الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وأعدوا... منهجية العاب الفيديو الأمريكية

ميثاق بيات الضيفي

2018 / 10 / 17
الارهاب, الحرب والسلام


"وأعدوا"... منهجية ألعاب الفيديو الأمريكية


بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي

تستخدم ألعاب الفيديو على نطاق واسع محدثة آثار على البشر ومستهدفة غرضيه التحول في الاتجاه المرغوب والمطلوب بالمزاج والمشاعر، وفي تنفيذ الوعي والمواقف الأيديولوجية اللازمة وتشكيل أنماط معينة من التفكير والسلوك. وان صناعة الألعاب هي واحدة من الصناعات الأسرع نمواً وعدد محبيها ينمو بسرعة أيضا, إذ تعمل فيها جميع أدوات الوسائط المتعددة كالصوت واللون والضوء ذلك على المشغل وفي وقت واحد مكملة لبعضها البعض وبالتالي يتم تضخيم التأثير المرجو على النفس البشرية عدة مرات.
وضع المبرمجين والمهندسين والعلماء برامج متطورة إلى أقصى احد لزيادة التأثير على المجال العاطفي والحسي للعقل البشري ومحورة تأثير الانغماس في أجواء الألعاب, ولأول مرة تم تطوير تكنولوجيا الانغمار بالواقع الافتراضي فتزايد عدد الأشخاص الذين يصابون ويقعون في إدمان الألعاب كل يوم وتضاعف النمو السريع لجمهور محبي ألعاب الفيديو وتفاعلت المتطلبات الأساسية لاستخدامها كأثر تكنولوجي فعال على عقول وأفكار الناس بعمليات التأثير على المجال الذهني للشخص والمرتبطة بانخفاض في الوعي والحرجة في الإدراك وتحقيق المحتوى المقترح مع وجود الفهم النشط الهادف والتحليل المنطقي التفصيلي والتقييمي .
عبر طريق التعبيرات اللفظية وغير اللفظية التي تكاد إن تكون نموذجًا مثاليًا لتصميم كل شيء من أجل تأثير عاطفي قوي, والعواطف هي مجرد منعطف للعقل البشري لأن الجوهر المعرفي للحرب النفسية يكمن بالضبط في التأثير المركّز على المجال النفسي العاطفي والحسي للشخص ومن خلال العدوى العاطفية. وان الإمكانيات الضخمة لألعاب الفيديو كشكل من أشكال زرع الأفكار والأيدلوجيات تحدد مكانها في النضال المعلوماتي والنفسي، وأصبحت ألعاب الفيديو واحدة من أكثر الأدوات فعالية لنشر إيديولوجية الدول الكبرى وتشكيل هوية للناس وصنع صورة مواتية لأمريكا وقواتها المسلحة في العالم.
صناعة الترفيه أصبحت أكبر منتج وموزع للمفاهيم الإيديولوجية الأمريكية ولاسيما بعد الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/سبتمبر 2001م فلذلك عرضت حكومة الولايات المتحدة مفهوم مكافحة الإرهاب الدولي وأصبح مبررًا أيديولوجيًا وخططًا بيئية إستراتيجية طويلة المدى لها لإنشاء نظام عالمي جديد ليتم عبره تشكيل الدور المهيمن لها. وفي محاولة لإدخال فكرة مكافحة الإرهاب الدولي في وعي سكان العالم، فإن الولايات المتحدة، التي تحتل مكانة رائدة في صناعة الألعاب العالمية تصنع وتوزع ألعاب الفيديو والمرتكزة أحداثها على موضوعات مكافحة الإرهاب.
تجدر الإشارة إلى أن ألعاب الفيديو تحدد صورة العدو في عقول اللاعبين، ويتم إنشاؤها بأمر من وزارة الدفاع الأمريكية وتستخدم كشكل من أشكال النضال النفسي وعادة ما يتم توزيعها مجانا, ولذا فأن إدخال وتصوير صورة العدو في أذهان لاعبين ألعاب الفيديو لا تميل فقط إلى إبداء الرأي العام لدعم العمليات العسكرية الحالية ولكنها في الحقيقة تمهد الطريق لحروب مستقبلية. وبما أن مفهوم الإرهاب الدولي لازال غامض للغاية فإنه يجعل من الممكن تصنيف أية دولة أو إقليم أو تنظيم أو جماعة غير مرغوب فيها من قبل الولايات المتحدة بالإرهاب، لأن ألعاب الفيديو تحدد صورة عدو محتمل فيتم تمثيل الأشخاص الشرقيين بالسيئين والإرهابيين في أغلب الأحيان والتي حسب مفهومهم تتناسب مع الحملة الصليبية ضد الإرهاب التي أعلنتها واشنطن بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001م ومع تواصل ظهور ألعاب الفيديو الجديدة تتضاعف بسرعة قائمة الدول الإرهابية التي يقوم فيها الجيش الأمريكي افتراضيا بمهمات إنقاذ العالم.
تم تطوير ألعاب الفيديو بشكل مكثف من قبل هيئات ومؤسسات وزارة الدفاع الأمريكية عبر عقد وتنظيم دورات تدريبية حقيقية ومساعدة في التدريب على القتال كنموذج محتمل لأجهزة محاكاة لتدريب جنود القوات الخاصة وبأمر من وزارة الدفاع الأمريكية أيضا أنشأ معهد التقنيات الإبداعية ومعهد التكنولوجيات الإبداعية بجامعة كاليفورنيا كنموذجًا أوليًا لاستخدام ألعاب الفيديو على نطاق واسع للتدريب العسكري وبعضها الأخر على أساس مستمر, لذا يتم تطوير تلك الألعاب لجميع تخصصات وفئات الجنود تقريبًا وبأمر من وزارة الدفاع الأمريكية.
أدت ألعاب الفيديو دورًا أعظم في العمل النفسي كمكون مهما وتقليديًا للتدريب النفسي والمعنوي للجنود, هدفها هو ضمان الاستقرار العاطفي والإرادي للعاملين في المنبهات الخارجية في ظروف الوضع القتالي الحقيقي. وكذلك برز الاهتمام الأمريكي بها من باب إن الميزة الرئيسية لها تكمن في غياب التهديد الحقيقي للأرواح وإن الظروف النفسية للواقع الافتراضي قريبة من الظروف القتالية أي أنه يتم تحقيق تأثير قابل للمقارنة نفسياً مع ظروف القتال الحقيقي فتوفر فرصة لاكتساب الخبرة في إجراء العمليات العسكرية مسبقًا من دون تكاليف كبيرة وخطورة على حياة الأشخاص.
حاليا يتم استخدام ألعاب الفيديو بنشاط في الولايات المتحدة عبر توظيفها لتفعيل حملة التوجه العسكري والمهني للشباب هادفة من ذلك صنع وابتكار نموذج عقلي للجنود وللقطاعات الشعبية الواسعة عبر طرح وصيانة صورة جذابة للقوات المسلحة والخدمة العسكرية, وذلك بسبب الانخفاض الحاد في ميول الشباب الأمريكيين الذين يودون الخدمة في القوات المسلحة, وعلى أمل جذب انتباه ميول الشباب إلى الخدمة العسكرية وتعميم مهنة الجندي فلذلك طورت وزارة الدفاع الأمريكية برنامجًا واعدًا لتشكيل الصفات الأخلاقية والنفسية والذي يحدد المتطلبات الأساسية كالذكاء المرتفع والقوة البدنية والدافع الثابت للخدمة في القوات المسلحة ووضعت آلية لتنفيذ المعايير الأخلاقية والنفسية الأخلاقية والتقليدية في أذهان الأفراد العسكريين في المستقبل جنبا إلى جنب مع إنشاء أفلام أو مسلسلات عن الجيش ومن ثم استخدام ألعاب الفيديو كوسيط جاذب ومستقطب.
أرادت وهدفت وزارة الدفاع الأمريكية بذلك من المراهقين الذين نشئوا في أجواء عالم ألعاب الفيديو وتقنيات المعلومات الجديدة أن يتكيفوا بسهولة أكبر مع الجيش إذ أصبحوا على دراية به عبر استخدام تلك الألعاب, ولقد وضعت أيضا على عاتقها أثبات وإعادة تهيئة الظروف القريبة قدر الإمكان من القتال ونقل واقعي للفروق الدقيقة لاستخدام الأسلحة في الألعاب وبذات الطريقة الفعلية والواقعية في الجيش الأمريكي. وقد لوحظ منذ فترة طويلة أن الجنود الذين نشأوا في ألعاب الفيديو يرون المعلومات على شاشات الكمبيوتر بشكل أفضل ولديهم سيطرة أفضل على المركبات التي ترسل صورا وصور فيديو لأشياء وتحركات قوات العدو.
نؤكد إن التأثير الهائل الذي أدته وأنجزته وفعلته ألعاب الفيديو على نفسية وأفكار وشخصيات ووعي المستخدمين تسبب بالفعل في قلق المفكرين والقيادات السياسية لبعض الدول لسببية إن الملاحظة المطولة للمشاهد القاسية والمشاركة الافتراضية فيها تؤدي إلى انخفاض حاد في عتبة الحساسية العاطفية للقسوة واحتمالية أن تقديم المساعدة للضحايا في مواقف حقيقية ينخفض فتؤدي إلى تضاعف العنف وتعزز الإدراك للعالم كمكان يسيطر فيه الشر والقسوة وتتزايد مشاعر الخوف من أن الوقوع ضحية للعنف أو حتى الانغماس والمشاركة به, فيتم عبرها إثبات وجوب سيكولوجية الدفاع عن النفس وعدم الثقة والخشية من الآخرين.
تتمحور الفكرة الرئيسية لمعظم ألعاب الفيديو التي تم تطويرها هي إنقاذ العالم بوساطة جندي أو بطل أمريكي من خطر الإرهاب الدولي, وبمساعدة هذا النوع من ألعاب الفيديو يتم تشكيل صورة للجيش الأمريكي الحديث وهو بالضبط دوره الذي غالباً ما يُقترح تأييده وتمجيده ونصره على اللاعب في ألعاب الفيديو الأمريكية, ويتم عبرها تقديم البطل الأمريكي بصورة محارب ذكي لا يعرف الخوف وقوي قادر على الصمود أمام عديد عدو لا حصر له، ويخاطر بحياته من أجل المصالح الوطنية وخير المجتمع العالمي بأسره!! ومنذ أن تم إلصاق كل المشاكل العالمية بالإرهاب وإعلانه تهديدا خطيرا وكبيرا للعالم، فقد تم إغراق وتمكين الفكرة الإرهابية في ألعاب الفيديو الحديثة لإيمان الساسة الأمريكيين بوجوب تشكيل موقف عالمي متشنج داع إلى القسوة والعنف وداعما لمواقفها العسكرية، وتطوير حلول الصراعات وإيجازها في الصور النمطية للسلاح وتقديم جيشها على انه النموذج الأكمل والأمثل والأكثر إنسانية !!
يهدف إبراز التفوق الأمريكي في القوة العسكرية لتحطيم الممانعة الشعبية والعسكرية للعدو وإقناعه التام بعدم جدوى المقاومة المسلحة وبوجوب الاستسلام التام إمام جيوشها, وبمساعدة ألعاب الفيديو تحاول الهيئات الأمريكية المسؤولة عن شن حرب نفسية في تشكيل صورة لحرب مستقبلية تتطابق إلى حد كبير مع أهداف ومصالح السياسات الأمريكية بقيام حروب القرن الواحد والعشرين المتقدمة والهدف واضح وكامن بالحاجة إلى عدم اللجوء لإجراء عمليات عسكرية طويلة المدى وإن صورة الآلاف من الأقمار الصناعية والمركبات الجوية غير المأهولة والتي ترمي بأسلحتها وتسقط قوتها على العدو وتدمر الاقتصاد وأنظمة الاتصالات والسيطرة، والتي وضعت وبثت ونشرت في جميع العاب الفيديو هي مصممة لإظهار التفوق العسكري للولايات المتحدة وقمع الإرادة السياسية والعسكرية لمقاومة الخصوم المحتملين. ونختم حديثنا بالحكمة التي تقول إذا كنت تريد أن تأخذ شيئًا كبيرًا من شخص ما بسهولة, فامنحه بعض التافه!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت