الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاة الحاكم العسكري العربي الذي تنحى عن الحكم!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2018 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


انتقل - مساء أمس (الخميس) - إلى رحمة الله المشير (سوار الذهب) بعد أن أوصى بدفنه في المدينة المنورة، هذا الرجل والعسكري والحاكم العربي الشريف الذي ضرب مثلًا أعلى والقدوة الحسنة للحكام عامة وللعسكر العرب خاصة في الوفاء بالعهد والانحياز للديموقراطية، فالعسكر العرب الشرفاء والعقلاء يعلمون أن (العسكر) ليس موقعهم الحكم وقيادة الدولة والسياسة، إنما مهمتهم هي الدفاع عن الوطن، عن حدوده وحماه وأرضه من أي عدوان خارجي، فالمشير عبد الرحمن سوار الذهب كان يؤمن بهذا الأمر ، أي الحكم المدني وعدم تدخل الجيش الوطني في السياسة، وصدق وعده حينما سلم مقاليد السلطة عام 1986للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس وزرائها (الصادق المهدي) زعيم (حزب الأمة)، ورئيس مجلس الدولة (أحمد الميرغني) زعيم (الحزب الوطني الاتحادي) وبعدها اعتزل العمل السياسي ليتفرغ لأعمال الدعوة الإسلامية من خلال منظمة الدعوة الإسلامية كأمين عام لمجلس الأمناء.. إلا أن الاسلاميين بزعامة (حسن الترابي) زعيم (الجبهة الوطنية القومية) لم ترق لهم نتائج الانتخابات التي أسفرت عن خسارتهم لها، فدبروا انقلابًا عسكريًا عام 1989 تحت شعار (ثورة وحكومة الانقاذ!!) بقيادة الفريق (عمر البشير) والذي ظل يحكم السودان منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا بانتخابات رئاسية أشبه بمبايعات شعبية كما هو الحال في مصر اليوم!!، وقد تسبب تعنت الاسلاميين وكذلك القوى الوحدوية الوطنية المركزية في (الخرطوم) والشمال عمومًا - منذ أيام حكم النميري الذي تحالف مع الاسلاميين - ورفضهم الشديد لمنح الجنوبيين حكمًا ذاتيًا في ظل نظام فيدرالي وخوضهم حربًا أخذت طابعًا دينيًا اسلاماويًا (!!) ضد الجنوب والذي كان يطالب يومها بالحكم الفيدرالي وليس الانفصال إلى تقسيم السودان إلى دولتين بفضل تعنت الاسلاميين وأيضًا القوى الوطنية السودانية الشمالية المركزية!.. وهكذا تحولت السودان إلى دولتين (شمالية وجنوبية) كما هو الحال في انقسام الفلسطينين بسبب تعنت الاسلاميين إلى سلطتين، احداهما في (الضفة) والاخرى في (غزة)!، وكذلك تسبب الاسلاميين الحوتيين المواليين لحكم الملالي في ايران في تقسيم اليمن إلى حكومة صنعاء وحكومة عدن، وتسبب الاسلاميين الليبيين وتعنتهم إلى تقسيم ليبيا إلى حكومتين حكومة الانقاذ الاسلامية التي تحكم طرابلس والمدعومة بتحالف (فجر ليبيا) والتي خلفتها حكومة الوفاق الحالية المدعومة من المليشيات والمعترف بها دوليًا، وحكومة الشرق الليبي التابعة للبرلمان المنتخب والمعترف به دوليًا والمدعوم من تحالف الكرامة والجيش الوطني في شرق ليبيا (برقة) الذي يقوده المشير خليفة حفتر! ... وهكذا ظلت الانقلابات العسكرية والمسلحة في عالمنا العربي تتكرر ضد النظم الديموقراطية والليبرالية الناشئة عقب الاستقلال ، تلك النظم التي كانت تنمو ببطء شديد وتعاني من مشكلات الحمل والمخاض والولادة وفقر الدم والتي كانت تحتاج قطعًا إلى اصلاحات لا انقلابات عسكرية ولا حتى ثورات شعبية شعبوية تدمر الأخضر واليابس! ، انقلابات عسكرية تلحفت بزي الثورات الشعبية والشعارات الوطنية والقومية والدينية والتي تارة كانت تحدث على يد العسكر القوميين العرب (الاشتراكيين!) كما في انقلاب جمال عبد الناصر والقذافي والبعث في سوريا والعراق، وتارة على يد العسكر المدعومين من قبل الاسلاميين كما في السودان وصنعاء وطرابلس الغرب وغزة!، وتارة أخرى على يد العسكر المدعومين من قبل العلمانيين كما في الجزائر 1991 ومصر مؤخرًا!... عمومًا .. رحم الله (المشير سوار الذهب) فقد ضرب المثل الأعلى والقدوة الحسنة للعسكري الوطني المهني المحترف الذي يعرف حدود العسكر وطبيعة مهمتهم ويدرك أهمية الديموقراطية لشعوبهم وبلدانهم، ورحم الله العرب الذين يتخبطون منذ حقبة الاستقلال بين خيارين أحلاهما مر !، حكم ديكتاتوري غير ديموقراطي (عائلي أو عسكري) أو (مزيج بينهما!!) لكنه يحقق قدرًا من الاستقرار وقد يحقق الكثير من الازدهار !، وتجارب للحكم الديموقراطي الفاشلة التي تعقب ثورات شعبية عارمة وتتسبب في الفوضى العامة وانعدام الاستقرار وقطع مسار النمو الطبيعي للمجتمعات وارجاعها إلى نقطة الصفر أو حتى تحت الصفر!.
**************
سليم الرقعي 2018
(*) يجب هنا أن نذكر ونتذكر الرئيس الجزائري الأسبق (الشاذلي بن جديد) الذي دعا عقب ثورة شعبية عام 1988 إلى انتخابات ديموقراطية معلنًا بأنه سيتنحى عن السلطة ولكن عقب فوز الاسلاميين الأصوليين الشعبويين (المتشددين) بالحكم انقلب العسكر المدعومين من قبل العلمانيين وبعض الدول الغربية وربما العربية على تلك التجربة الديموقراطية وقاموا بعزل (بن جديد) فدخلت البلاد في أتون حرب أهلية طويلة مريرة ومروعة!.. وبالرغم من دور العسكر الانقلابيين والعلمانيين في اجهاض هذه التجربة الديموقراطية فلا يمكن من ناحية موضوعية اهمال دور وخطورة الخطاب الأصولي المتشدد والمخيف الذي تبنته جبهة الانقاذ في تلك التجربة حيث كان الاصوليون يلوحون بأنهم عقب فوزهم سيعملون على ((أسلمة الدولة والتخلص من النظام الديموقراطي الليبرالي المستورد من الغرب الكافر!!!!؟؟؟)) .. وهو ذات الخطأ القاتل الذي وقوع فيه الاسلاميون عقب فوزهم بالانتخابات في مصر حيث أولًا أنهم استعجلوا الحكم على أساس حسابات سياسية خاطئة وأوهام شعبوية وأحلام طوباوية غير رشيدة فضلًا ثانيًا عن أنهم لم يعملوا على نشر الطمأنينة والسكينة بالقدر الكافي في كافة شرائح المجتمع المصري والدول العربية والغربية المتخوفة من حكم الاسلاميين وهي مخاوف جادة ولها ما يبررها بالفعل وتستحق من المنخرطين في السياسة من الإسلاميين إلى العمل على تفهمها بشكل دقيق وعميق أولًا والعمل على معالجتها بشكل سليم وحكيم ثانيًا ، لكنهم لم يتصرفوا بالشكل الصحيح والرشيد وظلوا يتخبطون في تعنتهم وأوهامهم وقصورهم السياسي حتى تم الانقلاب عليهم وسحقهم بأحذية العسكر والأمن بكل سهولة كما لو أنهم مجرد حشرات سامة أمام الشعب وأمام العالم دون تعاطف حقيقي معهم!!












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ