الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات في -نقش على جدار الزمن- شريف سمحان

رائد الحواري

2018 / 10 / 7
الادب والفن


كتابة السيرة الذاتية لأي منا تحمل شيء عن ذكرياتنا عما كان، عما حصل، رؤيتنا في ذاك الزمن، عن الأحداث، الأفكار التي نحملها، المحطات المهمة في حياتنا، تأثيراتها علينا، "شريف سمحان" يقدم لنا سيرة مختصرة، مختزلة، يحكي فيها عن المراحل المهمة التي مر بها، فهو يتجنب الخوض في التفاصيل، لكنها محطات مفصلية بالنسبة له، فمن تلك المحطات حديثه عن أول حالة حب عاشها، خلال عمله في احدى الشركات التي يمتلكها "إخوتنا المسيحيين" الذي كانوا يوزعون "5 دنانير عيدية لكل عام في المصنع" وأرتأ الكاتب أن يشتري لمحبوبته بهذا المبلغ هدية، عبارة عن "زجاجة عطر وأشياء أخرى من مستلزمات الصبايا" لكن عدم حضور الحبيبة، إلى الشركة، جعله يرسلها "مع صبية أخرى تسكن في مكان قريب من سكناها" ص37، وبعد أن انتهى عيد الميلاد ولم تحضر أيضا، علم بأنها توفت، لكن بعد شهرين يأتيه شاب ويخبره بأن "أهل الصبية التي احببنها يريدون رؤيتي يوم الجمعة القادم" ص40، وهنا تأخذ الهواجس فعلها عند الكاتب، فذاك الزمن لم تكن فيه حرية الفتاة مباحة، لكن المفاجأة كانت عندما وجد هؤلاء الأهل بهذا الشكل: "استقبلتني والدتها واحتضنتني، وهي تقبلني في كل مكان، من وجهي، كانت تبكي بحرقة وصرت ابكي لبكائها عرفتني على زوجها وأخبرتني أن الله لم يرزقهم سوى ب (...) وامسكت بيدي واصطحبتني إلى عرفة ابنتها، لأجد هديتي بمناسبة اعياد الميلاد، اجلستني كطفل وديع على حافة السرير، وأخرجت علبة حديدية من خزانة ملابس ابنتها، وراحت تقلب الرسائل التي كتبتها ابنتها لي عن حالها ومرضها، وانتظار ساعة الموت، لكنها لم تجرؤ أن توصل لي تلك الرسائل، اعطتني والدتها كل العلبة، وهي تبكي، وتقول لي، هذه الرسائل من حقك أن تقرأها حتى تعلم ماذا كنت بالنسبة لها، إن شئت أرجعها لنا، وأن لم تشأ فهي لك" ص41 اعتقد بأن اجمل وأهم ما في هذه السيرة هذا الموقف، عائلة مسيحية تفقد وحيدتها وتقدم الرسائل، الذكرى الأهم بالنسبة لها إلى شخص مسلم احب ابنتهم، وهذه المشاعر تبين أهمية العلاقة الإنسانية والاجتماعية، فليس هناك أي موانع أو حواجز أمام الحب، أمام العلاقة الإنسانية مهما كانت لمعتقدات الدينية، فالعلاقة الإنسانية أهم وأقوى من تلك القادمة من العرف والعادة.
من خلال متابعة كتابات "شريف سمحان" "نقوش من الذاكرة، أيلول الأسود، نقش على جدار الزمن" نجده يكتب بطريقة سهلة، يستخدم لغة بسيطة، يقدم المعلومة/الفكرة بشكل واضح، بعيد عن التعقيد، من هنا يمكن لأي قارئ أن ينهي أي عمل للكاتب في جلسة واحدة، مستمتعا فيما قدم لها من افكار، وإذا عدنا إلى هذه البساطة سنجد جذورها قادمة من خلال عمل الكاتب في مجلة "الزيزفوفة" فهي مجلة مختصة باليافعين، وهذا يفرض على الكاتب أن تكون لغته مناسبة لهؤلاء، من هنا وجدنا هذه البساطة وهذه اللغة السهلة فيما قدمه لنا "شريف سمحان".
هناك بعض النقص فيما قدمه لنا الكاتب في سيرته، محطات أعتقد بأنها مفصلية لكن فلسطيني، منها حصار بيروت وسقوطها في يد المحتل عام 1982، واحتلال بغداد عام 2003 من قبل قوات الغزو الامريكي والقوى العربية المتخاذلة معها، وهنا نقص متعلق بالكاتب نفسه، حيث أهم/تجاوز/قفز عن أهم حدث في حياته، زواجه من شريكة العمر.
ولكن لي ملاحظة عندما تحدث السارد عن موقفه من التنظيمات الفلسطينية قال: "..بعد أن تيقنت أن طرد مثل هؤلاء من الأردن في حرب (أيلول الأسود) كانت خطوة في مكانها الصحيح فكيف لمثل هؤلاء تحرير فلسطين" ص43، اعتقد أن مثل هذا الطرح يحمل المباشرة، موقف منحاز للسارد لطرف بعينه، دون أن يدخل إلى تفاصيل ما جرى في أيلول" وكان عليه وإن كان لا بد من ذكر هذا الموقف أن يقدمه على صيغة سؤال للقارئ، لكي يبحث ويقرر إلى أي طرف يقف.
الكتاب من منشورات الزيزفزنة لتنمية ثقافة الطفل، بيتونيا، فلسطين، الطبعة الأولى 2017.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل


.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج




.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما