الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورقة مبادئ لتأسيس: التيار الوطني الديمقراطي التقدمي الفلسطيني

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2018 / 10 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



منتصف سبتمبر 2018
ورقة مبادئ لتأسيس: التيار الوطني الديمقراطي التقدمي الفلسطيني
(مسودة للحوار بين كافة المعنيين)

بعد عقود طويلة من النضال الوطني الفلسطيني، يعيش المشروع الوطني مأزقاً حقيقياً، بل تهديداً مصيرياً ، ليس فقط بفعل طبيعة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي و جوهر حركته الصهيونية و أهدافها فقط, أو بسبب الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، بل بسبب تفاقم الصراعات الفئوية الداخلية التي كرست الانقسام وأدت إلى تفكيك الوحدة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني من اجل الحرية والاستقلال والعودة في إطار الرؤية الوطنية الملتزمة بالتحرر والديمقراطية.
أن يأتي الخطر والتهديد من دولة الاحتلال وسياستها الاستعمارية والاستيطانية أمر مفهوم، لأنها تدرك بأن إنجاز المشروع الوطني على أرض فلسطين سيكون على حساب المشروع الصهيوني وتطلعاته التوسعية , لكن الأكثر خطورة من ذلك هو التدمير الذاتي للمشروع الوطني، الناجم عن الانقسام واستمرار الصراع على السلطة والمصالح الفئوية بين حركتي فتح وحماس .
وهذا يعني أن مسيرة النضال الفلسطيني في مرحلة التحرر الوطني والديمقراطي الراهنة، قد انتقلت من حالة الأزمة إلى حالة المأزق الذي يصيب اليوم بنيانها وقيادتها وفكرها السياسي، وهو مأزق حاد يحمل في طياته مخاطر أشد خطورة من كل المحطات المأزومة السابقة، حيث أن الانقسام أدى إلى تفكيك النظام السياسي للسلطة، ومعه تفككت أوصال المجتمع الفلسطيني في الضفة وغزة ، الذي يبدو أنه ينقسم اليوم إلى مجتمعين أحدهما في الضفة والآخر في قطاع غزة، ناهيكم عن عزلتهما عن أبناء شعبنا في الشتات والمنافي، بما قد يؤدي إلى تراجع أهداف التحرر الوطني والديمقراطي في صفوف أبناء شعبنا.
ففي ظل استمرار الانقسام والصراع على المصالح الفئوية بين فتح وحماس، في ظروف دولية وعربية وإقليمية أفقدت الفلسطينيين بوصلتهم وقدرتهم على فرض رؤيتهم وقرارهم الوطني من اجل الحرية والاستقلال والعودة، تكرست الهيمنة الخارجية على راهن القضية الفلسطينية لإفراغها من مضامينها وأهدافها النضالية التحررية ، تلك الهيمنة التي يتزعمها اليوم التحالف الامريكي الصهيوني، الى جانب عدد من بلدان النظام العربي الرسمي ودعوته الصريحة للاعتراف والتطبيع مع دولة العدو الصهيوني .
إن المآل الذي وصلته قضيتنا الوطنية –في حال استمراره- ، يشير إلى وهم الحصول على دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما الدولة الصهيونية تُسابق الزمن من أجل فرض شروطها في ظل المأزق الفلسطيني الراهن، وذلك من خلال بالتنسيق والشراكة الكاملة بين دولة العدو الإسرائيلي والنظام الإمبريالي الأمريكي ومخططاته عموماً وفيما يسمى بـ"صفقة القرن" خصوصاً، دون الغاء وتجاوز الحديث او التخطيط لمخاطر إقامة دويلة ممسوخة في قطاع غزة ، أو "هدنة" طويلة الأمد مع دولة العدو الإسرائيلي كما تخطط وتسعى لها بعض البلدان العربية الرجعية، الأمر الذي يعني صراحة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ومن ثم استفراد المحتل الصهيوني بمستقبل الضفة .
إن هذا الواقع يفرض على الحركة الوطنية الفلسطينية أن تعيد تظهير الصراع بصفته صراعاً بين حركة تحرر وطني وحركة استعمارية احتلالية، وتركيز أولوية الفلسطينيين اليوم، على هدف انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية لتوفير مقومات الصمود والمقاومة بكل أشكالها لإنهاء الاحتلال، وإقامة النظام الوطني الديمقراطي الفلسطيني والدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
وفي هذا السياق، لابد من أن تتحلل السلطة الفلسطينية من التزاماتها، وبخاصة الامنية والاقتصادية ، إزاء "اتفاق أوسلو" وحصر مهماتها في توفير الخدمات الاجتماعية للمواطنين في هذه المناطق وتدعيم صمودهم، ارتباطاً بمواثيق منظمة التحرير الفلسطينية.
ويتوجب أن يترافق مع ذلك استمرار السعي من أجل تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاح مؤسساتها وتوسيع طابعها التمثيلي، وتعزيز وحدة مكونات هذا الشعب في اماكن تواجدها كافة وضمان التفافها حول منظمة التحرير، وهي مهام لن تتحقق دون إعادة اعتبار لهدف حق العودة وتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 194، كما يجب السعي ، على الصعيد العربي، إلى إبراز الطابع التحرري لمنظمة التحرير الفلسطينية والعمل على تعزيز صلاتها بقوى التحرر العربي، المناهضة للإمبريالية وللقوى الظلامية التكفيرية الرامية إلى تمزيق دول المنطقة وشعوبها على أساس طائفي ومذهبي، وإعادة ترسيخ الخطر الذي تمثله إسرائيل والصهيونية على البلاد العربية في الوعي الشعبي العربي العام، بما يمهد طريق عودة القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العربي.
لذلك لا بد من المجابهة لإنهاء وتجاوز الانقسام الكارثي لكي نستعيد وحدتنا الوطنية التعددية على قاعدة الالتزام العميق بالثوابت والأهداف الوطنية ومواصلة النضال التحرري والديمقراطي بكل اشكاله من اجل الحرية والاستقلال والعودة .
إن المراهنة على إمكانية إحداث النقلات النوعية التي تُخرج الوضع الفلسطيني من مأزقه الراهن، بمكوناته وتفاصيله المتعددة في إطار السياسات الرسمية وبالقيادات النافذة القائمة عليها داخل حركتي فتح وحماس، لن تقود أصحاب هذه المراهنات إلا إلى المزيد من إضاعة الوقت ومراكمة عناصر الأزمة، وهنا تتجلى أهمية بلورة التيار الديمقراطي الوطني التقدمي الفلسطيني.
وفي هذا الجانب، وفي مواجهة اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، لابد من استمرار العمل على تثبيت دور الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة بحقوق شعبنا، وإحداث تغيير جوهري في قواعد العملية السياسية وإطارها، على قاعدة القرار الدولي الصادر سنة 2012 والخاص بالاعتراف بدولة فلسطين، والتوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تحمل مسؤولياتهما في إنهاء الاحتلال عن أراضي دولة فلسطين، ورعاية مؤتمر دولي يوفر شروط تحقيق هذا الهدف.
وعلى هذا الطريق، طريق التحرر الوطني والديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية، نتقدم لكل أبناء شعبنا في الوطن والشتات، بهذه الوثيقة، التي تُشكل وجهة وعناوين عامة، على طريق البرنامج الشامل الذي يجيب على أسئلة المرحلة واستحقاقاتها، لتُشكل الأساس لتأطير وتنظيم التيار الوطني الديمقراطي التقدمي الواسع في صفوف شعبنا، الذي يتجاوز هذا الإطار في مكوّناته وطاقاته القوى المنظمة كلها، والذي يُمكن أن يُشكل بداية للنضال من أجل شراكة سياسية على أسس ديمقراطية وتعددية في إطار وحدة وطنية فلسطينية راسخة، بعيدة عن الفئوية ومحاصصة المصالح البغيضة التي تُفيد شريحة محدودة من أبناء شعبنا على اختلاف خنادق ومواقع هذه الشريحة، وحدة وطنية تُبنى فيها مؤسسات شعبنا، في الوطن، وفي مواقع اللجوء والشتات، مؤسساته الوطنية والتمثيلية في م.ت.ف وفي السلطة، في الاتحادات الشعبية والمنظمات المهنية والنقابية، على أسس وطنية وديمقراطية شفافة تحقق لشعبنا بكل قطاعاته القدرة على المراقبة والمتابعة والتغيير. وحدة وطنية تُجسّد وحدة الشعب حقاً، وحشد طاقاته وإمكاناته، وهي طاقات وإمكانات عظيمة داخل الوطن وخارجه وقادرة إذا نظمت ووجهت لتعزيز صمود شعبنا ومقاومته للعدو ومخططاته على توفير أول وأهم مقوّمات الانتصار.
يستدعي هذا الواقع من كافة القوى اليسارية والديمقراطية العمل لتخطي الخلل، الذي حكم ممارسة المعارضة السياسية، إلى دور الرافعة وحامل مشروع التيار او البديل الوطني الديمقراطي المنشود. بما هو تعبير عن مشروع وطني تحرري واجتماعي ديمقراطي إيجابي في جوهره ومظهره مرتبط ارتباطا وثيقا بمنظمة التحرير الفلسطينية ومواثيقها كممثل شرعي ووحيد، وإطاراً وطنياً تعددياً لشعبنا الفلسطيني.
وفي هذا الجانب، نشير إلى ان البديل المطلوب، لا بد وأن يكون من خارج أوسلو، لأن غير ذلك يضع النضال الوطني الفلسطيني ضمن دينامية سياسية اقتصادية اجتماعية في منتهى الخطورة، بحكم القيود والهيمنة التي كرستها دولة العدو الإسرائيلي في الاتفاقات الموقعة وما تفرضه من وقائع مادية ميدانية، الأمر الذي يتيح لها تكريس مصالحها كإطار مرجعي يُمَكنِّها من استخدام عناصر تفوقها لتعزيز إنجازاتها من جانب، وقطع الطريق على محاولات النهوض الوطني الفلسطيني من جانب آخر، بمساندة امريكية شديدة الصراحة والوقاحة، والتي تم التعبير عنها عبر ما يسمى بصفقة ترامب في عدائها للحقوق الوطنية الفلسطينية في الحرية والعودة وتقرير المصير والدولة المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
بناء على ما تقدم، "فإن مفهوم التيار الوطني الديمقراطي يعني رؤية الواقع ومستجداته وحركته، لخدمة الرؤية الشاملة للصراع الوطني التحرري والاجتماعي الديمقراطي التي تنطلق من العداء والنضال ضد التحالف الامبريالي الصهيوني وتابعه الرجعي العربي الرسمي خاصة في السعودية والخليج.
وانطلاقاً من الإدراك العميق للمأزق الذي تعيشه قضيتنا الوطنية وشعبنا الفلسطيني في الوطن والمنافي، فإن كل من الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني، والاتحاد الديمقراطي (فدا) والمبادرة الوطنية، ومعهم عدداً من الشخصيات والفعاليات الوطنية الديمقراطية، ادراكاً منا جميعاً لطبيعة الظروف المعقدة المحيطة بشعبنا سواء على الصعيد المحلي والصراع بين فتح وحماس أو على الصعيدين العربي والدولي، نؤكد على التزامنا بالمبادئ والأهداف الوطنية التي ناضل شعبنا وضحى بمئات الآلاف من الشهداء في سبيلها، ونعلن بإخلاص شديد توجهنا إلى كافة القوى والفعاليات والشخصيات الوطنية والمجتمعية ، وإلى كافة ابناء جماهير شعبنا التي تتطلع بشوق للخلاص من الانقسام واستعادة وحدتنا الوطنية، أننا بصدد البدء بحراك وطني وديمقراطي واسع، يستهدف اخراج جماهيرنا من حالة الركود والإحباط التي تعيشها في هذه اللحظة، من خلال تأسيس التيار الوطني الديمقراطي التقدمي الفلسطيني ، وان نبدأ نضالنا المشترك من اجل انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية التعددية وتعزيز الكيانية السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها ودمقرطة مؤسساتها والالتزام بثوابتها، على طريق النضال من اجل اقامة الدولة الوطنية الفلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
لذلك ، ندعو إلى تأسيس وبناء التيار الوطني الديمقراطي، للنضال مع كل الجماهير الشعبية الفلسطينية لتحقيق ما يلي:
1- إنهاء الانقسام الكارثي الذي يتهدد الشعب والقضية بكل الوسائل السياسية الديمقراطية ليفرض الشعب وحدته رغم العوامل والقوى المعطلة لاستعادة الوحدة, سواء كانت هذه القوى فلسطينية أو خارجية.
2- استعادة الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي ينبغي أن يعاد بنائها على أسس وطنية وديمقراطية, تعيد الاعتبار لبرنامج الإجماع الوطني وتبنى مؤسساتها ابتداء بالمجلس الوطني وكل المنظمات والاتحادات الشعبية والنقابية والمهنية بالانتخابات وفقاً لمبدأ التمثيل النسبي الذي يحقق الوحدة والتعددية الخلاقة, لتظل وتتعزز منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد لشعبنا وقائدة نضالنا من أجل التحرير والعودة والدولة، وهذا يتطلب توفير الأسس والمقومات الموضوعية الديمقراطية التي يجب أن تمهد لعقد المجلس الوطني التوحيدي.
3- إن ما سبق يتطلب، بالضرورة، إلغاء الاجراءات العقابية التي أوصلت قطاع غزة إلى حافة الانهيار، بما يضمن تعزيز صمود شعبنا، في كافة أماكن تواجده، لمواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد قضيتنا وحقوقنا الوطنية.
4- مواصلة النضال ضد الاحتلال الصهيوني بكل الوسائل بما في ذلك المقاومة الشعبية وفقاً للمعطيات الملموسة في كل مرحلة من مراحل النضال، نضال يمتد لمحاصرة العدو ومقاطعة بضائعه ومؤسساته ونشاطاته على ساحة الوطن والعالم بأسره تأكيداً لشمولية وتاريخية صراعنا مع هذا العدو.
5- تصويب العلاقة بين السلطة والمنظمة بما يعيد الاعتبار إلى كون المنظمة هي المرجعية السياسية الأشمل والإطار الناظم لوحدة شعبنا، وأن السلطة هي أداتها التنفيذية في قطاع غزة والضفة بما فيها القدس.
6- الدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية والتصدي لسياسات الاستبداد وقمع الحريات التي تمارس في كل من الضفة والقطاع، خاصة وان سياسات الملاحقة المتبادلة بين طرفي الانقسام, وتضييقهما ومصادرتهما للحريات الديمقراطية أدت إلى إضعاف كل مكونات المجتمع, ولعل ضعف المقاومة الشعبية رغم كل النداءات والقرارات واقتصارها على مجموعات محدودة أحد نتائج وتجليات قمع الحريات.
7- الأخذ بسياسة اقتصادية توجه الموارد المتاحة، على محدوديتها، نحو تعزيز مقومات الصمود وتحقيق العدالة الاجتماعية والعمل على التحرر من قيود اتفاقية باريس الاقتصادية ومغادرة السياسات الاقتصادية التي تعمق الفوارق الطبقية وتشجع الاحتكار والنشاطات الطفيلية والروابط مع الاقتصاد الإسرائيلي.
8- الاهتمام بقطاعات المرأة والشباب والعمال وصغار الموظفين والمبدعين والفئات الفقيرة عموماً بما يعزز ويطور الإنجازات والمكاسب التي تحققت لهذه القطاعات على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية.
9- تعزيز العلاقة مع قوي التقدم والديمقراطية العربية، والبناء على المضمون الديمقراطي للحراك الشعبي العربي في إطار علاقة الترابط العضوي بين فلسطين وحركة التحرر والتقدم العربي، والقناعة العميقة بأن النجاح في تشكيل التيار الديمقراطي التقدمي في فلسطين يشكل عاملاً إيجابياً ومحفزاً لنجاح المحاولات العربية لتأطير هذا التيار، وخاصة بعد أن أظهرت تداعيات ما عرف «بالربيع العربي» الآثار السلبية لضعف وعدم تبلور ووحدة هذا التيار.
10- العمل مع كل القوى المؤيدة لحقوق شعبنا وقوي السلام والعدل المناهضة للصهيونية والإمبريالية وعولمتها المتوحشة في العالم من أجل نيل شعبنا لحقوقه الوطنية والإنسانية وليسود السلام والعدل لكل الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024