الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرساليّة في القصيدة السرديّة التعبيريّة

كريم عبدالله

2018 / 10 / 8
الادب والفن


الرساليّة في القصيدة السرديّة التعبيريّة
خديعة النخيل ...طوابير بؤس / بقلم : نعيمة عبدالحميد – ليبيا .
الجزائر العزيزة / بقلم : محمد محجوبي – الجزائر .
بقلم : كريم عبدالله .. بغداد – العراق 6/10/2018 .
الأدب رسالة انسانيّة , والرساليّة مهمة في الشعر وقد تكون رسالة جماليّة فنيّة أو رسالة اجتماعية , فالرسالة الجمالية الفنية تعني الغوص في تجربة الشاعر عميقا بينما الرسالية الأجتماعية تعني كل ما يكون خلف النصّ من رسائل وبوح . وتظهر ملامح الرساليّة الأجتماعية بأشكال مختلفة كـ / البوح التوصيلي / والبوح الأقصى / والبوح التعبيري / في القصيدة السرديّة التعبيرية الأفقية , والتي تكتب على شكل فقرات متواصلة ذات كتلة واحدة حيث ينبعث الشعر الكامل من خلال النثر وتتجلّى ملامح السردية التعبيرية بوضوح , كون انّ السرد التعبيري لا نقصد به السرد الحكائي ( القصصي ) وإنما يعني تعظيم طاقات اللغة فتتحول اللغة الى كمْ هائل من ألأيحاءات والرموز والدلالات والعواطف والمشاعر والأحاسيس فتخترق مواطن الشعور والأحساس بالجمال , لغة مدهشة ذات فنيّة عالية واضحة , لغة قويّة مبهرة تمسّ القلب والشعور , نعم انّها اللغة السردية التعبيرية العجيبة . هناك ثلاثة عناصر تُحدث اللحظة الجمالية والأدهاش في السرديّة التعبيرية / عناصر كتابيّة نصيّة / عناصر التجربة العميقة / عناصر قراءاتية وسيطة .
انّ البوح التوصيلي نعني به التوصيلية الأمينة وطلب الخلاص وذات رسالة واضحة , اما البوح الأقصى وهو طريقة الكتابة حين تشتمل على تعابير لفظية شديدة البوح وتحمل أقصى غايات البوح وإبراز المكونات النفسية أما البوح التعبيري هو وصف العالم وطلب الخلاص بطرح رؤية فردية عميقة للحياة والعالم .

خديعة النخيل ...طوابير بؤس / بقلم : نعيمة عبدالحميد – ليبيا
مازال وجه الحرب الدميم يخيم على محياك يا وطني، كـ غول غمام عقيم يرعى متاهة لصوص ترتدي ثوب موشى بـ خديعة نخيل، تدور شوارع المدن المتألمة كـ رغيفك الحائر بين الذهب وطوابير البؤس، متأملة ان تشع زرقة السماء وتكتب زمجرة تغيير توقد شعلة أزاهير نافذة عبر شقوق مستقبل يستأنف اشتهاء يوم أفل الروح لـ تستكين تنهدات جراحك المناشدة أوراق مبهمة الأصول تغذي شرايين انقسام تتكاثر لطماته على صفحات جثث ورود تعيق عودة جواب بساتين البرتقال ، كدرت ساعات أمل مضللة سكبت عبراتها على شفاه قهر تنهش أفئدة أحياء مفقودين تغمرهم دموع ضبابية أتعبها التعلق على أشجار وصل جذوره عروض مسرحية صماء تستحث قلاقل شيطانية تبيد رحيق قداسة الأمان.
من العنوان الصادم بإنزياحاته الرائعة تتمثّل الرسالية ب/ الخديعة / و / البؤس / لنجد أنفسنا من خلاله أمام عالم من الخداع المبطّن بالوفاء والمحبة , فحينما نجد أنّ النخيل وهي مصدر من مصادر الخير والأمل والنماء تتقمّص قناع الخداع لتذر الرماد في العيون في عملية تمويه ومراوغة نستشعر حينها مقدار الألم والخيبة , ان هذا النخلة والوارفة بالخداع جعلت من البؤس طوابيرا تنتظرنا لا محال للخلاص منها . العنوان تكوّن من مقطعين تفصل بينهما نقاط دلالة على حذف متعمّد من الشاعرة لتثير التساؤل والحيرة لدى المتلقي في محاولة ذكية منها كي يشاركها محنتها من خلال التأويل والقراءة . انّه الواقع المرير والمؤلم حينما يفقد الوطن ملامح الجمال والبهاء والسلام وتخيّم في ربوعه الخفافيش والعقم وينتشر العقم والخواء بينما اللصوص ينتشرون على خارطته مزيّفون في كل شيء يلبسون ثياب الخداع الجميلة , حتى شوارع الوطن تفقد الحياة بسبب هذا الواقع المزري , نعم انّها أي الشوارع تتألم الى ما حلّ في هذا الوطن نتيجة أفعال أبناءه , انّ الشاعرة هنا تتأمل السماء وتطلب الخلاص منها , تطلب ان تعود اليها زرقتها بعدما سرقتها الحروب وأحالتها الى دخان وضباب وركام , تنتظر زمجرة / ثورة / تعيد الى الواقع البائس بريق جماله وتشرق شمسه ناصعة تطرد الظلام وجيوش اللصوص , علّ الجراحات تستكين وتندمل نتيجة حدوث إنقسامات وتصدّعات في نسيجه الاجتماعي بسبب الحرب ودخول الغرباء بين أبناء الوطن والواحد وإحداث الفتنة فيما بينهم , هذه الفتنة الرعناء مزّقت كل شيء حتى الأزهار وبساتين الخير والمحبة والسلام , لقد أجادت الشاعرة هنا في رسم عالم ضبابي فُقدَ فيه وإستحال الأمل نتيجة هذه القوة الغاشمة التي سيطرت على مفاصل الحياة وشوّهت كل شيء , ما عاد في هذا الوطن من حياة فالجميع يعيش حياة معدومة أشبه ما تكون بحياة الاموات , لقد حلّ الشيطان وأعوانه في هذه الأرض فكان كعرضي مسرحيّ كمْ تمنت الشاعرة الاّ يكون حقيقة وان ينتهي حالما ينتهي العرض وتعود الحياة الى طبيعتها ويحلّ السلام والأمان من جديد .

الجزائر العزيزة / بقلم : محمد محجوبي – الجزائر .

هو وطن على رمش الورد . وعلى مقل الذوبان انتعاشة الضوء الوردي يسبيني عرش الشرود في فسيفساء الطين رحيق الأماسي تلامس نبضي المتقد راية الحرية .
وأنا على وصال شعري المبثوث بفراشات العشب السخي سخاء مهجنا المحمومة على منابت الحياة . ههنا أنداح عشق البساتين . وههنا أدلف المكامن بين خلوات الكثبان الذهبية تغني شايها الصحراوي على إبريق فضي يختزل خيوط الآفاق فيفرش حصير الشعر اللذيذ .
مهما كان للبحر من عشق فإن الشمس متميمة الهوى تظل تداعب جوهرة الجزائر مخملياتها المجنونة بسحر الترياق الوردي . وعلى كل الشطآن المهذبة الشمس تمرح أزاهير السكر فضاءات النسيم المتوثب على خيالات المساءات وعلى ترانيم الظلال تفضي عينات السكون الأخضر . مسترسلة ماءها على نسمات راقصة بمسابح الهمس . وشهقات العشق تأسر أنسها على جوقات مهيجة الأوصال .
كما مزارات التاريخ تبصم العبق جدرانها العصية على عواصف النشوء .
ههنا . ومن عنفوان الصبابات جزائر الالهام موصلة الوصل هبوبها الهائم عبير القلوب . لتعيش جنة الجزائر الفاتنة .
وعلى العكس من نصّ الشاعرة : نعيمة عبدالحميد من ليبيا نجد هنا لوحة فسيفسائية جميلة جدا تتحدّث عن الوطن وجماله والعيش بأمان في ربوعه الزاهية الألوان , نجد هنا الأعتزاز بالوطن / الجزائر / والأنتماء الروحي والجسدي والفكري اليه فهو الوطن النائم على رمش الورد , وما أدراك مالورد وما فيه وما يحمل من دلالات عميقة ..! . ان استخدام الأنزياحات في هذا النصّ زادت من رسالته الجمالية , ها هنا تكون الحرية حاضرة تنبض بالضوء والرحيق والكرامة . لقد وفّرت السرديّة التعبيريّة هنا إمكانيات كبيرة للنصّ , لأنّ السرد يتطلب وبشكل ملحّ وجدّي عذوبة في المفردات نستشعرها في النصّ وحركيته المستمرة , وكذلك قرباً وسلاسة تحقق الألفة للقارىء .. من خلال هذه المفردات الورد / الضوء الوردي / فسيفساء / رحيق / الحرية / فراشات / الحياة / عشق البساتين / تغني / إبريق فضي / الشعر اللذيذ / عشق / الشمس / الهوى / حوهرة الجزائر / الشطآن المهذّبة / النسيم المتوثّب / ترانيم / السكون الأخضر / ماء / نسمات / راقصة / العشق / النشوء / عنفوان الصبابات / الألهام / عبير القلوب / لتعيش جنّة الجزائر الفاتنة . من خلال القاموس المفرداتي للشاعر نلاحظ بوضوع اللغة العذبة والرغبة الجامحة بالحبّ والحياة ويرسم لنا صورة الوطن زاهيّة مشرقة . انّ الشاعر عبّر عن طريق مفرداته عمّا في داخله فكانت رسالته واضحة الملامح دون اللجوء الى الرمزية او التجريدية طموحا منه ان يبعث في نفس المتلقي هذه البهجة والحب والاحساس الوطني الذي طالما افتقدناه في بلادنا العربية نتيجة الويلات والحروب والأزمات . انّ الشاعر هنا يتنفس أريج الوطن الخلاّب والواقع الذي إنعكس من خلال استخدامه الدقيق للمفردات التي استطاعت توصيل الفكرة بجلاء ووضوح .
لقد حققت التعبيرية إبحاراً وصعوداً وتحليقاً وتعمّقاً ودهشة وإبهاراً شعرياً كالما بحثنا عنه , لقد عبّر الشاعر عن أشياء معهودة ومعروفة لكنه أعطاها وصفاً ووضعاً جمالياً آخر ,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل


.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف




.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81