الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياحة الصحراوية بالجنوب الشرقي التونسي:ثروة غير مستغلة في ظل غياب مقاربات شاملة للمشهد السياحي التونسي (تطاوين نموذجا)

محمد المحسن
كاتب

2018 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر ولاية تطاوين من أهم الأقطاب السّياحية الواعدة لثراء مخزونها الأثري والتراثي وتنوع المناظر الصّحراوية (واحات، جبال، صحراء مترامية الأطراف، قصور صحراوية، قرى بربرية، معالم أثرية، مواقع جيولوجية، تحصينات عسكرية...) وهذا المخزون يمكن توظيفه لتنمية السياحة الصّحراوية حيث تعتبر منطقتا رمادة وذهيبة المكان المناسب لتنمية السياحة الصحراوية نظرا لما تتميزان به من محيط صحراوي رائع إلى جانب نمط عيش السكان المحليين..
ولكن
ظلت السياحة الصحراوية في تونس رغم قدمها قطاعا مهمشا غير مستغل استغلالا جيدا واقتصر دورها على إن تكون عجلة خامسة للسياحة الساحلية فمنذ سنين طويلة اعتبرت النزل في دوز و توزر حلا لتخفيف العبء على السياحة الساحلية حين تكتظ النزل في الصيف و لسنين طويلة كان السياح يأتون إلى دوز في فصل الصيف في درجة حرارة تصل إلى 45 درجة في الظل يصلون مساء و يغادرون في الصباح الباكر … هذا التصور همش السياحة الصحراوية ولم يجعل منها قطاعا حيويا ينفع المنطقة من الناحية الاقتصادية فالسائح يأتي متأخرا و يغادر باكرا فهو لا يقيم بالمنطقة و بالتالي فهو لا يستهلك ولا يشتري الصناعات التقليدية في المنطقة و في دوز وتوزر وفرة من الصناعات التقليدية التي تختص بها هذه المنطقة و لا تتوفر إلا فيها كما إن المنطقة تتوفر على مخزون ثقافي وتراثي كبير لم يقع استغلاله كمنتوج سياحي له مريدوه في السوق العالمية…
في اغلب الومضات الدعائية للسياحة التونسية التي تدفع الدولة تكاليفها في التلفزات العالمية و وسائل الإعلام الأجنبية المختلفة وفي الحملات الدعائية في المعارض والمناسبات وغيرها يقع التركيز على المنتوج السياحي الساحلي و يمكن الجزم بان هناك تأمر متعمد من اللوبي الساحلي الذي يمتلك اغلب المؤسسات السياحية الساحلية على السياحة الصحراوية …
إن السائح الغربي لا تصله معلومة إن درجة الحرارة في الجنوب التونسي في رأس السنة في ديسمبر تصل إلى 25 درجة حينها يكون هذا السائح غارقا في الثلوج و البرد في شتاء أوروبا…
إن السياحة الصحراوية هي سياحة شتاء لا سياحة صيف لكننا لم نروج لهذا ولم نستغله لنجلب السائح إلى الجنوب كما إننا لم نوظف ما تتوفر عليه مناطق الجنوب من ثراء ثقافي و مخزون تراثي لدعم السياحة الصحراوية و حتى المهرجانات كمهرجان الصحراء بدوز أو مهرجان الواحات بتوزر لم تستطع بالطريقة التي تدار بها و بالميزانيات المضحكة التي تخصص لها سواء من وزارة الثقافة أو وزارة السياحة إلا أن تكون فلكلورا …
فمن المفارقات مثلا أن وزارة السياحة التي يناط بعهدتها الترويج للسياحة الصحراوية وتطورها تعطي لمهرجان الصحراء الدولي بدوز دعما ماليا ب40الف دينار و اقل من نصف هذا المبلغ تعطيه وزارة الثقافة التي أعطت مبلغ 80 ألف دينار لدعم البوم للمطربة التونسية أمينة فاخت-وهذا موضوع آخر يستحق الحبر الغزير-..
ان المنتوج السياحي الصحراوي يعد منجما لم يقع استغلاله بعد و يعتقد كثير من المختصين في السياحة أن السياحة الصحراوية يمكن أن تكون منقذا للسياحة التونسية إذا وقع استغلالها على الوجه المطلوب لان المنافسة فيها قليلة في المتوسط وشمال افريفيا فالجزائر لا تهتم بالمنتوج السياحي و كذالك ليبيا و المغرب لديها مشكلة الصحراء الغربية و هذا يجعل المنتوج السياحي الصحراوي شيء تختص به تونس و لا منافس كبير لها فيه بينما لديها منافسين كبار في السياحة الساحلية..
قصور تحكي التاريخ
وهناك عندما يصل إلى أقصى مدينة إلى الجنوب، تطاوين، يقف مشدوها أمام ما يعيش ويرى ‏ويلمس، حتى أنه إذا كان قادما في جولة قصيرة فسيجد نفسه مضطرا لأن يجعلها تطول، وأحيانا ‏تطول أكثر، فعلى بطن الجبل يقف نزل فخم من فئة خمسة نجوم، نزل عصري امتزج بروح الجبل ‏وببشائر الصحراء وبكل خاصيات وخدمات النزل العصرية..
وحواليه داخل المدنية يتواجد نزل الغزال وهو من الفنادق العريقة يتوسط المدينة ويديره شاب (السيد خميس فرحات) عرف بدماثة أخلاقة وبراعته الفائقة في التعامل مع الوافدين إلى هذا الفندق وإن كانوا قلائل،هذا بالإضافة إلى الطاقم العامل به (عملة..إداريون..إلخ) جميعهم عرفوا بالإنضباط وحسن التعامل مع الحريف سيما الصحافيين منهم (كاتب هذه السطور يحظى بإحترام شديد من لدن السيد مدير الفندق وكذا بقية العاملين ولهم مني باقة شكر وإمتنان)..إ
لا أن ما يحزّ في النفس هو عدم التكافؤ في الفرص من حيث عدد السياح والندوات الفكرية والثقافية التي غدت حكرا على بعض الفنادق الأخرى دون سواها،في حين ظل هذا الفندق المتميز (الغزال) يشهد كسادا ملحوظا تطول أسبابه وسنتناولها لاحقا عبر مقاربة مستفيضة..
خلاصة القول أتوجه إلى سلط الإشراف بوزارة السياحة بنداء عاجل لتفعيل المشهد السياحي بهذه الربوع الشامخة(تطاوين) وتوزيع -كما أسلفت-الفرص بين مختلف الفنادق بالجهة حتى تعمّ الفائدة وتزدهر السياحة سيما أن فندق الغزال فضلا عن قربه من مختلف المرافق فهو يتضمن على فضاء أنيق:مطعم فاخر يتحوّل أحيانا إلى قاعة محاضرات وندوات فكرية وعلمية..زيادة -كما أشرت-في سياق المقال إلى حسن الإستقبال والتعامل الحضاري مع الحرفاء..
ختاما أقول تحتضن ولاية تطاوين، على إمتداد السنة، العديد من التظاهرات الرّياضية وخاصة منها السباقات التي يتم تنظيمها عبر المسالك الصحراوية والمسالك الجبلية والرحلات بالمناطيد.كما تنتشر بالولاية العديد من الشواهد التي ترمز إلى الحضارات المتجدّرة في التاريخ والتي توالت على الجهة.
هذا ونشير إلى أن مصدرا مسؤولات بوزارة السياحة أفادنا بأن الوزارة وضعت برنامج في الغرض الهدف منه الترويج للسياحة الداخلية وتدارك المواسم السياحي التي عرفت كسادا ما بعد الثورة التونسية المجيدة بسبب الإرهاب وعوامل أخرى سنتطرق إيها لاحقا عبر مقال مستفيض...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا