الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنا والآخر في الخطاب الطائفي

عمار ابراهيم عزت

2018 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" قراءة في كتاب الطائفية في الإسلام للصدر الثاني "
في البدء علينا الاعتراف ان أي دراسة لا تُؤتي أُكلها مالم تُشفع بقراءة فاحصة ومتأنية لأعمال المفكر كلها، فالقصور لا يمكن اخفاؤه حين تُقدَّم رؤية ما على مُؤلَّف واحد، وأكثر تقصيرا ان اعتمدت الدراسة على وريقات كتبها الصدر الثاني في شبابه. لذا فإن ما سنعرضه لا يمثل بأي شكل من الاشكال رأي الشهيد وغايته، بقدر ما يعبر عن رأي متواضع توصلت اليه من قراءة سريعة لهذا الكتيب. وقد قسمت ورقتي الى ثلاثة محاور:
المحور الأول: الأنا والآخر في الخطاب الطائفي
إن الطائفية في أهم شكل من اشكالها هي محاولة إثبات هوية (الأنا) من خلال اقصاء (الآخر). بمعنى إن الشيعي او السني الطائفي – على سبيل المثال – لا يسعى الى برهنة صحة اعتقاده واثبات وجوده بوساطة منظومة معرفية تتقبل (الآخر). منظومة تمتلك إمكانية التعديل والتبديل في سننها، ولها قدرة الانفتاح من حدودها العقدية المغلقة بإتجاه عقيدة (الآخر) لإنتاج ذلك التلاقح الفكري المنتج، بل على العكس من ذلك، يمارس الخطاب الطائفي حالة الانغلاق على ذاته ضمن أشرطة حمراء لا يُسمح بتجاوزها من الداخل أو من الخارج.
يسعى الخطاب الطائفي الى فرض هيمنته من خلال النظام أو المؤسسة المهيمنة على مقاليد السلطة، وذلك بهيكلة المفاهيم والممارسات بما يتلاءم مع أيديولوجيتها، وبالأخص في أهم مؤسساتها، واقصد المؤسسة التعليمية والتشريعية والقضائية.
لقد اهتم الكتاب الذي نحن بصدد تحليله بمفهوم الخطاب الطائفي وتصنيفه الى عدة مستويات أهمها:
1- انه خطاب أجنبي عن الإسلام يستثمر لغايتين وهما
- الهيمنة من خلال بث روح التفرقة والتشتت في جسد الأمة.
- تسويق خطاب جذاب وبراق يؤثر به على منظومة المسلم الذي يعاني من حالة النفور من الطائفية التي تشعر الفرد بالتناقض والتضاد والتقاطع مع مجتمعه وقيمه الرفيعة. من هذه النقطة يقدم الصدر رؤية استشرافية بقوله " ولا يخفى خطورة هذا الخلاف الطائفي – بشكل خاص – على الإسلام وعلى سائر مذاهبه [...]، فإنه لو قدر له – لا سمح الله-أن يدوم وأن يستفحل، يترتب عليه قائمة ضخمة من الآثار السيئة السوداء التي تجر على الإسلام ومذاهبه، بل على مصالح هؤلاء المتخاصمين أنفسهم الشر والدماء.
2- ان الخطاب الطائفي خطاب مصلحة، المستفيد منها الافراد لا الجماعات المنتمية الى طائفة ما. بمعنى إن أفرادا في سلطة ما أو جماعات تتبنى ايديولوجية معينة تحاول استثمار هذا الخطاب المقيت لتحقيق مكاسب لضمان بقائها وفرض قوتها وهيمنتها على الطوائف المتصارعة.
المحور الثاني: مثالية الحلول وواقعية الأزمة الطائفية
يعمد الصدر الثاني الى تقديم حلول تستند الى جملة من المشتركات أهمها: ان كلمة " الإسلام " هي هوية كل مسلم مهما اختلف مذهبه وانتماؤه، وبذلك فمن الممكن نبذ الطائفية بالعودة الى منظومة القيم السامية بعيدا عن " الجدل العقيم "-كما يسميه الصدر-الذي لا يثمر الا عن تصدع الامة وتشظيها، كما وتحولها الى لقمة سائغة لأطماع خارجية تحاول نخر الإسلام وتدميره.
تنحى الحلول المطروحة في الكتاب الى البعد المثالي لا الواقعي، فضلا عن تجاهلها عمق الجدل التاريخي للمذهبين – السنة والشيعة – كما وتركن الخلاف العقدي الماثل، كبنية حتمية لا مناص منها، على رف الارجاء والتناسي، فكما نعلم إن ترك الاعتقاد معناه فساد العقيدة وبالتالي فساد اسلام المرء وعدم صحة اعماله، وبالتالي فان هذا الجدل العقدي التاريخي يعد مفصلا حيويا في تاريخ الطائفية او كما يصفه الصدر " شرارة الطائفية "
السؤال هنا: لماذا تغاضي الصدر عن هذا المحور المفصلي الفاعل وما هي إمكانيات المتاحة لإقصائه من فكرنا المذهبي؟ (اتركه للقارئ)

المحور الثالث: تماهي الخطاب ام خطاب التماهي
هناك أسئلة كثيرة راودتني وانا اقرأ هذا الكتيب منها على سبيل المثال لا الحصر:
-هل أراد الصدر تذويب الخطاب الشيعي في خطاب أوسع؟
-كيف سيمرر الصدر خطابنا الشيعي دون ان يحمل بصمة طائفية؟
-ما هي الوسائل المتاحة لتحقيق انسجام يتجاوز التناقض في التشكيل الاعتقادي لكلا المذهبين؟
-هل الصدر سيتغاضى – ولو مؤقتا – عن الخطاب الشيعي لتمرير خطاب لا طائفي ولو مؤقتا؟
هذه الأسئلة وأخرى دفعتني للوقوف عند محطات نستشف منها تصوره لخطاب التشيع، أذكر بعضها:
1-اقتران وجهة نظر الإسلام بوجهة نظر أئمة الهدى عليهم السلام وانهم هم القادة المؤسسون (ص43)
2-مذهبنا هو الإسلام الحق (ص 67 – 68)
3-إن الائمة سلموا الدولة القائمة على انحرافها وفسقها، وعدم رضاهم عنها، حقنا لدماء المسلمين (انظر ص43 -44)
3-على الشيعي في الحكومة ان لا يفكر في حدود مصلحته، وان يستغل "الفرصة لخدمة دينه ومذهبه "
4-الدعوة الى جهاز قضائي متعدد، وأقول هذا انما يدل على اختلاف لا اتفاق المذاهب في مرجعياتها الإسلامية، ليس على مستوى الخلاف العقدي وانما على مستوى التشريع أيضا. (ص56)
5-وقوله: "نأخذ بما يوافق عقيدتنا وديننا ونطرح ما عداه بوصفه ينتمي الى مبدأ معاد للإسلام". (ص64)
بعد ما تقدم يدعو الصدر الى (اسلام مجرد)، ونتساءل ما هو شكل الإسلام المجرد؟
يتضح مما تقدم ان الخطاب الشيعي لا يتماهى مع خطاب الطوائف الأخرى، بقدر ما يدعو خطاب الصدر الى تماهي الخطابات الإسلامية الأخرى في خطابنا الشيعي بوصفه " الإسلام الحق "

محاولة تركيب:
ينطلق خطاب الصدر بالنظر الى الطائفية في الإسلام من مسلمات مذهبية شيعية خالصة، تحاول ان تثبت وجودها وتحقق هويتها وتحصل على امتيازاتها لا بوصفها فكرا وكيانا شيعيا بل بوصف التشيع (الخطاب الإسلامي الحق) لامتلاكه منظومة من القيم المستقاة من سلسلة متصلة من المشرعين والتشريع المستلة من روح الإسلام واخلاقياته. والله اعلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل


.. بحجة الأعياد اليهودية.. الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي لمدة




.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر


.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري




.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد