الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة العراق الخارجية تجاه بقية دول المشرق العربي1958-1963 ج . 1

سعد سوسه

2018 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لبنــان :
كانت سياسة العراق الخارجية تجاه لبنان ايجابية ، فقد كان الزعيم الركن عبد الكريم قاسم يرتبط بالرئيس اللبناني فؤاد شهاب بعلاقات صداقة وله منزلة خاصة لديه . ومع ذلك فان الاحداث الداخلية في العراق وما كانت تشهده المحكمة العسكرية العليا الخاصة المعروفة بمحكمة الشعب ومطالبة العراق بالكويت وعلاقته المتأزمة مع الجمهورية العربية المتحدة ، وفتور علاقته مع المملكة العربية السعودية كانت تجد صداها في الصحف اللبنانية التي لم تنفك تتناول الجوانب الداخلية في العراق ، وحاولت الحكومة اللبنانية التوسط بين العراق و الجمهورية العربية المتحدة والتخفيف من حدة الخلاف بينهما فكلف الرئيس اللبناني وزير خارجيته حسين العويني للسفر الى القاهرة ومحاولة اقناع الرئيس عبد الناصر لوقف تلك الحملات ، الا ان هذه الوساطة لم تحقق اهدافها لان الخلاف بين الجانبين كان اعمق من الخلاف الصحفي ، وعلى ما يبدو فان العلاقات الايجابية بين العراق ولبنان كان مردها يعود الى مطالبة حكومة الثورة بسحب القوات الامريكية التي كانت قد نزلت في لبنان لبنان سنة 1958م .
وتعزيزاً للعلاقات الدبلوماسية فقد تم تعيين السيد نجيب الصائغ سفيراً للجمهورية العراقية في لبنان في شباط 1959م، وقدم اوراق اعتماده للرئيس اللبناني في الرابع والعشرين من نيسان 1959م .
وعلى الصعيد الثقافي زار وفد عراقي بيروت لحضور الدورة التدريبية السابعة التي عقدها معهد الاحصاء الدولي في الخامس والعشرين من تشرين الثاني 1958م، وترأس الوفد السيد حامد شاكر مدير الادارة في كلية الحقوق . كما حصلت موافقة مجلس الوزراء على ايفاد السيد عبد الجبار عوف معاون مدير الاصلاح الزراعي العام الى بيروت لمدة سبعة ايام للاشتراك في اجتماع الهيئة التحضيرية للمؤتمر الهندسي العربي . واوفدت الحكومة العراقية حمدي التكمه جي مدير منطقة ري بغداد الى بيروت للغرض نفسه . ووافق مجلس الوزراء على ايفاد الدكتور عبد العزيز الدوري الاستاذ في كلية الاداب في جامعة بغداد لحضور مؤتمر الدراسات العربية الذي تقيمه الجامعة الامريكية في بيروت . ووافق مجلس الوزراء على ايفاد عدد من العاملين في وزارة الخارجية العراقية لحضور المؤتمر الرابع عشر لضباط اتصال المكاتب الاقليمية لمقاطعة اسرائيل المنعقد في بيروت . وفي الثاني والعشرين من ايلول 1959م زار وفد ثقافي عراقي لبنان واجتمع مع وزير التربية اللبناني لطلب عدد من المدرسين اللبنانيين للتدريس في العراق وتم الاتفاق في هذا الاجتماع على استقدام (13) مدرسة لبنانية .
وعلى الصعيد الاقتصادي كانت العلاقات التجارية بين العراق ولبنان اكبر من أي قطر عربي اخر فقد ارتفعت قيمة الصادرات العراقية الى لبنان من (558353) ديناراً عام 1958م الى (1785206) ديناراً عام 1960م، في حين ارتفعت الصادرات اللبنانية من (1231472)ديناراً عام 1958م الى (4000000) دينار عام 1960م . الا ان الصادرات اللبنانية الى العراق هبطت عام 1961م الى (2332430) دينار بسبب توسع التجارة العراقية مع سورية بعد انفصالها عن مصر .
وتعزيزاً للعلاقات العراقية مع لبنان اهدت وزارة الدفاع العراقية ثماني طائرات من نوع هارفرت الى السلاح الجوي للجمهورية اللبنانية في حزيران 1959م لغرض الاستفادة منها، وبلغت تكاليف شراء الطائرة الواحدة (4460) ديناراً وعلى الرغم من ذلك فان العلاقات السياسية بين العراق ولبنان تراجعت بسبب مطالبة العراق بالكويت واعتراف لبنان باستقلال الكويت فطلبت الحكومة العراقية من نظيرتها اللبنانية سحب السفير اللبناني من بغداد في حين سحبت سفيرها من بيروت في العاشر من ايار 1962م . وتوترت العلاقات بين البلدين وهاجمت الصحافة العراقية لبنان ، واوضح عبد الكريم قاسم بان الواجب الوطني كان يدعو لبنان وغير لبنان من الدول التي تقاوم المصالح الاستعمارية ان تدعم موقف العراق في نضاله ، لا ان تقف صفاً واحداً مع الدول الاستعمارية لتطعن العراق بخنجر .
الاردن :
انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين العراق والاردن بسبب مقتل العائلة المالكة في بغداد بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958م، وانسحاب العراق من الاتحاد الهاشمي وقد كلفت الحكومة العراقية السفارة الهندية في عمان للقيام باعمال السفارة العراقية هناك .
وعلى الرغم من تردي العلاقات بين البلدين الا ان مجلس الوزراء العراقي اصدر بياناً جاء فيه ”ان الجمهورية العراقية ستدافع عن الاردن ضد أي اعتداء اسرائيلي لان العراق يرتبط مع الاردن بروابط قومية كما ترتبط معه بالجامعة العربية“ . ووقفت الحكومة العراقية الى جانب تحقيق الانسحاب البريطاني من الاردن ولاسيما في اروقة الامم المتحدة وبالفعل انسحبت هذه القوات في الثاني من تشرين الثاني 1958م ، وشنت الاذاعة الاردنية حملات اذاعية ضد الجمهورية العراقية على اثر تنفيذ الاخيرة حكم الاعدام بضباط حركة الموصل عام 1959م ودعت هذه الاذاعة الى قلب النظام القائم في العراق ، وزادت من حدة لهجتها تجاه العراق على أثر لجوء الطيار العراقي الملازم عبود سالم حسن بطيارته الى دمشق ومن ثم الى عمان في اذار 1960م .
لم تبق العلاقات الدبلوماسية بين العراق والاردن مقطوعة ، وانما اعيد التمثيل الدبلوماسي بينهما في كانون الاول 1960م عندما عين وصفي التل سفيراً للاردن في بغداد في التاسع عشر من كانون الاول 1960م ، وتم تعيين الزعيم الركن عبد الكريم شاكر سفيراً للعراق في عمان ، وقدم اوراق اعتماده في الخامس والعشرين من شباط 1961م .
تأزمت العلاقات بين الجانبين بسبب موقف الحكومة الاردنية المؤيد لأستقلال الكويت ومشاركتها في قوات الجامعة العربية التي حلت محل القوات البريطانية في الكويت ، فضلاً عن القاء السلطات العراقية القبض على ثلاثة جنود اردنيين في الثامن من كانون الثاني 1962م وتنفيذ حكم الاعدام بحقهم ، وشهدت المدة التي اعقبت ذلك حملات صحفية بين الجانبين اتهم فيها الزعيم الركن عبد الكريم قاسم الاردن بانها قاعدة استعمارية ، في المقابل أتهم الاردن بأنه يسعى لاعادة النظام الملكي الى العراق واسقاط الثورة بسبب ما جرى للعائلة الحاكمة في العراق اثر قيام الثورة واستمرت العلاقات بين البلدين متأزمة حتى الثامن من شباط 1963م .

المصادر
- خالد يحيى احمد الجبوري ، الكويت ومحاولات استعادتها في التاريخ المعاصر ، بغداد ، 1993 ، ص35-47 ؛ نوري عبد الحميد العاني وآخرون ، المصدر السابق ، ج5 ، ص113-114.
- وزارة الارشاد ، الزعيم الركن عبد الكريم قاسم يتحدث ، مبادئ ثورة 14 تموز في خطب الزعيم ، بغداد، 1958 ، ص22-23
- محمد حسين الزبيدي ، ثورة 14 تموز 1958 في العراق . اسبابها ومقدماتها ومسيرتها ، وتنظيمات الضباط الاحرار ، بغداد ، 1983 ، ص549-550 ؛
- د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1958، رقم القرار (26) ، تاريخه 6/12/1958 .
- د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1959 ، رقم القرار (4) ، تاريخه 16/3/1959 .
- محمد مظفر الادهمي وآخرون ، الحقيقة التاريخية لعراقية الكويت ، بغداد ، 1990 ، ص114 .
- عدنان رشيد الجبوري ، السياسة الخارجية لثورة 14 رمضان 1963 في العراق ،ص 140؛
- قحطان احمد سليمان ، المصدر السابق ، ص296؛ صالح احمد علي السامرائي، الكويت فخ الفخوخ، بغداد، 2004، ص85 .
- د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1961 ، رقم القرار (7) ، تاريخه 22/10/1961 ؛
- عقيل الناصري ، قراءة اولية في المشروع القاسمي ، (مجلة المواسم) ، العدد الثاني والثلاثون ، هولندا ، 1997 ، ص92 ؛
- نجيب الصائغ ، ولد في الموصل ، انتخب في مجلس النواب العراقي للاعوام 1947 -1948-1953-1954 ، احد مؤسسي حزب الجهة الشعبية المتحدة في سنة 1951 . عين سفيراً في لبنان عام 1959 . استقال من وزارة الخارجية عام 1961 . اعتزل العمل السياسي عام 1963 . الجمهورية العراقية ، ثورة .
- من اوراق نجيب الصائغ في العهدين الملكي والجمهوري(1947-1963)، بغداد، 1990،ص144-145.
- د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1959 ، رقم القرار (31) ، تاريخه 23/6/1959 .
- منيب الماضي وسليمان الموسى ، تاريخ الاردن في القرن العشرين ، عمان ، د.ت. ، ص693 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا