الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في ديوان: مباغتا جاء حبّك، للشاعرة ريتا عودة

ريتا عودة

2018 / 10 / 19
الادب والفن


حين يصوغ الشاعر قصيدته تكون مشاعره في قمة الفرح او قمة الحزن، وما بينهما ليس من مكان الا لتناول فنجان قهوة أو ربما كأس من نبيذ معتق، وشاعرتنا ريتا تعرف كيف تتلاعب بالكلمات، وتنتقي المناسبة منها لتتراقص بين شفتي ألحانها ، وترقى بها، وتحتضنها وتدللها بحنان كما الطفل الرضيع بين يدي أمه.
قال لي أحد الشعراء ذات مرة:
ان الشعر يا عزيزتي شعور ومشاعر وليس كما اعتاد الكثير ان يسموه وزنا وقافية.
وأنا قد آمنت بهذه المقولة، نعم هو باختصار الكلام الذي يخرج من القلب ليصب في القلب دونما حاجة للبحث في قاموس اللغة عن كلمة هنا وكلمة هناك.
لا أنكر الجمالية المتفردة للشعر الموزون، ولا أجرؤ أن أتمادى على الشعر الموزون، لكن حين يأتي شاعر او أديب ويقرر ان ينقل لنا تجربته بطريقة معينة يجب ان ننظر في ما جاء به ليس على اساس النقد فقط، بل على اساس الفكرة نفسها ....هل استطاع ان يوصلها بنجاح الى اذن المتلقي وعقله أم لا؟
أما شاعرتنا فلديها القدرة على التكثيف في التصوير الشعري، جذب المشاعر من خلال المواقف التي تختارها بدقة، والعناوين التي تدل على مضامين القصائد، الجرأة في الطرح، والقدرة على جذب الانتباه حين تذكر اسمها في بعض قصائدها لتقول:
انها ترسم الحروف لتعبر عما يختلج بداخلها من مشاعر كأنثى تمثل بنات جنسها.... الخ
هكذا هم الشعراء والأدباء، يمثلون انفسهم أولاً، ويمثلون الاخرين الذين لا تحتلهم ملكة الشعر والكتابة ثانيا.
هذا وتبرع شاعرتنا في التضمين و الاقتباس من الكتب الدينية كالقرآن الكريم أو الكتاب المقدس، كعادتها في دواوينها الاخرى كقولها هنا:

أنثی
تَداِعُب الُّنُجوَم
أَنا... ُ
تَراِقص الحُرو َف
والَفَواِصل َ
فَتحَبل اللَغُة َوَتِلد َ
قصاِئد َ
قصاِئد
ََتجَعُل فی الَّسماء
َسَلاًما َ
وَعَلی الأَْرِض
مسرّةَ.

ومن الصور الشعرية التي استوقفتني أيضا ص24 قولها:

َوالَغريُب ِفي الأَمر
أََّنِني ِحَين َعِشْقُتَك !ِ
أََحَّبِني... َحَّتى أَْعَدائي

وفي ص 69:
وَعدَتني بالَبرِْق َوَقبَل الَّرْعِد... َرَحلَت...!



هذه صورة موجعة فالزمان على أهميته هنا هو معدوم تقريبا أصلا المسبب للبرق هو الرعد حين تلتقي غيمتان ممتلئتان بقطرات المطر فيحدث التصادم الذي يؤدي الى شرارة كهربائية تنشأ عنها ما يشبه غضب الالهة، ففي هذا الوقت الغير محسوب تقريبا وعدها بالاخلاص وفي ذات الوقت هجرها، فبكت لأنه لم يقدر هذه الجوهرة التي تمتلكها روحها حق قدرها، وأود هنا أن أقلي القصيدة التي اتخذ الديوان عنوانه منها (ص 110) والتي تقول فيها:


مباِغًتا جاَء ُحُّبك
ُمباِغًتا
جاَء ُحُّبَك...
لم َيَتَزاَمْن
َمَع الَّرعِد برُقَك
لم َتتَنَبْأ
أَرَصادَي الِعشِقَّية ِ
بَك... ُ
مشاِكسا
جاَء ُحلُمَك... َ
كَحالٍة استثناِئَّية
لإنِفَجاراٍت ِعشِقَّية...
غجرًّيا
جاَء ِفكُرَك
أَوَقَد َحَطَب اشتعالي
َنَسَف أَسَواَر َخَيالي
ُمَباَغًتا َ
جاَء ُحُّبَك
َصاَل َوَجاَل وأربَك ...َِ
حالي
جريَئا
جاَء َشوُقَك
خَلَع َعِّني ِخلخالي
أَطَلَق في الَفَضاِء
الَّرحِب َمَّوالي
فُرحُت أَهيُم...
أهيُم...
في َبساتِين الِعشِق
ليَل... َنَهاٍر ِ
ملَء اختياري ِ
ملَء انبهاري.



وهنا وددت ان أقول لها :
يا ريتا
زمن الاخلاص قد ولّى
ما عاد هناك عنتر
ولا عبلة
ولاقيس ابن الملوح
ولا ليلى
يا ريتا
الحب بيت من الجنون
تسكنه القلوب المعذّبة
والشعراء المتهالكون
يا ريتا
لم يعد هناك صدق في المشاعر
الا ما ندر
نحن لا ننسى
ليس لأننا لا نريد وحسب
لكن لأن الأطلال تذكرنا بالوجع
وأي وجع!



صورة أخرى ص84:

سّلمُتَك مفتاَح قلبي...
فلماذا... آثرَت أن تصَير وعاًء للفاكهة...!


هذا، وقد اختصرت الرجل الحلم الذي أحبته بصدق وأحبها، بقولها:

يقُف الحاسدون
على باِب ُحلِمنا.

***
كذلك:


حبيبي...
بعض من المطِر
قد يروي حقولاً وحقولاً...
كيَف وقد أتيتني مطًرا
لكِّل الُفصول...!


____________________
ورقة مقدمة لندوة اليوم السابع المقدسيّة
بقلم: ديانا أبو عياش
10/8/2017













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى