الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة العراق الخارجية 1958-1963 ج .1

سعد سوسه

2018 / 10 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


سياسة العراق الخارجية تجاه فرنسا

كانت العلاقات السياسية بين العراق وفرنسا مقطوعة في اواخر الحكم الملكي بسبب الاساليب العدوانية الفرنسية التي شنتها ضد الشعب الجزائري ، واستمر الامر على هذا الحال بعد قيام ثورة 14 تموز 1958م في العراق ، لا بل ان الجمهورية العراقية قطعت العلاقات الاقتصادية والتجارية مع فرنسا في الثالث عشر من تشرين الثاني 1958م ، مما اثر سلباً على فرنسا لاسيما ان العراق قد دعا الاقطار العربية الاخرى لان تحذوا حذوه في هذا المجال .
حاولت الحكومة العراقية مقاطعة فرنسا اقتصادياً على الصعيد العربي فقد دعت البلدان العربية الى مقاطعة البضائع الفرنسية ففاتحت الامانة العامة لجامعة الدول العربية لادراج موضوع منع الاستيراد من فرنسا ومقاطعة فرنسا اقتصادياً ضمن جدول اعمال المجلس الاقتصادي لدول الجامعة العربية في دورته الخامسة لاتخاذ قرار موحد بشأنه من قبل جميع الدول العربية . وعلى الرغم من اتصال فرنسا عبر مستشارها في سفارتها في انقرة في الثامن من كانون الثاني 1959م بسكرتير السفارة العراقية في انقرة نجدة فتحي صفوت باعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والاعتراف بالعراق ، فقد ردت الخارجية العراقية على الطلب الفرنسي ”ان مسألة الاعتراف امر يعود للحكومة الفرنسية نفسها ولا يتوقف على شرط اعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ، وقد تكون الفرصة اكثر ملائمة لذلك بعد الاعتراف“ .
ولكن الحكومة العراقية سددت ضربة اخرى للحكومة الفرنسية وذلك بتاميم حصتها في شركة نفط العراق في العاشر من نيسان عام 1959م ليدفع بالعلاقات العراقية-الفرنسية الى الخلف كثيراً، الامر الذي دفع الخارجية الفرنسية لاصدار بيان اكدت فيه ”ان تأميم الحكومة العراقية الحصص الفرنسية في شركة نفط العراق التي تملك بالاشتراك مع المصالح البريطانية والهولندية والامريكية بصورة جماعية عمل مستحيل من الناحية القانونية ، ان تضامن اصحاب الحصص الرئيسين الذين يملك كل منهم 23.75% من الاسهم تقوم بموجب نصوص العقد والاجراءات العملية“ .
لم يمنع قطع العلاقات بين العراق وفرنسا من وجود تبادل تجاري بين البلدين فقد بلغت قيمة الاستيرادات العراقية من فرنسا (2276343) ديناراً في عام 1959م اما قيمة الصادرات العراقية لفرنسا فقد بلغت في العام نفسه (1751) ديناراً ، كما كانت هناك بعض الشركات الفرنسية العاملة في العراق ، فضلاً عن ذلك فقد وافق مجلس الوزراء العراقي على شراء مؤسسة (اورزدي باك الفرنسية) لكي يكون ذلك مقدمة لبناء شركة تساهم فيها رؤوس اصحاب الاموال الخاصة . وتقرر ان تدفع وزارة المالية العراقية مائة الف دينار دفعة اولى يتم بعدها دعوة التجار العراقيين للاشتراك في هذا المشروع والمساهمة فيه ، ووافق مجلس الوزراء ايضاً على ايفاد رفعت الجادرجي معاون مدير المباني العام الى باريس لمدة سبعة ايام لغرض التباحث حول انشاء الملعب الرياضي الذي تبرعت به مؤسسة كولبنكيان في بغداد .
وفي العاشر من كانون الاول 1962م أي بعد حصول الجزائر على استقلالها من فرنسا في تموز من نفس العام قرر مجلس الوزراء العراقي تخويل وزارة الخارجية العراقية اعادة العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا نظراً لحصول الجزائر فعلياً على استقلالها وللخطوات الفرنسية الايجابية التي وقفتها فرنسا تجاه هذا الاستقلال تعزيزها لعلاقاتها السياسية والاقتصادية مع البلدان العربية وبناءاً على الروح العلمية والانسانية التي اظهرها العلماء الفرنسيون الذين شاركوا في احتفالات الذكرى الالفية لمدينة بغداد وذكرى الفيلسوف العربي الكندي ، وما اظهره الزعيم عبد الكريم قاسم من استقبال لهم وتأكيده امامهم ”بان العلاقات العلمية ستنموا وتتحسن بين البلدين ، وان خطوات اخرى سوف تتخذ فيما يتعلق بالعلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين“ .
وعندما استؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في التاسع عشر من كانون الثاني 1963م وافق مجلس الوزراء العراقي على فتح السفارة العراقية في باريس وبدأت العلاقات العراقية الفرنسية تشهد نمواً مضطرداً في المجالات كافة .
ثالثاً : سياسة العراق الخارجية تجاه المانيا الاتحادية

على الرغم من عدم وجود تمثيل دبلوماسي بين العراق والمانيا الغربية (الاتحادية) بعد قطع الاخيرة لعلاقاتها الدبلوماسية مع اية دولة تقيم علاقات سياسية مع المانيا الشرقية (الديمقراطية) وتعليق العلاقات القنصلية بين العراق والمانيا الاتحادية ، الا ان ذلك لم يمنع العراق من تعيين العقيد الركن عبد السلام محمد عارف سفيراً في المانيا الاتحادية براتب قدرة (200) دينار شهرياً فضلاً عن المخصصات الاخرى ، ووافق مجلس الوزراء العراقي على مشروع اتفاقية خاصة نصت على مشاركة الحكومة المانيا الاتحادية في تأسيس ثانوية صناعية في بغداد ، واقترح العراق اثارة موضوع استغلال رؤوس الاموال الالمانية في اسرائيل في المجلس الاقتصادي لدول الجامعة العربية وتنسيق السياسيات الاقتصادية للدول العربية تجاه المانيا الغربية .
شهد عام 1959م استضافة حكومة بون لعدد من الموظفين والوفود العراقية هناك فقد وافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد شاذل جاسم طاقة رئيس ملاحظي المطبوعات العربية وهشام القاضي المستخدم باجور اسبوعية لمدة (12) يوم الى المانيا الغربية للمشاركة مع وفد الصحافة العراقية بناءاً على الدعوة الموجة لهم من قبل المانيا الاتحادية ، كما وافق مجلس الوزراء العراقي على زيارة امين العاصمة لالمانيا الاتحادية لمدة اربعة اسابيع للاطلاع على الحياة العمرانية هناك .
وتعزيزاً للعلاقات الثقافية بين البلدين وافق مجلس الوزراء العراق على استضافة الوفد الثقافي الالماني الاتحادي في بغداد للتفاوض حول الاتفاقية الثقافية المقترح عقدها بين حكومتي المانيا الاتحادية والجمهورية العراقية ، كما وافق مجلس الوزراء على استضافة وفد برلماني الماني على نفقة الحكومة العراقية ، ووافق مجلس الوزراء العراقي في الثاني من تشرين الثاني 1960م على ايفاد السيد يحيى علوان السعودي مدير البرامج الاذاعية والتلفزيونية الى المانيا الاتحادية لمدة اسبوعين بدعوة من حكومة المانيا الاتحادية .
ولغرض زيارة مصافي النفط الالمانية ومعامل الكيمياء الحجرية وغيرها من الصناعات التي لها علاقة بشؤون النفط ، حصلت موافقة مجلس الوزراء العراقي على زيارة وزير النفط لالمانيا الاتحادية لمدة خمسة ايام ، وتلبية لرغبة من الحكومة الالمانية الاتحادية في عقد اتفاقية ثنائية للنقل الجوي بينها وبين الجمهورية العراقية فقد وافق العراق على ارسال وفد ضم كل من السيد علاء الدين محمود مدير الطيران المدني العام رئيساً وزعيم الجو ناصر حسين الجنابي المدير العام لمصلحة الخطوط الجوية العراقية عضواً وعبد الهادي الاسترابادي مشاوراً للامور الحقوقية بديوان وزارة المواصلات عضوأً وناظم عبد الجبار صدقي مدير الحقوق في مديرية الطيران العامة سكرتيراً .
وعلى الصعيد الاقتصادي وبحكم كون المانيا الغربية دولة صناعية فقد ارتفعت قيمة استيرادات العراق منها من حوالي (10) ملايين دينار عام 1959م ، الى اكثر من (14) مليون دينار عام 1962م ، وبلغت اقيام الصادرات العراقية لها عام 1961م (60259) ديناراً في حين بلغ مستواها في 1962م (2423438) ديناراً .

رابعاً : سياسة العراق الخارجية تجاه دول اوربا الغربية الاخرى

اقامت الحكومة العراقية علاقات دبلوماسية مع عدد من دول اوربا الغربية الاخرى . فقد كانت هناك مفوضية عراقية في فينا عاصمة النمسا وقنصلية في جنيف في سويسرا واخرى في ستوكهولم في السويد ، فتقرر اقامة سفارات فيها وفي بقية الدول الاسكندنافية وفلندة .
وتعزيزاً للعلاقات العراقية البرتغالية فقد اوفدت الحكومة العراقية للبرتغال
رفعت الجادرجي وكيل المدير العام للهيئة الفنية الخاصة واكرم فهمي وكيل عميد معهد التربية البدنية العالي لغرض التباحث مع مؤسسة كولبنكيان لتشييد ملعب رياضي في العراق على غرار الملعب الموجود هناك ، كما وافق مجلس الوزراء العراقي على ارسال السيد صالح زكي توفيق مدير السكك العام الى مدريد عاصمة اسبانيا للاطلاع على ابر ز التطورات في حقل اختصاصه . واستضاف العراق وفدين تجاريين اسباني وبرتغالي لاجراء مباحثات بغية توقيع اتفاقية للتجارة والمدفوعات بين الجمهورية العراقية وبلديهما تعزيزاً لاواصر الصداقة بينهما . ووافق مجلس الوزراء العراقي على استقبال وفد طلابي اسباني مؤلف من (24) طالباً وطالبة من جامعة مدريد للاطلاع على التطور العمراني والثقافي في العراق .
وتعزيزاً للعلاقات الدبلوماسية بين العراق وكل من الدنمارك واليونان وايطاليا فقد رفع التمثيل الدبلوماسي مع هذه الدول الى درجة سفارة في عام 1960م .
ولم تكن الدول الاشتراكية بعيدة عن سياسة العراق الخارجية وتوجهاتها الجديدة في اقامة اوسع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع دول العالم الاخرى وعدم الاقتصار على الاقطار العربية.
كما عقدت اتفاقية تجارية مع فلندة لتوسيع التبادل التجاري ومعاملة كل منهما للاخرى معاملة اكثر الدول حظوة وتسهيل اقامة المعارض التجارية وتسوية المدفوعات .
وعزز العراق علاقته التجارية ايضاً مع النرويج وسويسرا والدنمارك وبلجيكا وهولندا وارتفعت قيمة الصادرات العراقية الى هذه الدول الى الاف الدنانير .
وعلى صعيد اخر اعترفت الحكومة العراقية بجمهورية قبرص للحيلولة دون افساح المجال امام اسرائيل من اقامة علاقات دبلوماسية معها او كسبها الى جانبها . وحصلت موافقة مجلس الوزراء العراقي على اعتماد السيد نجيب الصائغ سفير الجمهورية العراقية في لبنان وزيراً مفوضاً في قبرص بالاضافة الى وظيفته الاصلية .
وحصلت موافقة مجلس الوزراء العراقي على توقيع اتفاقية ثقافية بين العراق وبين مملكة اليونان ، وتم تخويل وزير المعارف للتوقيع على هذه الاتفاقية .
ان توجهات السياسة العراقية هذه الراغبة في ادامة العلاقة مع الغرب واستمرارها على اسس من العدالة والاحترام المتبادل والاعتراف باستقلاله وسيادته وتواصل الصلات الثقافية والاقتصادية والسياسية معه ، تظهر ان عراق الثورة لم يكنّ للغرب العداء كما كانت تصوره الدول الغربية وهو الاتهام الذي كان يثير الشك عند قادة الثورة بنوايا الغرب تجاه العراق ويدفعهم للميل نحو الدول الاشتراكية .
سياسة العراق الخارجية تجاه الولايات المتحدة الامريكية

اصيبت العلاقات العراقية الامريكية بعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز 1958م ، في العراق بانتكاسة كبيرة لان الثورة اعلنت منذ البداية عن رغبتها في الابتعاد عن سياسة التبعية للغرب وانتهاج سياسة الانفتاح على العالم واقامة علاقات مع الاقطار العربية والاشتراكية على اسس مكافحة والقضاء على رموز الاستعمار ، الا ان الواقع الدولي ، وما استطاعت الولايات المتحدة من تحقيقه في العراق جعل من الصعوبة بمكان تجاهل دورها السياسي والاقتصادي فيه .
استأنفت الولايات المتحدة الامريكية مساعداتها العسكرية والفنية للعراق لاسيما الاسلحة والمواد المخصصة لرجال الشرطة كالدراجات النارية والاسلحة الخفيفة ويقول السفير الامريكي في بغداد (ولدمار غلمن Waldamar Gulman) معلقاً على هذا الموضوع ”لم تبد في الموقف الذي تلى الانقلاب بوادر تدعو الى الاعتقاد بان استمرار المعونات العسكرية والاقتصادية امر مرغوب فيه ، ومع ذلك فلم ارغب ان اظهر باننا قد تخلينا عنها طوعاً ، او قبل الاوان ، وتركنا المجال للسوفييت، فاذا كانوا يريدون ان ننسحب فيجب ان تأتي المبادئة من السلطة العراقية ، وهكذا وبموافقة وزارة الخارجية الامريكية ابلغت وزير الخارجية العراقية الجومرد باننا مستعدون للاستمرار في تقديم مساعدتنا الفنية اذا كانت حكومة العراق ترغب في ذلك ، اما المساعدة العسكرية فقد قلت انها ستكون موضع بحث بين الحكومتين لوضع التفاصيل العملية والسياسة العامة“ .
وفي الخامس عشر من كانون الاول 1958م زار بغداد مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الاوسط (وليم راونتري William Rawantry ) الذي كان يقوم بجولة في المنطقة وتزامنت زيارته مع اكتشاف ما يسمى بمؤامرة رشيد عالي الكيلاني التي سبقت زيارته باسبوع ، فقامت تظاهرات صاخبة وحملات صحفية لاذعة ضد الولايات المتحدة الامريكية ، الامر الذي اضطر رجال الامن والخارجية العراقية بتهريبه من وراء المطار ومقابلته للزعيم عبد الكريم قاسم ووزير الخارجية العراقي عبد الجبار الجومرد في وزارة الدفاع ووصفت مقابلتهما رسمياً بانها كانت ”ودية للغاية وبحثت فيها العلاقات بين البلدين“ كانت غاية الولايات المتحدة الامريكية التقرب من الزعيم عبد الكريم قاسم منذ زيارة راونتري لبغداد لضرب الحركة الشيوعية في العراق .
وعلى صعيد اخر وافق مجلس الوزراء العراقي على اتفاق التعاون الفني بين العراق والولايات المتحدة الامريكية لتزويد مديرية السكك الحديد العامة بخبراء ومهندسين لادارة مشاريعها الخاصة بخط بغداد – البصرة ، نظراً للخبرات التي تمتلكها الولايات المتحدة الامريكية في هذا المجال .
كما وافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد عبد الكريم ابراهيم الامين معاون ملاحظ المكتبة العامة ببغداد الى الولايات المتحدة الامريكية لمدة تسعة اشهر للاستفادة من الزمالة الممنوحة له من قبل اليونسكو للدراسة والتدريب على فن وادارة تنظيم المكتبات .
ووافق مجلس الوزراء ايضاً على اشتراك الملحق الثقافي العراقي في واشنطن في المؤتمر الذي تقيمه جامعة كنتاكي للمدة من 23 نيسان لغاية 25 نيسان 1959م .
وفي 15/ايار/1959م اعلنت الحكومة العراقية عن فسخ الاتفاقيات الثلاث التي فرضتها الولايات المتحدة على العراق بالتعاون مع اقطاب العهد الملكي في عامي 1954 و1955م بشأن المساعدات العسكرية واستخدام الاسلحة والمعدات الامريكية من قبل العراق وتخليها عن مبدأ ايزنهاور عام 1957 عقدت حكومة فاضل الجمالي في نيسان 1954 اتفاقية مع الحكومة الامريكية نصت على : ان مقتضيات الاتفاقية هي ”ضرورات الدفاع عن العالم الحر“ ، أي ضرورات ستراتيجية حلف الاطلسي ، ومن الناحية الداخلية : ”تعزيز الامن الداخلي ، ضد النشاط الهدام“ أي ان الاتفاق المذكور موجهاً مباشرة لقمع الحركة الوطنية ومن شروطه المهيمنة ”عدم استخدام الاسلحة المستوردة وفقاً للاتفاقية ، ضد اسرائيل ، او ضد أي من حلفاء الولايات المتحدة“ ، وفضلاً عن ذلك يقضي الاتفاق باشراف البعثة العسكرية الامريكية على الجيش العراقي كما يتضمن منح تسهيلات واسعة النطاق عسكرية وسياسية وقانونية لافراد البعثة العسكرية الامريكية ولموظفي (النقطة الرابعة) ، وهكذا فان هذه الاتفاقية احكمت تبعية العراق للاستراتيجية الامريكية واباحت استخدام الجيش العراقي لخدمة الاغراض الامبريالية ضد الشعوب العربية والبلدان الصديقة . فقد صرح ناطق باسم وزارة الخارجية ” بان انسحاب العراق من هذه الاتفاقية العسكرية والاقتصادية لا يعني عملاً غير ودي ، لان الحكومة العراقية على العكس من ذلك ترغب في نمو الصداقة على اساس التفاهم المشترك“ .
وعلى صعيد اخر ، اوفدت وزارة الاشغال والاسكان المهندس حازم مجيد الى الولايات المتحدة الامريكية مدة عشرة اشهر لتحضير تصاميم جامعة بغداد التي قررت حكومة الثورة تشيدها في الجادرية في مكتب الاستشاريين ارلتكين بوزاتين والدكتور كرويوس .
ووافق مجلس الوزراء العراقي على تسمية الدكتور عز الدين الراوي القنصل الاول في نيويورك قنصلاً عاماً فيها ، وتعزيزاً للعلاقات الثقافية بين الدولتين اوفدت الحكومة
العراقية الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيس جامعة بغداد الى الولايات المتحدة الامريكية
تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس لجنة برامج انتخاب العلماء الاجانب الزائرين لغرض تنشيط حركة البحث العلمي وزيارة عدد من الجامعات الامريكية والقاء بعض المحاضرات هناك ، كما وافق مجلس الوزراء العراقي على ايفاد عدد من اساتذة الكليات الى الولايات المتحدة الامريكية للاطلاع على اساليب الدراسة ونظم الادارة في الجامعات الامريكية والتفاوض مع بعض الاساتذة المختصين في مختلف العلوم لغرض الاتفاق معهم للتدريس في جامعة بغداد لمدة ستة اسابيع ، فتم ايفاد الاساتذة كل من صادق فياض عميد كلية
الطب البيطري وناجي عبد القادر عميد كلية الهندسة بالوكالة وفاضل الطائي عميد كلية العلوم بالوكالة .
وخول مجلس الوزراء العراقي في السادس عشر من كانون الثاني 1961م وزير المعارف صلاحية التوقيع على الاتفاقية الثقافية بين الجمهورية العراقية والولايات المتحدة الامريكية بصيغتها النهائية .
وتعزيزاً للعلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وافق مجلس الوزراء على شراء بناية للسفارة العراقية في واشنطن وتقرر مبدئياً صرف مبلغ قدره مائة الف دينار من وزارة المالية محسوباً على خطة عام 1961م ، وتخويل السفارة العراقية هناك لشراء البناية المذكورة وقيامها فوراً باتخاذ الخطوات اللازمة لهذا الغرض وذلك ”نظراً لتحقق ربح بينّ للدولة من هذه الصفقة وخسارة في حالة تفويتها“ ، واسهم العراق في نفقات ادارة جامع واشنطن بمبلغ قدره 3000 دولار اسوة بالدول العربية الاسلامية التي شاركت في هذا المشروع الثقافي .
وشارك العراق في المشروع الذي تبنته جامعة وسكنسون الامريكية وهو مشروع السنة العربية للفنون والذي تضمن اختيار بعض الفنانين العراقيين للمشاركة فيه ، وتم دفع حصة العراق من نفقاته البالغة (510) دولار بالتساوي مع الاقطار العربية المشتركة فيه وهي لبنان والجمهورية العربية المتحدة .
كما تبرعت الجمهورية العراقية في اقامة مسجد اسلامي في معرض نيويورك
الدولي بمبلغ قدره (4500) دينار تمشياً مع سياسة الجمهورية العراقية التي تعمل من اجل (نصرة الاسلام والمسلمين) .
وعلى صعيد اخر وافق مجلس الوزراء العراقي على اقتراح لجنة الطيران المدني لوزارة المواصلات بخصوص عقد اتفاقية جوية بين الجمهورية العراقية والولايات المتحدة الامريكية لتنظيم النقل الجوي بين البلدين وتم تخويل زعيم الجو ناصر حسن الجنابي المدير العام لمصلحة الخطوط الجوية العراقية رئيساً واسماعيل فتاح نائب المدير العام نائباً للرئيس والدكتور طارق المتولي مدير الدائرة الاقتصادية العام بوزارة الخارجية عضواً والسيد ناظم عبد الجبار صدقي مدير الحقوق في مديرية الطيران المدني العامة عضواً والسيد عبد الهادي الاسترابادي مشاوراً للامور الحقوقية في ديوان الوزارة عضواً .
شهدت العلاقات العراقية الامريكية تدهوراً ابان ازمة الكويت بسبب الموقف الامريكي المؤيد لبريطانيا خلال هذه الازمة ، الامر الذي دفع العراق لسحب سفيره من واشنطن والطلب من الحكومة الامريكية سحب سفيرها من بغداد بسبب تبادل الولايات المتحدة التمثيل الدبلوماسي مع الكويت ، واتهم العراق الولايات المتحدة الامريكية بدعم الحركة الكردية في الشمال والتدخل في الشؤون الداخلية العراقية الا ان السفير الامريكي ببغداد نفى ذلك .
ولغرض اعادة النظر في العلاقات القائمة بين العراق والولايات المتحدة الامريكية طلب (دين راسكDean Rask ) وزير الخارجية الامريكي مقابلة هاشم جواد وزير الخارجية العراقي في نيويورك قبيل انعقاد دورة الامم المتحدة عام 1962م ، لبحث نقاط الالتقاء بينهما والمصالح المشتركة ومواضيع اخرى تخص الشرق الاوسط وموقف الولايات المتحدة الامريكية من الصراع العربي- الصهيوني ، وبالفعل عقدا اجتماعاً في السادس من تشرين الاول 1962م لهذا الغرض، وصرح هاشم جواد بعد انتهاء الاجتماع بانه بحث مع المسؤول الامريكي تزويد بلاده لاسرائيل بالصواريخ ، ومعارضة العراق لهذه الصفقة .
لم تمنع المفاوضات العراقية الامريكية عبد الكريم قاسم من مهاجمة الولايات المتحدة الامريكية في خطبه لاسيما في بداية عام 1963م بعد ان ازدادت الهجمة الامريكية على نظامه، فقد اوضح في مؤتمر صحفي بان الاستعمار الامريكي اخذ يهدد في الاونة الاخيرة باتخاذ تدابير رادعة، وان هذه التدابير ستوجه اليه بالذات ، واكد ان الشبكات الاستعمارية التي تدار بالاموال الامريكية قد ازدادت ”وهي تحاول تحطيم الشعب العراقي واستغلاله“ واستطرد الزعيم قائلاً : ”ان امريكا ترفع دائماً العلم الملطخ بالعار“ .
لم تكن مهاجمة عبد الكريم قاسم للولايات المتحدة الامريكية تمنع وجود تعاون امريكي عراقي في المجال الثقافي ، فقد كان هناك عدد كبير من الطلبة العراقيين يدرسون في الجامعات الامريكية حتى بلغ عددهم من الاول من كانون الثاني 1963م ، (1615) طالب ، كما كانت هناك جمعيات امريكية ، تعمل في شمال العراق وجنوبه وفي بغداد .


المصادر
( ) نوري عبد الحميد العاني واخرون ، المصدر السابق ، ج1 ، ص78-79 ؛ المصدر نفسه ، ج1 ، ص103؛ الوقائع العراقية ، العدد 1 ، 23/ تموز/1958 .
( ) خليل ابراهيم حسين الزوبعي، العراق في الوثائق البريطانية 1958-1959، ج1،بغداد،2000م، ص77؛ نوري عبد الحميد العاني وآخرون، المصدر السابق، ج1، ص82 .
( ) لمعرفة تفاصيل ما دار في هذه اللقاء ينظر الى : نوري عبد الحميد العاني ، المصدر السابق ، ج1، ص83-84 .
( ) المصدر نفسه ، ص88 ؛ مجيد خدوري ، العراق الجمهوري ، بيروت 1974 ، ص81 .
( ) د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1958 ، رقم القرار (13) ، تاريخه 20/9/1958 .
( ) د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1958 ، رقم القرار (7) ، تاريخه 14/10/1958 .
( ) د.ك.و. ، المصدر نفسه لعام 1959 ، رقم القرار (11) ، تاريخه 1/1/1959 .
( ) د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء لعام 1959 ، رقم القرار (24) ، تاريخه 10/1/1959 .
( ) د.ك.و. ، المصدر نفسه ، رقم القرار (4) ، تاريخه 21/6/1959 .
( ) سعيد عبود السامرائي ، اقتصاديات العراق ، بغداد ، 1970 ، ص59-60 .
( ) سعاد خيري ، ثورة 14 تموز 1958 بعد اربعين عاماً ، استوكهولم ، 1998، ص150 .
( ) د.ك.و. ، قرارات مجلس الوزراء العراقي لعام 1959 ، رقم القرار (21) ، تاريخه 12/9/1959 .
( ) د.ك.و. ، المصدر نفسه ، رقم القرار (22) ، تاريخه 26/9/1959 .
( ) د.ك.و. ، المصدر نفسه ، رقم القرار (23) ، تاريخه 27/9/1959 .
( ) سعاد خيري ، المصدر السابق ، ص152 .
( ) الجمهورية العراقية ، ثورة 14 تموز في عامها الاول ، ص293 .
( ) قحطان احمد سليمان ، المصدر السابق ، ص490-491 .
( ) سعاد خيري ، المصدر السابق ، ص160 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث