الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية الخاشقجي بين الاعلام والاستخبارات

خالد الصلعي

2018 / 10 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


أن يقع النظام السعودي في هذا الخطأ الفاجع والفاضح ، فهذا دليل قوي أنه نظام لا يمت للعصر بأي صلة . نظام بليد وغبي ، ففي عصر أصبح فيه العقل لبشري عقلا جمعيا ، والتفكير فيه صار تفكيرا تكامليا ، فان اقدام النظام السعودي على ارتكاب هذه الجريمة النكراء يدل بما لا يدع مجالا للشك أنه نظام حديث بعقلية القرون الوسطى . حيث كان التنكيل بالمعارضين والأحرار والمستقلين نهارا جهارا . دون أن يفكر الحاكم في رد الفعل سواء في الداخل أو في الخارج . فالداخل مقموع ومكبل ، والخارج نفسه خارج التغطية .
اما ونحن بازاء ثورة تكنولوجية غير مسبوقة ، وفي اطار نظام كوني تفاعلي ، فان اتيان مثل هذا الفعل المشين ليعتبر قمة الغباء والبلادة .
وهذا دليل أن الحاكم العربي عامة ، والحاكم السعودي لا يتابع تطورات العصر ، ولا يقرأ علوم الاستخبارات والاستعلام ، ولا يفقه شيئا في ذبذبات الاعلام الرقمي . ومدى تطور العقل البشري وما استطاع أن ينتجه في ظرف زمني وجيز من علوم وأبحاث وتجهيزات وآليات جد متطورة . فالاستخبارات العالمية اليوم لا تكتفي بتطوير وشيطنة أفعالها ومؤامراتها ، بل أيضا بتنويع وتجديد ادوات اشتغالها ، كالأشعة تحت الحمراء التي يمكن أن يستعملها الخبراء الاستعلاميون الترك في كنف القنصلية السعودية ، والحامض الفوسفوري للكشف عن أدق تفاصيل الاثار التي يمكن اخفاؤها ، والصور المتعددة الأبعاد ، والتصوير الكاليغرافي ، او بواسطة الأشعة المقطعية . بالاضافة الى تكنولوجيا التنصت عن بعد ، أو تلك الدقيقة التي يمكن زرعها بسهولة في أي مكان حساس .وهذا ما حدث في واقعة خاشقجي ، أي الاعتماد على أجهزة التنصت أو اعتراض المكالمات وجميع تطبيقات الهواتف المحمولة الدقيقة حسب آخر التسريبات . وعليه يمكننا البناء الآن على مدى وثوقية الأجهزة الأمنية التركية باغتيال الصحفي السعودي منذ البداية . لكن لأسباب يمكن تجليتها وفهمها ، تماطلت الأجهزة التركية في منح المعلومات والأدلة القطعية لأهداف متعددة ليس أهمها عدم الكشف عن طرق تجسسها على القنصليات الأجنبية داخل البلد . كمل يمكن هنا أن نضيف اعتراض الاستخبارات الأمريكية مكالمات تلفونية بشأن التخطيط لاغتيال الصحفي السعودي ، دون تنبيه الضحية أو احاطته علما بما يهيأ له .
وفي حالة جمال خاشقجي ، فان هناك احتمال وضع سيناريو محبك ودقيق لاسقاط محمد بنسلمان في شر نواياه وأعماله وطموحه المفرط للحكم . اذ من المعلوم ان الاستخبارات تستغل الأشخاص حسب ميولهم وأهوائهم ونزوعهم لارتكاب بعض الأخطاء او الجرائم ، فهي تدرس بعناية استعداد الشخص المستهدف لفعل عمل ما ودرجة هذا العمل ، في حين تكون هي قد هيأت له ما يزيده غرقا . هذا ما حدث مع صدام حسين ، وهذا ما حدث مع السيسي ، وهذا ما يحدث اليوم مع محمد بنسلمان الذي وجد نفسه في النهاية وحيدا أمام العالم باجمعه .
ويمكن هنا الاشارة الى الدراسة الميدانية والدقيقة للبيئة المحلية التي يتحرك داخلها ويسيطر عليها أمثال محمد بنسلمان من كبار الشخصيات ، وخاصة الحكام العرب . فنحن اذا ما دققنا جيدا في كيفية وصول عبد الفتاح السيسي بعد هذه الفسحة الزمنية فسندرك أن الرجل قد مهد له تمهيدا ، وفرشوا له الأرض بالسجاد الأحمر ، مع الانتباه الى الدلالة المزدوجة للون الأحمر ، ووصل الى حكم أكبر دولة عربية كانت تمثل الى حدود عقود قريبة القلب النابض للأمة العربية ، وتنتج ثلث ما ينتجه العالم العربي من انتاجات ثقافية ، كتب وأفلام ومسلسلات ومفكرين ....الخ .
ان مجرد النظر الى الضجة الاعلامية الصاخبة التي رافقت اغتيال الخشاقنجي ، وبالرغم من ادانتنا لعملية استدراجه للاختطاف ثم الاغتيال . فان هذه الضجة الاعلامية العالمية التي رافقت قضية اختطافه ، بالنسبة للمتتبع والمدقق والمهتم ، تعتبر غير عادية ، وكأن كل وسائط الاعلام العالمية قد تجندت لتأليب الرأي العالمي ضد نظام آل سعود ،وخاصة منه ولي العهد محمد بنسلمان ، رغم ما نتابعه يوميا من كوارث عظمى وجرائم حرب بشهادة الأمم المتحدة ومنظمات دولية عالمية تعنى بحقوق الانسان ، فان تعتيما عالميا قد ضرب على كارثة اليمن العامة والشاملة . وكأن اغتيال رجل واحد لا يعادل قتل مآت الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والشباب ، وادخال الدولة اليمنية في دورات متتالية من الأمراض الفتاكة التي خلناها قد انقرضت من وجه الأرض كالكوليرا والديفتيريا ، وكما وصفت وكالة سبوتنيك الروسية ذلك عن جدارة ، استطاع آل سعود أن يعيدوا الى اليمن أمراضا انقرضت او حسبناها انقرضت .
فكيف صمت العالم مدة ثلاث سنوات على هذه الفجائع والجرائم واهتز لفاجعة واحدة .؟ هذا السؤال وحده يمكن أن يميط اللثام عن دور المخابرات في ارتباطها بالاعلام ، خاصة مع انتشار الاعلام الشعبي ، او تكنولوجيا الاتصالات الرقمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة