الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس أمام المجهول

هيثم بن محمد شطورو

2018 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ما تعيشه تونس اليوم هو أشبه بسباق الخيل لكن نقطة الوصول فيها الانتخابات القادمة، و الحلبة هي تجاوز الوضع الراهن من الفساد المستـشري و الاهتراء الحزبي و جنون العودة الى مربع الحزب الواحد و لكن في اطار التعددية، و هذا الحزب هو حركة النهضة الذي تدور حول محورها مجمل الفعاليات السياسية تـقريـبا، سواء من زاوية معاداتها او الاتـفاق معها، او جعلها ركيزة لاكتساب الدعم و الانصار او ايجاد خطاب سياسي يحظى بالأنصار عبر معاداتها..
انهيار الدينار المتواصل و التداين المستمر و ارتـفاع الاسعار و انغلاق آفاق حلول اقتصادية، بما ان المسالة الاقتصادية يحاول كثيرون فصلها عن السياسي في حين انها تعبير عن ازمة استراتيجية سياسية منذ السبعينات و قد فشلت، اضافة الى واقع الغنائمية و النهب للثروة العمومية من قبل الاحزاب الحاكمة، و من خلال كثير من الاستهتار الحكومي بأموال الشعب و آخرها الحق في سيارة لرؤساء البلديات و عددهم 350 رئيس بلدية في وقت يستلزم سياسة تـقشفية من الحكومة في عدة مجالات من أهمها استـنـقاص المصاريف الحكومية بما فيها السيارات الادارية و البنزين الذي يدفع ثمنه الشعب في النهاية..
يعني انها ازمة سلطة لازالت لم تـنتـقل الى مفهوم انها خادمة للشعب و ليس متسلطة على الشعب..
اضافة الى مجمل المهازل السياسية من هنا و هناك، فالتعبير الأقرب الى ثورة الحرية و العدالة الاجتماعية و هو اليسار غارق في تـشرذمات متواصلة و تكلس في العمل و الرؤية و انعدام قدرة على الحركة النظرية و الممارساتية، و لو ان اليسار حدد بوضوح معنى الثورة التونسية و الخروج من الجهوزيات الصورية للثورة بأثر رجعي غير منطقي و غير تأريخي لما كان حاله على ما هو عليه..
إلا انه و في نفس الوقت فان مراهنة البعض او تبشيرهم بعودة الدكتاتورية لضبط الأمور فإنهم يتـناسون ان المشكلة الرئيسية في انعدام دولة القانون و مفهوم السلطة التسلطية التي تخدم فئة قليلة من رجال الاعمال و الاحتكارات للثروة و انعدام الثـقة في الطاقات الوطنية و اهدارها سواء البشرية منها او الطبـيعية، هي جوهر الدكتاتورية التي انقلب عليها الشعب ، و ان المشكلة ان الوضع العام لم يصل الى الثورة السياسية و الثـقافية و الاقتصادية و الاجتماعية لتأسيس دولة القانون و الحق و النزاهة..
و الحقيقة ان هذه المناداة بالدكتاتورية تـتمحور حول نقطة اساسية و هي الرغبة في القضاء على حركة النهضة الاسلامية بواسطة القوة ، حين تلمسوا بكل وضوح انعدام امكانية محاسبتها قانونيا بخصوص ما ينسب اليها من ارهاب سابق و جهاز سري، اضافة الى ضياع مفهوم الدولة كأجهزة مستـقـلة و نزيهة قائمة على الحق و العدل..
كما ان جزءا هاما من هذه المناداة بعودة الدكتاتورية تعبر عن التعب من المسيرة الانقلابية و المخاضات الفكرية و السياسية و المؤسساتية و الاجتماعية التي تـشهدها تونس..انها اذن مناداة التخلي عن المسئولية التي فرضها الوضع الانقلابي على الجميع، و إلا فهل الدكتاتور الجديد حتى و ان كان بثوب ديمقراطوي سيؤسس دولة القانون و النزاهة؟ هل سيكون وطنيا مقابل السياسات الاوطنية و الاشعبية الحالية؟
و نستشهد هنا بفقرة من كتاب ( نقد السياسة ـ الدولة و الدين) للمفكر السوري "برهان غليون" و التي يقول فيها:
" ...لكن توطين الديمقراطية و بناء الدولة القانونية ليس أمرا سهلا و لا معطى بسيطا. إنه يشكل معركة كبرى فكرية و اجتماعية و سياسية و اقتصادية في الوقت نفسه. فلن يكون من الممكن ترسيخ دعائمها و فكرتها قبل التغلب على مشاعر العداء و الرفض المتبادل و الانغلاق. و لا يمكن التـقدم في بنائها من دون تحقيق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية و تغيير ميزان القوى الاجتماعي و السياسي..".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة