الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب التجارية الاميركية ضد الصين ...الى الفشل

جورج حداد

2018 / 10 / 16
السياسة والعلاقات الدولية


إعداد: جورج حداد*


بدأ الرئيس الاميركي دونالد ترامب حربه التجارية ضد الصين منذ اشهر وهو يأمل ان يمنع تقدمها نحو احتلال المركز الاقتصادي الاول في العالم خلال السنوات القليلة القادمة.
ولهذه الغاية عمد ترامب لتهدئة التناقضات مع الدول الاوروبية وكندا والمكسيك، بعد فرض الضرائب الجمركية على استيراد الصلب والالومنيوم الى اميركا، وذلك من اجل حصر معركته مع الصين.
ان اول ما يجب ان يقال عن الحرب التجارية لترامب هو: ان الاقتصاد الكلي (macroeconomics) هو الذي يربح دائما في نهاية المطاف.
اي انه اذا استمر حجم التوظيفات الداخلية في اميركا في التفوق على حجم الادخارات، فسوف يتوجب على اميركا ان تستورد الرساميل، اما العجز الكبير في ميزان التجارة الخارجية فسيستمر موجودا. وان تخفيض الضرائب الذي بدأ تطبيقه في نهاية 2017 سيزيد عجز الميزانية الاميركية حتى 1 تريليون دولار في 2020، وهذا يعني ان عجز الميزان التجاري الخارجي سيزداد بصرف النظر عن نتائج الحرب التجارية ضد الصين.
وبسبب ان اميركا تبلغ اقصى قدراتها الاستيرادية والتصديرية، فإن تركيز ترامب على فكرة تعديل الميزان التجاري مع الصين، يعني عمليا ان زيادة التصدير الاميركي الى الصين (الغاز مثلا) سيكون على حساب تخفيض تصدير الغاز الى بلد او بلدان ثالثة، وتخفيض الاستيراد من الصين (الغسالات مثلا) سيكون على حساب زيادة الاستيراد من بلد او بلدان ثالثة، والارجح بشروط واسعار اسوأ بالنسبة لاميركا، مما يعني ان هذه السياسة ستؤدي الى نتائج عكسية لاميركا، وان كان سيزعج الصين جزئيا وهامشيا ومؤقتا.
ومعلوم انه يحيط بترامب فريق اقتصادي غير مؤهل لا مثيل له، وغالبية الاميركيين لا تؤيد حربه التجارية. والتأييد الاجتماعي لترامب سوف يضعف اكثر، حينما يكتشف الاميركيون انه بنتيجة هذه الحرب سوف يخسرون مرتين: فأولا ان فرص العمل سوف تبدأ في التناقص (ليس فقط بسبب الاجراءات الجوابية لبكين، بل ولان الضرائب الجمركية المفروضة من قبل ترامب ستؤدي الى رفع اسعار الصادرات الاميركية وجعلها اقل قدرة على المزاحمة)، وثانيا ان اسعار السلع التي يشترونها هم، ستبدأ بالارتفاع. وهذا يمكن ان يؤدي الى هبوط في سعر صرف الدولار، مما سيزيد بدوره الارتفاع في نسبة التضخم في اميركا وسيزيد اعداد خصوم السياسة الاقتصادية للادارة الحالية. وفي مثل هذه الحالة فإن الفيديرال ريزرف (البنك المركزي) سوف يزيد نسبة الفائدة، مما سينعكس سلبا على التوظيفات ومعدلات النمو الاقتصادي، كما سيزيد نسبة البطالة.
وقد بين ترامب كيف ستكون ردة فعله حينما تصبح اكاذيبه مكشوفة، وسياسته تتعرض للفشل. حينئذ هو يفضل ان يراهن على كل شيء دفعة واحدة.
ان الصين تعرض على الرئيس الاميركي عدة مخارج من الوضع الحالي. ولكن ترامب يرفضها جميعا. وفي كل حال يوجد امكانية للخروج من هذا الوضع ولكنها مرتبطة بثلاث صفات للرئبس الاميركي:
1 ـ ان اهتمامه مركز فقط على الوجه الخارجي وليس على جوهر المشكلات،
2 ـ عدم القدرة على التنبؤ برود فعله،
3 ـ انجذابه نحو سياسة "القبضة الشديدة".
ومن غير المستبعد ان يعمل ترامب للاجتماع بالرئيس الصيني، ويعلن النية في حل المشكلات، كما جرى مع زعيم كوريا الشمالية.
وفي مثل هذا السيناريو يمكن لترامب ان "يحل" المشكلة، التي اوجدها بنفسه، دون ان يكون بالفعل قد حل شيئا.
وحتى في حال نجاح هذا السيناريو التمثيلي ـ التهريجي لترامب، فإن العالم بعد الحرب التجارية الاميركية الغبية ضد الصين، لم يعد هو نفسه، بل اصبح عالما اسوأ بالنسبة لاميركا خصوصا، وبالنسبة للكتلة الغربية عموما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس يبحث تمويلا إضافيا لإسرائيل| #أميركا_اليوم


.. كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي: لدينا القدرة على




.. الخارجية الأمريكية: التزامنا بالدفاع عن إسرائيل قوي والدفاع


.. مؤتمر دولي بشأن السودان في العاصمة الفرنسية باريس لزيادة الم




.. سر علاقة ترمب وجونسون