الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم للاضراب حتى تستوي المقاعد : حجة الاتحاد أكثر تماسكا من حجة الحكومة وابواقها

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2018 / 10 / 12
الحركة العمالية والنقابية


نعم للاضراب حتى تستوي المقاعد : حجة الاتحاد أكثر تماسكا من حجة الحكومة وابواقها
تعمل الحكومة في مخططها على تجميد الزيادة في الأجور بالإضافة إلى تقليص كتلة الأجراء ( تجميد الانتدابات) بدعوى تنفيذ توصيات بنك النقد الدولي للتخفيض من كتلة الأجور التي ستبلغ تقريبا 14.1 % من الناتج الداخلي الخام لسنة 2019 ( حسب ما تقدم به مشروع الميزانية ) ، وتتخذ الحكومة هذا التوجه جنبا إلى جنب مع تخفيض ميزانية الدعم والتعويض وتحريرها جزئيا لأسعار بعض السلع ورفعها الدوري في أخرى أساسية أهمها المحروقات والطاقة ! بالإضافة إلى عدم اتخاذ سياسة نقدية ومالية واضحة لخفض سرعة تدهور قيمة الدينار التونسي ، هذه الأمور مجتمعة بالإضافة لارتفاع قيمة الاقتطاع الضريبي و لصندوق التقاعد من الاجور ستعمل بشكل مباشر وسريع على ضرب المقدرة الشرائية للمواطن ( اي مزيد تفقيره) ومنه تدني الاستهلاك الخاص النهائي و الادخار الفردي خاصة مع ارتفاع الفائدة المديرية والتضييق على قروض الاستهلاك ( اي تعميق الركود في الدورة الاقتصادية في طورها الأخير ) .
تراهن الحكومة على نسبة نمو في حدود 3.1 % لسنة 2019 ولكنها في نفس الوقت لا تعطي للاستثمار مجالا كافيا من الميزانية وتضيق الخناق على الاستهلاك ( خاصة أن الميل المتوسط للاستهلاك في تونس يفوق 0.99 بما يعني أن انخفاض الدخل المتاح بدينار ينجر عنه انخفاض الاستهلاك بدينار مقاب ) عبر ضربها للأجور الحقيقية رغم أن الاستهلاك يشكّل أكبر محرّك لنمو الناتج الداخلي الخام (أكثر من 70% تقريبا من الناتج) مع ما نعرفه من انخرام لميزاننا التجاري ، يمكننا أن نراهن بكل بساطة على عدم قدرة اقتصادنا بهذه السياسات الوصول إلى نسبة النمو المقترحة في مشروع الميزانية .
يقول أعوان الحكومة وخبرائها أن سبب الأزمة والمأساة مرده تضخم كتلة الأجور الاستثنائية في تونس في حين انها إلى جانب كونها عادية ومعقولة جدا مقارنة بدول أخرى ( لسنا في حاجة إلى تكذيب الإشاعة القائلة بأن لدينا أكبر عدد من الإجراء في العالم ) ، في حين تمثل الاداءات على الدخل 16.1% من مداخيل ميزانية 2019 والضرائب الغير مباشرة( خاصة tva التي يدفعها في النهاية المستهلك النهائي اي الأجير ) بما يقارب 20% اي أن المواطن/المستهلك النهائي يوفر تقريبا 36% ( ما يقارب 15300 مليون دينار ل2019) من الموارد الذاتية الجبائية لميزانية و يساهم في تحقيق أكثر من 70% من نمو الناتج الوطني ( الثروة الوطنية ) ، هذه للأسف الشديد تركيبة اقتصادنا الوطني وفق منوال التنمية الحالي القائم منذ أكثر من ربع قرن و محركات تطوره ونموه القائمة أساسا على دفع الاستهلاك ومراعاة تناسب تطور الدخل والاستهلاك عبر التحكم في الأسعار وتيسير القروض الاستهلاكية .
إن الاستثمار في تونس خاصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية في حالة عطالة شبه مزمنة ليس نتيجة لكتلة الأجور أو لحالة عدم الاستقرار السياسي فحسب ( رغم أنها إحدى الأسباب في الحالات العادية ) ولكن كنتيجة أساسية لخيارات الدولة الاقتصادية التي لم تتحلى بالجرأة الكافية لتكون قاطرة لاستثمار عمومي وخاص في مشاريع وطنية ذات قيمة مضافة عالية خاصة مجالي الطاقة والفلاحة ( غياب أي استراتيجيا وطنية للنهوض بقطاع الفلاحة رغم مركزيته الهامة ودوره الجبار في النهوض بكل الاقتصاد التونسي وتحقيق الأمن الغذائي الأدنى للمواطن ، بل بالعكس تعمل الدولة على تهميشه عمدا والإعداد لتحريره كليا عبر اتفاقية "الأليكا aleca أمام السوق الأوروبية و رأسمالها ليعيث فسادا في البقية الباقية من خبزنا اليومي ) والصناعات التحويلية حيث ظلت دولتنا تراهن على تحويلنا إلى سوق استهلاكية ومنصة عربية اورومتوسطية لقطاعات الخدمات الهشة والسياحية و"مفرخة" لليد العاملة المختصة ذات التكلفة المتدنية . فمع حالة الركود الاقتصادي المركبة في تونس ( المزمنة الهيكلية و العريضة الناتجة عن الوضع السياسي العام ) حيث تنكمش الاستثمارات بشكل كبير لا حل أمام هذه الدولة على المدى القصير سوى الترفيع في الدين العمومي وتوجيه جزء هام من نفقاتها للتأجير حتى تضمن استقرار نسب البطالة ( لم نطلب تخفيضها ) واستقرار الاستهلاك حتى لا ينخفض الإنتاج وتتفاقم مشكلة تخرم الاستثمارات .
اما الذين يخشون ارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع الأجور ( نظرا لارتفاع تكلفة الإنتاج وهم محقون في ذلك فما نحن سوى سلعة رأسمالية أخرى تدخل في عملية الإنتاج مثلها مثل كل السلع الأخرى ) ولكن لن نذيع سرا إذا أعلمناهم أن الأسعار في ارتفاع جنوني بطبيعتها حتى لو توقفنا عن قبض اجورنا تماما نتيجة السياسات النقدية الخاطئة للحكومة التي تضرب قيمة دينارنا وترفع من نسب التضخم بشكل مفزع إلى جانب تخليها التدريجي عن دورها التعديلي للاسوق ، وما تمسكنا بضرورة رفع الأجور الا سعي للحد من المأساة لا غير. هذه موضوعات يطول شرحها على كل حال ، ولكن الاهم أن خيارات هذه الحكومة تظهر يوما بعد يوم أن غير مبنية على مخطط وطني شامل للنهوض بالبلاد بقدر ما هي خيارات اعتباطية هدفها تطبيق توصيات البنك الدولي تمهيدا لإعادة هيكلة المنشآت والمؤسسات العمومية بل وكل القطاعات المنتجة في تونس تمهيدا للتفويت فيها للخواص وخاصة الرأسمال الأجنبي .
يقولون إن ترفيع وتيرة العمل والرفع من الإنتاج هو الحل الأمثل للازمة والطريق الوحيد للرفاه ، طيب كيف سيكون ذلك دون آليات لتوزيع وإعادة توزيع الثروة بشكل عادل ؟ كيف سيكون ذلك مع حجم التهرب الضريبي ، وتهريب الرساميل لخارج البلاد ؟ كيف سيكون ذلك مع تجميد الأجور ؟ إن هذه الدعوة الفارغة لمزيد من العمل دون مقابل حقيقي يضمن الرخاء( النسبي للعمال والأجراء) ليست سوى دعوة صريحة لمزيد قبولهم بأسوء درجات الاستعباد ، بأن يخلقوا مزيدا من الثروة تذهب أكثر فاكثر للحسابات البنكية لرأسمالي الداخل والخارج وسماسرتهم على حساب المزيد من جوع وفقر الاجراء . إن الدعوة لرفع وتيرة العمل و نسق إنتاج الثروة الوطنية تجد صداها لما تكون هناك خطة وطنية واضحة وشاملة لبناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية في توزيع الثروة وإعادة توزيعها بين عموم المواطنين وكل ما عدى هذا فهو لغو عبيد لا أكثر ولا اقل .
لذلك فإن خيار الإضراب العام المقرر ل24 سبتمبر في القطاع العام و اضراب الوضيفة العمومية لشهر نوفمبر هي خيارات وطنية اضطرارية لتعديل طاولة الحوار والمفاوضات وتصحيح السلوك السياسي والاقتصادي لهذه الحكومة ودفعها لتقويم العلاقة مع المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها بنك النقد لفرض أكبر مساحة من الهاجس الوطني و الندية في مقترحاتها الاقتصادية والسياسية التي توجهها لها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس