الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنون الأسعار فى سلع الفقراء

طلعت رضوان

2018 / 10 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يبدوأنّ (غريزة الدهشة الفطرية) التى يمربها الإنسان، عندما يسمع خبرًا غيرمتوقع.. فإذا به يـُـفاجأ بأنّ ما كان يظن أنه لايمكن حدوثه، إذا به تحقق على أرض الواقع، أكتب ذلك بمناسبة الخبرالذى قرأته عن ارتفاع سعرالبطاطس.
كنتُ فى طفولتى أسمع تعبير(مجنونه يا قوطه) بسبب ارتفاع سعرها عن الحد غيرالمألوف، بالرغم من أنّ ارتفاع السعركان فى حدود غيرمـُـبالغ فيها (بضعة قروش) كما أنّ الوضع يعود إلى طبيعته بعد أسبوع أوأسبوعيْن على أكثرتقدير، ولكن ما قرأته عن البطاطس فاق كل التوقعات، ففى مـُـنتصف أكتوبر2018 وصل سعركيلوالبطاطس (فى الأحياء الشعبية) إلى12جنيه..وبعد يوميْن وصل إلى14جنيه ثم قفزإلى16جنيه..كثيرون امتنعوا عن الشراء (بالرغم من عشق أطفالهم للبطاطس المحمّـره) والتى تكون فى حقيبة المدرسة.. إذن مـُـقاطعة أولياء الأموركانت (إجبارية) بسبب دخولهم المُـتدنية..وذلك بعد أنْ قاطعوا الفاكهة (الرخيصة مثل البلح وليس التفاح أوالكمثرى التى أصبحتْ من الثمارالمُـحرّمة على الفقراء)
وكنتُ أتوقع (من فرط سذاجتى) أنّ ارتفاع سعرالبطاطس لن يستمرطويلا، وكلها أيام ويعود السعرإلى وضعه الطبيعى..وأنّ البطاطس لن تكون (مجنونة) مثل الطماطم..وإذا بى أتلقى الصدمة المُـروّعة عندما قرأتُ أنّ سعركيلوالبطاطس سيصل إلى40 (أربعين جنيهـًـا) خلال أيام..والخبرجاء على لسان د.محمد عبدالرحمن السعيطى (رئيس المجلس القومى للتنمية الزراعية وشئون المصدرين) الذى حمّـل وزارة الزراعة المسئولية الكاملة عن أسباب ارتفاع سعرالبطاطس والطماطم، لعدم قيامها بدورها المنوط بها..وهوخدمة المزارعين والفلاحين..وتوفيرمناخ مناسب لهم..وأضاف أنّ معاناة الفلاحين (عرض مستمر) لم يـُـكتب له النهاية، فأصبحتْ مشاكل الفلاحين متكررة فى كل موسم، حيث أنّ وزارة الزراعة لاتوفرلهم التقاوى المناسبة للبيئة المصرية..والكارثة أنّ مركزالبحوث الزراعية أصبح لايؤدى دوره فى إنتاج التقاوى، الأمرالذى جعل مصرتستود ما يقارب85%من احتياجات الزراعة المصرية من التقاوى..وأدلى سيادته بمعلومة غاية فى الخطورة، حيث قال: إنّ تقاوى الطماطم المستوردة (تسببت فى خسائرباهظة وفادحة لآلاف الفلاحين..وهذا هوالسبب فى ارتفاع سعرالطماطم..ولكن الإضافة الأكثرخطورة عندما حذرقائلا أنّ ارتفاع سعرالبطاطس سيصل إلى40 (أربعين جنيهًا) للكيلوبسبب سياسة وزارة الزراعة الخاطئة، تجاه الفلاحين الذين امتنعوا عن زراعة البطاطس، بسبب الخسائرالتى لحقتْ بهم فى الموسم الماضى..وأضاف- كذلك- إنّ سياسة وزارة الزراعة- بالنسبة لتوزيع الأسمدة، أثــّـرتْ بشكل سلبى على الفلاحين، الذين يضطرون إلى الشراء من السوق السوداء، بأسعارمرتفعة، بسبب عدم تواجد الأسمدة فى الجمعيات الزراعية (جريدة مصراوى- 24 أكتوبر2018)
قرأتُ هذا الخبرالمُـطوّل على لسان إنسان شريف..وفى وجدانه درجة عالية من الرقى والنــُـبل الإنسانى..ولكنه بحكم منصبه الرفيع (رئيس المجلس القومى للتنمية الزراعية وشئون المُـصدرين) شعر(بمسئوليته الإنسانية) قبل (مسئوليته الوظيفية) فأدلى بهذا التصريح الخطيرالذى يؤكد استهتارالحكومة بالغالبية العظمى من جماهيرشعبنا، ذوى الدخول المُـنخفضة..ولم يهتم أحد من المسئولين بوقف تلك الكارثة..ولم يسأل نفسه السؤال الطبيعى: بماذا تطبخ السيدة الفقيرة (بمراعاة أنّ كثيرين من الأغنياء ليست لديهم مشكلة، لوبلغ سعركيلوالطماطم مائة جنيه، أوبلغ سعركيلوالبطاطس ألف جنيه) وبمراعاة أنّ تلك السيدة الفقيرة تــُـدبـّـربالكاد ثمن رغيف العيش وطبق الفول.
وللأمانة اهتـمّ وزيرالتموين بموضوع ارتفاع سعرالطماطم فقال: إنّ الكثيرمن شعوب بعض الدول، لايستخدمون الطماطم فى الطبيخ، فعلــّـق علي تصريحه أحد ظرفاء الفيسبوك بطريقة ولاد البلد الساخرة قائلا: يظهرإنهم بيطبخوا بعصير الفراولة؟!
ولكن ماذا عن البطاطس: هل ستترك الحكومة موضوع ارتفاع سعرها يتفاقم؟ وهل ستستسلم للمتوالية التى حذّرمنها رئيس المجلس القومى للتنمية الزراعية، الذى تبـّـأ (بحكم تخصصه ومعلوماته) أنّ سعرالكيلوسيصل إلى40جنيهـًـا؟ وهل سيستمر (مسلسل إهمال الفلاحين) وتركهم فريسة لمافيا استيراد التقاوى الغيرمناسبة للتربة المصرية، أوالتقاوى الفاسدة..وتركهم فريسة لمافيا استيراد الأسمدة؟
لقد كتبتُ أكثرمن مرة..وكتب غيرى، عن الحقيقة المؤكدة والمعروفة لدى أصغرباحث فى شئون الاقتصاد الزراعى، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا والهند والصين واليابان وبعض دول أمريكا اللاتينية، تتولى تقديم الدعم الكامل للمزارعين، ليس على قاعدة (الحب الرومانسى لسواد عيونهم) وإنما من أجل الارتفاع (بمستوى الاقتصاد القومى) والذى يأتى نتيجة تصديرالفائض عن احتياجات السوق المحلى..وأنّ هذا التصديرينتج عنه (تلقائيـًـا) مليارات الدولارات من الدول المُـستوردة للمحاصيل الزراعية..وبالتالى يحدث التحسن فى الميزان التجارى..وميزان المدفوعات..وهوما يعنى التحسن فى الموازنة العامة للدولة.
فهل ينتبه المسئولون المصريون إلى هذه المعادلة البسيطة: دعم الفلاح يعنى دعم الاقتصاد القومى؟ أم سيتواصل مسلسل الجنون: من الطماطم إلى البطاطس إلى الباذنجان..وإلى كل ثمارطعام الفقراء؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بطاطس مصريه
عبد المطلب العلمي ( 2018 / 10 / 26 - 12:09 )
اول امس في سوبرماركت في بلد اوروبي رايت بطاطس مصريه.لم اشتريها حيث كانت ارخص من المحليه. بضاعه شحنت بحريا ثم بريا ارخص من تلك التي تجلب من الارياف القريبه!لا بد ان بها شئ ما غير طبيعي.
كيف يتم التصدير في ظل وجود نقص في السوق المحلي؟

اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل