الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آدم وحواء- قصة قصيرة

داود السلمان

2018 / 10 / 15
الادب والفن


أوصى آدم زوجه حواء- قبل خروجه من المنزل الى عمله اليومي- قائلا لها:
- لا تنسي يا حواء وصية الرب ونصيحته لنا من حبائل الشيطان ووسوسته؟.
وخرج في عجلة من أمره، كون وقت العمل أوشك على البدئ. وغادر المنزل بخطى حثيثة، وهو في حالة انتشاء ومرح في يوم خريفي مفعم بالأمل.
كان آدم يحسن الظن بزوجته، ويرى أنها عاقلة فاهمة، وتمتلك شيئاً من الحنكة الدراماتيكية ولا يمكن لها أنْ تنسى تلك الوصية الذهبية، خصوصاً وانها قد خرجت من فم ملك الملوك، ومنزّل الارزاق، وعالم بالأحداث قبل وقوعها، ولا تخفي عليه خافية، فهو يعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور!.
وصل آدم الى مكان عمله في الوقت المناسب، وكان عمله عبارة عن حرث الارض وزراعتها، وهو بالأحرى حقل متواضع يزرعه بحبوب الحنطة وبعض الفواكه: كالتفاح والبرتقال والعنب، فآدم لا يمتلك غير هذه المهنة التي يعتاش عليها هو وزوجته. ومع ذلك يشعر أن العمل في هذا الحقل فيه كثيراً من المتعة وقتل الوقت والتنفيس من خلاله عن هواء الضجر والملل الذي ينتابه، بسبب أنه لا يرى أي احد على شاكلته يستأنس اليه ويفض فيه عن مكنونات نفسه وخلجاتها، سوى حواء. فكل ما يدور من حوله من مخلوقات هي لا تمت اليه بصلة قرابة، وهم عبارة عن ملائكة وجن وماردين ليس لديهم من عمل أو هوايات اللهم الا التسبيح والتقديس لله، فآدم ضجر من هذه الحياة الرتيبة.
فكان الحقل هو سلوته الوحيدة، اذ يقضي فيه معظم اوقاته في هدوء وسكينة وراحة بال واطمئنان، الى نهاية النهار. وحينما يؤدي ما عليه يعود الى منزله حيث زوجته ليسكن اليها ويحدثها عما قام به اليوم من جهد استثنائي كشتل بعض الثمار والعناية بها وبالحقل، ولا ينسى أن يجلب معه بعض الثمار الناضجة لزوجته الحنونة.
آدم لما خرج من منزله - وهو في طريقه الى الحقل- كان قد نسي الباب موارباً، مفتوحاً على مصراعيه وظلت حواء نائمة في فراشها، فآدم اشفق على زوجته أن يصحيها من نومها، فتركها غارقة في احلامها.
الشيطان هنا اقتنص الفرصة، اذ رآها سانحة له، فرأى حواء مستلقية على فراش النوم في منظر فيه نوعاً من الاغراء، وعلى اثر خطوات أرجله هبت حواء مرعوبة، فأشار اليها أنْ لا تخافي.
- أنا فاعل خير جئتك لأمر هام لا غضاضة عليه منه. قال ذلك بلغة المنتصر.
فذهب عنها الروع، فما كان منه الا أن قدم اليها حبة من فاكهة مغرية لم ترها في حياتها قط، قائلا لها:
- كليها ولا تخافي. واردف بعد هنيئة.
- أن فيها لسراً ستكتشفينه بعد حين.
تناولت حواء حبة الفاكهة وراحت تقضم فيها قليلاً - قليلاً، حتى قضت عليها الى الآخر. فبدأت لها سوأتها حتى كادت أن تصاب بالرعب، فطمئنها وشرح لها القضية، واقنعها بأن يقترب منها.
ونام معها في نفس الفراش حتى اقترب موعد مجيء زوجها، فنهض مسرعاً، بعد أن قضى منها وطره، وهم بالخروج، واعطى لحواء حبة أخرى من تلك الثمرة واوصاها أن تقدمها الى زوجها وأن تحثه على تناولها.
وحينما عاد آدم من عمله ورأى زوجته في هذه الحال التي هي عليها اصيب بالذهول، وكاد أن يغمى عليه، فقالت له:
- اطمئن أنه خير أصابنا.
فقدمت له تلك الثمرة التي اوصاها الشيطان بإعطائها لزوجها، فتناولها من دون ممانعة.. فبان له هو الآخر سوأته، واخذه العجب، وهنا قال لها بلغة الاسف وتحسر:
- لعلك قد نسيت وصية الرب يا زوجتي العزيزة؟.
ثم بادر لها، فاحتضنها وراحا يمارسان الحب بسعادة غير معهودة.. لكنهما لم يدركا بأن ذريتهما ستعيش الشقاء الى أبد الآبدين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع