الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ينجح الواعظ الديني حيث يفشل المثقف الحديث

فارس إيغو

2018 / 10 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كيف ينجح الواعظ الديني في استمالة الجماهير ويفشل المثقف الحديث عن التأثير الا على نخبة النخبة وخاصة الخاصة ؟
يتكئ الواعظ الديني على المخيال الشعبي الديني الذي ما زال مشبعاً بأحاديث العصور الاسلامية الكلاسيكية، بالإضافة الى امتلاكه ماكينة البلاغة اللفظية المُفتنة للأسماع والتي تؤدي الى تحييد كل آليات العقل النقدي، زائد توفر الدعم المادي و فتح كل أبواب الاعلام والمنصات التي توفرها السلطة السياسية والمؤسسة الدينية، بينما تغلق الابواب أمام المفكرين النقديين أو تقنن لدرجة كبيرة.
لنأخذ مثال السيد طارق رمضان ــ ذو الشخصية المزدوجة الواعظ الديني لجمهور المسلمين والمفكر للجمهور والاعلام الاوروبي ــ حفيد مؤسس الاخوان المسلمين حسن البنا والسويسري الجنسية الذي يواجه حالياً تهماً في الاغتصاب و التحرش الجنسي في فرنسا، فقد فتحت له كل الابواب، حتى من قبل الحكومات الاوروبية والسلطات المحلية، حيث كان نجم التجمعات للجاليات الاسلامية في اوروبا في العقدين الأخيران، وكان يدعو في محاضراته الى العفة والطهرانية التي كان أول من إنتهكهما، ولقد كانت قصة مغامراته النسائية سراً شائعاً ومعروفاً للكثيرين، رغم ذلك استمر في القاء محاضراته الوعظية، وأدار العديد من المعاهد والندوات البحثية بدعم البترودولار القطري.
هل ستتغير هذه المعادلة، لصالح المثقف في العصر الإعلامي المعلوماتي؟
لا أظن أن الأمر سوف يميل بسرعة لصالح المثقف في عصر الثورات الإعلامية المعلوماتية، الأمر الإيجابي الوحيد هو أن الاعلام البديل على الشاشة الافتراضية يعطي صوتاً أكبر للمثقف التنويري للتعبير عن آراءه وبحرية أكبر من قبل، بعد أن كان مقصياً عن الاعلام المكتوب والمسموع في العصر ما قبل الرقمي الذي سيطرت فيه وسائل الاعلام الرسمية التي مارست كل أشكال الرقابة والمنع ضد الفكر التنويري؛ حالياً، مع انتشار الاعلام البديل على الشبكة النتية، يوجد فرصة أفضل للمثقف النقدي لتوصيل رسالته بعيداً عن الرقابة السلطوية والدينية، وإن كان ليس بعيداً عن المضايقات والملاحقات القانونية، وحتى القضائية والتعرض للاعتقال بسبب رأي أو فكرة تجرأ على التعبير عنها.
ما زلنا بعيدين عن العصر الذي يفقد فيه الفقيه السياسي سلطته على الجمهور لصالح المثقف التنويري، فتجربة الانتفاضات العربية التي اندلعت في العديد من البلدان العربية تشير الى استمرار هيمنة الفقيه على صناعة الذهنية العربية وتوجيهها الوجهة التقليدية، والتجربة السورية أثبتت أن القيادة الفكرية للجماعات المسلحة في غرب سورية لم تكن لشي غيفارا سوري، بل للشيخ السعودي الوهابي عبد الله المحيسني.
والعبرة الكبرى التي يجب استخلاصها من تجربة الربيع العربي، هو أن الشباب العربي الثائر، لم يتخلص بعد في بنيته الفكرية العميقة من تأثير خطاب الفقيه ومدونته القائمة على الحلال والحرام، لذلك لم يستطيعوا الموائمة بين تطلعاتهم الصادقة نحو نظام سياسي يحترم كرامة الانسان العربي وحريته، وقدرتهم على تجاوز دين الجماعة إلى ديانة الضمير الفردي (كما يقول المفكر التونسي محمد الحداد)، أو التدين الليبرالي الفردي. لقد أرادوا الحرية السياسية بغنى عن مفاهيمها المحايثة في الواقع الاجتماعي، فكان المترجم العملي عن هذه الفوضى الفكرية هي تيارات الاحيائية الإسلامية، أو العودة لنقطة الصفر، أي السلطوية الجديدة كما حدث في مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي


.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل




.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة


.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر




.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري