الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كَهِينَا (4)

سلام محمد المزوغي

2018 / 10 / 26
الادب والفن


طوال فترة الشات وقبل أن نلتقي، كانت كريمة تتصل بي من حين لآخر.. كنت أكلمها كغيرها من أصدقائي وكانت تكلمني كأيام الثانوية، كريمة الافتراضية لم تحضر لحظة خلال تلك الاتصالات، والغريب أنه ولمرات عديدة كانت تتصل بي نهارا فأجيبها دون اكتراث أو أقطع الاتصال زاعما أني مشغول بشيء ما ثم أفكر مباشرة متى يأتي الليل لأقرأ لكريمة الافتراضية ولأكتب لها الكثير عني عن كهينا وعنها. كنت أسمع عن الشيزوفرانيا حتى عشتها؛ لم أكن منافقا لا لها ولا لنفسي بل كنت شخصيتين واحدة لا تهتم والأخرى تهتم.. وتهتم كثيرا! لكني لم أرغب في لقائها وفضلت أن أستمتع إلى أقصى حد بذلك الاهتمام الذي أحسست به في داخلي؛ كانت أول مرة أهتم لأحد غير كهينا، كان الأمر غريبا عليّ وفي أوقات كثيرة أحسست وكأني أخون كهينا لكني واصلت ولم أتوقف.
كريمة الشات كتبتْ لي كل شيء، لم تترك موضوعا إلا طرقته دون خجل أو حرج وهي الفتاة الخجولة المنطوية على نفسها.. وصل بها الأمر أن كتبت لي عن الجنس فأثارت عندي تساؤلات لم تخطر ببالي؛ قالت أنها عذراء فقلت وكذلك أنا، قالت أنها لم تُقبِّل أي أحد فقلت وكذلك أنا، قالت أنها تريد أن تعيش كل شيء مع ذلك الحبيب فقلت لا أعلم مع من أريد أن أعيش ذلك فضحكتْ مني وقالت أنه من المفروض أن يكون ذلك مع من أحب فأجبتها أني لا أحب أحدا غير كهينا فلم تقل شيئا وسألتني عن أفلام البورن هل أشاهدها أم لا، قالت أنها من حين لآخر ترى منها القليل ويعجبها ذلك فأجبتها أني أشاهدها دوما عندما يغادر النوم فراشي فظنت أنها دعابة.. لكني لم أكن أمزح
يقولون أن بلداننا من أكثر دول العالم مشاهدة للأفلام "الاباحية"، لا أعلم صحة ذلك القول لكني ربما أكون من أكثر سكان العالم مشاهدة لها.. أحب حقيقة الأمور وأرى أن تلك الأفلام تُرى فيها تلك الحقيقة عكس أفلام السينما "الرفيعة" أين لا يُرى إلا الكذب والنفاق، الأغبياء يشاهدون تلك الأفلام ليتعلموا، الأشقياء يشاهدونها ليحلموا أما أنا فأراها لأنام! مشاكلي مع النوم كثيرة لذلك كنت كثير المشاهدة لمقاطع البورن؛ يسهل عليّ النوم عندما أضع معها في نفس الوقت أفلام وثائقية عن عالم الحيوان: على يمين الشاشة أورجي وعلى شمالها كلاب برية تفترس امبالا حيا، الصراخُ واحدٌ هنا وهناك وجميلٌ يعكس حقيقةً لا أعلم كيف تساعدني على النوم لكنها تفعل فأنام.. كهينا تعلم عني ذلك وتعودتْ على إيقاف الكمبيوتر صباحات كثيرة عندما توقظني، عندما شرحتُ لها قالت أني "فيلسوف صغير" وأن "فلسفتي لا تخيفها بل تثيرها": فيلم بورن، افتراس، قتل، حرق لا يهم، المهم أني وجدتُ حلا لمشكلٍ يلزمه حل والأهم أني وجدت ذلك الحل بمفردي دون اللجوء إليها.
لم تتحرج كريمة من سؤالي عن العادة السرية ولم أتحرج من إجابتها أنها إلى تلك اللحظة لم تزرني ولم أحتج إليها لكني أكدت على الصحة الجيدة للرفيق! وعلى أن الجنس لا يأخذ حيزا كبيرا في تفكيري، الأكيد أنها لم تصدقني وربما رأت أن عندي نوعا من البرود، الأكيد أيضا أن ذلك ساعدها على فهم لمَ لمْ أهتمّ لها كل السنين التي مرَّتْ.. لكن المؤكد وقتها أني لم أكن قد فهمتُ بعد أن كهينا كانت وراء كل ذلك وأنه مازال أمامي الكثير لأتمكّن من فهم حقيقة الأمور.
حدثتها عن تنصتي على كهينا ورفيقتها، فسألتني هل كنت أجد متعة؟ وأي متعة كانت؟ فلم أستطع إجابتها لأني لم أكن أعلم الحقيقة من وراء ذلك، غالبا ما كنت أضحك محاولا سماع ماذا تقولان، لا أذكر أني أحسست بمتعة حسية أو شعرت بشيء ما حصل مع رفيقي، لكني كنت أشعر بسعادة من أجلهما.. استمر ذلك حتى الرابعة عشرة، في الخامسة عشرة لم يتغير إلا شعور جديد بالغيرة من كريمة ومنذ تلك السنة لم أفهم حقيقة الأمور، الضباب صار كثيفا فحجب عني الرؤية كما كنت أفعل سابقا، ربما غابت البراءة.. ربما كهينا ابتعدتْ، ربما أبعدتني.. ربما رحيل كريمة فتح عليّ كل أبواب ذلك السد العالي فأغرقتني مياهه وأوحاله....لا أزال لا أفهم!
رد كريمة كان فاتنا، لم يهمني منه إلا صدقه.. حقيقته التي لم تحاول انكارها؛ قالت أنها لم تفهم شيئا من كلامي وأني أعقد الأمور، قارنت نفسها بي فقالت أنها كانت تفعل نفس الشيء مع أبويها، كانا يلتقيان كظهور هلال لا يُرى بالعين لكن يلزمه تلسكوب ليُرى، كانت تسعد عندما تتفطن لهما، لكنها كانت تقوم بالمحظور فتجد متعة تندم عليها بعد حين فتلوم نفسها وتعد بعدم المعاودة لكنها لا تلتزم فتعيد الكرة كلما رأت....الهلال! وعندما سألتها عن آخر مرة كنت أنتظر عمرا كعمري لكنها قالت: "منذ سنة أرصد الهلال ولم أره".. كان عمرها تلك الليلة عشرين وعدة أشهر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ


.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني




.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق


.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع




.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر