الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون والوجود حسب رؤية عقيدة الحياة المعاصرة

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2018 / 10 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الكون حسب رؤيتنا عبارة عن مادة وطاقة يتبادلان التحول والصيرورة فيما بينهما منذ الازل والى الابد ، في الانفجار العظيم تحولت المادة الكونية ذات الكثافة العالية جدا الى طاقة شاملة انتشرت في كل ارجاء الكون الذي كان بحالة ظلام دامس وبرودة شديدة جدا وسكون تام فنشرت فيه النور والدفء والحركة والحياة ، رحلة الطاقة في الكون تقع في اربعة مراحل او اشواط والتي تمثل دورة حياة الكون ( شوط الانفجار ، شوط الانتشار ، شوط الاستقرار ، شوط الانهيار ) ... في شوط الانهيار تعود الطاقة لتتحول تلقائيا الى مادة كونية كما كانت اول مرة ، الوجود عبارة عن سلسلة دورات كونية متوالية لانهائية ، كل دورة كونية تستغرق عشرات المليارات من السنين ، ولا نعلم ان كان الوجود هذا عبارة عن كون واحد أم عدة اكوان منفصلة عن بعضها ؟
ـ هذا الوجود عبارة عن مادة وطاقة ، وان موجد الكون انما خلق بالاساس المادة والطاقة ، تكون كل من المادة والطاقة على انواع ، وان خالق الكون قد وضع لكل نوع من انواع المادة والطاقة خصائصه المميزة وقوانينه المتحكمة به واطلقها في الكون بشكل مجرد من اي تشكيلات او تنظيمات ، وبالانفجار العظيم انتشرت مادة الكون وطاقته في ارجاء الكون لتتصرف وفقا للقوانين والخصائص ، فتكونت التشكيلات والتنظيمات الكونية الموجودة حاليا دون تدخل من قبل الخالق ، العشوائية لها وجود في الكون ، الصدفة لها وجود في الكون ، وبناءا على تلك العشوائية والصدفة انبثقت ظاهرة الحياة على كوكبنا من دون باقي الكواكب المجاورة له ، اننا نعتقد بان ليس هناك غاية وراء ظاهرة الحياة ، كما ان خالق الكون ليس لديه اهتمام بما يجري داخل الكون من حوادث ، ولا بشؤون البشر الموجودين على كوكب الارض
ـ مرت الاجرام الكونية وعلى مدى عمر الكون بالكثير جدا من حوادث التصادمات فيما بينها حتى استقرت حركاتها على ما هي عليه حاليا من نظام ثابت ودقيق ، اي ان الدقة والضبط والثبات في حركات الاجرام الكونية التي نشهدها اليوم لم تنشأ بناءا على مشيئة جهة ما في الكون ، وانما هي نتاج وقائع لا حصر لها من التصادمات في خضم حالة الفوضى والعشوائية في انتشار الاجرام الكونية عقب الانفجار العظيم حتى استقرت على حالتها اليوم من انتظام ودقة وثبات ، هذا الكون كون حي نابض بالحركة ، كل حركة في الكون مصدرها الطاقة الكونية ، الطاقة الكونية لها مشوار ينتهي بتحولها الى مادة كونية كما كانت قبل الانفجار ، وبنهاية مشوار الطاقة الكونية تكون نهاية الكون الحي .
ـ الوجود : هو كل ما موجود في الطبيعة من مادة وطاقة وحركة ، ويمكن ادراك هذه الموجودات من خلال حواس الانسان او من خلال الاجهزة والمعدات العلمية ذات التقنية الفائقة في التحسس ، دون التقيد بظروف الزمان والمكان ، وبالتالي فان هذه الموجودات تمثل الحقيقة ، الحقيقة مرهونة بادراكنا ، فحيثما يصل ادراكنا تكون الحقيقة ، واي شيء خارج هذا الوجود المحسوس المدرك لا يعتبر حقيقة وانما مجرد افتراض حتى ندرك كنهه ، اننا نتقبل فرضية وجود خالق للوجود ، خالق للمادة والطاقة ، ولكننا نراه خالق مجهول الكينونة ومجهول المصدر ، هذا الخالق لا يمثل اله الاديان ، اله الاديان اله وهمي صنعه القدماء لدوافع نفسية
ـ لا اعتراض لنا على فكرة وجود خالق للكون ، ولكننا نرى بان عملية خلق الكون ذاتها لا تخلو من اللغز ، لان خلق الكون عبارة عن خلق شيء من لا شيء ، اي خلق الوجود من العدم ، وهذا لغز محير ، وبسبب تعذر معرفة الحقيقة في مجال أصل مادة الكون فاننا نتقبل فكرة وجود خالق للكون ، وان هذا الخالق أزلي الوجود ، وان المادة ازلية وليست محدثة ، اما الكون فهو محدث ، وان مبدأ ازلية المادة لا ينفي امكانية انبثاقها او خلقها من العدم اول مرة ( قبل الأزل ) ، جوهر المادة هو الازلي اما صور المادة فهي محدثة ، صور المادة تكونت بعد الانفجار العظيم .. الجوهر او الاساس ثابت اما الصور فمتغيرة
ـ اننا نتفهّم ونتقبّل فرضية وجود خالق للكون ، ولكننا نعتقد ان هذا الخالق اقتصرت مهمته على خلق المادة والطاقة فقط ووضع القوانين التي تحدد خواص وسلوك كل نوع من انواعها ومن ثم اطلاقهما في الكون بشكل مجرد من اي تشكيلات وتنظيمات ليتصرفا وفقا لتلك القوانين دون تدخّل منه ، وهذا يعني :
ـ ان هذا الخالق لم يكن له دور في رسم خارطة الكون ، اي انه لم يتدخل في تحديد عدد المجرات في الكون ، وطريقة توزيعها في ارجاء الكون ، وتحديد المسافات فيما بينها ، ولم يتدخل في تحديد مكونات جميع الاجرام السماوية الاخرى في الكون وطريقة تشكيل الانظمة الكونية كالمجرات والمجموعات النجمية وغيرها ، وانما خضعت عملية الانتشار والتشكيل الى مبدأ العشوائية مع الاخذ بنظر الاعتبار العوامل الثلاثة ( مقدار قوة الانفجار العظيم ، وكمية المواد المنفجرة ، وسعة الكون الذي انتشرت فيه المواد الناتجة عن الانفجار ) ، تلك المواد المنتشرة عشوائيا انتظمت في حركاتها بعد مرور مليارات السنين من الفوضى والتخبط والاصطدامات بعضها ببعض
ـ ان هذا الخالق لم يكن له دور في تحديد عدد المجموعات النجمية او الشمسية في كل مجرة ، ولم يكن له دور في تحديد عدد الكواكب والاقمار في كل مجموعة نجمية
ـ ان هذا الخالق لم يكن له دور في ظهور ظاهرة الحياة على اي كوكب في الكون فيه حياة ومن ضمنها كوكب الارض ، وانما انبثقت الحياة كظاهرة عرضية نتيجة توفر الخلية الحية مجهولة المصدر ، مع توفر ـ وعن طريق الصدفة ـ الظروف المناسبة لاستمرار الحياة في الكواكب التي انبثقت فيها الحياة من بين مليارات المليارات من الكواكب المنتشرة في ارجاء الكون والتي لم تنبثق فيها الحياة
ـ ان هذا الخالق لم يكن له دور في تحديد اشكال وانواع واعداد الكائنات الحية التي ظهرت على كوكب الارض كثمار لشجرة الحياة منذ ظهورها على كوكبنا قبل 3500 مليون سنة
ـ ان هذا الخالق لم يكن له دور في ظهور الانسان كأرقى كائن حي متطور عن الكائنات الحية التي ظهرت على سطح الارض
ـ وبالتالي فان هذا الخالق غير معني بشؤون البشر ولا بمصير البشر ، وان الادعاء بارساله انبياء ورُسُل الى البشر انما هو ادعاء باطل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت