الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باسور عراقي

لبنى ياسين

2018 / 10 / 15
كتابات ساخرة


في دراسة أجرتها جامعة أمريكية مرموقة، شملت بلدان العالم بأجمعه، الأول، والثاني، والثالث، المتقدم منها والنامي والمتخلف، احتل المواطن العراقي المركز الأول عالمياً من حيث الرفاهية التي تقدمها حكومته له، والرعاية الصحية " الاستثنائية" التي يتمتع بها كمواطن.

ولا يبدو الأمر غريباً على بلد نفطي، يعتبر من أغنى دول النفط في المنطقة لغزارة إنتاجه، وبيعه للذهب الأسود، أما المعايير التي بنيت عليها الدراسة، فهي بواسير الرجال، ومهابل النساء ولا أقصد الهبل هنا، نعم البواسير والمهابل ولا تستغربوا.

فأن ترسل الحكومة مواطناً لاقتلاع باسور من مؤخرته إلى أرقى مشافي أوروربا، وتكلف عملية هذا الباسور ملايين الدولارات من خزينة الدولة، برقم يمكن له أن يدخل موسوعة غينيس بعنوان "أعلى تكلفة دفعت لعملية بواسير"، وهو أمر ملفت، ولا أعتقد أنه يمكن لحكومة في العالم غير العراقية أن تستطيع احتمال كلفة كهذه، وربما بالنسبة لدولة أخرى لا تضع الرعاية الصحية لمواطنيها في قمة هرم الاهتمامات سيكون خيارها أن تصرف هذه الملايين على عملية التعليم، أو المرافق، لكن في الحقيقة العراق لا يحتاج ميزانية للتعليم أو للمرافق، حيث أن المواطن العراقي استغنى عن المدرسة في سن الطفولة، وليس ذلك من قبيل السعي المبكر للرزق، وعمالة الأطفال لا سمح الله كما ستعتقدون، ولكن من باب الرفاهية، فما حاجة مواطن في دولة نفطية غنية إلى الشهادات، طالما أن الدولة ستمنحه من المال ما شاء وأكثر، وما حاجته إلى المرافق، طالما أنه يقضي الصيف في أوروبا، والشتاء في أفريقيا.

وأن ترسل مواطناً آخر لعمل عملية تجميل وتبييض لمهبل زوجته، ويكلف ذلك الدولة الرشيدة ملايين الدولارات، أمر له مدلولاته حتماً، فالمواطن العراقي مدلل عند حكومته، وهي تحاول الإطمئنان على راحته بدءاً من الخلف إلى الأمام ، وأرجو ألا تفهموني بطريقة خاطئة، فالكل يدرك أن سعادة المواطن الزوجية، وخاصة عندما يكون مسؤولاً تنعكس إيجابياً على أدائه لعمله، وتفتح شهيته للحياة، والعمل، والإنجاز، بغض النظر عن نوعية ذلك الإنجاز، وما ينتج عنه!! .
يبدو لي أن المحظوظ من العراقيين فقط سيحظى بباسور يدر عليه ملايين الدولارات، ويتسبب له مع الألم والحرقة المصاحبة للإصابة بسياحة خمس نجوم في أوروبا، ينهيها بالعملية، ويعود ليقبض ثمن سياحته من الألف إلى الياء، مروراً بالتسوق والهدايا، و أي شيء يخطر في بالكم.
وأظن أن هذا الموضوع سيسبب سباقاً محموماً في شرب الشاي العراقي الأسود، والتهام المأكولات الهندية الحارة ، والجلوس الطويل في المكاتب ، والمقاهي وغيرها، في محاولة محمومة لإنبات هذا الباسور عند المواطنين الذين تستطيع الدولة إرسالهم إلى أوروبا لإجراء العملية.
وقد تسمعون عن طرق لإنزال الباسور المبارك، لم تخطر في بال الشيطان نفسه .
بقي هنالك تفصيل من التفاصيل التافهة التي لا أهمية لها، أسوقه لكم من باب الأمانة الأدبية والعلمية، حول المركز السياسي المرموق الذي يتمتع به كلا المواطنين المذكورين، وماذا يعني أن يكون المواطنان المذكوران مسؤولـَــيْن في الحكومة؟! ستذهب بكم أفكاركم السوداء إلى اتهام الحكومة بالفساد، لا يا سادتي، يجدر بكم أن تتذكروا جيداً أن المسؤول هو مواطن عراقي كبقية المواطنين، ويحق له الإستفادة من الرعاية الصحية لحكومته الرشيدة كأي مواطن عراقي آخر لا يستلم منصباً قيادياً.

أما إن سألتم عن سبب وجود آلاف المواطنين الذين يعانون من البواسير، ولم ترسلهم الدولة لاقتلاع هذا الباسور ولا حتى إلى مشفى حكومي لاجراء تلك العملية "السهلة "مجاناً، فالإجابة بوضوح أن الباسور المزمن الذي يعاني منه بقية الشعب العراقي باستثناء المسؤولين هو "حكومته الرشيدة"، وهو باسور عصي على الإقتلاع، وعلى العلاج، ، ولا حتى في مشافي أوروبا المتقدمة ، وهو ناتج عن إمساك مزمن يتعمده المواطن العراقي، منها مثلاً إمساكه لأعصابه في ظروف تجعل الجنون أقل ما يمكن أن يصيبك، ومنها إمساكه عن الإنتخابات التي كان يعلم أن صوته فيها لا يقدم ولا يؤخر، وإمساك الأطفال الصغار من عامة الشعب متلبسين بالعمل الشاق خارج جدران المدرسة ليعيلوا عائلاتهم، وإمساك خزينة الدولة وهي تهضم وتخفي مليارات الدولارات دون أن يتمكن مسؤول واحد من التنبؤ ولو عن طريق العرافات، وضرب المندل بالمكان الذي آلت إليه!! ألم أقل لكم أنه باسور مزمن عصي على الإقتلاع، فضلاً عن العلاج.

وأما إن أردتم معرفة مصدر الدراسة، فهي جامعة "هار- زور - فارد" لتزوير الحقائق، وهو اختصاص أمريكي بامتياز، وقام بالدراسة "مسيلمة الكذاب" تلميذ ترامب النجيب، ودمتم، ودام باسور الحكومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با