الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغيير فهم المصلح الديني للإلحاد

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2018 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قام كاتب تنوير واصلاح اسلامي من المقام العالي في المعرفة والنشاط بوصم الممارسات السلبية لفرق وأفراد الإسلام السياسي وحكمه الظالم في السودان انها ممارسات إلحادية تغالط الاسلام. وبهذا الوصف التكفيري ضرب رأيه برأيه.
فقد لطم الجبروت الإخواني بالإلحاد كلمة واحدة فاصاب بهذه التكفير رسالته ورايه الأصيل والأصولي الداعي لعدم التكفير، واحتقر موقف بعض حلفاءه الملحدين، وألقى بالصراع الديني في نهاية السياسة وبداية العنف ورمى الصراع السياسي في قلب الدين.

وفي هذا التطرف نسى ان "الزندقة" و"الإلحاد" كلمات وممارسات متنوعة وباب لعدد من البيوت، وان بعض الإلحاد درجات، وبعضه طلوع إرتقاءات وبيان لمقامات. نسى القائل ان كلمات من نوع "الزندقة" و"الإلحاد" مثل كل الكلمات الواسعة المميزة بـ"الـ" أو المرفوعة بها عن سواد المفردات مثل : "الإيمان"، "الرسالة"، "الاسلام"، "القدر"، فهي كلمات لها معاني واسعة ومدارات يختلف النظر إليها بل ونوع الضوء الطالع منها. وان تثبيت وتعميم بعض هذه المعاني والمدارات وتجاهل أخرى يؤدي إلى قراءة أو فهم خطأ للمفردة أو لسياقها.
وعند بعض العرب تقدم مفردات الزندقة والإلحاد كمنظار سلبي إلى الدين أو نشاط مضاد للتدين، وهذا خطأ، فـ"الحرية" ضد الدين، و"المعرفة الموضوعية" ضد الدين، و"التفكير الانتقادي" ضد الدين، و"معالم علم التاريخ" ضد الدين، و"قانون بقاء المادة" ضد الدين، و"التفكير العلمي" ضد الدين، بل حتى النشاط الديني الإسلامي لبضعة وسبعون فرقة قد يعد ضد الدين!، أي بذلك المعنى الجزاف المألوف لمفردة "الدين". لذا فربط الزندقة و الإلحاد وحدهما بمعنى رفض الدين خطأ، والنظر إليهما كعدو للدين خطأ، لأن كل حصر لمعنى واسع، عمل محكوم بثقافة مفسره أو بثقافة مستعمل المعنى المنسوب إلى المفردة التي تتنوع صياغة وفهوم وموضوعات تبلورها في الحياة هل هي ضد الدين أو إنها ضد التصورات المغلقة لعمل الذهن؟ أو ضد التصورات الرافضة لحرية الذهن؟ أو الناصبة العداوة لقدسية التفكيروالرأي؟

وقول الاستاذ العالم ان "الإخوان المسلمون ملحدون" بحكم فشل وجرائم اجتهاداتهم، رأي جمع السم والعسل:
السم في تضييقه معنى "الإلحاد" وحصره في معنى رفض أو عداوة للدين، بينما للزندقة والإلحاد معاني مختلفة منها محبة المعرفة المباشرة للأمور والموضوعات، أو محبة التعامل معها بأسلوب ذاتي أدبي أو حسابي. أو أنه حال طلب للعلم، أو إنه رحمة من الله بفتحه سلاسل من أسئلة، ومن ثم فان وصم إجتهادات الإخوان المسلمين بأنها "إلحاد" انما هو نوع خبيث من التكفير يضرب في آن واحد فرق الإخوان الحاكمين للسودان وبعض أفراد الفرق المعارضة لهم!

في آن وقول واحد ادان الأستاذ العالم الاخوان المسلمون ومراوغتهم واستغلالهم كل معالم الشريعة التي يتشدقون بها لكسب أموال وجاه على حساب معاناة الناس، وتكبيدهم المشقات الجسام لسد بعض الرمق. وفي معنى كلامه عن فشل رسالتهم وشيطانية فهمهم للإسلام إوماء إلى ضرورة "الرسالة الثانية من الاسلام"، وهي رسالة تحاول عقلنة فهم الناس للدين وتصور يزعم بشكل عام نصرة الديمقراطية والإشتراكية لكنه يفهم الإلحاد وطبيعة معانيه المختلفة بنفس الأسلوب الإختزالي السلبي القديم لقراءة الشريعة ورسالتها الأولى للالحاد! وبنفس فهم جماعات الإخوان للالحاد! وهو فهم اصر واغلال، لا يسر فيه ولا عقل ولا رحمة، بينما التعامل الموضوعي مع أي ظاهرة أو مفردة ولو كانت من لدن "الإيمان" أو "الإلحاد" يتحقق باهتمام بتاريخ وجغرافية معالمها، بداية بدراسة جذورها الفكرية العميقة وطرح الأسئلة السابرة لمعالم بنيتها وتناقضاتها، بداية تتحقق بأسئلة من نوع:

1- هل الإيمان الديني إلحاد ضد حدوث وتبلور الطبيعة؟ أو زندقة ترفض وقائع وعلاقات الطبيعة وأشكال نموها؟

ما هي الجوانب الموجبة في الإلحاد؟

3- هل الزندقة والإلحاد من التهم التي طالت فلاسفة وعلماء المسلمين؟ ولماذا كان بعضهم يقبل إطلاقها على آخرين؟

4- هل يشمل التعريف الجزاف لمفردة "الإلحاد" كمغالطة ضد الدين او انحراف عن رسالته كل دول الخلافة (الطاغوت) وولاء اتباعها لها منذ أكثر من 1400 سنة؟ (بحكم تشابه حوادثها ومعالمها السلبية مع أحداث ومعالم حكم الإخوان)


لو تعامل الأستاذ العالم مع عيارات "الحكم الرشيد" في مسائل الدولة والمعيشة والعلاقات الأجتماعية والمجتمعية لكان أنسب للسياسة والعقلانية في قياس كفاءة الإخوان المسلمون بصورة موضوعية من استعماله صيغة الإيمان-الإلحاد بكيل وميزان مختل.


خلاصة:
ان أي دعوة لتجديد الحكومات أو لتجديد الشرائع والرسالات، لاتكفي لتكون في حد ذاتها لتكون مقدمة لأي تغييرات فعالة، بل من الضروري لاحداث وانجاح أي تغيير فعال القيام بتجديد الذهنية والنظام الفكري المطالب أو القائم إنجازعلى التجديد.


المنصور جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل