي السّنة التي ذهب فيها الأمير الحبشي أو نائب الملك في اليمن إلى مكّة على رأس جيش كبير صاحبا معه فيلا. إلى حدّ الآن اضطرّ العلماء إلى تحديد تاريخ عام الفيل في حدود سنة 570 ميلادي، غير أنّ اكتشافات حديثة في جنوب الجزيرة تُوحي بأنّ الفرس كانوا قد أطاحوا بالنّظام الحبشي في اليمن في تلك السّنة تقريبا، وأنّ الحملة يمكن أن تكون قد حدثت إذن قبل سنة أو سنتين من ذلك التّاريخ". W. Montgomery Watt, Muhammad: Prophet and Statesman (1973). ، غير أنّه يحذِّر في الصّفحة التّالية من كتابه من أنّنا لا نعرف الكثير عن مكّة زمن شباب محمّد وفي أوائل فترة كهولته. فالمّادة المتوفّرة لدينا مجزّأة ومتشظّية بحيث يصعب معها الفرز بين ما هو تاريخي وما هو أسطوري فيها".
(19) أنظر:
N. Sinai, “The Qur’an As Process,” The Qur’ān In Context: Historical and Literary Investigations into the Qur’ānic Milieu, ed. A. Neuwirth (Leiden 2010), p. 425.
"يتناول النصّان المسائل المحليّة المتعلّقة بمكّة، والحماية المُعجِزة للحَرَم المكّي ضدّ الغُزاة المذكورين في سورة الفيل (105) والنّعمة التي أنعم الله بها على أهل مكّة التي تتحدّث عنها سورة قريش (106). حسب سيناي، تُبدي السورتان 105 و106 معا "نوعا من الانقطاعات الصّريحة مع باقي السّور المكيّة المبكِّرة (والأخيرة أيضا)، وهذه الانقطاعات قد يكون من الصّعب استيعابها إلاّ بافتراض أنّ النصّيْن قيد المناقشة يبقان زمنيّا جميع النّصوص القرآنية الأخرى. وعلى النّقيض من ذلك، فإنّ تفسير السّورة 105 الذي تقترحه هذه الورقة لا يثير مثل هذه الصّعوبة، ولا مثل هذه الانقطاعات الجليّة.
(20) أنظر:
A.L. de Prémare, “Les Éléphants de Qadisiyya,” Arabica 45 (Leiden 1998), pp. 261-269.
(21) يقدّم دي بريمار برهنة قويّة على أنّ السّورتين 105 (الفيل) والسّورة 106 (قريش) هما بالفعل سورتان مستقلّتان.
(22) يعتبر دي بريمار أنّ سورة الفيل هي نتاج لأحداث تاريخيّة وقعت بعد وفاة محمّد وبالخصوص معركة القادسيّة. بدلا من ذلك فأنّ دراستنا الحاليّة تندرج بشكل وثيق ضمن منهجيّة "النّص التوراتي التحتي " التي يقترحها رينولدز. أنظر:
Reynolds, The Qur’ān and its Biblical Subtext (Routledge Studies in the Qur’ān London 2010).
إنّ النّص التوراتي التحتي لسورة الفيل، كما وقعت مناقشته هنا، لا يتطلّب أن يكون نصّ السّورة ما قبل إسلامي (جاهلي) أو نصّا تفوّه به محمّد نفسه أو يكون قد أُلِّف بعد موته؛ فهو نسبيّا نصّ "لا أدري" (غنّوصي) على هذا الصّعيد المثير للجدل، على الرّغم من أنّ إزالة السّياق التّاريخي المكّي عن سورة الفيل له تداعيات أوسع نطاقا.
(23) مع استثناء جزئي معقّد في المكّابيّين 4.
(24) يتضمّن البايْبِل [مَصْحَفَه قُدّوس] الذي تستخدمه الكنيسة الأرثوذكسيّة الإثيوبيّة ثلاثة كتب تُعرف باسم مقابيان 1 و2 و3. وعلى غرار القرآن فإنّ هذه الأسفار المقابيّة تسرد قصصا توراتيّة قديمة بطريقة مُبتكرة بشكل مُدهِش وذلك باستئثارها بالقصص التوراتية مع إعادة صياغتها. على سبيل المثال، السّفر 1 مقابيان يتحدّث عن ملك ماديا ومِدْيان [على السّاحل الشرقي لخليج العقبة] كان يعبد الأوثان ويسمّى "تسيروتسيدان"، وهذا الإسم هو في الحقيقة الكُنية التّاريخيّة للملك السلوقي أنطيوخس IV [سُمّي كذلك لأنّه سَكّ عملة نُقش عليها عبارة "صور وصيدا" Tsur u Tsaydan]. إلاّ أنّ الملك السلوقي أنطيوخس IV هذا تحوّل في الكتاب مقابيان 1 إلى عَدوِّ إسرائيلي سابق. وفي وقت لاحق، تزعّم أحد رجال منطقة بنيامين ويُدْعى "مابيقياس" (أي جوناثان مكّابيوس) ثورة ضدّ أقرنديس الملك المدياني الشرّير، وقام بقطع رأسه أثناء تناوله الطّعام – واللّقمة مازالت في الفم – في حين كان أخواه يهوذا والمقابض (سمعان ماكابيوس) يُبيدان جيش الملك المدياني في ساحة المعركة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرحبا
على سالم ( 2018 / 10 / 5 - 06:47 )
اهلا استاذ ناصر ومرحبا بعد غياب , مقالك رائع بدون جدال ويشرح ويفسر ايات القرأن الغامضه المتناقضه المضحكه , الفيل حيوان ضخم يستهلك كميات ضخمه من المياه وهذا طبعا غير الطعام والذى يكون بكميات وافره , كيف لهذا الفيل ان يسافر هذه المسافه الطويله فى الصحراء بدون وجدود الماء والطعام ؟ اكيد هذه قصه مكذوبه وساذجه من تأليف البدو العربان والذين ابتلينا بهم لكى يضحكوا على عقول السذج والبلهاء وما اكثرهم على مر القرون , انا سعيد لوجود هذه الزمره الرائعه من الكتاب الذين يعروا كتاب القرأن البشرى ويعروا القصص التى اضافها الفقهاء الكذبه النصابين على مر الزمان لكى يضيفوا مصداقيه وقداسه مصطنعه لاايات القرأن المخربطه الفاقده المعنى , كل املى ان نزيح هذه الهاله القدسيه الكاذبه التى تصاحب قرأن البدو منذ ان خرج به الدجال البدوى الى وقتنا هذا , استمر واكشف وافضح


2 - بحث غير علمي و مغرض
حسين علوان حسين ( 2018 / 10 / 5 - 07:40 )
الأستاذ ناصر بن رجب المحترم
تثبت الوقائع التاريخية الواردة إلينا (كتاب الحروب أو التواريخ لبروكوبيوس القيساري أكبر مؤرخ عاش في القرن السادس الميلادي ، و النقوش عى سد مأرب) أن إبرهة -ممثل ملك مملكة أكسوم الحبشية في اليمن - قد نصب نفسه ملكا على اليمن و أجزاء واسعة من الجزيرة و أطلق على نفسه اللقب الحميري (ملك سبأ و ذو ريدان) و ذلك خلال الفترة من 531–565 م .
المصدر :
Scott Fitzgerald Johnson (ed.) (2015) The Oxford Handbook of Late Antiquity. Oxford University Press. p. 287.
و لا علاقة لإسم مكة (أسم مكان) بإسم المكابيين المشتق من مفردة (المقّبة) الآرامية و تعني المطرقة التي استخدمت صفة للأشخاص و ليس للمكان .
كما تثبت الأدلة التاريخية أن كل ما هو مسطر في سفر المكابيين (و التوراة) هي أكاذيب إذ كانت فلسطين في حينها خاضعة كلياً للهيمنة السلوقية و من يجرؤ على التمرد ضدها تتم تصفيته مثلما فعل الملك أنطيوخس و من بعده القائد الروماني بومبيوس خلال الاعوام 129-37 ق م مع المتكالبين على منصب الكاهن الأعظم .
المصدر :
Tcherikover, Victor Hellenistic Civilization and the Jews, New York: Atheneum, 1


3 - دائرة المعارف الاثيوبية تذكر الواقعةعام547م
على على محمود ( 2018 / 10 / 5 - 07:46 )
على سالم
تذكر دائرة المعارف الإثيوبية تذكر باختصار أن أبرهة بدأ حملته على مكة في عام 547 م وأنه تم شحن الفيل من أثيوبيا .. ثم تذكر أن القصة وردت في القرآن في سورة الفيل وأن هزيمة أبرهة على حدود مكة كانت جزئيا نتيجة لرعب أصاب الفيل وأنه تم تسمية العام بعام الفيل .. وأنه تم التعبير عن ذلك في لوحة موجودة في كنيسة Dabra Salam

معلوم ان الفيلة كانت تستخدم فى الحروب القديمة يا سالم
و أن الفيل يستطيع أن يتكيف في غذائه مع مختلف الأعشاب؛ فهو يأكل 64 نوعًا نباتيًّا. وتستطيع الفيلة أن تتحمل العطش مدة ثلاثة أيام، ويمكنها قطع مسافة 80 كيلو مترًا بحثًا عن الماء، وتبلغ سرعة تنقل الفيل نحو 5 ـ10كيلو مترات/ساعة، وعندما يغضب تبلغ سرعته 40 كيلو مترًا/ساعة؟
فهل بعد ذلك يمكن أن نقول: كيف للفيل أن يقطع مسافة 1000 كيلو؟ مثلا


4 - طول الخيط يضيع الابرة
احمد خالد ( 2018 / 10 / 5 - 12:16 )
في تونس و ليبيا مثل شعبي يقول : طول الخيط ، ئضيّع اليبرة . المثل ينطبق تماما على هذا المقال . لف و دوران ، و انتقال بين الافكار و الازمنة بلا سياق رابط . و سرد طويل لعرض
معلومات تم تجميعها و حشوها دون ان تضيف شيئا او تؤدي وظيفة . و النتيجة يظل القارئ يلهث منقطع الانفاس ، و لا يحصل على شيء ذي بال . لقد صار كل ذي عقل سليم يدرك ان قصص القران كما كل قصص التوراة و غيرهما من كتب الاديان ، ليست سوى خرافات لا اساس لها من الواقع او هي على احسن الافتراضات ضعيفة الصلة بالواقع . و يكفي ان تشير الى دك الكعبة بالمنجنيق و تهديمها مرارا ، دون ان يبعث الرب المزعوم طيوره الابابيل او ملائكته المجنحة ، للانتقام من المعتدين على بيته ، فيكفي ذلك لدحض خرافة الفيل و الطير الابابيل . كم سيكون المقال مفيدا ، لو كان عرض المعلومات فيه مترابطا ، و كان السياق فيه يخدم الهف منه . لكنه طال و تمطط و دار حول نفسه الى درجة الإملال ، و النتيجة انقطاع الخيط و ضياع الإبرة


5 - ما الحاجة للفيل
سمير ( 2018 / 10 / 5 - 15:43 )
تحية للسيد الكاتب, المغول دمروا نصف العالم ولم يعرف ان لديهم فيلا واحدا وهولاكو سوّى بغداد بالارض ولم يمتلك فيلة. ثم ان الكعبة ربما كانت بحجم غرفة عادية ومبنية بصورة بدائية حيث ان السيل جرفها مرة واخرى احترقت مما يعني ان الخشب كان مستعملا في بنائها, عدا ان المسلمين انفسهم دمروها ثلاث مرات, فهل يحتاج لتدمير مثل هذا البناء الهش لفيل او الف فيل؟ احترامي


6 - سمير
على على محمود ( 2018 / 10 / 6 - 09:38 )
السؤال ده تسأله للنصرانى ابرهة لانه اراد يرهب العرب بسلاح قوى لم يعتاده العرب وقتها المهم ان اى جيش بيحارب اى جيش اخر بيكون حريص ان يكون معه اسلحة مرعبة ومرهبه كما فعل ابرهة الاشرم ما انه على علم انه لن يحارب جيش ولايحزنون انما كل ما فى الامر ارهاب الجزيرة العربية فقط
لكن من الافضل ان تسأل من فعل هذا ؟ ولماذا


7 - استاذ سمير
استاذ سمير ( 2018 / 10 / 28 - 17:13 )
من اين يريد المغول ان ياتوا باليفل
2 اما الهجوم بالفيلة فكل قوم كانوا يهاجمون بسلاحهم الخاص
ما اقصده انه تعود الى طرق هجوم بعض القبائل والجيوش عبر التاريخ لوجدت جيوش تهجم بأسلوب غير عن الأخرى
فماذا نفهم عن كلامك عن الفيلة غير انك لا تعلم عن الهجوم والحرب شيئا
ان تجاوزنا عدم صحة قولك بان المسلمين دمروها 3 مرات !1

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد