الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الشغل بالمغرب!

محمد مسافير

2018 / 10 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


- ما وظيفتك؟
- أعمل لحساب شركة تقوم على الوساطة التجارية، مثلا، تبحث عن منتوج في محلات العطارة أو لدى بعض التعاونيات القروية، تسأل عن فوائده (ربما يقوي الشعر أو الإنتصاب أو يطيل شيئا ما...)، ثم تشتري كمية ضخمة منه بأثمنة في الغالب لا تتجاوز 15 درهما للوحدة، ثم تعمل لها بروباغندا إعلامية ضخمة عبر نشرها في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر المواقع البورنوغرافية... وتبيعها ب550 درهما للمنتوج الواحد...
- وهل تعتقد فعلا أن لها التأثير المراد؟
- أتمزح صديقي.. ليس لها أي تأثير، إلا العامل النفسي، فأحيانا يفيد ذوي النوايا الحسنة، ويبقى الأثر محدودا جدا...
- وما دورك أنت في هذه العملية؟
- محاولة إقناع الزبائن وإظهار مزايا المنتوج...
- لكن... هل نزعت جلباب ماركس وابتلعتك فوهة الرأسمالية؟ أما عدت تدافع عن المضطهدين والفقراء... أراك تتفنن في استغلال مآسيهم...
- لا أزال على حالي فكرا، لكن الواقع أشد وطأة على صدري، شح فرص الشغل هي التي تدفعنا إلى أسوء الاختيارات...
- لكن كيف تواجه من دسك في معدته... إنك الآن تطحن وتهضم، وقريبا لن يتبقى فيك شيء من قيم الأمس... وأنتِ ما لي أراك صامتة، قولي شيئا...
- إني أحسده رفيقي، على الأقل قد وجد موردا، أما أنا فلا زلت على حالتي، حصدت الشواهد ولم تنفعني في شيء، أنا اليوم في منتصف الأربعينيات، ولم أحصل على وظيفة قارة ولا على حبيب، محرومة من الحب والعمل، وكأن اعتقادي هو السبب، ولن تصدقني إن أخبرتك أني أصبحت أتردد على الرقاة، اسودت أمامي الدنيا فطفقت أبحث عن بصيص أمل أينما كان، فعلا وجدت القليل منه في الرقية الشرعية، ولا تحاسبني على شيء.. لأنك لن تعرض أي بديل رفيقي !
صديقتي الحاصلة على ماستر في القانون، ترشحت في الأسبوع الماضي لمنصب أستاذة في إحدى المؤسسات الخاصة، وكانت الوظيفة أن تعمل أستاذة للتربية الاسلامية والنشاط العلمي لجميع المستويات الابتدائية (ست مستويات)، بالإضافة إلى تدريس مادة الإعلاميات للمستويات الإعدادية، لأن صديقتي كانت حاصلة أيضا على دبلوم الإعلاميات، وكانت الأجرة التي اقترحها السيد رب العمل هي 1000 درهم مغربي شهريا (حوالي 105 دولار أمريكي)، وقبل أن تتقاضى هذا المبلغ الضخم، اشترط عليها أن تعمل الشهرين الأولين كتدريب، أي دون مقابل...
لم ترد عليه بأية كلمة، لكنها غادرته مكفهرة الوجه ذابلة العينين، مضطرة لاعتناق البطالة أشهرا أخرا!
واقعة أخرى...
ترشحت هي الأخرى لمنصب سكرتيرة، كان لها أكثر مما يكفي من التجربة والشواهد والجمال لشغل هذا المنصب، ورغم ذلك، فقط اشترط عليها المدير أن تعمل شهرا كاملا بلا مقابل لصالحه، لم يقل ذلك بالحرف، لكنه فضل أن يسمي الأسماء بغير مسمياتها فقال: شهر من التدريب والاختبار...
وافقت، حيث لم تجد خيارا آخر، خاصة وأنها لم تكن مستعدة لملازمة البيت أشهرا قد لا تنقضي..
جلست إلى مكتبها، اقترب منها كي يحدد لها مهامها، أشار إلى بعض الملفات، أعطته واحدا، أراها طريقة تعبئته، ثم فتح ملفا على حاسوب المكتب، وطلب منها أن تنقل معلومات الملف إلى Excel، ثم قدم لها لائحة من أرقام الهاتف، وطلب منها الاتصال بأصحابها، كان يتحدث ويدنو إليها قليلا ثم قليلا، حاول لمس يدها، لكنها تفادته، اصطبر مزيدا من الوقت، فسر البديهيات وكرر الطلبات، ثم حاول أن يمسك بدراعها، لكنها راوغته فلم يصب مبغاه..
ورغم محاولته هذه، إلا أنها عادت إلى عملها، قالت في نفسها ربما يدرك أي طينة من النساء أكون فيقف عند حدوده، لكنه فهم غير ذلك تماما، ربما هي في حاجة إلى المزيد من الوقت حتى تتخلص من الخجل، لذلك لم يوقف محاولاته الطائشة، وكذلك لم توقف تمنعها...
يئس أخيرا، ثم استقدم أخرى دون أن يطرد الأولى، قابل الجديدة بنفس الشروط، شهر من التدريب والاختبار، لكن مع معطى جديد: البقاء للأصلح، أراد أن يخلق بينهما المنافسة، ومن استحقت المنصب فلن يكون لغيرها...
لم تمتنع الجديدة، بل استقبلت لمسات يديه بابتسامة رضى، لم تقف يديه عند يديها، لكنهما امتدتا إلى كل تفاصيل جسدها، عانقها ثم انقض على رقبتها يعض ويقبل، بينما كانت تتلوى أسفله فوق الأريكة التي كانت مخصصة لذلك في مكتبه...
أصبحت الأخيرة تلازمه كل حين في مكتبه، بينما انعزلت الأخرى وحيدة في مكتبها، أصبح وجودها دون معنى، فقد أدركت أن المنصب لن يكون إلا للأخرى، رغم أنها كانت الأجمل، لم تكن تدري أن المنافسة كانت على ذاك الأساس، الآن أصبحت تستشعر مرارة الحقيقة، حتى نظرات تلك المنافسة تشعرها بالانهزام، إنها تتعمد أذيتها بالنظرات، لكنها لا تريد الاستسلام لها، وفي نفس الوقت، لا تريد أن تسقط في الرذيلة...
قررت أخيرا الامتناع عن الاستسلام مهما كلف الثمن، إنها منافسة شرسة من أجل لقمة العيش، يجب عليها أن تزيحها من طريقها وتحضى برفقة سيدها، هكذا أرادت... وهذا ما كان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط