الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العالم حينما يتخوشق (1)

جعفر المظفر

2018 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



لم يكن خاشقي هو الأول في قائمة ضحايا الجريمة السياسية ولا كان السعوديون أول من فعلها, وستظل ابواب القائمة مفتوحة على مصراعيها لتستقبل ضحايا جدد من أضاحي الأنظمة القمعية في عالمنا الثالث, لكن المثير في جريمة الإغتيال أنها وقعت في داخل القنصلية السعودية في إسطنبول وأن الإتهامات بإرتكابها لا تقف عند مسؤولين ضمن النظام وإنما هي بدأت بتحميل رأس النظام السعودي نفسه مسؤولية الإعداد لها والأمر بتنفيذها مما جعلها بحق تستحق إعلاميا كثيرا من الضجيج الذي ثار حولها, كما وتستحق كثيرا من الإدانات التي صدرت ضد فاعليها حتى ولو كان الملك نفسه, وتذكرني هذه الجريمة بحق الصحفي الخاشقجي بجريمة اخرى كان قد إرتكبها حافظ الأسد في السبعينات من القرن الماضي بحق رئيس إحدى الصحف اللبنانية المعروفين (سليم اللوزي مالك ورئيس تحرير مجلة الحوادث) حينما قام بقطع أصابع يده اليمنى بإدعاء انه كتب بتلك اليد مقالة ضد الأسد الذي لم يكتفِ بذلك بل قام بعدها بقتله وإلقاء جثته في الغابة البيروتية .

ولن أكون مغاليا إذا ما قلت أن جريمة قتل الخاشقجي تستحق أن يكتب عنها الكثير من المقالات والدراسات السياسية, بل وحتى الدراسات الأكاديمية التي تدور حول طبيعة التعاملات والتوظيفات والإستخدامات والإسقاطات والتمويهات والتدليسات في السياسة الدولية وفي المعارك البينية بين السياسيين فرقا كانوا أم أحزابا أم أفراد. لكن سيظل من واجب المفكرين والإعلاميين من غير المجموعات المدفوعة أثمانها أن يقتربوا من هذا الحدث بكثير من الموضوعية والأخلاقية الصارمة وأن يعيدوا ما يكتبوه لمرات عدة قبل ان يطلقوه كتابة أو صوتا.

إن إدانة الجريمة من الناحية الأخلاقية والجنائية هو موقف يجب أن يسجله الفرد دون تحفظ. غير أن الإنخراط في الحملات الإعلامية القائمة على قدم وساق هو ما يجب أن نحرص على عدم الإنجرار إليه من واقع أن التعمية الإعلامية قد باتت اليوم على أشدها وأن القدرة على تركيب الأراء الضميرية وصياغتها قد بات صعبا على صانعه كما وأن استيعابه والقبول به قد بات أشد صعوبة على متلقيه. ولسنا هنا في وارد التهوين من خطورة الجرائم السياسية لكن دخولنا سيكون مضمونا بنفس الأخلاقية فيما إذا راعينا وجوب ان يأتي الرأي بها ملتزما بأقصة إستقلالية وحرفية بحيث نُسقط ما إستطعنا كل محاولات تجيير الحدث او النفخ فيه أو توظيفه في الصراعات السياسية القائمة بين الدول أو بين الأحزاب.

في محيطنا العربي لم تعد الإنحيازات مع او بالضد خالية من التعقيد او الشوائب بل صارت في أكثر الإحيان معقدة ومركبة. في السابق كانت الصراعات الطائفية والقبلية والجهوية لم تبلغ من الحدة والتاثير بحيث يكون لها نصيبا في تركيب الرأي او وجهة النظر. كان المرأ حينها أما أن يكون قوميا أو يكون وطنيا قطريا. أو أن يكون إشتراكيا تقدميا او رجعيا إقطاعيا. في مرحلتنا الحالية قد يكون المرأ شيوعيا أو عروبيا ويكون في الوقت ذاته طائفيا شيعيا او سنيا مثلما قد يكون المرأ ذاته شيخ قبيلة أو داعية لكيان جهوي على حساب الكيان الوطني.

ولقد طغت الإنتماءات الثانوية والثالثية وحتى الرابعية والخامسية لتحل محل الإنتماءات الأكثر شمولية القائمة على أفضلية الأمة أو الوطن الإقليم أو القطر. في الموقف من حرب اليمن يمكن للبعثي الشيعي ان يكون ضد السعودية في حين يكون البعثي السني معها. وفي الموقف من نظام بشار الأسد يمكن أن يكون الشيعي الشيوعي مع بشار في حين يقف السني الشيوعي مع الرافضين لنظامه. وحينما يكون هناك حدث على وزن إغتيال خاشقجي فإن مواقف العديد من المتسيسيين يسيسهم الإنتماء الثانوي قبل الإنتماء الأساسي فترى الشيعي منهم مدفوعا ضد السعودية أما السني منهم فموقفه أيضا يأتي متأثرا بالصراع السني السني فيكون مع تركيا ضد السعودية او العكس الذي يتحدد بطبيعة الولاء الثانوي او الثالثي المتأثر بمواقف الإخوان المسلمين أو بموقف السلفية السعودية المعادية للإخوان المسلمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط