الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا شيكا بيكا (3)

طارق المهدوي

2018 / 10 / 19
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أمريكا شيكا بيكا (3)
طارق المهدوي
بعد العديد من المراسلات الطبية المتبادلة التي استمرت عدة شهور أكد مستشفى جامعة جورج واشنطن الأمريكية الرسمية استعداده وقدرته على علاج عيوني المصابة بانفصال شبكي عقب محاولة فاشلة لاغتيالي في القاهرة، وأرسل المستشفى لي خطاباً يحدد اسم الطبيب الذي سوف يقوم بعلاجي وموعد مثولي أمامه مع تنبيهي إلى ضرورة تسجيل وجودي في المستشفى قبل ساعتين من الموعد المحدد وإلا سيتم تحميلي غرامة تأخير، وحين طلبتُ تأجيل الموعد أسبوعاً واحداً لحين انتهائي من حشو ضرسي بالقاهرة رفضت إدارة المستشفى طلبي وأرسلت لي على بريدي الإلكتروني محاضرة نظرية بليغة عن أهمية احترام المواعيد في الولايات المتحدة الأمريكية بالدقيقة والثانية، كان موعدي المحدد عند الثالثة عصراً لكنني ذهبتُ في الواحدة ظهراً حسب التعليمات ليحصل المستشفى مني على مبلغ أربعمائة دولار قيل لي إنها تحت حساب الترجمة دون منحي أي إيصال بذلك، وجلستُ في انتظار الطبيب الذي لم يأت إلا بعد السادسة مساءً رغم علمه أن مريضاً قطع آلاف الأميال ينتظره، وعند سؤالي عن غياب الترجمة رغم أهميتها بالنسبة للمصطلحات الطبية ورغم دفعي للرسوم المطلوبة مقابل حصولي عليها، قيل لي إن المترجمين موظفين رسميين ينتهي عملهم عند الرابعة عصراً ولا يمكن إبقائهم عقب ذلك الموعد في المستشفى حسب القانون الفيدرالي الأمريكي، وهو ما بدا أمراً اعتاده الطبيب حيث استعان بقاموس جوجل الناطق الذي لا يعرف الفوارق بين الشبكية والقرنية والقزحية، مما أوقعني في حوار طرشان مع الطبيب استغرق عشرة دقائق أعقبه سدادي لأربعمائة دولار أخرى قيل لي إنها مقابل الفحص دون منحي أي إيصال بذلك، ثم أبلغتني إدارة المستشفى بقرارات الطبيب التي تمثلت في تحويلي المزدوج إلى مستشفاه الخاص وإلى مستشفى خاص آخر تملكه إحدى زميلاته لإعادة فحصي مقابل أتعاب مالية أخرى هنا وهناك، حتى يتسنى له تشخيص حالتي على نحو يسمح له أن يوجه الأطباء المصريين نحو خطة علاجي أي أنه في نهاية المطاف لن يعالجني علماً بأن الأطباء في مصر لا يقبلون توجيهات غيرهم، كما أبلغتني الإدارة باستمرار غياب الترجمة عن المستشفيات الخاصة حيث أن المترجمين هم موظفون رسميون لا يعملون خارج مستشفى جامعة جورج واشنطن حسب القانون الفيدرالي الأمريكي، لكن الذي أثار تعجبي هو أن هذا السيناريو الفاسد يشكل درجة فجور أعلى كثيراً مما يحدث في أروقة الفساد التي يتسم بها بيزنيس النظام العلاجي المصري، فرددتُ لنفسي الأغنية القائلة باللهجة العامية المصرية "أمريكا شيكا بيكا ... حاتجيب عاليكا واطيكا ... وماحدش داري بيكا ... الله يرحم أبيكا"!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا