الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألقوا بها في البحر ...ديفيد هيوم

حمزة بلحاج صالح

2018 / 10 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان المتنبي يبدع خارج نسق السائد منفلتا منه و من قبضته غير منتظم فيه..

كان يلومه الناس و يقولون له ماذا تكتب ..

أنت لا تكتب مثل الناس..

و قد اشتهر في ميميته أظن ببيته الذي يقول فيه حول اللغة و النحو /

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الخلق جراها ويختصم

نعم كان يلقي بنصه القوي المتميز فلسفيا و بلاغيا و شعريا و جماليا و العامر بالنحوت الجديدة التي لم يألفها الناس ...

ثم ينام و يترك الناس ساهرة تختصم حول نصه ما بين مسفه و متفه و منتقص و لصيق بمنظومة توارثها في قول الشعر و اللغة و المعنى و قليل ممن يفهمه ...

هكذا يفعل اليوم القوم مع كل إبداع يفلت من قبضتهم و متونهم التي تعلموها ...

يقيسونه بمعايير و مقاييس و ضوابط السائد الشائع فتفلت من قبضتهم فيعدونه ساقطا...

و يتحاملون عليه غيظا و حسدا و مرضا و علة مزمنة و جهالة...

همهم إسقاطه و محاصرته و تشويهه ...

و من الأسباب الدافعة نحو تلك المواقف المتشنجة زعزعة الجيد و المتميز و كشفه و تعريته النصوص الضعيفة و رتابة السائد ...

الذي تختبئ من وراءه منازل البعض و مكاسبهم الدنيوية اللاعلمية من شهرة و تعبئة للناس ..

و قد حققوا به مكانة رمزية و لأنه يسترق الأضواء منهم و يهدد مكاسبهم و عروشهم ..

و عليه وجب عليهم مكافحته و التضامن لتقويضه و تشويهه و تسفيهه بكل الأساليب ....

إن العقل المنتظم عقل لا يبدع و يستكثر على غيره من العقول أن يبدع...

العقل المنتظم يردد المتون و لا يتجازوها...

عقل سجين النمط و رهين النمذجة و القوالب الجاهزة..

لا يفهم التفلسف مثلا إلا استعادة لما شاع ...

إنه يرمي بالبحر كل نص لا يركع و يرفض الإذعان و التسليم...

باسم الفلسفة و " قلة " أو " كثرة " الإضمار و الوضوح و اعتماد قوالب المنطق و القياس التي يجب أن تخضع لها المقالة الفلسفية المؤلهة التي تسجنه و المترببة عليه ...

باسم الأصنام التي ترتسم في طريقه و مشيخته في هذه الفن و ذلك العلم ..

باسم هذه الأرباب يتربب علينا البعض محتكرين صك التفلسف و كهنوته مثلا لا حصرا ..

و هكذا حصل لي مع أستاذ من جيجل قرأ نصي حول " الخطاب " ...

و هو سجين يرفض التحرر من أقنومه و يرفض التحرر من أدواته العتيقة التي يكررها و يكرر معها نفسه أربعين سنة..

تراه يرسم الحدود و الخطوط الحمراء و يسقف و يصنم و يقدس و يحدثك عن الأصول و اليقينيات و القطعيات و غيرها من الفرامل إن كان تراثيا ..

و عن السائد و ما تواتر في الثقافة الغربية إن كان ممن يزعمون الحداثة ...

دون إفاقة أو قلق أو محاولة تحرر و إبداع ...

إذا راح عنه و ضاع منه الخيط و تعذر عليه القبض على النص فلسفيا....

أي خرج عن نسق القياس و معايير التقويم و التقييم و التحليل التي توارثها ..

فأعدم ما لم يفهمه باتهامه بدل اتهام عقله الذي لم يرقى إلى فهم اخر متحررا من قبلياته و لو خالف جميع فلاسفة الكون..

و ظن أنه في سياق قول "ديفيد هيوم" الذي قال " ألقوا بها في البحر"..

صحيح وجب علينا أن نلقي بمن يكررون المتنون و الببغاوات و فهومهم في البحر لفساد عقولهم و عجزهم عن تحقيق الإستقلال الفلسفي و المعرفي و العلمي و الإضافة و لو قليلا... .

الجمود عاهة من لا عاهة له ...

على فكرة كثير من فلسفة هيوم في تقديري كمنفلت من النسق يجب أن نرميها هي أيضا في البحر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah