الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيميلي فيدال منسقة برامج النوع الاجتماعي في المعهد الأوروبي والمتوسط في حوار عن المساواة والعدالة الاجتماعية ونساء الأورو متوسط

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2018 / 10 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


إيميلي فيدال منسقة برامج النوع الاجتماعي في المعهد الأوروبي والمتوسط في حوار عن المساواة والعدالة الاجتماعية ونساء الأورو متوسط

ـ حوار أجرته : أسماء محمد مصطفى

(أجريتُ هذا الحوار خصيصا للحوار المتمدن فضلا عن موقع مشرقات الذي أرأس تحريره )

ـ نساء متمكنات : كسر الصور النمطية في المنطقة الأورومتوسطية
ـ تمكين المرأة اقتصادياً أحد أهم عوامل تحررها
ـ تعزيز القدرات في جنوب المتوسط ، لرصد سياسات النساء في المجتمع
ـ المساواة مفهوم ينطوي على تحقيق العدالة الاجتماعية وإشراك مكونات المجتمع كافة في تحقيق الرفاه والاستقرار
ـ في حملات المناصرة رجال يدافعون عن حق المرأة في الإرث والمشاركة السياسية واختيار الشريك والتعليم
ـ دعم مشاريع تعزز قدرات المرأة في الحياة السياسية
ـ حملات مناصرة ضد زواج القاصرات والتحرش الجنسي

مع أننا في عصر الثورة المعلوماتية .. عصر يخزن إنجازات كبرى لكلا الجنسين ، مايعني أن العالم يفترض به أن يكون أكثر تفتحا وإنسانية ونزاهة ، إلاّ أنه مازال يميز بين الجنسين في بعض الدول وينحاز الى الرجال ويبرر عنف البعض منهم ، لهذا مازالت المرأة تناضل هنا او هناك ، ليس من أجل شيء سوى أن تحيا بكرامة وهو هدف إنساني مشروع لايستفز الرجل الواعي النزيه في تفكيره وشعوره ، لكنه يستفز من هو أدنى تفكيرا وشعورا ، من هنا ، ومن أجل نساء قويات متمكنات وغير مهمشات او مضطهدات وبهدف القضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضدهن وحرصاً على بناء المساواة بين النساء والرجال باعتبار ذلك ضمانة للسلام والتنمية يؤدي اليهما توحيد الكفاءات ودعم المشاريع التي يمكن أن تسهم في إحداث تغيير في العقليات وفي بناء عالم عادل انطلقت مؤسسة نساء الاوروـ متوسط منذ سنة 2014 بمبادرة من ست منظمات في المنطقة المتوسطية : مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (CATWAR) والمندوب الوزاري للمتوسط (دولة فرنسا) والمعهد الأوربي للبحر الأبيض المتوسط وفيدرالية رابطة حقوق النساء ومنتدى المرأة المتوسطية والشبكة الجامعية والعلمية الأورومتوسطية حول النوع الاجتماعي والمرأة ، وبانطلاقها استقطبت الكثير من الجهات والمنظمات والأشخاص الفاعلين في مجال حقوق المرأة وتمكينها .

وكي نسلط الضوء على مسيرة نساء منطقة الاورو ـ متوسط ، ضيّفَ السيدة إيميلي فيدال منسقة برامج النوع الاجتماعي في المعهد الأوروبي والمتوسط ومنسقة أعمال مؤسسة نساء الأورو متوسط :

• لابد من العودة الى البدايات .. لقد إطلعنا على كثير من المعلومات حول مؤسستكم والجهات المؤسِسَة ومهامكم وأهدافكم .. السؤال هنا .. لماذا منطقة الاورو ـ متوسط بالذات وليس التوسع على مستوى عالمي أكبر لاسيما أن قضايا المرأة متشابهة متقاربة في مختلف دول العالم ؟

ـ على الرغم من تطلعنا إلى يوم تتحقق فيه المساواة بين الجنسين في العالم أجمعه ، إلاّ أنه علينا أن نكون واقعيين وأن نتحرك وفقاً للموارد البشرية والمادية المتاحة. من هنا، فقد تم إنشاء المؤسسة في سياق التعاون الأورو- متوسطي تماشياً مع تصريحات وزراء شؤون المرأة حول وضع المرأة في المجتمع في اسطنبول 2006 ومراكش 2009 ، بموازاة إنشاء الإتحاد من أجل المتوسط الذي شكل إطاراً سياسياً لتحسين العلاقات والتنمية في جميع دول المنطقة ، لذا تتركز أعمالنا بشكل أساسي على البلدان الـ 43 الأعضاء في الإتحاد من أجل المتوسط .

تجمعات للفاعلين في مجال المساواة

• منذ تأسيسها ، ما الذي حققته مؤسسة نساء الأورو ـ متوسط من أهداف وبرامج ؟

ـ منذ نشأتها في سنة 2014 ، تقوم المؤسسة بتكوين تجمعات محلية للفاعلين في مجال المساواة بين الجنسين وهو مشروع ممول من قبل الوزارة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية بتنسيق من المعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط الذي يُضيّف مقر المؤسسة في مدينة برشلونة في اسبانيا ، وفي إطار مشروع تطوير تمكين المرأة المُعتمد من قبل الإتحاد من أجل المتوسط.
إن الفكرة من المشروع هي تعزيز العمل الجماعي على المستوى المحلي لمعالجة قضايا تتعلق بالمساواة وحقوق المرأة بطريقة منهجية تستند إلى تحليل ودراسة دقيقة للوضع المراد العمل عليه لإحداث فرق ملموس .

(هنا وجهتنا فيدال الى كتيبين يحتويان على تفاصيل الدورتين الاولى والثانية للمشروع ، تضمن الكتيب الاول مجموعة برامج تصب في هذا المشروع قامت بها جمعيات تنتمي الى شبكة المؤسسة ، مثل سعي جمعية المرأة في اتصال- قسم وهران/ في الجزائر الى إنشاء دار إيواء للنساء ضحايا العنف ، وقيام فيدرالية جمعيات حقوق المرأة في مراكش بتعبئة واضعي السياسات حول العواقب الوخيمة للعنف ضد المرأة ومخاطر زواج الأطفال ، وقيام جمعية صوت المرأة بجمال في تونس بتطوير مشروع يعزز من قدرات المرأة في الحياة السياسية ، وقيام مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت) في مصر بتنفيذ مشروع يعزز المشاركة السياسية الفعالة للمرأة في المجتمع ، وقيام جمعية بناء الجسور في الأردن بتصميم مشروع يسمح للمرأة بلعب دور أكثر فعالية قي تنمية المجتمع ، وقيام اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المجتمع بتحديد مشروع حوار حول السياسات يهدف الى تعديل قانون الانتخابات البلدية واعتماد الكوتا وبتضافر الجهود مع الهيأة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ، وتنفيذ مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي جلسات توعية هادفة الى تعزيز قدرات المرأة القيادية في فلسطين .
أما مبادرات الدورة الثانية فوردت في الكتيب الثاني ، وهي :
ـ دعم جمعية طريق الكرامة نساء دوار هيشر / تونس بصفتهن مرشحات للانتخابات البلدية لعام 2018 ، ودراسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية ظاهرة البغاء ووضع مشروع للوقاية من الإتجار بالبشر في المدارس وكشفها، وإعداد منظمة تاماينوت في منطقة سوس ـ ماسة / المغرب مشروع تعزيز مهارات 25 من القياديات النسائية للجمعيات والأحزاب السياسية لغرض إزالة العقبات التي تحول دون وصول المرأة الى القيادة ، وقيام مشروع المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطي "مفتاح" بتعزيز التمثيل المتساوي للمرأة في مختلف هيئات منظمات التحرير الفلسطينية وتطبيق نظام الكوتا ، وترويج مشروع الجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات في الجزائر لمشاركة المرأة على نحو أكثر فعالية في الحكومات المحلية في الأقصر / مصر ، ودعم مشروع جمعية النساء في الاقتصاد الأخضر لسيدات الأعمال في بوزريعة ، وتعزيز مشروع ملتقى سيدات الأعمال والمهن الأردني للمساوة المهنية وتحسين ظروف العمل للمرأة في المصانع) .

حوار السياسات

• وماذا عن مشروع تعزيز القدرات بشأن حوار السياسات ؟

ـ نعم ، قمنا بتنفيذ مشروع " تعزيز القدرات في جنوب المتوسط من أجل فتح حوار السياسات و رصد سياسات النساء في المجتمع " الذي يُعرف بـ CSO WINS وهو مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي يقوم المعهد الأوروبي للمتوسط بتنفيذه بالتعاون مع مؤسسة نساء الأورومتوسط . ويستهدف المشروع الجمعيات المحلية من أجل تعزيز قدراتها على تعبئة الرأي العام لترسيخ حقوق المرأة ؛ وتشجيعها على رصد السياسات المتعلقة بالمرأة في القطاعات السياسية والمهنية والاجتماعية على الصعيد المحلي والوطني والأورومتوسطي. مع التركيز بشكل خاص على 8 حملات للمناصرة قام بها شركاء محليون ونظراء على ضفتي البحر الأبيض المتوسط .

( وهنا أطلعتنا فيدال على كتيب خاص بهذا المشروع وثق عناوين الحملات والجمعيات التي قامت بها والدولة المعنية :
ـ بناتنا مش للبيع .. حملة مناصرة ضد زواج القاصرات ، الجمعية المنسقة مؤسسة حياة للتنمية والدمج المجتمعي ، الجمعية المشاركة المركز المصري لحقوق المرأة ، المناطق المستهدفة محافظات الشرقية والإسماعيلية وبورسعيد في مصر.
ـ 40000 قاصر تتزوج كل عام ، بناتنا في خطر .. حملة مناصرة ضد زواج القاصرات / الجمعية المنسقة جمعية النواة للمرأة والطفل ، الجمعية المشاركة جمعية نهوض وتنمية المرأة ـ مصر ، المناطق المستهدفة : بلديات سيدي محمد دليل وسيد المختار ومزودة ـ محافظة شيشاوة في المغرب.
ـ دعونا نعيش معا بطريقة أفضل ونحترم الفتيات ..حملة مناصرة حول محاربة العنف اللفظي والتحرش الجنسي ضد الفتيات في الأماكن العمومية ، الجمعية المنسقة جمعية الإعلام والاتصال في أوساط شباب ولاية قالمة انفوكوم ، الجمعية المشاركة جمعية مارش - لبنان ، المنطقة المستهدفة : ولاية قالمة ـ الجزائر.
ـ الكوتا النسائية : انتخابات برلمانية في عام 2017 .. حملة مناصرة لصالح وصول المرأة اللبنانية إلى البرلمان ، الجمعية المنسقة نساء رائدات- لبنان ، الجمعية المشاركة لوبي النساء الأوروبيات EWL بلجيكا ، المناطق المستهدفة : لبنان .
ـ الانتخابات أنا وأنت، مش يا إما أنا يا إما أنت .. حملة مناصرة لزيادة مشاركة المرأة في المجالس المحلية ، الجمعية المنسقة مؤسسة حوار للتنمية المجتمعية - فلسطين ، الجمعية المشاركة مركز دراسات وسياسات المرأة Center of Women’s Studies and Policies ( بلغاريا (، المناطق المستهدفة : بيتونيا وكفر نعمة ودير بزيع ـ فلسطين.
ـ نصف المجلس حقنا .. حملة مناصرة لصالح مشاركة المرأة في الحكم المحلي في تونس ،
الجمعية المنسقة جمعية مواطنات ـ تونس ، الجمعية المشاركة جمعية صوت النساء المغربيات ـ المغرب ، المناطق المستهدفة : بلديات صفاقس فيل، ساكيت عزت، أغارب ومحرز في ولاية صفاقس – تونس .
ـ بناء اقتصاد شامل .. حملة مناصرة لتشجيع رائدات الأعمال على الانضمام إلى السوق الرسمية في ليبيا ، الجمعية المنسقة مركز جسور للدراسات والتنمية – ليبيا ، الجمعية المشاركة مؤسسة البدائل الجندرية Gender Alternatives Foundation ـ بلغاريا ، المناطق المستهدفة : بنغازي وطرابلس ويفرن وسبها ـ ليبيا .
ـ من حقي أن أرث .. حملة مناصرة لدعم حق المرأة في الميراث ، الجمعية المنسقة جمعية بدر الطوايل لتنمية المجتمع المحلي ـ مصر ، الجمعية المشاركة الصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية ـ الأردن ، المنطقة المستهدفة : محافظة سوهاج ـ مصر).

ثم واصلت فيدال جوابها على سؤالنا المتعلق بما حققته المؤسسة قائلة :

ـ على صعيد آخر، نقوم ببناء قاعدة بيانات (مركز توثيق) يحتوي أكثر من 1100 وثيقة وتقرير ومورد يتعلق بقضايا المرأة والجندر والمساواة والحركة النسوية ، وهو يُعد أحد أهم وأكبر المصادر التي توفر هذا النوع من المعلومات بشكل مجاني وباللغات العربية والفرنسية والإنجليزية.
أكاديمياً، تقوم الشبكة العلمية والجامعية الأورومتوسطية حول المرأة والنوع الاجتماعي ، أحد الأعضاء المؤسسين لمؤسستنا ، بتنظيم ندوات علمية متنقلة في عدد من البلدان الناطقة باللغة الفرنسية، حيث يتاح لطلاب الدكتوراه ممن يقومون بإعداد أبحاث تتعلق بالنوع الاجتماعي و النساء عرض أبحاثهم/ ن على نخبة من الأساتذة الجامعيين وتبادل الآراء معهم بهدف تطوير أطروحاتهم/ ن والاستفادة من خبرات الأساتذة والتشبيك بين الباحثين في المجالات المتشابهة. حتى الآن عُقِد أكثر من 11 ندوة علمية.

الفن والنساء المتمكنات

• وماذا عن الفن بصفته أسلوبا او أداة لإيصال أهدافكم الى المعنيين بها ؟

ـ عدا عما سبق قمنا مؤخراً بتنويع أدواتنا وذلك بإدخال الفن لمجموعة أدوات المناصرة التي نستخدمها . إذ نظمنا مسابقة نتج عنها معرض للصور الفوتوغرافية "بعنوان" نساء متمكنات : كسر الصور النمطية في المنطقة الأورومتوسطية " وذلك لتسليط الضوء على نماذج من النساء ممن يتحدين الواقع المفروض لتحسين أوضاعهن أو اوضاع من حولهن وجرى عرض الصور في باريس ومن المقرر أن تُعرَض قريباً في برشلونة ولشبونة.
كذلك نحاول أن نروج عبر حساباتنا على فيسبوك والتويتر للمبادرات الخلاقة أو الأخبار المهمة المتعلقة بالمساواة لزيادة أثرها وتحفيز نقاش أو حوار حولها.
بالحديث عن الحوار، نقوم بشكل دوري بعقد حوارات إقليمية تجمع الفاعلين في مجال المساواة من مجتمع مدني وسلطات محلية إعلام وشركات ... إلخ لتبادل الخبرات وتعزيز التضامن و التعاون، وإيجاد الحلول المناسبة لأوضاع النساء.

النظام الأبوي والمنافسة وغياب الثقة

• هل تواجهون صعوبات ما في تحقيق أهدافكم او جدول أعمالكم ؟

ـ لا يمكن إحداث التغيير بين يومٍ وليلة ، سيما أن النظام الأبوي هو نظام متجذر بعمق في حياتنا ومجتمعاتنا. من ناحية أخرى ، ليس من السهل دائمًا جعل الناس يعملون معًا : فهناك منافسة بين المنظمات غير الحكومية ، وفي بعض البلدان لاتعمل السلطات المحلية جنبًا إلى جنب مع الجمعيات وقطاع الأبحاث، فهناك نوع من عدم الثقة أحيانأً، وأحياناً أخرى ينعدم التفاهم. يمكننا الفوز جميعًا إذا قمنا بتنسيق أفضل لأعمالنا، هذا ما نقوم بترديده في كل مرة تواجهنا فيها هذه الصعوبات.

• بما إنكم تحدثتم عن الصعوبات والنظام الأبوي او لنقل المنحاز للذكور ، هل تعرضتم لمضايقات بشكل او بآخر ؟

ـ نتلقى أحياناً بعض الرسائل العدائية من أشخاص لايتقبلون مفهوم المساواة أو يرفضون الاعتراف بحقوق المرأة . وقد يكون هذا أحد الأمثلة الجيدة عن العنف اللفظي والرقمي الذي تواجهه النساء.

• ماهو تقييمكم لمستوى نشاطات المنظمات والتشكيلات المنتمية الى شبكتكم في مجال تمكين المرأة وتعزيز قدراتها وفي مجال التعاون معكم أيضا لتحقيق الأهداف ؟

ـ نحن فخورون جداً بأعضاء شبكتنا كافة وبما يقومون به. لا يمر يوم إلاّ ونرى فيه أن أحد الأعضاء أو الشركاء قد حقق تقدماً هنا أو ذلل عقبةً هناك لجعل حياة النساء والفتيات أفضل ما ينعكس إيجاباً على مكونات المجتمع كافة بالضرورة. في مصر على سبيل المثال ، قمنا بدعم مشروع يشجع مشاركة النساء في المجالس المحلية ويدربهن للانخراط في هذه التجربة ، وبالفعل عبرّ العديد من المتدربات عن عزمهن الترشح ما إن يتم تنظيم انتخابات المحليات . في تونس أيضاً حصل شيء مماثل . في المغرب ، وبفضل حملة قامت بها جمعية النواة والطفل بدعم من المؤسسة ، انخفض عدد زيجات الفتيات القاصرات في إحدى القرى المستهدفة ...
إن مدى التعاون والالتزام الذي يبديه شركاؤنا يعكس مستقبلأً زاهراً، أو هذا على الأقل ما نتطلع إليه.

مفهوم المساواة تحقيق العدالة الاجتماعية

• يثير مفهوم المساواة بين الجنسين لغطاً أحياناً من قبل جهات تختلف في توجهاتها عن توجهات المؤسسات والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة ، ومن ذلك اللغط مايشجع بعض الرجال على استغلال موضوعة المساواة لمصلحتهم فهم مثلا سيتكلون عليها في أمور اضافية مما يزيد من العبء عليها لاسيما في الجانب المادي ، فيؤثر سلبا على أوضاعها ، بسبب غياب الموضوعية من قبلهم .. ألا تعتقدون أن مفهوم العدالة الاجتماعية بين الجنسين قد يحد من اللغط ويقي المرأة من التحايل الذكوري عليها ؟ أم ترون أن المتحايل يبقى كذلك أزاء أي مصطلح يصب في تعزيز كرامة المرأة وإنسانيتها ؟

ـ المساواة بين الجنسين ليست مفيدة فقط للنساء ، بل هي ضرورية للمجتمع ككل ، كما إنّ مفهوم المساواة بسيط جداً وينطوي ضمناً على ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية وإشراك مكونات المجتمع كافة بغض النظر عن النوع الاجتماعي في تحقيق الرفاه والاستقرار للجميع! من هنا، فإنّ هناك ضرورة كبيرة لإحداث تغييرات سلوكية ولمخاطبة الآخر الرافض للمساواة ومحاولة فهم أسباب رفضه لمفهوم المساواة بين الجنسين. في العديد من البلدان ، أثبت الرجال تضامنهم واستعدادهم لاحترام حقوق المرأة (رفض العنف ضد المرأة على سبيل المثال أو وقوف الرجال ودعمهم للنساء في الحركة العالمية #MeToo "أنا أيضًا") ، وفي العديد من حملات المناصرة التي دعمناها رأينا رجالاً يدافعون عن حق المرأة في الإرث والمشاركة السياسية واختيار الشريك والتعليم ... إلخ. هذا ما يجب تسليط الضوء عليه ، بدلاً عن خلق مواجهات غير ضرورية أحيانًأ. على صعيد آخر، فإنّ من واجبنا إبراز التكلفة المادية التي تسببها الأوضاع اللامتناهية والمتعددة الأوجه لعدم المساواة الجندرية على جهود التنمية والسلام ... إلخ ، أملاً في أن يفهم الآخر أن من مصلحته تحقيق المساواة.

حقوق الرجال وكارثة قتل النساء

• ينادي بعض الرجال بحقوقهم أزاء انتشار المنظمات والجهات الداعية الى تحرر المرأة والدفاع عن حقوقها وتمكينها .. يقولون إن المرأة تحكم العالم فعلاً بشكل غير مباشر وقد أخذت حقوقها و(زيادة) كما يقال باللهجة العامية .. ماذا تقولون أزاء ذلك من خلال الواقع الذي تتعاملون معه ؟

ـ نرى ونسمع ونقرأ كل يوم عن الأعداد المهولة للنساء اللواتي يُقتلن لمجرد أنهن نساء. كما إن التقارير والدراسات والمشاريع التي نقوم بها أو تُعَّد على مستوى العالم تبين لنا حجم الكارثة في ما يتعلق بأوضاع النساء على الصُعد كافة وفي كل بقاع العالم . إنّ الأرقام لا تكذب ولاتُبالغ بل توصف الواقع كما هو . إذن نحن ندعو هؤلاء الرجال إلى مراجعة انتقاداتهم وقراءة الأدبيات المتوفرة وسماع الآخر لعلهم يدركون حجم الإجحاف الذي تتعرض له النساء.

تمكين المرأة يستفز بعضهم

• لماذا يستفز مصطلح تمكين المرأة بعض الرجال والجهات ؟ أيعود ذلك الى قصور في فهمهم لكلمة تمكين فلربما هم يفهمون الكلمة على أنها تمكن المرأة عليهم وتسحب البساط من تحت اقدامهم فتتضرر مصالحهم وتقلل من مساحة تسيدهم عليها ؟ لاسيما أن هناك من يرى أن التمكين ترجمة خطأ عن المصطلح الغربي Women Empowerment وتعني لغويا استقواء المرأة وليس تمكينها ، أي تقوية المرأة لتتغلب على الرجل في الصراع الذي يحكم العلاقة بينهما وهم يرون كذلك أن الجهات الداعية الى تمكين المرأة تهدف في الحقيقة الى عولمة المجتمعات وسحب المرأة من هويتها المحلية الى الفكر الغربي ؟ ماذا تقولون في ذلك ؟

ـ نحن نفهم مصطلح تمكين المرأة على أنه السعي لتمكين النساء من التمتع بحقوقهن الطبيعية وتحقيق استقلالهن المادي والدفاع عن مكانتهن في الحياة الخاصة والعامة والمشاركة في صنع القرار بشكل متساوٍ مع الرجال ، مع توفير الموارد اللازمة لذلك أو تسهيل وصولهن إلى هذه الموارد. إن استخدام مصطلح "تمكين المرأة" في الأدبيات العربية حديثٌ نسبياً إلاّ أن مضمونه ليس بجديد على المجتمعات الشرقية ، سيّما القديمة منها . وهذا ما نراه حقيقةً على الأرض و أثناء العمل مع شركائنا وأعضاء شبكتنا، إذ إنّ جميع المشاريع التي نقوم بها تنبع وتستجيب لحاجات محلية وتستند إلى أدوات تحترم السياق والثقافة المحلية، وتُنفذها جهات محلية.

• مثلاً ؟

ـ عند إطلاق حملات مناصرة لاحترام حق المرأة في الإرث ، يجري إشراك رجال الدين والقضاء المحليين والسلطات المحلية والرجال، كذلك الأمر عند الحديث عن زواج القاصرات ، وغيره من القضايا بطبيعة الحال.

• أتعتقدون كمؤسسة أنّ تمكين المرأة اقتصاديا هو العامل الأهم لتتحرر المرأة من تبعيتها للرجل وتحكمه بها ، لأنّ كثيرات من النساء يتعرضن للعنف والاضطهاد ولايستطعن إنقاذ أنفسهن مما يعانين لأنهن غير متمكنات اقتصاديا بالأساس ؟

ـ طبعاً هو أحد أهم العوامل لتحرر المرأة ! في الواقع ، نحن ندعم العديد من الجمعيات والكيانات التي تعزز ريادة الأعمال والمقاولة النسائية ، وتشجع النساء على الانخراط في سوق العمل الرسمي في ليبيا والجزائر وغيرها من البلدان . للأسف ، نحن نعيش اليوم في عالم يتعامل مع النساء بجدية أكثر إن كن يملكن المال . ولكن إن نظرنا إلى الأمر أبعد من ذلك ، فسنرى أن هذه المسألة تتعلق باستعادة المرأة لكرامتها ولمكانتها في المنزل ومواجهة الأدوار التقليدية المفروضة على النساء في المنزل والمجتمع .

• ماهي الطرائق التي تستخدمونها لتمكين المرأة ؟

ـ نقوم بتنويع الطرائق كالمناصرة ، وإنشاء الشبكات ، وبناء القدرات ، وتضخيم أصوات المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال ، وإيصالها إلى المنابر الإقليمية والدولية وإلى أصحاب القرار أو الجهات المؤثرة كوسائل الإعلام ... إلخ.

• وماهي المعوقات التي تحول دون تمكينها هنا او هناك ؟
ـ المعوقات متنوعة : عدم وجود سياسات حساسة جندرياً ، صعوبة الوصول إلى الخدمات المصرفية أو القروض ، القوانين التمييزية ، التحرش ، البنية التحتية الضعيفة التي تؤثر على قدرة النساء على التنقل ... إلخ.

تفادي ثنائية عربية / غربية

• ماهي أوجه الاختلاف بين واقع اضطهاد المرأة في الدول الغربية واضطهاد نظيرتها في الدول العربية ؟

ـ نعتقد بأنه يجب تفادي هذه الثنائية أي شرق/غرب، عربي/غربي لأن لكل منطقة، بلد، مدينة، قرية خصوصيتها... أحياناً مثلاً نرى أنّ هناك اختلافا في واقع الاضطهاد بين بقعة جغرافية وأخرى في داخل البلد الواحد (مدينة / ريف ... إلخ) وهذا يرجع إلى تاريخه وتركيبته السكانية وخصوصيته الثقافية وغناه أو عدمه بالموارد وغير ذلك من عوامل. ولكن ما نستطيع مقارنته هو التشريعات والقوانين ومدى استجابتها لتطلعات المرأة أو لإنهاء التمييز المرتكب بحقها. إذا ما نظرنا مثلاً إلى غربي آسيا وشمالي أفريقيا حيث تقع أغلب الدول العربية ، فإنه من البديهي ضرورة النضال من اجل تغيير أو سن قوانين تتعلق بالنساء (العنف الموجه ضدهن ، المناصفة في قوانين الانتخابات ، الأحوال الشخصية ، وغيرها!).

تغيير عقلية الرجل

• تغيير واقع المرأة يتطلب العمل على تغيير عقلية الرجل .. كيف تعمل مؤسستكم على ذلك ؟

ـ عندما نسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين ، فنحن حتماً نحاول إدراج الجنسين في نشاطاتنا ومشاريعنا ودراساتنا ، كما نحاول زج الرجال والشباب في الدفاع عن قضايا النساء والعمل على احترامهن واحترام كرامتهن ومكانتهن . في الجزائر مثلاً عملنا مع جمعية الإعلام والاتصال في قالمة والتي قامت بتنظيم حملة لمنع التحرش الجنسي ، وجرى إشراك الشباب الذكور في هذه الحملة بشكل أساس وحثهم على توعية نظرائهم حول ضرورة احترام الفتيات والنساء.

طريق تغيير العقليات

إنّ طريق تغيير العقليات طريق طويل جداً، ولكن عزيمتنا وإيماننا بأهمية ما نقوم به يدفعنا إلى التفاؤل ! بهذه العبارة ختمت السيدة فيدال حديثها ، وهي ونساء الأورو متوسط مليئات بالامل في أن جهود المؤسسة ستفضي حتماً الى إحداث تغييرات في حياة النساء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مها أبو رسلان شقيقة شاب توفي تحت التعذيب


.. معرض --We Can صوت الأطفال النازحين من قطاع غزة




.. معلمات السويداء تشاركن في الصفوف الأولى للاحتجاجات


.. المحتجة إلهام ريدان




.. المعلمة المتقاعدة عفاف أبو إسماعيل