الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة جديدة في القضية الفلسطينية (21) نقض النظرية السامية والعداء لها

فتحي علي رشيد

2018 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بما أن شعار "العداء للسامية " مازال يستخدم من قبل وسائل إعلام الحركة الصهيونية ومؤيديها كسلاح فعال , ضد كل من يوجه النقد لما تقوم به القوى الحاكمة فيما تسمى دولة "إسرائيل" من أعمال منافية لحقوق الإنسان ـ خاصة ـ الأساسية في فلسطين المحتلة والوطن العربي ,لذلك نرى أن من واجبنا التصدي لهذا السلاح بالتحليل والتفكيك لفله وإتلافه .
فمنذ أكثر من مئة سنة , ومانزال حتى اليوم نسمع عن معاداة للسامية , حيث اتهمت وسائل الإعلام الصهيونية يوم 25أيلول 2018 زعيم حزب العمال البريطاني بمعاداة السامية مع أنه كان لحزبه دور حاسم في قيام دولة إسرائيل وفي دعم اليهود عبرتاريخه الطويل .ومع أن أيديولوجية هذا الحزب معادي للعنصرية . فقط لأنه انتقد سياسة اليمين المتطرف في إسرائيل إزاء ما يقوم به من أعمال مشينة ضدالفلسطينيين ,وتحديدا بعد وقوفه ضد عمليات التوسع الاستيطاني لخطورتها على عملية السلام الجارية في الشرق الأوسط .التهمة ذاتها وجهت لشخصيات عالمية مرموقة معروفة بخلوها من أية أيدولوجية أو مواقف عنصرية .
حيث وجهت هذه التهمة ضد المؤرخ البريطاني الكبير "أرنولد توينبي " لأنه فقط أكد على أنه لم يكن لليهود يوما دولة على كامل فلسطين بل على أجزاء ضيقة منها فقط . وهو ماحصل لروجيه غارودي المفكر الشيوعي عندما أشارفي كتاب له عن الأساطيرالعنصرية المؤسسة للكيان الصهيوني وفندها , حيث قامت الدنيا عليه ولم تقعد حتى أعدم معنويا وسياسيا .وعندما وجه وزيردفاع السويد ووزير خارجيتها النقد لسياسة إسرائيل التوسعية والعنصرية تم اغتيالهما.مع أنهما أبعد ما يكونا عن أية نظرة عنصرية تجاه أي شعب في العالم . ولهذا فإن كثيرين باتوا يخشون أن يلقوا هذا المصير , أومن أن توجه لهم هذه التهمة التي قد تؤدي إلى الحبس والنبذ إذا ماوجه نقدا لما تقوم به الحكومة العنصرية والعدوانية في إسرائيل. (كما هو معمول به في بعض البلدان الأوربية ) بما يحول دون أي إنسان حر ونزيه وشريف في أي مكان في العالم من أن يوجه أي انتقاد لهذا الكيان , لابل باتت تمنعه سلفا , حتى من مجرد التفكير باتخاذ مواقف جدية تجاه العدالة والسلام في فلسطين أوالشرق الأوسط .
مما يحتم على جميع الشرفاء في جميع الحكومات والشعوب والنخب المحبة للسلام ,أن تعمل على تفنيد ودحض هذا السلاح بما يؤدي إلى وقف استخدامه بصورة نهائية .كونه بات معيقا للسلام أكثر مما يشكل نقدا لأعمال قادة إسرائيل المعيقة والمدمرة للسلام في الشرق الأوسط . من هنا تبرز أهمية خاصة لدحض الأسس الفكرية التي قام عليها واستمد منهاسلاح العداء للسامية قوته .ولإزالة رهاب الخوف من اتخاذ مواقف معادية للعنصرية الصهيونية وحتى للظلم والعدوان أينما كان .
النظرية السامية :
مع أن النظرية السامية التي ابتدعها المفكر النمساوي البروتستني "أوغست شولتز "(استاذعلم اللغات والاجتماع ) هي أقدم من النظريات العرقية التي فندها العلم ,لكن مع ذلك مايزال كثيرمن الأوربيين يؤمنون بتلك النظرية .كنوع من استمرار إيمان المسيحيين البروتستانت بالعهد القديم ( التوراة ) ككتاب مقدس مكمل للأناجيل . لذلك ظل تأثيرها ,وسيظل راسخا في عقول المسيحيين المؤمنين بالتوراة ,حتى بعد أن تخلوا عن النظريات العرقية .
استند شولتزفي بناء تلك النظرية التي طرحت لأول مرة عام 1781 على ماجاء في التوراة لتفسير نشوء الأقوام واللغات الشرقية التي ظهرت في المنطقة وانتشرت منها إلى كل أنحاء العالم .وبخاصة على فكرة الطوفان ونجاة نوح واولاده سام وحام ويافث وابنائهما والذين تشكلت البشريه منهم بعدها .(*)
ومن المؤسف أن نقول أن أغلب المؤرخين الكبارالذين جاءوا بعده أخذوا بهذه النظرية دون تدقيق أوتمحيص ( أواستسهلوها ) كما لو كانت منزلة من السماء مثلها مثل التوراة .(**)
نقد نظرية الخلق والطوفان التوراتية :
(1) 1: لن نفند نظرية الخلق التوراتية استنادا لما قدمه علمي الفيزياء والفلك من تصورات حول منشأ الكون كنظرية " الانفجار الكوني العظيم " .مع أن الإيمان او التسليم بنظرية الانفجارأو بغيرها لايغير شيئا في مسألة وجود الله أو عدمه . فتلك مسألة أخرى لاعلاقة لها ببحثنا السلالي بل سنفندها استنادا لما بينه علماء الميثولوجيا والسلالات واللغات كون فكرة السامية استندت عليها .حيث بين علم الميثولوجيا (1)أن الرواية التوراتية حول الطوفان مأخوذة أو مشتقة من الأساطير السومرية القديمة ذاتها , وأحيانا تستخدم الألفاظ ذاتها كما رويت بالضبط في الرواية البابلية القديمة الواردة في اسطورة جلجامش "إيناموليش ".( بما جعل البعض مثل د:"خزعل الماجدي " يعتبرها نسخة كربونية عنها ) . مما يؤكد أن رواية الخلق التوراتية هي رواية اسطورية سومرية قديمة تعود لأكثر من خمسة آلاف سنة لاعلاقة لها لابالرب ولابالله ولا بكيفية وطريقة خلقه للأحياء والبشر , ولا بما أنزله على عبده موسى (**) , بل ببشر محدودي العلم تصوروا طريقة ما لخلق الكون والعالم والبشر في زمن قديم جدا ,أعاد كتابتها لاحقا عدد من الكهنة والكتبة اليهود .
ومن الهام ان نذكر انه يخلط البعض بين ما جاء في الرواية التوراتية والرواية القرآنية عن الطوفان . فلم يرد في القرآن أن الله أغرق البشر كلهم ففي سورة يونس 73 " "فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا " ما يعني أن الله أغرق فقط من كذبوا الرسل فقط وليس كل البشر .كما لم ترد كلمة الطوفان إلا مرتين حيث جاء في إحداهما في قصة موسى " فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد .."وفي الثانية " في الآيه 15 من سورة العنكبوت (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فأخذهم الطوفان وأنجيناه وأصحاب السفينة , وجعلناها آية للعالمين " .مما ينفي أنه أغرق البشر كلهم كما تزعم التوراة ,بل اقتصر على من كفر من قوم نوح فقط.مما ينفي فناء كل البشر وبقاء نسل نوح فقط .
ك

لذا نقول لمن يريد أن يتمسك بتلك الاسطورة البابلية للخلق ويعتبر أنها مقنعة لتفسير خلق الكون ,أوبأن ماجاء في التوراة اليهودية المتداولة حاليا هو ما أنزله الله على النبي موسى فهو حر في ذلك .لكن ليس من حقه أن يزعم أنها الطريقة التي أوجد فيها الله الكون والأحياء والبشر وأن يفرض علينا التسليم بصحتها . فتلك أمور بحثها وما زال يبحثها مئات العلماء من ذوي الاختصاص في الفلك والفيزياء ,يفترض أن نتركها لهم .حتى وإن لم يتوصلوا حتى اليوم من تقديم تفسيرنهائي وشامل ومقنع لمسألة خلق الكون .فهذا لا يبررلنا التسليم برواية أسطورية وخرافية . لذلك علينا أن نتريث و نترك البحث فيها لذوي الاختصاص والكفاءة العلمية 00
2: مع أن رواية الطوفان هي رواية سومرية قديمة إلا أن كتبة التوراة أجروا تعديلا طفيفا عليها فزعموا أن الله بعد أن انزعج من فساد خلقه قرر القضاء عليهم والإبقاء فقط على عباده الصالحين ممثلين بنوح وأبناءه الثلاثة وزوجته وعبيده . من خلال طوفان(1) أغرقهم .بما يعني أن من بقي من البشر ,هم فقط عباده الصالحين الذين يفترض أن يكون أنسالهم صالحين مثلهم .لكن كتبة التوراة اختلقوا قصة أخرى .قيل فيها أن حام بعد أن كشف عورة أبيه بعد أن نجى وسكر وتعرى ,طلب من أخويه تغطية أباهم ,ثم زعموا أن نوح عندما استيقظ انزعج من حام ابنه الصغير لأنه كشف عورته (24- فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ،-25 فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِه 26وَقَالَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ. لِيَفْتَحِ اللهُ لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ، وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ».
( مع العلم انه لم يكن كنعان قد ولد أصلا وهنا نتساءل لماذا يقول نوح لابنه الصغير حام الذي لم يكن له ولد اساسا ويلعن ابنه كنعان وذريته دون أي ذنب اقترفه هو أو نسله ومن قبل أن يولدوا ,بينما أعطى ليافث وسام ونسلهما حق السيادة والحلول محل الكنعانيين في أرضهم فقط لأنهما قاما بتغطيته وهذا ان يدلل على شيء فإنما يقدم مؤشرا قويا على ان من كتب التوراة حاقد على الكنعانيين لدرجة لا يرغب بشيء آخر أكثر من اذلالهم والسيطرة عليهم وهذا ما يفسر لنا أيضا حجم القناعه المترسخة لديهم بسمو مكانتهم على البشر ).
3:تزعم الرواية التوراتية . أن الله عندما غضب على سلوك البشر أرسل عليهم الطوفان فغمرت المياه الأرض كلها وقضى على جميع الخلق باستثناء من ركب في الفلك مع نوح . وهذا طبعا غير صحيح , حيث من المستحيل أن تغمر المياه كل الكرة الأرضية إلا إذا رفضنا فكرة كروية الأرض واعتبرناها مستوية كما كان يؤمن بذلك كل البشرحتى قبل ثلاثمائة سنه . أما إذا علمنا استنادا لما قدمته علوم الجيولوجيا والمستحاثات والآثار أن شيئا من هذا لم يحدث إلا في مناطق معينة من جنوب العراق (الأهوار ) , وبأن الغمر إن حدث في منطقة ما فهو لا يحدث فجأة بل تدريجيا ,خلال فترة زمنية طويلة تمتد لملايين السنيين (وليس لخمسين يوما كما زعم عزرا ) ونتيجة لتبدلات تدريجية في المناخ وتراكم الرسوبيات أو لانزياحها , جعلت وماتزال تجعل البحار تغمر بعض مناطق في اليابسة , في ذات الوقت الذي تظهرفيه جبال ويابسة جديدة . وليس نتيجة لغضب الرب على الأشجار والطحالب والحشرات والديناصورات , وفي وقت لم يكن قد ظهر فيه الإنسان بعد .مما ينفي نفيا قاطعا تلك الرواية ويجعلها غير صالحة للتداول.
4: تفترض التوراة في سفر التكوين أن عمر البشر على الأرض (منذ نوح ) يقدر بستة آلاف عام , بينما قدمت علوم الآثارالحديثة بناء على ماقدمته علوم الجيولوجيا والمستحاثات والفيزياء . من خلال حساب نسبة الكربون والبوتاسيوم المشع المتبقية في الهياكل العظمية العائدة للجنس البشري الحالي هيومان سابينس (الإنسان العاقل والذكي الحديث )(2)حوالي مئتي ألف عام وليس لستة آلاف كما تزعم التوراة .كما بينت دراسة البنية الجينية والكيمائية الأساسية لجميع بني البشر الحاليين بأنها ماتزال هي ذاتها لم تتغير إلا قليلا .(كما بينا في بحث سابق ) . وعلى فرض ظهور طفرة في البنية الجينية الأساسية للبشر بعد الطوفان ,فإن عمليات الهجرة و التنقل والتزاوج والطفرات التي مرت بها البشرية بعد ذلك ,ستؤدي إلى نقلها وتبادلها واختلاطها .مما ينفي نفيا قاطعا أية إمكانية لبقاء أو وجود أية سلالة نقية وصافية لساميين أو لحاميين أو لغيرهم كما تزعم النظرية السامية التوراتية .
5: تزعم النظرية السامية أن سلالة سام (أن ابناءه وأولادهم مستمرين إلى اليوم ) ظهرت في الجزيرة العربية أوفي اليمن (في جنة عدن المزعومة ) والبعض يرى أنها في جبال آرارات في إرمينيا حيث استقرت سفينة نوح . وبأنها كانت تتحدث لغة واحدة (لسان واحد ) أطلق عليها مصطلح اللغة السامية ( مع أنه يفترض أن يتحدث أبناء وسلالة كلا من يافث وحام اللغة ذاتها )ثم تفرعت عنها عدة سلالات عرقية وعدة لغات انتشرت شمالا في فلسطين والعراق وبلاد الشام ومصر والحبشة . بينما بينت دراسات علم الأثار والباليونتولوجيا والجينولو جيا واللغات أن البشر وجدوا منذ الأبداية على شكل مجموعات كبيرة (حوالي ألفي مجموعة تتكون كل واحدةمنها من عدة عوائل وليس عائلة واحدة وبلهجات متباينة كونها تمتد على مساحة واسعة من شرق إفريقيا ) تنتمي لإنساني نياندرتال وسابينس ظهرت أول مرة في اثيوبيا قبل مئتي ألف سنة ,ثم انتشرت شمالا من خلال الانهدام الجيولوجي الكبيرإلى مصر ومنها إلى فلسطين عبر برزخ السويس .ومن ثم اتجهت نحو البحر الميت وضمن وادي اليرموك وغور فلسطين الذي استقرت فيه فترة طويلة (بسبب اعتدال الطقس أكثر مما في مصر )ثم اتجهت شمالانحو سهلي البقاع والغاب ,ثم تفرعت شرقا ثم غربا ثم جنوبا نحو الجزيرة العربية . خلال فترة تراوحت مابين ستين وأربعين ألف سنة .وقبل حوالي 35 ألف سنة انتقلت مجموعات من الفرع الأسيوي من سيبرسا ومنغوليا إلى القارتين الأمريكتين .وبعد ذلك بحوالي عشرين ألف سنة بدأت تظهرمجموعات بشرية مختلفة نتيجة الإستقرار .ثم تباينت شكليا ولغويا وقوميا ودينيا .
6: بين العالم الإيطالي "كفالي سفورزا " بناء على دراسة استمرت عشرين سنة تبحث وتدقق في العلاقة بين المورثات واللغات (نشر قسم منها في مجلة العلوم الأمريكية عام 2009) أن مورثة اللغة تثبتت في دماغ الإنسان منذ أربعين ألف عام وليس منذ ستة آلاف فقط.وأن الأساس اللغوي للبشر الذين انتشروا كان بأصوات محدودة إفريقية زادت من خلال التطور أو الانعزال البيولوجي .بما يعني أن لا أصل للغة أو لغات سامية . بدليل نشوء لغات جديدة وعدم وجود أي صلة لغوية على الإطلاق بين اللغات القديمة الهيروغليفية والمسمارية واليابانية , أو بينها وبين اللغات الحديثة كالكنعانية القديمة والعبرية والعربية واليونانية واللاتينية .وما يؤكد على ذلك أن لغات المجموعات البشرية تتنوع حسب التنوع الجيني والبيئي وكلما زاد التباعد وليس بناء على تعديلات على لغة أولى سامية .مما ينفي وجود أصل لغوي سامي لها كما زعم شولتز .ومن المؤسف أن جامعات غربية ماتزال ـ تدرس في جامعاتها ماتسمى "اللغات السامية " .
7:وعلى فرض أن عرقا أو سلالة (ولتكن سامية حسب الرواية التوراتية ) نتج عن طفرة ( جيم ) لحقت ببعض البشر مع ظهور النبي سام ابن نوح بعد الطوفان منذ ستة آلآف عام .فإن هذه الطفرة ستكون موجودة وظاهرة في جميع أبناءسام(إي جميع سكان جنوب غرب آسيا ) وليس في نسل ابراهيم أو نسل اسرائيل أو في اليهود فقط . وعلى فرض أن سلالة سام النقية والصافية ( وهذا خيال ووهم ) قد ظهرت نتيجة لطفرة وراثية لحقت بالنبي إبراهيم بعد ألفي عام فهذا معناه أنها ستنتقل إلى جميع أبناءه سواء أكانوا من رحم السيدة سارة أم من رحم الجارية هاجر أم من أرحام غيرها من الجواري الذين تزوج بهن.إي في العرب والمسلمين واليهود وليس في نسله من سارة فقط . الأمر ذاته ينطبق على نسل يعقوب ( الذي غيرت التوراة اسمه إلى إسرائيل ) بمعنى أنه إذا كان يمثل السامية النقية ,أو أن ثمة طفرة أصابته , فإن صفة السامية ستتنتقل إلى جميع أبناءه أومايسمون ب "الأسباط الإثني عشر" كلهم , ويفترض أن يكون جميع أنسالهم حاملين لذات البنية الجينية التابعة لإسرائيل (كون البنية الجينية للأبناء تحددها كما بين علمي الوراثة و الجينولوجيا , النكليوتيدات المحمولة على الصبغي" واي "العائد للرجل وليس للصبغي "إكس " العائد للأم التي ينسب اليهود أبناءهم لها ). وبالتالي فهي لن تكون مقتصرة على سبطي يهوذا وبنيامين أو على اللاويين فقط بل ستكون موجودة في سلالات الأسباط العشرة كلهم .وبما أن اليهودية كديانة ظهرت بعد موت يعقوب بحوالي 500 سنة فإن هذا وحده ينفي نفيا قاطعا أن يكون أحفاد هؤلاءالسبطين فقط هم الذين تميزوا بصفات السامية الأساسية من قبل أن تظهر اليهودية كديانة كونهم حاملين لتلك الطفرة .
8: وعلى فرض أن السامية باتت صفة ملازمة لكل من أمن باليهودية فهذا معناه أن كل العرب الذين تهودوا هم ساميين أيضا خاصة السامريين المنحدرين من الأسباط العشرة (المختلفين عن اليهود والرافضين لهم ,وهم الذين ماتزال بقاياهم في جبل جرزيم في نابلس منذ خمسة آلاف سنة حتى اليوم ) .لهذا نستبق لنقول أنه إذا كانت معاداة السامية تستند على الأصل العرقي والسلالي فيفترض أن تشمل السامريين العرب وأن لاتشمل اليهود الأثيوبيين كونهم من سلالة حام , وأن لاتشمل اليهود الروس والبولونيين كونهم من سلالة يافث وتبنوا اليهودية منذ حوالي ألف سنة فقط .بل يجب أن تطبق أيضا على كل من يعادي أي شعب وبخاصة شعوب الشرق الأوسط كلها.ويفترص أن ترفض ممارستها ضد العرب والفلسطينيين (كون أغلبهم ساميين هاجروا من جزيرة العرب حسب تلك النظرية ) لاأن يكون مقتصرا على رفض معاداة اليهود الصهاينة فقط .
نخلص مماسبق أنه إذا كانت السامية خرافة سومرية فإن وجود عداء لها خرافة أيضا .وإذا انتفى أي وجود عضوي لسلالة سامية نقية وصافية , يصبح أي حديث عن عداء لها ,مجرد عداء سياسي وإعلامي مبرمج ,وبمثابة "بعبع " خرافي للتخويف يعمل على إسكات وإرهاب كل من يريد أن يقف ضد الصهيونية وممارسات حكام إسرائيل العنصرية والعدوانية .وضد كل من يسعى إلى إقامة السلام العادل في الشرق الأوسط والعالم .
فتحي علي رشيد
1/10 / 2018
............................
(*)تفترض هذه النظرية أن كل المجموعات البشرية نشأت من ذرية نوح وأبناءه سام وحام ويافث ,فمثلا تفترض أن نوح عاش 950 سنة وأن من نسل ابنه سام جاء عيلام ولود والأخير ولد ارفكشاد وهذا ولد عابر ( جد العبرانيين ) وهذا ولد تارح الذي ولد ابرام .ومن نسل حام جاء كوش ومصراييم ( جد كل المصريين )وفوط وكنعان( جد كل الكنعانييين ) ومنهم ولدصيدون ومن كوش جاء نمرود وأشور وبابل وأكد وشنعار ونينوى ..إلخ كما ترى التوراة اليهودية أن شعوب الأرض كلها كانت تنطق لغة واحدة (السامية )تفرعت عنها عدة لغات لأن الله لم يعجبه ذلك "ولما علم ذلك قال هلم ننزل ونبلبل ألسنتهم حتى لايسمع بعضهم لسان بعض " التكوين 9/
(**)مع أن التوراة التي انزلت على النبي موسى كما عرف الكثيرين وهو ما بيناه في بحث سابق (أنها فُقِدت وضاعت ,ولم يتم العثور عليها ولا على اللوحين في رواية أخرى ) بما يفهم منه أن التوراة اليهودية المتداولة حاليا هي من كتابة بشر سعوا جهدهم لتأريخ مايرونه على الأرض حولهم وماسبقهم من أحداث وما جرى حولهم من وجهة نظرهم ,لذلك اعتبركثير من المؤرخين أن ماجاء فيها يعكس الحقيقة التاريخية كلها ,أوعلى الأقل جزءا منها .
لذلك يفترض بنا نحن اليوم أن نناقش ماجاء فيها باعتبارها رواية تاريخية كتبها بشر مثلنا ,واعتبارها غير مقدسة.بل قابلة للنقاش والدحض من خلال مقارنتها مع روايات أخرى قدمها علم الآثار أو روايات أخرى تستند إلى العلم والمنطق .
(1) بين فراس السواح أول مرة في كتابه " مغامرة العقل الأولى " استنادا لأبحاث علماء اجتماع وانثربولوجيا وأديان غربيين كثر وهو ماأثبته لاحقا كلا من الدكاترة :خزعل الماجدي ويوسف إدريس وأحمد الشلبي وعبد الغفار مكاوي وأحمد سعد .و.أن بقايا الأساطيرالآشورية والبابلية خاصة فيما يتعلق بفكرة الخلق والطوفان ماتزال قائمة أو كامنة ,في أغلب الأديان المنتشرة في المنطقة والعالم وبخاصة في الديانة اليهودية أكثر من غيرها مما يفهم منه أن من يتمسك بها هم فقط المتمسكين بلقديم البالي الذي لم يعد يقنع أحدا. كما أثبت هؤلاءأن رواية الطوفان مأخوذة من ملحمة جلجامش . حيث كانت بلاد الرافدين تشهد سنويا أو في بعض السنوات خاصة في الجنوب طوفانا يغرق الأراضي وهو مانراه في أهوار العراق حتى الوقت الراهن . لكن من المستحيل أن تغرق كل أرض العراق أوالأرض بمياه طوفان الأنهرأوحتى البحار .
يفترض أن تتم كتابة ماأنزل على موسى باللغة الهيرغليفية أو الهيرومنتيقية السائدة في مصر في ذلك الزمان الذي لم تكن فيه الأوراق والطباعة قد ظهرت , بما يفهم منه أن الأمر يتطلب لكتابتها على الجلود أو على البردي أطنانا بحيث يستحيل نقلها أوحفظها ,أووضعها في تابوت العهد كما طلب موسى على حد زعم كتبة التوراة .
(2) أظهرت أبحاث جديدة لعلماء آثار وأركيولوجيا نشرت في مجلة العلوم الأمريكية في عام 2009. أن أقدم تميز للإنسان عن القردة العليا إنسانيات الشكل تجسد فيما سمي القرد البشري (انثرالوبيثيكوس ) الذي عثر على هياكله في اثيوبيا ويعود لحوالي 6.6 مليون عام أما جنس الانسان منتصب القامة ( هيومان هابيليس ) فلقد ظهرت آثاره منذ حوالي 2و4 مليون عام , أماالإنسان العاقل فظهرت منه أربعة أنماط بعد 2,4 مليون عام منها إنسان بكين وجاوة وكرومانيون ثم جد إنسان نياندرتال ( العاقل الحديث ) الذي ساد وحده منذ مئتي ألف سنة .حيث عثرعلى هياكله في أماكن متفرقة من العالم خاصة في فلسطين وأوروبا , بينما لم تكتشف الهياكل العظمية للانسان الحديث والذكي ,الحالي ( هيومان سابيانس الذي يتميز بالجبهة العريضة ),إلا منذ حوالي مئة ألف عام , ولم يسد وحده في الأرض إلا منذ حوالي أربعين ألف سنة فقط .بينما أظهرت حفريات جديدة بقايا لنياندرتال تعود لستين ألف سنة .والبحث مازال مفتوحا لكشوف جديدة , لكنها لن تغير كثيرا في الصورة العامة الحالية إلا قليلا .وعلى فرض أنه تم العثورعلى هياكل وكشوف جديدة مغايرة فهذا لايعني أن نسلم بما جاء في أساطير بابلية كتبت منذ خمسة آلاف سنة .وهذا ماسوف أبحثه بالتفصيل في كتاب أنجز عام 2010 يحمل عنوان " نشأة وتطور الإنسان والفكر والحضارة "سينشر قريبا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر