الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليوبولد جيستينار أو -القبطان الشلح-

رشيد نجيب

2018 / 10 / 5
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بالرغم من الدور الهام الذي لعبه العسكري الفرنسي ليوبولد جيستينار في تاريخ الجنوب المغربي بما في ذلك عمله على توثيق جانب مهم من التراث الأمازيغي بمنطقة سوس، إلا أن البحث العلمي أهمل هذه الشخصية باستثناء الكتاب الذي أصدره الباحث رشيد أكرور حوله وما كتبه الباحث كلود لوفيبير في معجم المستشرقين وما نشره الباحث جامع بيضا في موسوعة معلمة المغرب.عودة إلى مسار هذا العسكري الفرنسي الاستثنائي.
وثق الكولونيل جيستنار (المعروف بالقبطان الشلح) الكثير من مظاهر تراث سوس الشفوي منذ قدومه إلى مدينة تيزنيت كضابط استخبارات عامل ضمن الإدارة الاستعمارية الفرنسية من أجل جمع ما يكفي من المعلومات حول القبائل والمناطق التي لم تخضع بعد للقوات الاستعمارية الفرنسية ثم الإعداد لعملية التهدئة أو إخضاع قبائل الجنوب المغربي التي أطلقتها سلطات الحماية الفرنسية وكذا مراقبة تحركات الثائر أحمد الهيبة الذي دعمته قبائل الجنوب المغربي في مقاومته وجهاده ضد المستعمر. وبحكم إتقانه للهجة تاشلحيت التي تعلمها في فاس إبان إشرافه على التكوين العسكري لطابور من جنود المولى عبد الحفيظ كانوا كلهم ناطقين بأمازيغية سوس (تاشلحيت)، فقد استغل جيستينار هذا المعطى بشكل جيد للقيام بمهمته الاستخبارية على أحسن وجه، حيث تقرب من السكان وجعل من تدوين التراث الشفوي بمختلف أنماطه السردية والشعرية وكذا التاريخ الشفوي من أجل فهم ذهنية وعقلية هذه القبائل ونمط تفكيرها واهتماماتها والأسباب التي جعلتها تقاوم المستعمر بكل الحدة التي عرفت بها مقاومتها هاته وكذا معرفة وفهم التناقضات والصراعات حتى وإن كانت قديمة والقائمة بين هذه القبائل بغية استثمارها في أي تحرك لاحق.
ويعتبر ليوبولد فيكتور جيستينار (1878-1959) ضابطا ساميا اشتغل بمصلحة الاستعلامات والشؤون الأهلية التابعة لمصالح الإقامة الفرنسية بالمغرب، وهو متخصص أساسا في تاريخ سوس وكذا في لهجة تاشلحيت. بدأ حياته المهنية العسكرية كملازم في الجيش الفرنسي بعد تخرجه سنة 1899، والتحق بداية للعمل في مدينة قسطنطينة الجزائرية ما بين 1902 و1911 وهناك تمكن من تعلم اللغة العربية بشقيها الدارج والفصيح. وقد تم إيفاده سنة 1911 للعمل بالمغرب للإشراف على التدريب والإعداد العسكريين لقوات المخزن الشريف التابعة للسلطان مولاي حفيظ، وقد كان الطابور العسكري الموكول إليه مكونا أساسا من جنود ناطقين بلهجة تاشلحيت وينحدر معظمهم من منطقة الجنوب المغربي وتحديدا منطقة سوس وأيت باعمران، ومن خلال التواصل مع هؤلاء تمكن من تعلم لهجة تاشلحيت حيث كان يجمع من أفواه هؤلاء كل النصوص التراثية الشفوية المعروفة بمناطقهم من أشعار وحكايات وألغاز وأخبار وغير ذلك...وبتشجيع من رئيسه المباشر الجنرال الفرنسي كورو وكذا من طرف المستمزغ الفرنسي صمويل بيرناي قام سنة 1914 بإصدار كتابه الأول الخاص بتعلم لهجة تاشلحيت والموجه إلى موظفي إدارة الحماية الفرنسية عامة وموظفي وضباط الشؤون الأهلية على وجه التحديد، وكان بعنوان: Manuel de berbère marocain, dialecte chleuh وقد شكل آنذاك كتابا فريدا من نوعه مفيدا لضباط الشؤون الأهلية لتحقيق التواصل بينهم وبين الأهالي الأصليين وذلك قبل أن يصدر المستمزغ واللساني الفرنسي إميل لاووست سنة 1921 كتابه المعروف Cours de berbère marocain . وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى، التحق بالجبهة وحارب إلى جانبه جنود مغاربة ينحدر معظمهم من منطقة سوس وحققوا بطولات مجيدة في هذه الحرب بحكم التواصل المتين القائم بينهم وبين قائدهم الذي يتقن لغتهم ويتواصل معهم بها بشكل جيد. وباقتراح من المقيم العام الماريشال ليوطي سيشتغل في قطاع الشؤون الأهلية حيث التحق في البداية للاشتغال بمكتب تيزنيت للشؤون الأهلية للعمل إلى جانب القائد المخزني (نائب المخزن) الطيب الكندافي (أوتكنتافت) وهنا سيرتبط بعلاقة صداقة قوية ووطيدة معه لدرجة أن طالب بإعفائه من مهامه بمجرد إعفاء هذا القائد من منصبه وسيخصصه له لاحقا كتابا من إصداره. ليتم بعد ذلك إرساله إلى مراكش للإشراف على تدريب وتكوين أحد أبناء السلطان.
حمل لقب "القبطان الشلح" الذي أطلقه عليه الأهالي السوسيون نظرا أولا لمعرفته العميقة بلهجة تاشلحيت ثم نظرا للاهتمام الذي أبداه في توثيق العديد من مظاهر الثقافة الأمازيغية بمنطقة الجنوب المغربي، ومن إنتاجاته التي نشرها في هذا الصدد:
- Poèmes chleuhs recueillis en Sous, 1925.
- Notes d’histoire et de littérature berbères, 1925.
- Poésies en dialecte du Sous d’après un manuscrit arabico-berbère, 1928.
- Les Ait Ba Amran, 1930.
- La rihla du Marabout de Tasaft, sidi Mohamed ben el Hadj Brahim ez-Zerhouni, Texte arabe du XVIII, 1940.
- Un grand chef berbère : le caïd Goundafi, 1951.
- Fawaid Al Jamaa Bi Isnad Ouloumi Al Oumma, Texte arabe du XVII siècle, 1953.
- Un petit royaume berbère, le Tazroualt, 1954.
- Un saint berbère, Sidi Ahmed Ou Moussa, 1951.
اشتغل جيستينار كذلك بالشعبة السوسيولوجية التابعة لمصالح الشؤون الأهلية بالرباط منذ سنة 1930 خلفا لميشو بلير إلى غاية سنة 1937 تاريخ تقاعده، ليختار بعدها الاستقرار بمدينة سلا دون أن تكون لديه رغبة في مغادرة المغرب الذي ارتبط به بشكل وجداني عميق. وما بين مقامه بمنطقة الجنوب المغربي وبين فترة تحمله للمسؤولية بإدارة الشعبة السوسيولوجية للشؤون الأهلية بالرباط، التحق جيستينار للعمل بالقيادة العامة للحملة الفرنسية ضد الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي بالريف ما بين 1925 و1926، وفي هذه الفترة ألف كتابا بعنوان: Manuel de berbère marocain, le dialecte du Rif معتمدا كالعادة على أدبيات ومصادر التراث الشفوي بالمنطقة. وعند عودته من مهمته بالريف، تعرضت طائرته لحادثة قرب موقع تاركيست ونجا منها بأعجوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة