الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان أجذير إيزوران 2: في الحاجة إلى فعل ثقافي أمازيغي.

سعيدي المولودي

2018 / 10 / 13
المجتمع المدني


في الحاجة إلى فعل ثقافي أمازيغي.
في السابع عشر من هذا الشهر ( اكتوبر ) تحل الذكرى السابعة عشر لذكرى الخطاب التاريخي للملك بأجذير سنة 2001، وبهذه المناسبة تنظم جمعية أجذير إيزوران للثقافة الأمازيغية بخنيفرة مهرجانها الثاني، وقد اختارت لهذه الدورة شعار "الفعل الثقافي الأمازيغي دعامة أساسية لتنمية المناطق الجبلية" وهو شعار يعيد دور الممارسة الثقافية إلى الواجهة، ويطرح السؤال هل ما تزال الثقافة حقلا أساسيا لإمكانيات التغيير أو توفير أسبابه خاصة في المناطق الجبلية التي تتحصن بها الثقافة الأمازيغية بكل معالمها التاريخية والحضارية، وفي الوقت ذاته تتضمن خلفياته البارزة إرادة ثابتة لترسيخ دور الثقافة كعامل تغيير أساسي، دون أن يعني ذلك أنها المصدر الوحيد للتقدم والنهوض بالمجتمع.
ومنذ الاعتراف الرسمي بالثقافة الأمازيغية كمكون رئيسي من مكونات الشخصية المغربية بدا أن فاعليتها على غير صعيد مثقلة بكثير من التعثرات ومضامين ما تزال بعيدة عن إحداث التغييرات الضرورية، والاضطلاع الحقيقي بدورها في سياق التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها بلادنا، وربما كانت صيغة الشعارات وحدها هي المهيمنة واكتسبت قيمة متميزة وإيجابية، ولذلك لم تستطع أن توفر سياقا تاريخيا وعمليا لترسيخ إطار نظام ثقافي ينبع من صلب الممارسات الثقافية الأصيلة، بمقدوره أن يشكل نظاما عقلانيا فكريا وفلسفيا منسجما مع سيرورة المجتمع، وهذا ما ساهم في تجاهل الدور الثقافي في سياق التغيرات الاجتماعية، ومن هنا يبدو الكفاح والدفاع من أجل " قعل ثقافي أمازيغي" ضرورة اجتماعية وثقافية وسياسية، وفي تقديرنا فإن هذا الفعل ينبغي أن ينصب على عنصرين اثنين،الإنسان الأمازيغي بالدرجة الأولى من أجل تحسيسه وتوعيته بأهمية البعد الثقافي ودوره الحاسم في التعبير عن تمثلاته ومختلف ممارساته المعرفية وأدواره الاجتماعية المتباينة،والكفاح باستمرار من أجل تطوير ذاته وتطوير علاقاته مع مواد ووسائل الإنتاج التي تشكل أبرز قدراته الأساسية لمواجهة الواقع وتحدياته. فالإنسان الأمازيغي على افتراض أنه وارث وساكن الأعالي تفرض الكثير من الممارسات نهجها عليه، وعلى الرغم من أنه فاعل أساسي في هذا الصدد إلا أنه يظهر وكأنه مجرد فاعل سلبي، ولذلك فإن توجيه الاهتمام إليه حاجة ملحة من أجل أن يبني نفسه أو يعيد بناء نفسه عبر بديل إدراكي ومعرفي وروحي وثقافي بمقدوره أن يولد لديه إرادة ورغبة قوية لتحمل الأخطار، إذا اقتضى الحال، من أجل أن يحقق وجوده ويكرس التغيير الاجتماعي المطلوب.إن الإنسان هو نقطة الانطلاق لكل الممارسات والأفعال والعمليات المعرفية برمتها، ولن يبرز دوره هنا إلا من خلال تطوير ما يسمى بوسائل نقل الثقافة، وهذا هو العنصر الثاني، هذه الوسائل التي تشكل يوميا تجربته وينجزها وفق الجاذبيات الخاصة التي تتفاعل داخل المكان والزمان الذي ينتسب إليهما. والفعل الثقافي على هذا المستوى يجب أن يحمل في ذاته دينامية جديدة تساهم في عمليات إعادة بناء الوجود الكلي للمجتمع، ليفرض شرعيته على صعيد الواقع الاجتماعي ويكتسب قوته.
ولا نغالي إذا قلنا إن المناطق الأمازيغية ببلادنا تعاني من نكوص وانحطاط وحرمان على مستوى الممارسة الثقافية، وما يطفو على السطح الاجتماعي من هذه الممارسات يتآكل ويتجه بخطى وئيدة نحو الفناء والانقراض، وهو ما يضع كل عناصر الهوية في مهب الإعصارات وفقدان سلطتها على المجتمع، إذ الإنسان الأمازيغي ما زال يواصل النهل من مصادر ثقافية عتيقة لا يمكن أن تقوى على الإسهام في أية استراتيجية للتغيير.
من هنا فإن مهرجان أجذير إيزوران2 يدق ناقوس الخطر ويلفت الانتباه إلى قضية جوهرية تطرح نفسها بحدة في مجال النهوض بالثقافة الأمازيغية وضرورة مواكبتها للتحولات الاجتماعية، وتفكيك أو على الأصح تدمير الوظائف الراكدة والعتيقة للممارسة الثقافية، من أجل أن يكون الإنسان الأمازيغي هو " المكان" المركزي لأي تحول اجتماعي أو تغير ثقافي. ولذا يمكن القول إن الفعل الثقافي الأمازيغي يجب أن يتحرك باتجاه التصدي للتمثلات التقليدية للتقدم والتغيير وينخرط في استراتيجية تغيير اجتماعي جديدة، تضع ضمن أولوياتها إنجاز ممارسات ثقافية تتوخى تطوير تمثلات الإنسان الأمازيغي وتاريخها المتصل بها،و يتحول إلى ظاهرة أو مظهر حضاري، في ما إذا سلمنا أن الحضارة هي نتاج أسمى للممارسات الثقافية.
إن هذه السياقات في تقديرنا هي التي تحكمت في توجهات مهرجان أجذير إيزوران2 وهي تتوخى الخروج بالثقافة الأمازيغية من منطقة الضياع ومنطق اللامبالاة الثقافية إلى منطقة الثقافة الفاعلة والممارسة الصعبة للاضطلاع بدورها الاجتماعي والحضاري من أجل تحقيق ذاتها وتحقيق أهدافها وتكون الغاية في هذه الحال أن تنتسب الثقافة الأمازيغية إلى الواقع بدل أن تنتسب للتاريخ.
والعمق الفعلي الكامن وراء هذا الشعار هو دعوة صريحة لتأسيس ممارسة ثقافية جادة ترسم طريق التقدم والنهوض بواقع الإنسان الأمازيغي، وهي مهمة أو طريق لن تكون آمنة ما لم تتوفر إرادة حقيقية للتغيير وبناء مجتمع يتخطى الانغلاق ويستند إلى منظورات جديدة لإدراك وتأويل تناقضات وإكراهات الواقع القائم ولاختيارات الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية دورها الحاسم في هذا المجال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟ • فرانس 24 / FR


.. شبكات | أبو عبيدة يحذر من مصير الأسرى في قبضة القسام.. ما مص




.. ضرب واعتقالات في مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في جامعات أمريكية


.. -الأغذية العالمي-: غزة ستتجاوز عتبة المجاعة خلال 6 أسابيع




.. التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية: العالم على حافة الهاوية