الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام ودوره الواعد والطموح.. في مرحلة التحول الديمقراطي بتونس التحرير

محمد المحسن
كاتب

2018 / 10 / 28
المجتمع المدني







.. يشهد قطاع الاعلام والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات طفرة عالمية تستدعي من جميع المؤسسات الاعلامية والصحفية مواكبتها والاستفادة منها لأبعد الحدود عبر توصيل المعلومة والخبر الصحيح من مصادره الموثوقة للقارىء والمشاهد والمستمع دون تشويه أو تحريف.
ولأن المؤسسات الاعلامية، صحفاً كانت أو محطات إذاعة أو فضائيات أو وكالات أنباء أو حتى صحافة إلكترونية، جزء من المجتمع، عليها البحث عن كل الوسائل المتاحة للقيام بدورها التعليمي والتثقيفي والتربوي والتنويري لأفراد هذا المجتمع وكشف الحقائق أمامه بصدق وموضوعية لكون أي إخلال بالمضمون من شأنه تشويه صورة الصحافة والصحفي نفسه والجهاز الإعلامي الذي يعمل به.
فد لا أجانب الصواب إذا قلت أن الصحفي صاحب رسالة نبيلة،عليه أن يسعى لإيصال رسالته هذه بكل إخلاص وتفان من دون تحريف للأحداث والوقائع، وعليه الابتعاد عن تملق المصادر وألا يكون أداة لتلميعها بحق أو دون حق.
ومن هنا بات لزاما عليه أن يكون دائما أداة اصلاح وبناء في المجتمع وعليه أيضا أن يعبر عن معاناة مجتمعه وممارسة التقييم المهني والمعالجة الموضوعية المهنية لكل قضية يتناولها بكل نزاهة، بعيدا عن الدعائية وخدمة الأجندة الشخصية.
وبصورة عامة فإن مهنة الصحافة، شاقة ومتعبة والحقيقة يمكن الوصول اليها بعد تعب وجهد وعبر الأبواب المفتوحة دون تحايل أو رشوة أحد للحصول عليها أو بطرق ملتوية أخرى.. فالمعلومة قد تكون مفيدة بقدر ما تكون مضرة أيضا.
ولكن..
بقدر ما يطالب الصحفي بالالتزام بأخلاقيات مهنته وتجنب البذاءات والابتعاد عن تلفيق التهم والاكاذيب التي قد تقود إلى سحب الصحيفة من الأسواق او تعطيل صدورها.. يجب أن تصدر الدولة، أي دولة، تشريعات وقوانين للصحافة تؤكد على حرية التعبير والحرية الصحفية عموما، وتحمي الصحفيين وتضمن حقوقهم، والأهم أن يلتزم الصحفيون بميثاق الشرف المهني الذي يضمن ويحمي الأطر الاخلاقية المطلوبة.
ومن جانب آخر، بالإضافة إلى التمسك بالأخلاق الفردية والجماعية، ومراعاة القيم، والثوابت والواجبات الأخلاقية العامة، يجب على الصحفي الالتزام بالمحرمات الأخلاقية أيضاً، وأن يتجنب ارتكابها. والمحرمات الأخلاقية هي تلك الخطوط الحمراء في نطاق الأخلاق الفردية والاجتماعية، والاثنان هما وجهان لعملة واحدة. وفي بعض الأحيان تصبح مسألة مراعاة الواجبات الأخلاقية والالتزام بها محدودة ومقيدة بشروط وقيود معينة. وعلى سبيل المثال: على الرغم من أنه يجب على الصحفيين الالتزام بضرورة بيان الحقائق والأمور والأحداث، حتى وإن كانت قليلة الأهمية، ولكن بيان الحقيقة كلها يكون أحياناً أمراً صعباً، وأحياناً أخرى متعذِّراً. وبعبارة أخرى: عدم بيان الحقائق، وليس قلبها وإظهارها بشكل معكوس، يصبّ أحياناً في صالح المصلحة العامة. ومن هنا يبدو أن الرقابة على الصحف، وانتقاء المواضيع، ضرورياً في بعض الأحيان. وبتعبير آخر: يبدو أن بيان بعض الحقائق الاجتماعية أو الفردية يأتي خلافاً للمصلحة العامة، ويتسبب بالإساءة إلى مكانة الأفراد وحيثيتهم، أو يفسح المجال أمام الدخول إلى دائرة الحرمات الخاصة للأفراد، أو الإساءة إلى العفة العامة. وفي هذه الحالة فإن بيان هذا الصنف من الحقائق، التي تورد الفرد والمجتمع إلى هذا المستوى من العواقب الوخيمة، يأتي خلافاً للمصلحة العامة بالتأكيد، ويعتبر خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه. ومن هذا المنطلق فإن الأخلاق تحكم بوجوب الحذر من محرَّمات العمل الصحفي،وأخذها بعين الاعتبار..
سئل مونتسكيو عن أخطر الناس فقال: «الممنوع من الكلام لأنه سيتحدث بعضلاته».. وقيل لبيتهوفن وقد ثقل سمعه: «أي خسارة عظيمة أن تفقد سمعك وأنت الفنان العظيم!». فقال: «ستكون خسارتي أعظم لو فقدت لساني لأنه عنوان حريتي».. اما تولستوي فيقول ان الصحافة بوق السلام وصوت الامة وسيف الحق القاطع وملاذ المظلوم ولجام الظالم ، اما توماس جفرسون، الواضع الرئيسي لإعلان الاستقلال الأمريكي، فقد كتب سنة 1787 فيقول، "لو تُرك الأمر لي لأقرر ما إذا كان ينبغي أن تكون لدينا حكومة بدون صحف، أو أن تكون لدينا صحف بدون حكومة، لما تردّدت لحظة في اختيار الأمر الثاني". وهذا لايعني أن الصحف كانت متساهلة معه عندما أصبح رئيساً. فقد نال نصيبه من التحقيقات الصحفية المحرجة. لكن جفرسون ظل ثابتاًً في تأييده حتى لأدق التمحيص الذي تجريه وسائل الإعلام لأنه كان يدرك أنه في غياب مثل تلك المحاسبة وفي غياب التدفق غير المُقيّد للأفكار، يتعطل النمو الخلاق للدولة ولا يكون أهلها أحراراً.
ومن هذا المنطلق نجد أن الصحافة ما هي إلا سلطة شعبية تنهض برسالتها بحرية واستقلال من أجل تأمين وممارسة حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر والحق في الاتصال والحصول على المعلومات الصحيحة ونشرها وتداولها كحقوق أصيلة غير قابلة للمساس بها. وتسهم الصحافة في نشر الفكر والثقافة والعلوم والارتقاء بها. والصحافة وسيلة للرقابة الشعبية على مؤسسات المجتمع من خلال التعبير عن الرأي والنقد ونشر الأخبار والمعلومات في إطار من الدستور والقانون مع احترام المقومات الأساسية للمجتمع وحقوق وحريات الآخرين.
ولذلك يجب على المجتمع الدولي وأصحاب القرار والمواطنين في كل مكان، كي يبذلوا كل ما في وسعهم لضمان تمكين الصحفيين من مواصلة عملهم بدون عائق أو مانع، من أجل أن ينتفع الناس في العالم أجمع بحرية تداول الأفكار.
أثناء مسيرتي الإعلامية ككاتب صحفي بصحف تونسية،عربية ودولية،وخلال إجرائي لتحقيقات صحفية في مجالات عدة،تعرضت للعديد من المضايقات التي حالت في بعض الأحيان من إتمام تحقيقاتي في كنف المسؤولية الضميرية وفي ظل تسهيلات لوجستية من بعض المؤسسات العمومية والخاصة،ومازلت أذكر أني أجريت في الأيام القليلة الماضية تحقيقا صحفيا مستفيضا حول السياحة الصحراوية بالجنوب الشرقي التونسي وتحديدا بجهة تطاوين وما مدى إقبال السياح على هذه الربوع الجنوبية الشامخة (تطاوين) التي عرفت بقصورها الصحراوية والتي تعد مثالا على عراقة فن المعمار وتفرده على امتداد الحقب التاريخية التي مرت على الجنوب التونسي وتحديدا «تطاوين» واليوم ثمة أكثر من 150 قصرا صحراويا في هذه المدينة التي يعني اسمها في البربرية «العيون» وترجع أشكال الحياة البشرية في هذه المنطقة إلى عهود غابرة ويدل على ذلك عديد المواقع التي تم اكتشافها في قلب الصحراء مثل « الدويرات وشنني وغمراسن» والمنطقة غنية أيضا بالمعالم الأثرية التي ترجع إلى العهود البونيقية والرومانية حيث انشأ فيها الرومان عدة حصون مختلفة مثل حصن «الفطناسية» و«رمادة» كما تحفل المنطقة بعدة قلاع تعود إلى الفتح الإسلامي.لكني تعرضت للعديد من المطبات التي أعاقت ضمنيا مهمتي كتعنت بعض أرباب الفنادق رغم قلتها بمدي بأرقام دقيقة حول عدد السياح الذين يفدون عليها وما مدى إزدهار المشهد السياحي بتطاوين،الفندق الوحيد الذي إستقبلني مديره السيد خميس فرحات بكل حفاوة وحدثني بأسلوب ينم عن معرفة ودراية بمفاصل المشهد السياحي هنا..أو هناك هو -فندق الغزال- الذي يتوسط مدينة تطاوين ويتوفر على مرافق عديدة:مطعم فاخر،غرف للإيواء جد أنيقة وأسعار مريحة..حانة يرتادها شباب ويشرف عليها ندل في مستوى الأناقة والتحضر والحرفية..قلت عاملني مدير الفندق بشكل جد مهذّب وسهّل لي عملي وله مني-أنا كاتب هذه السطور-باقة نرجس آملا أن تنسج بقية المؤسسات بمدرائها على منواله..أقول هذا بمنآى عن المحاباة والمجاملة،إذ أنني لست من-محترفي المديح-ولا من أولئك الكتاب والصحفيين الذين يرمون الورود جزافا على هذا..وذاك حتى ولو كان في أعلى هرم للسلطة،توددا،وتزلفا إن لم أقل طمعا -هابطا-ومخجلا..(شكرا مرة أخرى السيد خميس فحات مدير فندق الغزال بجهة تطاوين بالجنوب الشرقي التونسي)
ما أرديد أن أقول؟
أردت القول أن حرية واستقلال الإعلام من أهم الحقوق السياسية في مجتمع يتطلع للتعددية السياسية والفكرية. فلا معنى للتعددية دون حرية. ولا فائدة من هذه التعددية إذا لم تتوافر لها الحرية والاستقلال الإعلامي. وتحتل قضية حرية الرأي والتعبير مكانة بارزة كأحد أهم حقوق الإنسان وذلك منذ صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م. وفي 15 نوفمبر 1989 اعتمد المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بالإجماع في دورته الخامسة والعشرين الاستراتيجية الجديدة للاتصال، التي تجلت فيها فعلاً في التغيرات الجذرية التي طرأت على الوجه السياسي لأوروبا والعالم أجمع بعد سقوط سور برلين وأكدت الاستراتيجية الجديدة على أهمية المبادئ الأساسية المتمثلة في حرية التعبير وحرية الصحافة وتنمية وسائل الإعلام المستقلة والمتعددة..
وأنا أضيف صحافة حرة ومستقلة تكون بوق السلام وصوت الأمة ..وملاذ المظلوم ولجام الظالم بمنآى عن الرقابة،الترهيب ،التخويف -ولسعة المنشار-(...)
ولنا عودة إلى هذا الموضوع عبر مقاربة مستفيضة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | الفيتو الأميركي يُسقط مشروع قرار لمنح فلسطين ال


.. مشاهد لاقتحام قوات الاحتلال نابلس وتنفيذها حملة اعتقالات بال




.. شهادة فلسطيني حول تعذيب جنود الاحتلال له وأصدقائه في بيت حان


.. فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي




.. جوزيب بوريل يدعو إلى منح الفلسطينيين حقوقهم وفقا لقرارات الأ