الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة العراق الخارجية تجاه ايران 1958-1963م

سعد سوسه

2018 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


شهد العراق طوال العهد الملكي مع ايران مشاكل عدة ، أهمها مشاكل الحدود الطويلة المشتركة بينهما ، ومشاكل الانهار التي تنبع من الاراضي الايرانية وتستفيد منها القرى والمناطق العراقية في مندلي وزرباطية وخانقين ، فضلاً عن مشاكل العشائر المتنقلة وتجاوزاتها على الحدود ، ومحاولات الحكومات الايرانية المتعاقبة استغلال الاوضاع الداخلية في العراق لتكريس اطماعها التوسعية في ارضه ومياهه وتوقيعها معاهدات مجحفة معه مثل معاهدة 1937م التي منحت ايران امتيازات واسعة ، ووقف ضدها الرأي العام العراقي .
ادى قيام الثورة في العراق عام 1958م الى توتر العلاقات بين ايران والعراق وزاد في توترها الارث الثقيل من المشاكل الحدودية التي كانت تقع بينهما قبل قيام الثورة لاسيما في منطقة شط العرب ، وتخوفت ايران كثيراً من قيام ثورة مشابهة فيها فاخذت تؤجج الدعاية ضده ، فالعراق يختلف عن بقية الاقطار العربية من حيث كونه دولة خليجية كبيرة وقيام الثورة فيه يشكل خطراً على ايران ، لذا فلا غرو ان تتجه ايران لاخذ تعهد من الولايات المتحدة الامريكية للوقوف الى جانبها ليس في حالة تعرضها لعدوان سوفيتي فقط ، بل ضد أي عدوان عراقي محتمل .
ومع ذلك فقد اعترفت الحكومة الايرانية بالنظام الجمهوري الجديد في العراق في الثلاثين من تموز 1958م ، قبل اعتراف الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا به واستبعادهما العمل العسكري ضد الجمهورية العراقية لانهما ادركا ان أي تدخل اجنبي في العراق يدفع العراقيين للالتفاف حول النظام الجديد في بلدهم .
وعلى الرغم من الاعتراف الايراني بالحكومة العراقية الجديدة ، الا ان ذلك لم يمنع
نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية عبد السلام محمد عارف من مهاجمة ايران في احدى خطبه ، جرت مظاهرة معادية لنظام الشاه في بغداد في التاسع عشر من آب 1958م ، وشنت اذاعة بغداد باللغة الكردية حملات لاثارة الكرد الايرانيين ضد حكومتهم . كما خصصت الحكومة العراقية مبلغاً قدره اربعة الاف ديناراً الى عشائر (جوانزود) الكردية الايرانية التي نزحت الى العراق وسكنت في منطقة حلبجة التابعة الى لواء السليمانية والتي بلغ عدد الافراد النازحين منها ما ينوف على (396) شخصاً وعد هذه المصروفات ضمن الخدمات السرية لميزانية قوات الشرطة في لواء السليمانية ، وبسبب ذلك قدمت الحكومة الايرانية مذكرة احتجاج الى نظيرتها العراقية نبهتها فيها الى خطورة مثل هذه النشاطات التي تؤثر سلباً على علاقات الجوار والتاريخ المشترك بين البلدين ، فاجابت الحكومة العراقية في الثاني والعشرين من ايلول من عام 1958م بضرورة احلال التفاهم والتعاون بين البلدين بدلاً من المنازعات ، واجتمع وزيرا خارجية العراق وايران في نيويورك وقررا وقف الحملات الصحفية والاذاعية بينهما فوراً .
وبالفعل تم ايقاف هذه الحملات ، وعين حسين جميل سفيراً في طهران ثم استبدل باللواء الركن عبد المطلب الامين في حزيران 1960م ، ولم يكد يستقر السفير الجديد في ايران حتى قامت مظاهرة معادية ضد العراق في التاسع والعشرين من حزيران 1960م، مما دفع وزير الخارجية العراقي بزيارة ميناء عبادان الايراني واستقبل هناك من قبل وزير الخارجية الايراني وتم الاتفاق على حل الخلافات بينهما لاسيما حول قضايا زوار العتبات المقدسة والعلاقات الايرانية الاسرائيلية ومشاكل الحدود .
كانت لدى العراق جالية ايرانية يبلغ عددها في عام 1958م حوالي (12) الف و (360)شخصاً ، وكانت الحكومة العراقية تشك في أن ايران تحاول تسخير هذه الجالية لاثارة الشغب وترويج الاشاعات " ودفعها للمشاركة في اعمال الفوضى خلال الازمات وتصعيد حدتها" . كما كان هناك زوار ايرانيون يقصدون العتبات المقدسة وبلغ عددهم عام 1958م (47379) شخصاً ، وكانت لزيارتهم فوائد مادية للعراق عامة ولسكان المناطق المقدسة (النجف وكربلاء) خاصة . الا ان توتر العلاقات بين البلدين دفع بالحكومة الايرانية الى منع سفر الزوار الايرانيين الى العراق وامتنعت عن منح سمات الخروج الى جميع الايرانيين القاصدين زيارة العتبات المقدسة في العراق ، الامر الذي اثر على اقتصاديات العراق ودفع بوزارة الاقتصاد العراقية بعرض هذا الموضوع على مجلس الوزراء العراقي من اجل اخذ موافقته لتكليف وزارة الخارجية بتوجيه مذكرة الى السلطات الايرانية بالطرق الدبلوماسية تتضمن " اذا لم ترفع ايران هذه القيود خلال مدة معقولة فان الحكومة العراقية ستضطر لوضع قيود مشابهة تجاه ايران في الحقلين الاقتصادي والتجاري" .
حاولت الحكومة العراقية من جانبها ان تشجع الايرانيين على زيارة العراق مباشرة وذلك عن طريق تخويل الدبلوماسيين العاملين في القنصليات العراقية في ايران منح سمات الدخول الى العراق مباشرةً ، ومع ذلك فان الحكومة الايرانية لم تشجع الزوار الايرانيين على زيارة العتبات المقدسة في العراق ، واشارت بعض الصحف الايرانية الى احتمال صدور فتاوى من رجال الدين بمنع الزيارة بسبب مضايقة هؤلاء الزوار داخل العراق واجبارهم على زيارة سامراء دون غيرها من الاماكن المقدسة الاخرى .
فضلاً عن احتضان العراق لعدد من المعارضين الايرانيين ومنحهم حق اللجوء السياسي ومنهم اللاجئ الايراني محمد كريم قاديان الذي منح حق اللجوء السياسي في الثاني عشر من ايلول 1960م ومنح مخصصات اللجوء البالغة ثلاثين ديناراً شهرياً لمدة سنة واحدة . كما منح العراق لاجئين اخرين منهم مهدي عبد الغفور وعلي مروان ومحمد امين جعفر سلطان وعبد الغفور جعفر سلطان مخصصات اللجوء السياسي ، وكان العراق بين الحين والاخر يمدد فترة لجوء هؤلاء اللاجئين سنة اخرى ، ويزيد مخصصاتهم الشهرية حتى وصل الى ستين ديناراً لبعضهم .
وادى اعتراف ايران رسمياً باسرائيل في السادس والعشرين من تموز 1960م كانت ايران قد اعترفت باسرائيل اعترافاً واقعياً في عام 1950 ، واقامت معها علاقات تجارية واقتصادية فقط ، ولم تُقم معها علاقات دبلوماسية ، الى ردود فعل قوية في الاقطار العربية فقطعت الجهورية العربية المتحدة علاقاتها مع ايران واصدرت بياناً بهذا الشأن ، اما العراق فأنه على الرغم من عدم قطعه العلاقات معها الا انه استنكر هذا الاعتراف لان ايران دولة مسلمة ، واعترافها باسرائيل يتناقض مع ما تمليه روابط الدين والتاريخ والموقع الجغرافي والمصالح المتبادلة بينها وبين الاقطار العربية .
واستنكر الرأي العام العراقي اقامة ايران علاقات دبلوماسية مع اسرائيل كما شنت الصحافة العراقية حملات شديدة على حكومة الشاه، ومع ذلك فلم يمنع ايران الاستمرار في علاقاتها مع اسرائيل ، ويكفي ان نذكر ان اتفاقاً سرياً قد عقد بين ايران واسرائيل حينما مر بن غوريون رئيس وزراء اسرائيل في مطار طهران وهو في طريقة الى بورما في السادس من كانون الاول عام1961م ، تضمن تعزيز العلاقات الايرانية – الاسرائيلية، وارسال بعض ضباط السافاك تأسس جهاز السافاك او بما يعرف في ايران الساواك (الامن الشاهنشاهي) عام 1957 وكان الهدف من تأسيسه مكافحة أي حركة معارضة لنظام الشاه والقضاء عليها مبكراً، ولم يقتصر نشاط السافاك على الجوانب الامنية فحسب، بل توسع تدريجياً واصبح يتدخل في جميع مرافق البلاد وشؤونها العامة حتى اصبح اعلى سلطة من الحكومة نفسها .
الايرانيين الى تل ابيب لتدريبهم هناك على احدث الاساليب لمواجهة الحركات السياسية المناوئة للنظام في ايران ، وبخاصة حزب توده .
كما ادت الخلافات الحدودية بين البلدين الى توتر علاقتهما السياسية فقد ورث العراق من العهد الملكي بعض القضايا المعلقة مثل تثبيت دعائم الحدود العراقية-الايرانية واحترام سيادة العراق الاقليمية في شط العرب وصيانة حصة العراق في مياه الانهار المشتركة بين العراق وايران والمحافظة على حقوق ومصالح الرعايا العراقيين في ايران، الامر الذي ادى الى استمرار المشاكل المختلفة بين البلدين والحاق الضرر بمصالحهما . ولهذا الغرض طلبت وزارة الخارجية العراقية من مجلس الوزراء ضرورة مفاتحة الجانب الايراني لحسم القضايا المعلقة بين البلدين بما يحقق المصالح الوطنية للعراق، ورأت وزارة الخارجية العراقية ضماناً لنجاح هذه المفاوضات، ان تقترح على الجانب الايراني التزامه باحالة أية مسألة يختلف بشأنها الى القضاء الالزامي لمحكمة العدل الدولية ، وبالفعل تمت مفاتحة الجانب الايراني بهذا الشأن وارسلت الحكومة الايرانية عن طريق سفارتها الى بغداد كتاباً وافقت بموجبه على اقتراح العراق لحل الخلافات بين البلدين عن طريق المفاوضات المبنية على الاحترام الدولي والمعاهدات النافذة واحالة كل خلاف يتعذر حله عن طريق المفاوضات الى محكمة العدل الدولية .
لم تحل المشاكل المعلقة بين البلدين وظلت تشكل عنصر توتر بينهما ، فقد ظلت ايران تتحكم بالانهار الحدودية المشتركة في غير صالح العراق وامتنعت عن دفع رسوم الميناء في شط العرب وانتهكت طائراتها الاجواء العراقية باستمرار ، واستمرت في محاولاتها بمقاسمة العراق حقوق السيادة في شط العرب .
ولم تكتف بذلك وانما انشأت عدداً من المخافر الحدودية داخل الحدود العراقية مثل مخفر "ني خضر" في قضاء مندلي ومخفري "كاني سخت و الزيادي" في قضاء بدرة على الرغم من احتجاجات الحكومة العراقية واتباعها الاساليب الدبلوماسية للدفاع عن حقوقها الا ان الحكومة الايرانية كانت تدعي بتملكها تلك الاراضي وتجاهلها الوثائق الدولية ومحاضر جلسات قومسيون الحدود ودعاماتها واحداثيات مواقعها .
لم يكن تجاهل ايران لحق العراق في الانهار الحدودية المشتركة اقل من تجاهلها للحدود القائمة بينهما فقد بنت على نهر(كنجان جم) الذي تعتمد عليه ناحية زرباطية في زراعتها سداً لحجب مياه هذا النهر عن مزارعي هذه الناحية ، مما اضر بمزروعاتهم كثيراً، وعلى الرغم من الاجتماعات التي عقدتها سلطات البلدين لحل هذه المشكلة استمرت التجاوزات الايرانية مما دفع الحكومة العراقية بتقديم مذكرات عدة بهذا الصدد الى ايران كان اخرها في الاول من كانون الثاني عام 1963، وفي الحادي والثلاثين من الشهر نفسه .
كما قامت السلطات الايرانية بشق جدول من نهر الوند الذي يمر بقصر شيرين الى خسروي ، الامر الذي دفع الحكومة العراقية الى ارسال مذكرة احتجاج الى السفارة الايرانية ببغداد في العشرين من تشرين الاول 1959م طالبة وقف المشروع فوراً ريثما يتم التوصل على اتفاق لتقسيم مياه الانهار الحدودية عملاً بابقاء الوضع الراهن (Status Quo) الذي اتفق عليه، الا ان ايران تجاهلت ذلك واستمرت في توجهاتها العدوانية مدعية ان ذلك عملاً داخلياً خاصاً بها ، فاضطرت الحكومة العراقية الى تنفيذ مشروع مدّ قناة عرفت بقناة (بلاجو) بطول (23) كم من الضفة اليسرى لنهر ديالى الى نهر الوند لسد نقص المياه بسبب الاجراءات الايرانية ، وتم افتتاحه في السابع من آب 1960م .
واستمرت التجاوزات الايرانية على الانهار الحدودية الاخرى المشتركة نهر (كنكير) قرب مندلي ونهر (دويريج) قرب مخفر الفكه الايراني ونهر الكرخه الذي يصب في شط العرب، وعليه انشأت ايران سداً لتحويل مياهه وحجزه عن مزارع العراقيين ومزارعهم خلافاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بالاستفادة من الانهار المشتركة بين الدول .
لم تكن المسألة الكردية اقل خطراً في تعميق الخلافات بين الجانبين فقد ادت حركة تمرد الكرد على الحدود العراقية الايرانية وعدم سيطرة الحكومتين عليها ومطاردتهما للمتمردين الكرد من العراق الى ايران وبالعكس ادى الى توتر العلاقات وتعقدها اكثر فأكثر . كان من الطبيعي ان يؤدي اتساع مناطق الحدود الممتدة اكثر من الف كيلومتر ووعورتها وتساقط الثلج وتقديم الحكومة الايرانية المساعدات الى الكرد العراقيين وفسحها المجال امامهم لاتخاذ الاراضي الايرانية قاعدة عسكرية لتحركاتهم وتهديد السيادة العراقية، الامر الذي دفع الحكومة العراقية لتقديم عدد من مذكرات الاحتجاج الرسمية الى الحكومة الايرانية للكف عن دعم الكرد وتقديم العون لهم .
الا ان هذه المذكرات لم تدفع الحكومة الايرانية للتعاون معها وايقاف دعمها للكرد بل على العكس من ذلك فانها تظاهرت بجهلها بهذه الحركات واحتجت على قصف القوات العراقية لبعض قراها الحدودية وعلل الزعيم الركن عبد الكريم قاسم مساعدات ايران للحركة الكردية بان " ثورة العراق الاجتماعية قد بلغت حدود ايران البلد الغارق في الظلام .. ووصلت اليها جميع وسائل المدنية ، داخل سكان ايران المجاورون واذا بهم يجدون الفرق في الحياة بين ايران والعراق ، ان هذه المقارنة وحدها ستشعل فتيل الثورة الايرانية وستقضي على قواعد الاستعمار البريطاني من جديد " ، ومع ذلك فان قادة الحركة الكردية اضطروا بعد ان فشلوا في تحقيق اهدافهم الى مغادرة ايران نحو الاتحاد السوفيتي .
وعلى الصعيد الثقافي كان لوجود المدارس العراقية في الاحواز وكذلك المدارس الايرانية في العراق دور مهم في تعزيز العلاقات الثقافية بينهما ، كما ادى تبادل الزيارات الى توطيد الروابط الثقافية بين الجانبين ، فقد وافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد عبد الهادي العمار مدير التربية والتعليم بلواء البصرة الى ايران لمدة خمسة عشر يوماً للاطلاع على مدارس الجالية العراقية في طهران المحمرة وعبادان والاحواز . كما تم ايفاد الدكتور حسين علي محفوظ المفتش الاختصاص بديوان وزارة التربية والتعليم الى طهران لمدة اسبوع لاستلام جائزته عن كتاب الفه في مجال الصلات الفكرية في المشرق العربي في العصر الاسلامي .
ووافق مجلس الوزراء على ايفاد محمد علي عاشور مفتش معارف لواء البصرة الى الاحواز للاطلاع على سير التدريس في مدارس الجالية العراقية هناك لمدة اسبوع كما تم ايفاد عباس صبحي الظاهر المدرس في ثانوية الناصرية للبنين الى المحمرة لتدريس اللغة العربية في متوسطة المحمرة . في المقابل، رفعت السفارة الايرانية في بغداد مذكرة الى وزارة الخارجية العراقية تضمنت الترخيص بتأسيس مدرستين ايرانيتين في بغداد للبنات احداهما في الكاظمية ، فوافق مجلس الوزراء العراقي على تأسيس هاتين المدرستين ومباشرة الدراسة فيهما على ان تقوم الحكومة الايرانية مقابل ذلك بابداء التسهيلات اللازمة للمدارس العراقية في ايران او التي تفتح هناك .
ورغبة في تطور العلاقات الثقافية في البلدين ، فقد ابدى الجانب الايراني رغبته في عقد اتفاقية ثقافية مع الجانب العراقي على غرار الاتفاقيات الثقافية المعقودة بين العراق والدول الصديقة الاخرى لغرض توسيع العلاقات الثقافية بين ايران والعراق ، وتمت موافقة مجلس الوزراء العراقي على ذلك .
وتعزيزاً لهذا الاتفاق اوفدت وزارة المعارف السيد سلمان شكر رئيس قسم الموسيقى الشرقية في معهد الفنون الجميلة الى طهران لمدة عشرة ايام لتمثيل العراق في المؤتمر الدولي الذي نظمته اللجنة الوطنية الايرانية للموسيقى وتحملت نفقاته مؤسسة كلبنكيان كلبنكيان شخص ارمني ، كان يملك حصة قدرها (5%) من نفط العراق وله مؤسسة باسمه تتولى استثمار امواله وهذه المؤسسة هي التي بنت ملعب الشعب الدولي وبعض المؤسسات التعليمية والثقافية في العراق؛.
كما اوفدت الحكومة الايرانية ابراهيم منصوري مدير محطة تلفزيون عبادان الى العراق لزيارة محطة الاذاعة والتلفزيون العراقية والاتصال بالمسؤولين فيها لغرض التعاون في مجال الاذاعة والتلفزيون وتعزيز العلاقات في هذا المجال .
ووافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد الدكتور مصطفى جواد الاستاذ في كلية التربية الى طهران لمدة عشرة ايام وذلك تلبية للدعوة الموجهة اليه من قبل كلية المعقول والمنقول في جامعة طهران لالقاء المحاضرات على طلبة الكلية المذكورة دعماً لاواصر الثقافية بين البلدين . ولتعزيز ارتباط الطلبة العراقيين الدارسين في المدرسة الابتدائية والمتوسطة في طهران ببلادهم واطلاعهم على التطورات الثقافية والاجتماعية في العراق فقد استضافت وزارة الارشاد خمسين طالباً وطالبة منهم للمجيء الى بغداد على ضيافتها لمدة اسبوع .
وعلى صعيد اخر توصل العراق وايران عام 1960م الى اتفاق قضائي نص على اعفاء رعايا البلدين من ايداع التأمينات في الدعاوي التي تعرض على المحاكم في كلا البلدين على اساس مبادئ المقابلة بالمثل ، وعد العراق توقيع مثل هذا الاتفاق القضائي يصب في مصلحته الوطنية مثلما هو في مصلحة الجانب الايراني .
وشارك العراق في احتفالات الجيش الايراني بوفد رفيع ضم الزعيم احمد كمال قادر رئيساً وعضوية الزعيم اسماعيل مصطفى والعقيد الركن ابراهيم فيصل الانصاري والرئيس الاول الركن خليل ابراهيم حسين . كما اوفد العراق عدداً من الاطباء الى طهران وهم شاكر توفيق وطارق الامين وتوما هندو للمشاركة في الاجتماع الخاص بابادة الملاريا للاستفادة من اخر ما توصل اليه الطب الحديث في هذا المجال .
اما على الصعيد التجاري ، فكان الميزان التجاري يميل الى صالح ايران ، وقد هبطت قيمة الصادرات العراقية من (370722) ديناراً في سنة 1958م ، الى (362722)ديناراً في سنة 1959م والى (85009) ديناراً عام 1960م و (51431)ديناراً عام 1961 واخيراً الى (2310) ديناراً عام 1962م ، بينما ازدادت قيمة الاستيرادات منها باطراد من (687931) ديناراً عام 1958م الى (929824) ديناراً عام 1963م .
وعندما تعرضت ايران لنكبة الزلزال في مدينة (زنجان) في ايلول 1962م وأدى الى اضرار جسيمة في المباني والمؤسسات وقتل حوالي (4000) شخصاً ، قرر مجلس الوزراء العراقي مساهمة الجمهورية العراقية بمبلغ قدره (10000) دينار " تدفع من وزارة المالية في التخفيف عن منكوبي حوادث الزلزال في الجارة ايران على ان يجري تحويل هذا المبلغ بسرعة عن طريق وزارة الخارجية كما ورد في نص القرار" ، ان العلاقات العراقية الايرانية التي شهدت تطوراً ملحوظاً في المجالات الثقافية لم تنعكس ايجابياً على العلاقات السياسية فظلت حالة التوتر قائمة بين البلدين بسبب اختلاف طبيعة النظام السياسي في كل من العراق عن النظام الايراني المرتبط بالغرب ، ولذلك فلا غرو ان يستمر هذا التوتر الى الثامن من شباط عام 1963م .

المصادر
1. فلاح شاكر اسود ، الحدود الشرقية للوطن العربي والاطماع الفارسية ، بغداد ، 1981 ، ص24.
2. جعفر عباس حميدي، معاهدة 1937 العراقية-الايرانية وموقف الرأي العام العراقي منها،
(دراسات للاجيال) ، (مجلة) ، العدد الثالث ، السنة الخامسة ، بغداد ، كانون الاول ، 1982 ، ص229.
3. روح الله رمضاني ، سياسة ايران الخارجية 1941-1973،ترجمة علي حسين فياض وعبد المجيد حميد جودي، البصرة ، 1984 ، ص419 .
4. عبد النافع محمود ، ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في العراق ، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة ، 1973 ، ص71.
5. سيد جلال الدين المدني، تاريخ ايران السياسي المعاصر، ترجمة سالم مشكور، طهران، 1993 ، ص207.
6. موشيه اليعازر ، العلاقات السرية بين ايران واسرائيل في عهد محمد رضا بهلوي ، ترجمة دار الجليل للترجمة والنشر ، عمان ، 2000 ، ص129 .
7. ادمون غريب ، الحركة القومية الكردية ، بيروت ، 1973 ، ص61 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أوروبية جديدة على إيران.. ما مدى فاعليتها؟| المسائية


.. اختيار أعضاء هيئة المحلفين الـ12 في محاكمة ترامب الجنائية في




.. قبل ساعات من هجوم أصفهان.. ماذا قال وزير خارجية إيران عن تصع


.. شد وجذب بين أميركا وإسرائيل بسبب ملف اجتياح رفح




.. معضلة #رفح وكيف ستخرج #إسرائيل منها؟ #وثائقيات_سكاي