الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهان باسكال (هل فعلا هو ربح ام خصارة؟)

محمد مصري

2018 / 10 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثير من المؤمنون الذين تثيرهم بعض الشكوك في وجود الله من عدمه ، يلجئ الى رهان باسكال ليسكت خوفه الداخلي من العواقب اذا صح وجود الله فعلا.
فرهان بسكال معتمد على القضايا التالية: ماذا لو كنت مخطئ ? ماذا لو فعلا الله موجود ? لماذا لا تؤمن ببساطة بوجود الله وتسلم للأمر، فتأمن العواقب والنتائج? فأنت لن تخصر شيء ان آمنت ولم تجد الله في نهاية المطاف. ولكن ستخصر كثيرا وخصاره خالدة، ان لم تؤمن وكان الله موجودا.
اليس من الحكمة ان نراهن على وجود الله من عدمه? اليس من الافضل ان نؤمن فإن خصرنا نخسر القليل وان ربحنا، ربحنا النعيم الابدي.
ولكن هناك اشكالية منطقية في البناء التكويني لهذا الرهان. حيث انه قائم على مغالطة منطقية وهي مغالطة التوسل بالخوف.
فإثارة الخوف والفزع في نفوس الناس لا يمكن ان يكون دليلا على صحة القضية. اي حتى وان استجاب بعض الناس بسبب الخوف والتخويف من العواقب .هذا لا يمكن ان يعطي مشروعية او صحة للادعاء الذي تقدمه.
فالبرهان او الدليل على اي قضية يجب ان ينطلق من منطلقات منطقية عقلية سليمة وليس من منطلق اثارت بعض المخاوف والنوازع النفسية .
ثانيا الرهان دعوة صريحة للنفاق .ولربما المؤمن هو نفسه ينافق نفسه والآخرين. والا ماذا يعني انه يظهر الايمان والتقوى وهو في قرارة نفسه يقول سأؤمن واعبد الله ،فإما ان افوز فيحال وجود الله .والا لن اخصر في حال عدم وجوده.
وبالتالي هذا ليس ايمان لان الايمان يعتمد على اليقين والا لا يعد ايمانا بل نفاق. وبالتأكيد ان يفكر المؤمن بهذا الشكل .هذا تسخيف لمعنى الايمان وروحانيته ويقلل من قيمته المعنوية والروحية.
ثالثا هذا الرهان ما هو الا رهان انتهازي فما معنى ان تؤمن بوجود الله فقط لأنك تريد ان تخرج منها بمصلحة او ربح او رغبة بالخلاص .فهل الله حقيقة بهذه السطحية لكي يكافئ من يؤمن به اما خوفا او طمعا بالنعيم او لربح رهانا ويكون هو الرهان? فالمؤمن هنا من حيث لا يدري ينقص من قيمة الله ومن قدره.
رابعا لو فرضنا اننا فعلا قبلنا المراهنة . وانافق واؤمن بوجود الله وسأتعبد في التقوس التي يتوجب علينا فعلها .ولكن اي اله سو احصر رهاني عليه واوجه عبادتي له?? انا اريد الفوز بالرهان واريد ان اتعبد هذا الاله ولكن دلوني على الاله الحقيقي الذي يصح ان اقدم له ايماني وعبادتي. فهل هو الله اله الاسلام . ام هو يسوع اله المسيحية ام هو يهوى اله اليهود او ربما كرشنا ام هو بوذا ام اله الهندوسيين او لربما الاله زيوس او حورس. ايهم يجب ان اؤمن به?? فهناك نحو اربعة آلاف ديانة كل منهم يعبد الهه بشكل مغاير للآخر .فهل يمكن لشخص ان يدرس كل هذه الديانات ليصل للإله الصحيح. وكل منهم يقول لك انه هو الحق? قد تقول لا ليس عليك ذلك لانهم ديانات ارضية . ولكن هناك ديانات سماوية هي الاصح . اقول لك ومن قال لك انها جميعها ديانات ارضية بل كثيرا منهم يعتقدون ان زعيمهم يتصل مع الله . وما الى ذلك من خرافات وخزعبلات. ولو فرضنا جدلا اننا اردنا ان نقتصر بحثنا على الديانات من اصل الابراهيمي اي اليهودية والمسيحية والاسلام .هل هذا بهين?? لكل واحد منهم عشرات المذاهب فإلى اي مذهب سوف تتبع?? هل يمكن لك دراسة كل دين مع كل مذاهبه?? ان الاسلام لوحده يملك اكثر من 50 مذهب ولو قلت لا يهم ذلك المهم انك مسلم اقول لك الا يوجد حديث يقول لك ان امة محمد ستتفرع لبضع وسبعين شعبة جميعهم في النار الا فرقة واحدة هي الناجية . اذا ما فائدة اتباع مذهب ونهايته في النار ?? اذا لابد لك ان تدخل في المذهب الصحيح ونعود الى نفس الدائرة . ايهم الفرقة الناجية وكل منهم يقول انا الذي على حق ويقدم براهينه وادلته ?
اذا صبحت فرصة نجاتي من العذاب تضاءلت بنسبة كبيرة تعادل 1 -10000 تقريبا اي احتمالية النجاة هي 0.0001 فهل هذه فرصة حقيقية للنجاة?? وهذا الاحتمال فقط عندما اقر بوجود اله ولكن عند اضافة احتمال عدم وجود الاله سوف تصغر نسبة احتمالية الربح بشكل اكبر ما تقارب للصفر.
خامسا : كيف تقولون لن اخصر شيء ان كنت مؤمن . او امنت بوجود الله . لأنه بمفكرة عدم وجود الله سأعيش حياتي بحرية وبما يتناسب مع العقل والانسانية. اما لو امنت بوجود الله وكانت النتيجة ليس موجود فستكون خسارتي فادحة . فقد حرمت على نفسي امور لا تضر الاخرين . وفي نفس الوقت قد اكون قتلت اشخاص وكرهت اشخاص فقط بسبب اختلافهم معي بالعقيدة التي هي خرافية اصلا.
ثم كيف لا تكون خسارة وانا اضعت وقتي وجهدي ومالي في فعل طقوس وعبادات لشيء وهمي لاوجود له. اليست هذه خسارة??

سادسا : لو فعلا نافقت وآمنت بوجود الله وعبدته خوفا من وجوده وليس ايمانا بوجوده . وبالفعل وجدت بعد الموت ان الله موجود. ما الذي يضمن لي انه لن يعاقبني على نفاقي وعلى عبادتي بدون ايمان? الن يعتبر هذا استهزاء به?
سابعا : اليس هذا البرهان ينسف الفضيلة والاخلاق الانسانية من اساسها?? فبدل ان افعل الخير لحب الخير لذات الخير فأنا بسبب هذا الرهان افعل الخير لأجل مصلحتي الشخصية حيث افعله ليس حبا للخير بل طمعا لعطاء اكبر في الاخرة. فأنا سأقوم بمساعدة الغير بالتصدق وغيره طمعا لآخذ اكثر ما اعطي . فهل هذه فضيلة ?? ام جشع وطمع ??
اليس هذا يفرغ الإنسانية والفضيلة من قيمتها ومعناها??
ثامنا : اليس مجرد طرح المؤمن لهذا الرهان .هذا يعني انه مشكك لوجود الله?? والا ما معنى ان يقول هناك خيارين عليك ان تقوم بالاختيار. اذا اين اليقين في ايمانه?? اليس هذا دليل على انه يشك في وجود الله ولكنه يرجح كفة وجود الله بحسب المعطيات التي يذكرها هذا المؤمن?
يقوم دوكينز برّد على مقول باسكال في كتاب وهم الاله بالقول: « هناك شيء ما محير بشكل خاص في هذه الحجة, الإيمان ليس شيئاً تقرره كسياسة. وعلى الأقل فأنا لا أستطيع فعله بإرادتي, أستطيع أن أقرر الذهاب للكنيسة وأستطيع أن ارتل الآيات وأستطيع أن أقسم على مجموعة الأناجيل بأني أصدق كل كلمة فيها. ولكن لا شيء من ذلك يجعلني مؤمناً إذا لم أكن كذلك ».
كما يصف دوكينز "رهان باسكال" بأنه: « رهان جبان ». ويتابع بالقول: « ولماذا نقبل الفكرة بأن الشيء الوحيد الذي يجب أن نفعله لإرضاء الله هو الإيمان به ».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى


.. فلسطينية: العالم نائم واليهود يرتكبون المجازر في غزة




.. #shorts - 49- Baqarah


.. #shorts - 50-Baqarah




.. تابعونا في برنامج معالم مع سلطان المرواني واكتشفوا الجوانب ا