الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا نحتاج لموقف موحد للقوى المدنية والديمقراطية في العراق؟.

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)

2018 / 10 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لماذا نحتاج لموقف موحد للقوى المدنية والديمقراطية في العراق؟.

قبل أن نبدأ التنظير الفكري والسياسي لا بد لنا من مراجعة ونقد ذاتي لمسيرة القوى المدنية والديمقراطية التقدمية في العراق على ضوء تجربة الخمسة عشر عاما الماضية، وحتى يكون النقد مبني على حقائق الواقع والبحث عن أسباب الفشل والقصور في أداء هذه القوى برغم من قوتها وحضورها في الشارع الوطني وما تمتلك من نضوج فكري وحس وطني متجاوز للواقع وقادر بالقوة أن يكون قائدا وضروريا مرحليا له، هذه الحقيقة لا يمكن تغافلها ولا يمكن أن نعالج الإشكالية بكلام مكرر ومطروح حتى من تلك القوى المتسيدة في مواقع السلطة والقرار وبه تخدع في كل مرة جماهير الشعب وتلتف على حقوقه الأساسية لتعيد الكرة بمنهجها الذي أطاح بكل أمل في حدوث تغيير أو أصلاح للواقع السياسي المتهالك، لذا فالصراحة والوضوح هنا ليس حتميا فقط بل لا بد أن يطرح بشجاعة وطنية بكل مرارته والخيبات التي أصابت الشعب من أدائها، الذي يظن البعض انه برغماتيا سيطرح نتائجه من خلال تطور الأداء أو إنكشاف حالة العجز المزمن في السلطة وشعاراتها ومنهجها العام.
إذن فلنبدأ من نتائج النقد والمراجعة الذاتية لنا كقوى حاولت أن تكون عنصر تغيير وإصلاح في منظومة فكرية وسياسية غير قابلة أصلا لذلك، الخطل والخلل هنا ليس في الشعارات ولا في المناهج والأفكار التي نسعى لتحقيقها فهي على المستوى الوطني حاضرة وبكل قوة وعلى أمتداد ساحة العمل الوطني، ولكن ما ينقصنا أساسا هو أن نعلن بكل قوة وشفافية أننا كقوى سياسية وطنية (مدنية وديمقراطية) رفضنا لشكل العملية السياسية وأساسها العقد الأجتماعي (الدستور وبنية النظام الذي أولده) وبالتالي أعلان معارضتنا الكاملة لها بما فيها منطلقات وأسس النظام مع إيماننا الكامل بالديمقراطية النيابية السليمة المبنية على فكرتي المواطنة المتساوية وقوة القانون والخضوع التام له، مع تحييد والفصل بين محركات العمل السياسي وإيعادها عما هو غير سياسي وأجتماعي، هنا سيفهم الشارع العراقي أننا نمثل حالة متقدمة تلبي طموحه وتتبنى أفكاره دون تشويش وخلط والبحث عن فرص تغيير وتطوير في ظل نظام خاضع لهيمنة قوى وأجندات لا تؤمن أصلا بالديمقراطية ولا قوة القانون ولا حق المواطنة، لأنها تفرض نفسها قوة منزلة من السماء لا يجوز بل يقمع من ينادي بذلك أو يطرح البديل الحضاري والإنساني الحر.
العنصر الأخر والذي يمكن أن نستخلصه من المراجعة النقدية للمرحلة السابقة أن التفرد في الزعامة وطرح البعض منا نفسه قائد ومنظر وفاعل رئيسي وعلى القوى المنخرطة في المشروع التغييري أن تتماهى وتتبع هذا النهج، شكل عندنا نوعا من الديكتاتورية التي ناضلنا جميعا من أجل تجاوزها ومكافحة الثقافة الفكرية التي أولدتها، العمل الديمقراطي السليم والهام هو أن نبدا من هنا من نقطة الأنطلاق والقبول به منهجية ثابته لا يمكن تجاوزها لنعطي للشارع العراقي النموذج الواقعي والعملي لتفكيرنا وفلسفتنا في بناء النظام والدولة والمجتمع، في تجربتنا السابقة وخاصة من خلال ما عرف بأئتلاف تقدم كان الخلل واضحا في هذا الجانب ولم نشارك في أي بناء داخلي له ومع ذلك كان وقع ميلاد التجمع في حينها قويا لكنه سرعان من أنهار لأسباب عديدة كان أبرزها أن القيادة كانت بلون واحد ولم تولد بشكل ديمقراطي قبل أعلانه وأشهاره للشعب، بالرغم من إرادة الأخوة والرفاق في الحزب الشيوعي العراقي وجهودهم الكبيرة في التحضير والإعداد والعمل الميداني، لكن كان هناك من يفكر أبتداء بأتجاه أخر وبطريق ظن أنه الأفضل لحصد المكاسب السياسية كمرحلة ضرورية لتعزيز حضوره على الساحة.
العنصر الثالث الذي كبل حركة القوى المدنية والديمقراطية الساعية للتغيير تمثل في أنخراط البعض منها في تحالفات وتكتلات أنتخابية مرحلية خرجت منه بعد أن أعطى الجمهور المدني والديمقراطي حضوره كاملا لتلك التحالفات، مما سبب في إحباط الكثيرين وخاصة أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير والإصلاح وعماد المشروع الوطني وهم الشريحة المعول عليها لأن تكون النواة الأساسية في بناء العراق وهم الشباب والجيل الذي ولد مع المعاناة والأستلاب والذي من الواجب زجه بقوة في هذه الحركة وتهيئته ليكون الفاعل المتصدي لكل الزيف والنخريب والفساد كونهم لم تتجذر أفكارهم وتتحجر مع السائد السياسي وليس لهم مصلحة بشكل من الأشكال في بقاء المنظومة السياسية الراهنة.
من هنا نطرح تصورنا كجزء من محاولة جادة في أتجاه بناء تكتل مدني ديمقراطي تقدمي قادر فعلا على قيادة الشارع العراقي نحو تحقيق أهدافه، قابلا للمناقشة والإثراء والإنضاج عبر حوار ديمقراطي مسؤول وملتزم أخلاقيا وسياسيا بثوابت شعبنا.
1. الإعلان الصريح والواضح والمحدد بأهداف اساسية لا يمكن المساومة عليها ولا نقبل أن تكون عرضة لإرادات لا يهمها من العمل السياسي سوى مصالحها وحماية وجودها الخاص بعيدا عن مصلحة العراق وشعبه، ومنها على سبيل الذكر ما يلي:
• رفض العملية السياسية الراهنة بكل تفاصيلها وشكلها وجوهرها ما لم يتم العمل على تغيير القاعدة الأساسية لها وهو دستور 2005 وما بني عليه من نتائج وقواعد أصبحت عرفا سياسيا مثل المحاصصة ومفهوم المكونات لتغييب مفهوم المواطنة المتساوية بين أفراد الشعب العراقي.
• الأعلان الصريح على كل المستويات العملية والواقعية بأن التجمع جزء أساسي من المعارضة المدنية الديمقراطية الوطنية، وهي تمارس دورها الوطني من خلال هذا العنوان وتعمل لبناء حياة ديمقراطية حقيقية كمقدمة لبناء عملية سياسية سليمة.
• أعتماد مبدا التواصل والتشاور مع القوى السياسية الرافضة للعملية السياسية والمؤمنة بالحل الديمقراطي وتنبذ الإقصاء والتطرف وتنحاز لخيارات الشعب، دون الخشية من التنافس أو المزاحمة في العمل السياسي فالعراق لكل أبنائه ولا حدود للمواطنة غير الإيمان بالأنتماء له والعمل على تحقيق البناء الوطني السليم والناجز.
2. تطوير العمل الجماهيري وتنويعه بين طبقات المجتمع والعمل على توسيع التحالفات الكتلوية أو تحالفات النضال الوطني وفقا لثوابت المدنية والديمقراطية السبيل الوحيد لضمان أنحياز الجماهير للمشروع النهضوي الوطني الحر، مع عدم الإخلال بجوهر الديمقراطية والخروج بأفكارنا من دائرة التنظير الفوقي إلى دائرة العمل مع الناس وبينهم ولأجلهم ومن خلالهم.
3. إنشاء الأمانة العامة للتجمع أو أي صيغة تنظيمية يتفق عليها الجميع لتكون المرجعية العملية لكل القوى المشاركة، بعد الأتفاق على تكوينها وصياغة البيان السياسي الملزم للجميع، بأعتباره إرادة هذه القوى وتقع عليها مسؤولية أحترام وتنفيذ ما أتفق عليه، وبذلك نضمن للتجمع وحدة الموقف والقرار وكل أختلافات أو أراء خاصة يجب أن تناقش داخل مؤسسات التنظيم ومعالجتها من خلال العمل الديمقراطي والتقيد بها.

أيها الأخوة...
ليس هناك منعطف تاريخي مرت به الشعوب ونجحت في أجتيازه إلا وكانت التضحية والإيثار والشعور بالمسؤولية أخلاقيات من قادوا النهضة وأجتازوا المحنة، ونحن اليوم أمام مثل هذا المنعطف الذي قد يكون هو الأخطر في التاريخ العراقي وأمام مسؤوليات جسام، فأما أن نستجيب لها وننهض بشعبنا ورسم مستقبله أو البقاء في دوامة التيه والحلول الشكلية التي لا نتائج مهمة ورائها وعلينا القبول بالتحدي وأختصار الزمن من أجل عراق واحد حر مستقل كريم هو وشعبه ووجوده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف