الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أخشى على فلسطين أن تتحرر؟

وليد الحلبي

2018 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لا يساورني الشك ولو للحظة واحدة بأن مقالتي السابقة المعنونة بـ (فلسطين التي أخشى أن تتحرر) قد سببت لي الكثير من العتب والملامة، فهل يعقل بعد هذه السنين من الغربة والعذاب والنضال أن يرفض عاقل تحرير فلسطين؟، وأنا هنا لست في معرض الاعتذار – لأنني لم أخطيء – ، ولا التبرير – لأنني غير متهم - ، ولا للتراجع عما كتبت – لأنني مقتنع به، بل إنني هنا لكي أثبت بالأدلة القاطعة – على الأقل في رأيي - بأنه لا يجب على عرب هذه الأيام (والمقصود بهم الأنظمة العربية الحالية) أن يحرروا فلسطين.
بعد حرب 48 وهزيمة الجيوش العربية فيها وقيام دولة إسرائيل على أكثر من نصف أرض فلسطين، سُئِلَ ضابط عربي اشترك في تلك الحرب: "كيف هزم اليهود العرب مع أنهم سبعة جيوش عربية؟"، فأجاب: "هزموهم لأنهم كانوا سبعة جيوش عربية". وفي هذا السؤال وذلك الجواب توضيح رائع للموضوع الذي أنا بصدده. فالوضع العربي المتشرذم، والخلافات العربية – العربية، ومشاكل الحدود بين الدول العربية، لا يمكن لها بحال من الأحوال أن تنتج جبهة عربية متماسكة يمكن لها أن تتصدى لمهمة كبيرة كمهمة تحرير فلسطين. فكم من حرب قامت بين الدول العربية سفكت فيها دماء العرب بأيدي بعضهم البعض، ناهيك عن الخلافات الحدودية بين الدول العربية جميعها. كل ذلك لا بد أمر طبيعي، لأن الدول الاستعمارية الغربية هي التي خططت الحدود بين هذه الدول، وبدل أن تقوم الدول العربية بعد استقلالها! بمسح هذه الحدود عن الخارطة، فإنها تبنتها وحافظت عليها ودافعت عنها بشراسة.
إذن رفضي لتحرير فلسطين هذه الأيام يستند بقوة إلى عدة أسباب:
1- الدول العربية بوضعها الحالي مشلولة سياسياً، متنافرة فيما بينها، بل ومتناحرة، فهي أعجز من المشلول عن القيام بهذه المهمة.
2- الوضع الحالي للدول العربية، والعاجز من جميع النواحي الاقتصادية والعسكرية، لا يؤهلها للتنطح لمثل هذه المهمة.
3- لو قامت هذه الدول، أو إحداها، بمحاولة لتحقيق هذا الهدف وهي على هذه الحال من الضعف، فسوف تصاب بنكبة لا تقل عن حرب 1967، لذلك شكراً ولا داعي للمحاولة.
4- لو حدث ضعف داخل الكيان الصهيوني لسبب ما، فرجحت كفة الدول العربية بوضعها الحالي وأشعلت الحرب منتصرة كلٌّ على جبهتها، فالنتيجة ستكون حتماً – كما أسلفت في المقال السابق – صراعاً عربياً – عربياً للاستحواذ على أرض فلسطين. ربما يقول أحدهم:" لكن استعادة فلسطين هي الأمر المهم مهما كانت النتائج"، هنا أذكِّرُ من يقول ذلك بأن سيوف العرب أمضى على رقاب بعضهم البعض منها على رقاب الآخرين، ولو أراد الدليل لقلت له: " هل ينسى أحد تهديد عبد الكريم قاسم بضم الكويت عام 1961، والضم الفعلي لها عام 1990، والذي انتهى بدمار الدولة العراقية، والحرب بين السعودية واليمن بعد قيام الثورة اليمنية عام 1962، والتي شاركت فيها قوى محلية ودولية، والمناوشات بين سوريا والأردن 1970، والحرب الليبية – المصرية عام 1977، وخلافات الجزائر مع المغرب بشأن الصحراء الغربية منذ عام 1975( الحدود الجزائرية – المغربية مقفلة منذ عقدين من الزمن، لكن الطريف في الأمر أن النقطة الحدودية بينهما تدعى" زوج بغال" وفي هذا توصيف لا بأس به!!!). هذا ما يتعلق بالعلاقات البينية بين الدول العربية، أما داخل كل دولة فارجع إلى مذابح أيلول- سبتمبر الأسود 1970 في الأردن، حين اضطر الفلسطينيون إلى عبور نهر الأردن باتجاه فلسطين هرباً من الجيش الأردني، وتذكر – رعاك الله - حرب المخيمات في لبنان أعوام 1976(تل الزعتر تحت القصف السوري) وحرب المخيمات أعوام 1985-1986 ( مخيمات صبرا وشاتيلا والمية ومية والبداوي وبرج البراجنة تحت قصف مدفعية ومقاتلي حركة أمل المدعومة بالجيش السوري)، والحرب الداخلية بين الدولة الجزائرية والحركة الإسلامية في أعوام التسعينيات من القرن الماضي والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من الجزائريين)، وانسياح إيران في العراق بعد تدميره عام 2003، وسوريا للقضاء على ربيعها العربي، وباقي المشهد البائس الذي يعم العربي هذه الأيام، وراجع خلافات العرب على الحدود بينهم في ملفات العراق والكويت، والمغرب والجزائر،وليبيا ومصر، والسعودية مع دول جوارها: الإمارات واليمن وعمان وقطر، إلخ.
5- بدون قيام دولة الوحدة العربية ذات القيادة السياسية والعسكرية الموحدة، لا سبيل إلى الحديث عن تحرير أو محاولة تحرير فلسطين.
لا أشك بأن كل قاريء يستطيع أن يورد عشرات الأدلة المقنعة، والتي تدعم رأيه بخصوص " فلسطين التي يخشى أن تتحرر".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة