الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلوى التي تحجب الغابة

إبراهيم رمزي

2018 / 10 / 22
المجتمع المدني


الحلوى التي تحجب الغابة

في إطار عملي ـ سابقا، قبل التقاعد ـ، وفي إطار ما تحملت من مسؤولية، شهدت العديد من "حفلات الشاي" التي شاركت في الإشراف على تهييئها وتنظيمها .. وما يمكن أن يحكى عن تلك الحفلات، وعن عدد من "أبطالها" من فئة "الهاي كلاس" قمين بأن يجعلهم يدفنون وجوههم في التراب .. ولكن "المقزدرين" لا يرف لهم جفن.
تصوروا صاحب جلباب خلاب، أو بذلة أنيقة، يدس حلوى يتقاطر عسلها في جيبه .. وأخر يلتهم من كل صنف ولون من الحلويات .. وآخر كأنه في حلبة سباق يسارع ليشرب من جميع العصائر على اختلاف طعومها وألوانها .. ولا أنسى ذاك الذي أخرج لسانه كالبقرة ليمسح به شفتيه "وما حولهما" ..

أحد الزملاء كان يتميز من الغيظ وهو يرى تلك المشاهد "المؤلمة"، ثم يقول: ما العيب في أن أتوقف عند متجر حلويات، وأشبع نهمي وجوعي .. مقابل أي مبلغ .. حتى إذا حضرت هنا "صنت نفسي عما يدنس نفسي".
لم لا يتطوع أحدهم بفتح متجر حلويات قرب مبنى البرلمان .. سيكون مشروعا تجاريا مربحا؟

أعود لموضوع "جياع الأمة" لأقول:
مبدئيا تعتبر الحلوى التي عرضت على موائد حفل شاي البرلمان قد وصل ثمنها للمزود.
(باستثناء ما إذا كان سيعاد وزنها، ليُرجَع ما تبقّى للمزود. ويؤدَّى ـ فقط ـ ثمنُ ما استُهلِك، وهذه الفرضية مستبعدة. ولا يجري بها العمل في المناسبات الرسمية.)

من سيستفيد من الحلوى المتبقية؟
ما لم تكن للمسؤول عن الإعداد والتنظيم خطة محددة لطريقة التصرف في الحلوى المتبقية .. فإن الحلوى تبقى رهن إشارة كل واحد، ليفعل بها ما يشاء .. يأخذ كل واحد منها (حسب حاجته، وطاقته، .. ولؤمه)
فالخجولون سيتعففون .. سيستنكفون .. سيتراجعون .. سيستنكرون .. سـ .. سـ ..
وأصحاب "السنطيحة" سيغزون غزوة مباركة وهم يرددون: لمن نترك هذه الخيرات الفائضة عن الحاجة؟ .. لم لا نكون نحن المستفيدين منها؟ هل نتركها ليستولي عليها المزود فيكون مستفيدا أكثر من مرة؟

الجميع يتحدث عن "الحلوى" التي تحجب الغابة ..
لا أحد يتحدث عن وجوه صرف المال العام
لا أحد يتحدث عن مظاهر البذخ "المصطنع" في بلاد "الحازقين"
بعض من ظهروا في فيديوات "الحلوى" صبت عليهم نيران الاستهزاء بعبارات قاسية .. جارحة .. بينما السخرية يجب أن تنصبّ على:
التبذير
التبذير
التبذير
لا أحد يتحدث عن التبذير

يتم إثقال كاهلنا بالضرائب، ثم تقام حفلة باذخة، تشتمل على ما يفوق الحاجيات الحقيقية والضرورية.
حلوى البرلمان يمكن أن تؤخذ كمعيار على مصاريف أخرى تستحق وصف: مصاريف "الأبهة" أو مصاريف "العظمة" .. وواقعنا الاقتصادي يفرض التخلي عنها.
هناك تبذير زائد عن الحد، وتلاعب بالمال العام المؤدي من جيوب المواطنين ...

هناك من منح "المستفيدين" نعت "الناهبين" .. شخصيا، لا أعتبر أن هناك نهبا ..
هناك ـ فقط ـ استفادة من الظرف، بطريقة لم تعجب الآخرين، في غياب ضوابط المسؤولية لدي المسؤول/ المشرف على حفلات الشاي بالبرلمان ..
لو كان هناك ترشيد في المصاريف، وعقلنة في "المعروض" .. ما حدث ما أطلق عليه "الشوهة" ..

مستقبلا،
يتعين تجنب التبذير، "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين".
تفعيل المحاسبة. إذ لو كانت هناك مساءلة حقيقية عن "المصاريف" لتمّت الرأفة بجيوب دافعي الضرائب، وتجنيب "جياع" الأمة التعرض للتشفي والسخرية، وفق التعليقات التي ذيل به المواطنون تلك الصور التي نقلتها إليهم وسائل الإعلام.

من جهته، أدان البرلمان ما وصفه بـ”الحملة” التي استهدفت النواب، وتداوُل العشرات من الفيديوهات المنسوبة لعدد منهم وهم يتهافتون على الحلوى. ولكن: أين إدانة التبذير أيها البرلمان الموقر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نشرة إيجاز – برنامج الأغذية العالمي يحذر من مجاعة محتومة في


.. العراق يرجئ مشروع قانون يفرض عقوبة الإعدام أو المؤبد على الع




.. رئيسة -أطباء السودان لحقوق الإنسان-: 80% من مشافي السودان دم


.. إسرائيليون يتظاهرون عند معبر الكرامة الحدودي مع الأردن لمنع




.. الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا