الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيار الديمقراطي والحاضنة الشعبية في العراق

جميل محسن

2018 / 10 / 28
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


التيار الديمقراطي والحاضنة الشعبية في العراق
مايحتاجه الشعب العراقي عمليا وواقعا هو التنظيم الوطني المنقذ , تيار جامع لم تتلطخ يداه وسمعته ليس فقط بالقتل والدماء ولكن ايضا الانغماس بالفساد الخطر الأكبر والمدمر للمجتمع والاقتصاد والتنمية , وبعد أن تساقطت (برامج) وسياسات أحزاب ال 20 بالمائة الحاكمة وتبين أنها قدمت لتسرق لا لتحكم .
بالمقابل ورغم فاعلية التيار المدني الديمقراطي بين أوساط معينة ألا إن الكثرة من الشعب لم تجد في هذا التيار او بأي من أركانه المتفرقة البديل الذي يستطيع ان يتفاعل ويقود دفة المعارضة الشعبية نحو التغيير السلمي الحقيقي والذهاب نحو مجتمع التمدن والأمن والعيش الكريم ’ فثارت قوى هذا المجتمع الشابة كجزر متناثرة بلا رأس أو قيادة جامعة غير مستعدة للتراجع او المساومة , ولنعد الى بداية التشكل للتيار المدني الديمقراطي من الأحزاب العلمانية العريقة في العراق كالحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي والحركة الاشتراكية العربية وتنظيمات اصغر إضافة للمستقلين وذلك للتصدي لمرحلة سيطرة أحزاب المكونات التي استثمرت الانقسامات الطائفية والقومية لتتصدر الموقف للقيادة والحكم ضمن عقليتها المفرقة لا الوطنية الجامعة ثم جائت الانتخابات النيابية لعام 2014 ليكون وربما للمرة الأولى للتيار المدني الديمقراطي كأحزاب ومستقلين قائمة واحدة مشتركة خاضت الانتخابات بشكل منفرد ومستقل وهنا الملاحظة الأولى التي ستكبر لاحقا عندما تتدحرج الأحداث ككرة الثلج المتضخمة نحو الواقع السياسي العراقي والملاحظة هي حول الانتخابات النيابية وهل هي غاية أو وسيلة وهل هي الهدف المرتجى أم واحدة من جملة أهداف يرسمها أي تيار أو حزب لخدمة مجتمعه أو لقيادة شعبه نحو دولة العدل والمساواة والحرية والمدنية ؟.
لقد خاض التيار المدني الديمقراطي انتخابات 2014 ضمن قائمة مختلطة غير متبلورة ولا ملتزمة ولا ملزمة لمن سيفوز بالعودة الى قائمته والتقيد بأهدافها وبرامجها والأهم مساعدتها ماديا للنهوض بمتطلباتها وتوسيع نشاطاتها كما جرى ويجري لأحزاب المحاصصة مع نوابها الفائزين وكل ما رأيناه لاحقا هو الأبتعاد والتخلي التام من النواب الثلاثة الفائزين عن التيار المدني وعدم إسناده بعصب الحيوية والانتشار ألا وهو المال اللازم للحركة بل وصل الحال بالنائبة الفائزة من تحويل أصوات مرشح اخر اليها كونها انثى حسب القانون أن قالت أن التيار الديمقراطي قد اضمحل وانتهى ! وبذلك طويت صفحة مريرة من نشاطات التيار وعادت الأحزاب المؤلفة له الى كياناتها المستقلة لتواصل عملها الحزبي وبقيت المجموعات والأفراد المستقلين ضمن التيار متفرقين لتتولد لديهم فكرة تكوين تنظيم يجمعهم وكانت هذه كما اعتقد فرصة تاريخية وفي وقتها وزمانها والسبب هو في عدم وجود تنظيم للبورجوازية الوطنية العراقية والطبقة المتوسطة والمثقفين منذ العام 1961 وتجميد الحزب الوطني الديمقراطي لعمله وانسحابه من الساحة السياسية , وحتى عودته في العام 2003 والنكسة الأولى بأنشقاقه الى تيارين قدما الكثير للوسط السياسي العراقي ولكن مشاكل تنظيمية ومادية وقيادية أدت الى تراجع العمل ثم التجميد لاحقا دون عقد حتى مؤتمر عام جديد لأعادت الانطلاق , ولكن العزلة لم تنفي الفكرة التي تبلورت مجددا مع مستقلي التيار الديمقراطي ومن بينهم أعضاء سابقين من الحزب الوطني الديمقراطي مع مثقفين وأساتذة جامعات وصناعيين وحزبيين يساريين سابقين تجمعهم نفس الفكرة التي أساسها ملئ الفراغ لتنظيم جديد للطبقة البورجوازية الصغيرة والمتوسطة المتنورة والقادرة على فرض التوازن للمجتمع العراقي لتكوين البديل الوطني المعدل لانحرافات أحزاب المكونات وتشويهها لصيغة العمل الحزبي في العراق .
بين أعوام 2014 الى 2018 توالت أحداث جسام على العراق أخطرها انفجار قنبلة تنظيم داعش وتمدده وحروب الإبادة التي مارسها ويريد نشرها وبالمقابل الفشل التام لنظام الفساد المالكي وأدواته الكارتونية التي نصبها كقيادات أمنية وعسكرية وسياسية وانهيارها أمام زحف فاشي لايرحم تغذيه الأحقاد القديمة والجديدة , ويسجل المراقب لقاء الفساد والإرهاب ليحكما البلد بالسيف من جهة والراتب الحكومي من جهة أخرى ويدخل المجتمع العراقي في طور الجهالة والتجهيل .
نحي المالكي الفاشل المتعجرف من مراكز صنع القرار وتحولت الرياح نحو العبادي المتعلم ولكن المراوغ المداهن والضعيف بلا حسم وقت القرار وقد فهم نظام المحاصصة السياسي في العراق ان مسألة بقائه تعتمد على انهاء خطر داعش العسكري والقيام ببعض ( الإصلاحات) او ادعائها تماشيا مع واقع الحال الراهن حينذاك .
ونعود الى التشكيل الجديد (التيار الاجتماعي الديمقراطي)ولماذا هو ضرورة حتمية وموضوعية وعلمية أيضا للعودة بالعراق الى وضعه المدني الطبيعي والذي بداياته عشرينات القرن الماضي والتأسيس للدولة العراقية الوطنية الجامعة وحاجة المجتمع لاحقا الى أحزاب وجمعيات واتحادات ونقابات تتلاءم ومتطلبات التطور من بلد مع أغلبية ريفيه فلاحية عشائرية إقطاعية الى مجتمع تتوسع فيه المدن والحرف الصناعية والخدمية والمهنية والعمالية المرتبطة بالتطور الإنساني , ولا أريد الإطالة وهكذا ظهرت في الثلاثينات والأربعينات أحزاب قومية أو وطنية طبقية أو طبقية رأسمالية إقطاعية ومقدار ثقل ونمو كل تحزب وتنظيم هو القوى التي ينتمي إليها , فبينما تمترست تجمعات القوى الإقطاعية والعشائرية وكبار أغنياء المدن من تجار وملاك عقاريين وموظفين مدنيين وعسكريين كبار تجمعوا داخل مؤسسات الدولة الحديثة وكانت لهم أحزابهم الناطقة باسمهم , فأن قوى المجتمع الناشئة الجديدة والمتنامية من طبقات متوسطة وصغيرة وحرفيين وعمال وكادحين وكسبة وفئات مسحوقة من المزارعين توجهت غالبا نحو تجمعان رئيسيان هما الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي , الأول أصبح الوعاء والمحرك الرئيسي للبورجوازية الوطنية ضمن الطبقتين المتوسطة والصغيرة , بينما احتوى الثاني الفئات العاملة الكادحة والمسحوقة وفقراء الريف والمدينة , وبهذا قد أصبح لكل فئات وطبقات المجتمع العراقي ممثليهم وأحزابهم الناطقة باسمهم , وبنسج التحالفات التي حصلت لاحقا اتضح الانقسام الأفقي الذي سيحدد لسنوات مقبلة أسباب التنافس والتناقض والصراع الطبقي والوطني بين القديم والجديد .
عندما نتحدث عن نوعين من من الانقسامات في المجتمع فالمعنى يشير الى انقسام طبيعي وهو الأفقي الذي تفرضه التطورات الاقتصادية والسياسية ضمن الدولة او المجتمع الواحد وهو ماحدث وشهدناه كتاريخ وإحداث وصراعات بين القوى القديمة من أقطاع ورأسمالية كومبرادورية والأثرياء من العقاريين وموظفي الدولة الكبار المرتبطين بشكل مباشر او غير مباشر بالتواجد العسكري الاستعماري الأجنبي وتأثيره السياسي على القرار العراقي الرسمي , وتحويل هذه القوى النظام (الديمقراطي) المستحدث الى لعبة سياسيين يغلب عليها التزوير الانتخابي والفساد الداخلي المستشري في مفاصل الإدارات العراقية الرسمية , وفي المقابل كانت القوى والفئات والطبقات الوطنية وأحزابها الرئيسية , الوطني الديمقراطي والشيوعي العراقي هي من تقود المعارضة الشعبية الراغبة بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية , ولكن ( العملية السياسية ) لذلك الزمان أيضا انتهت بالفشل الذريع عندما كررت القوى الحاكمة الحفاظ على امتيازاتها وغناها وتزوير إرادة الناخبين والتمسك بثلاثية ( الفقر والجهل والمرض ) المفروضة كواقع على الفئات الشعبية , وحدث الانفصال حيث حكومة ثرية من طرف وفئات شعبية مسحوقة يملؤها الغضب وروح الثورة من جهة أخرى ودخل العراق في فترات غير مستقرة مع مضاهر عنف متبادل انتهت بانحياز الجيش الوطني للشعب وانفجار 14تموز 1958 وسيطرت قوى التغيير الوطني الطبقي بالقوة المسلحة مسنودة بالجماهير الشعبية المسحوقة , أما لماذا صمت الوطني الديمقراطي عن التغيير بواسطة العسكر وهو حامل راية التغيير السلمي الديمقراطي وممثل تيارات الوسطية الوطنية منذ تأسيسه في العام 1946 وقبلها بمسمى ( جماعة الأهالي) وهو الذي كان وغالبا بواسطة زعيمه كامل الجادرجي واسطة أو جسر التواصل بين طبقات المجتمع العراقي أو بين الفئات الحاكمة وفئات المعارضة الشعبية ؟ والسبب الرئيسي ربما يعود الى العام 1954 وإلغاء الفئات الحاكمة لنتائج الانتخابات البرلمانية التي فاز بها الوطني الديمقراطي بمقاعد عدة ولم تتحمل نتائجها الأحزاب المتنفذه وتعرض بعدها أعضاء الوطني الديمقراطي وأنصاره الى السجن والتنكيل والممارسات غير الديمقراطية , وما حصل بعدها إن ثورة 14 تموز رغم كل التغييرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الوطنية بقيت تعاني من عدم القدرة على الانتقال من الحكم العسكري الى إجراء انتخابات وبداية عمل سياسي ديمقراطي , وبعد اليأس قرر الوطني الديمقراطي الابتعاد عن إدارة الحكم الجديدة وتجميد الحزب كي لايكون غطاء لنظام عسكري لا ديمقراطي منتخب رغم انجازاته الوطنية وخدمته للفئات الشعبية , وهنا أول شرخ في النظام الحزبي الطبقي في العراق ذو الانقسام الأفقي والتحول نحو نظام عسكري وطني يريد ان يكون حاكما خارج الأحزاب والطبقات واستطرادا خارج الديمقراطية والانتخابات مع فتح شهية قيادات العسكر المسلح والجنرالات لمزايا السلطة السياسية وهو ماحدث لاحقا في انقلاب 8 شباط 1963 المتحالف مع حزب فاشي شمولي لايعترف بأي تجمع خارج اطاره سواء كان هذا التجمع طبقي او قومي او وطني او مذهبي ويستمر الحال في التذبذب وبداية التحضير للانشطارات العمودية للمجتمع والحديث عن سني حاكم وشيعي محكوم وكردي متمرد يريد الانفصال , وهكذا تشتت الوحدة الطبقية وغيب وعيها لذاتها واصبح أفراد المجتمع العراقي في غالبيتهم يتقافزون صعودا وانحدارا ضمن فئات المجتمع الجديدة ليس بالعمل المنتج او التاريخ العائلي بل بمقدار الارتباط بالسلطة وأركانها واستحصال مكاسبها ثم ترسخت هذه السلطات الجائرة وقويت شوكتها وسيطرتها على المجتمع العراقي بزيادة تصدير النفط وارتفاع عائداته وتبدل البنية الأساسية للاقتصاد سنة بعد أخرى من منتج محلي الى اقتصاد دولة نفطية طفيلي ريعي أنتج دكتاتور قاد البلد الى الحروب والدمار والاعتداء على دول الجوار وصولا الى التدخل الأجنبي والاحتلال المباشر للعراق في العام 2003 .
ربما تفاءلت وظنت وتوقعت الأغلبية في العراق ان الأحوال الطبيعية ستعود وستنتعش الأحزاب وتتبلور طبقات المجتمع من جديد !! ناسين أن تشويهات سلطة البعث لل 40 سنة الماضية لايمكن زوالها بسهولة ولا دول الجوار ترضى وتصمت عن نهضة لعراق مستقل مسالم موحد ذو نظام ديمقراطي يتحدى عروشهم وتجاوزاتهم على أراضي ومياه واقتصاد العراق لهذا قرروا التدخل واخذ كل منهم حصته من ( مكونات) الشعب العراقي ساعدهم في ذلك العامل الذاتي الداخلي والعداوات المتبادلة التي أورثها حكم البعث لفئات الشعب العراقي المختلفة , وبهذا ضهر وتبلور, الانشطار العمودي , أغنياء شيعة سنة كرد تركمان وووالخ(متحالفون ضمنا وسرا) , يتمتعون بكافة امتيازات السلطة ومكاسبها , مختلفون ومتصادمون علنا ,وبالمقابل فقراء وكادحين ومعدمين شيعة وسنة وأكراد وتركمان ووووالخ, قابعين في أسفل الهرم ينتظرون مكرمة وفتات واردات النفط يكره بعضهم بعضا وحتى لا يعترف بوجوده مادام لايتبع عقيدته وولي أمره ونعمته , وفي المقابل وقد ذهبت بعيدا جدا عن الموضوع الأساسي الذي هو لماذا نحتاج بديل الحزب الوطني الديمقراطي اليوم ؟ أنها الحاجة لجمع ولملمة شتات البورجوازية الوطنية ورموزها ضمن الطبقة المتوسطة والصغيرة في العراق رغم الضعف الذاتي والموضوعي والهيكلي لهذه الفئات والطبقات حاليا ولكن القلة الواعية موجودة كما إن الإطار الجامع موجود ( التيار الديمقراطي) ودروس الماضي يمكن اعتبارها أنوار للمستقبل ومع ان المزاج الشعبي العام قد اختلف اليوم عنه في ماقبل ثورة 14 تموز 1950 رغم كون الفساد الحالي والتزوير الانتخابي قد فاق اليوم نظيره (الرجعي) السابق ولكن الغطاء النفطي يحمي الفاسدين ويوفر لهم مرتكزات البقاء والهدف الأسمى اليوم هو إنهاض هذا البديل الوطني الديمقراطي وفي المقدمة منه تنظيم (التيار الاجتماعي الديمقراطي ) والنظر يسارا حيث الفئات الفقيرة الكادحة ومنظماتها المهنية والنقابية والسياسية لتشكيل كتلة معارضة شعبية خارج إطار المتدافعين نحو مغريات الكراسي والمناصب والامتيازات بل اتخاذ قرار العودة لأحضان الشعب العامل المنتج البعيد عن المحاصصة والتقسيم العمودي لفئات الشعب العراقي .
الملاحظة الأخيرة هي حول الانتخابات الحالية في العراق سواء منها البرلمانية او المجالسية وما يجري فيها من تزوير وتعطيل لإرادة الناخبين على قلة من يساهم فيها , والسؤال المهم هل الانتخابات وسيلة ام غاية؟ وللتفسير هل هي وسيلة للوصول إلى السلطة ومراكز القرار لخدمة الفئات الشعبية ؟ أم هي غاية الحزب السياسي للوصول الى كراسي الحكم والتمتع بالامتيازات وكسب الأتباع ؟ إلى مفترق الطرق هذا والتيار الديمقراطي والحركة الوطنية بين بين !! لم تستطع تحديد ستراتيجية العمل والانطلاق ولا يوجد قرار واضح ولا تثقيف أو فهم حقيقي لواقع العملية السياسية الحالية وأدواتها المساعدة على إشاعة الفساد والتزوير في العراق مثل مفوضية الانتخابات والقانون الانتخابي , وهل يوجد مشرف محايد على الانتخابات ؟ثم لماذا يبتعد عن ( التيار الديمقراطي) كل من يصعد على اكتافه ؟ تساؤلات لا اجابة واضحة لها تكشف عن انعدام رؤية كاملة ربما تحتاج لنقاش مكثف ومقالات أخرى .
جميل محسن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي