الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة تصريف الاعمال

سعد السعيدي

2018 / 10 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


حكومة تصريف الاعمال
قام العبادي مؤخرا بتثبيت تعيين وزير النفط جبار اللعيبي مديرا لشركة النفط الوطنية في تصرف نتعجب كيف مر دون ان يثير ادنى اعتراض من لدن السياسيين. وهذا التعيين هو واحد من تجاوزات بدأ بها العبادي مستغلا فترة الفراغ التشريعي.
مرد العجب في هذا الموضوع مسألتان. الاولى هو وضع حكومة العبادي القانوني بعد انتهاء الدورة النيابية الانتخابية السابقة نهاية حزيران المنصرم ودخولها فترة الفراغ التشريعي في اليوم التالي الاول من تموز حتى نهاية شهر آب. وهو ما يعني بان الحكومة اعتبارا من الاول من تموز ولمدة شهرين كانت من دون رقابة تلك الجهة التي تتابع ما تفعله. ونتيجة انقطاع الصلة هذه بين السلطتين التشريعية والتنفيذية هي مما هو موضح في فصل الدستور المتعلق بمجلس النواب. وهذه النتيجة هي ما سماها ذلك الفصل تحول الحكومة الى تصريف الاعمال اليومية. اما المسألة الثانية المثيرة للعجب فهي تعيين وزير في منصب حكومي ثان في تجاوز على القانون. فوزير النفط لم يعلن استقالته من منصبه الوزاري ولم يعفه العبادي منه اولا ليتسنى له لاحقا شغل منصبه الجديد. وهو ما يزال يحتل مكانه في الوزارة لدى استلامه وظيفته الجديدة. وطريقة العبادي هذه في التصرف لا يمكن تسميتها كما يعرف الجميع إلا بالاستخفاف الكامل بالقانون. ويتوجب على مجلس النواب الجديد استدعائه للاستجواب عن هذا التجاوز وإلغاء تعيين الوزير اللعيبي في منصبه الاداري الجديد.

اما ما تكون الاعمال اليومية هذه ، فقد عرّفها فقهاء الدستور في اكثر من موضع. واحسن تعريف لها مما وجدته هو انها هي تلك التصرفات اليومية والاعمال الروتينية للجهاز الإداري التي لا تتضمن أي بعد سياسي قد يخلق آثاراً مستقبلية. وهي على هذا تكون ما يتبقى للحكومة القيام به بعيدا عما تمارسه في الاحوال العادية كتعديل الدستور واقتراح مشاريع القوانين وغيرها من المهام الدستورية ، ومهام ادارية كتعيين الموظفين من الدرجات الخاصة والتغيير في بعض الانظمة والتعليمات في الوزارات.

من التجاوزات الاخرى التي ارتكبها العبادي في الفترة النيابية الجديدة التي ابتدأت في ايلول هو توقيعه على اتفاقية دولية مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي. وهذا العمل هو ايضا مما لا يجوز له القيام به كونه سياسة تتضمن آثاراً مستقبلية. ولما كانت حكومة العبادي قد انهت دورتها مع نهاية فترة مجلس النواب السابق ، ولم يكن هناك اجماع شعبي ولا نيابي للتمديد له لولاية ثانية ، كان على العبادي الامتناع عن هذا التصرف لكون حكومته بالنتيجة مقطوعة الصلة بالسلطة التشريعية ولا تقوم على هذا إلا بتصريف الاعمال اليومية. وكنت اتوقع من مجلس النواب الجديد القيام بتذكير العبادي المستخف بالقانون بكل هذه النقاط خلال جلساته ، وإلغاء او تجميد الاتفاقية خصوصا وانها قد جرى توقيعها في فترة وجود هذا المجلس. وكذلك ايقاف تعيين الوزير اللعيبي في منصب إداري بنفس وقت تبوئه منصبا وزاريا وايضا لحين انجلاء الموقف من دعوى الطعن القضائي التي تقدم بها خبراء النفط الوطنيون ضد قانون الشركة. إلا ان هذا المجلس قد آثر إلا ان يتبع سابقه في الاهمال والاستخفاف ليُمسي هو الآخر غير موقر وغير محترم. وإلا فكيف يمكن الاعتماد على مجلس مثل هذا في القيام بعمله في امور تتعلق بمواضيع محورية مثل هذه حينما سكت عن تمرير انتخاب رئيسه بالرشاوى وتزوير التصويت ؟

وقد غض تحالف سائرون / الاصلاح النظر عن التجاوز الحكومي المتمثل باحلال اللعيبي كمدير لشركة النفط اللصوصية الجديدة بنفس وقت شغله لمنصبه الوزاري وهم الذين غضوا النظر قبله عن تمرير الحلبوسي رئيس البرلمان بالتزوير. فالصدريون كباقي اعضاء تحالفهم وليصححوا لي الرأي إن كنت مخطئا ، يشتركون جميعا بكونهم من انصار خصخصة الكهرباء والنفط. فقد لزموا جميعا الصمت عن التظاهرات التي عمت محافظات الجنوب المطالبة بالغاء خصخصة الكهرباء وطرد شركاتها لما كان بعض تحالفهم في مجلس النواب والبعض الآخر خارجه. ولم نسمع للآن رأيهم حول المعركة القضائية الدائرة حاليا بخصوص قانون شركة النفط الوطنية ولن نسمعه على الارجح. والصدريون حتى في وسط ادعائهم التظاهر في بغداد كانوا قد لزموا الصمت ايضا حول التصويت النيابي على إنشاء هذه الشركة المشبوهة الاهداف. لكن ما الذي يتوقع من تحالف مثل هذا لم يكن اهتمام نوابه السابقين إلا بالهيئات الاقتصادية وتهريب المجرمين والرواتب الفلكية والجوازات الدبلوماسية وسرقة وفرهدة خزينة الدولة ؟ إن وعي المواطن والضغط الشعبي الناتج هو الذي سيجبر هذا التحالف السيء على الاستماع اليه حول ما يجري.

ويتناغم مع تصرف العبادي ذاك الآخر الذي اختير لتشكيل الحكومة الجديدة الذي هو عادل عبد المهدي زوية. إذ لم يعترض هذا الشخص للآن على قيام حكومة العبادي لتصريف الاعمال بمنح وزير النفط رئاسة شركة مشبوهة من مهماتها سرقة النفط وتسليمه ولو بالتآمر الى
الشركات الغربية في تجاوز صارخ على المادة (111) الدستورية القائلة بان النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي ، وهما تجاوزان على القانون ، ولا على توقيعه على اتفاقية دولية مبهمة التفاصيل. وهو مما لا ينبيء إلا بنتائج غير محمودة.
على البرلمان الذي نذكّره بان من واجبه الرقابة على تصرفات الحكومة ، الغاء كل القرارات التي اتخذها العبادي خلال فترة تصريف الاعمال التي وجدت حكومته نفسها فيها. فإن لم يبادر الى وضع حدا لهذا فسيتحول تصرف العبادي الى عرف وتحصيل حاصل. ولن نتوسم بهذا المجلس الجديد اي شيء ما لم يبادر هو الى قيامه بعمله بالشكل الصحيح ، إلا طبعا إذا لم يختلف اي من اعضاء هذا البرلمان عن العبادي بشيء ويكونون كلهم مجرد طلاب مصالح شخصية فحسب.
ويبدو لي اننا سنحتاج الى تشريع قانون آخر جديد يحدد شروط حكومة تصريف الاعمال هذه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف