الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أولُ الغيثِ قطرٌ....

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2018 / 11 / 1
المجتمع المدني


شهدَ شهر أكتوبر هذا العام ، حدثان هامان في الحياة الإسرائيلية وحياة الجماهير العربية الفلسطينية فيها، خاصة ... فقد انتهى التصويتُ في انتخابات السلطات المحلية ،أول أمس .. والسلطة المحلية في كل بلد هي منظومة الحكم المحلي ، التي "يحتاجها" المواطن في كل شؤون حياته اليومية ..
السلطات المحلية العربية تعاني من تمييز حكومي مُمنهج ضدها وبالتالي ضد سكانها الفلسطينيين ، ويتجلى ذلك في البُنى التحتية المُتهالكة، وفي تدني مستوى الخدمات وخصوصا في مجالات التعليم والرفاه وفي انعدام الأُطر التربوية والثقافية اللا- منهجية .. لذا فإن ارتفاع معدلات الجريمة والجريمة المنظمة في "الوسط العربي" في إسرائيل، أعلى منها مِمّا هي في الوسط اليهودي ، كأعمال القتل ، السطو ، فرض الإتاوات وتجارة المخدرات ...
لقد خلت السلطات المحلية العربية من التمثيل النسائي ، إلّا في حالات نادرة ، حيث تمكنت امرأة من الوصول الى رئاسة إحدى السلطات أو أن تصل الى منصب عضو في المجلس ...
أما في الانتخابات الأخيرة ، فقد لوحظ بأن غالبية القوائم قد ضمت في تشكيلاتها وقوائمها ، النساء .. وصحيح بأن البعض أعتبر ضم النساء الى قوائم المرشحين للإنتخابات ، كان مجرد مكياج، لكي تتزين هذه القوائم بمشاركة نصف المجتمع... لكن قوائم أخرى كثيرة وضعت النساء في مواقع متقدمة .. ولتنجلي الانتخابات عن فوز 14 امرأة عربية ،بعضوية السلطات المحلية المنتخبة ..
ورغم ان الرقم يبدو للوهلة الأولى صغيرا، إلا أنه يُعتبر مؤشرا على حدوث تغيير في العقلية البطرياركية والتي أبعدت النساء من الحيز العام ... وليس هذا التغيير نابعا ، من رغبة الرجال والذكور العرب بمشاركة النساء في العمل الجماهيري ، بل هو نابعٌ أصلا، وفي رأيي من .. الحدث الثاني ...
والحدث الثاني الذي شهده شهر أكتوبر ، هو افتتاح السنة الدراسية الجديدة في الجامعات الإسرائيلية ، والذي حمل لنا بُشرى سارة جدا ، ألا وهي الارتفاع الكبير في عدد الطلاب العرب المقبولين للدراسة في الجامعات الإسرائيلية .... فقد بلغ عدد الطلاب العرب الفلسطينيين في الجامعات الإسرائيلية هذه السنة ، خمسون ألف طالب ... نعم خمسون الف طالب جامعي ، والأهم من ذلك ، هي نسبة الطالبات من هؤلاء، فقد وصلت نسبة الطالبات العربيات في الجامعات الإسرائيلية من عدد الطلاب العرب الى الثلثين ... نعم ، الطالبات العربيات في الجامعات الإسرائيلية ، ضعف الطلاب الذكور ... هذا المُعطى حدا بإحدى الصحف الإسرائيلية الى وضع عنوان كبير يقول " ثورة اكتوبر في الوسط العربي" ..
ليس هذا فقط ، ففي معهد التخنيون وهو معهد علمي معروف على الصعيد العالمي ، يُدرس العلوم والتكنولوجيا ، كانت نسبة الطالبات العربيات المقبولات للدراسة ، تساوي 65% من مُجمل الطلاب العرب .. مما يعني بأننا وبعد سنوات قليلة ، سنشهد تمثيلا كبيرا للمرأة العربية الفلسطينية ، في مجالات الهندسة ، العلوم والتكنولوجيا ،بكافة أنواعها ..
يتضح بأن جامعات السلطة الفلسطينية والأردن ، تستقبل ما يُقارب العشرة ألاف طالب من فلسطينيي إسرائيل ، إضافة الى بضعة ألاف أخرى من الطلاب والطالبات الذين يدرسون في دول شرق أوروبا.
لقد قام فلسطينيو إسرائيل ، بتذويت حقيقة أن لا تقدم ولا تحسن في مستوى الحياة ، لديهم إلّا بالتعليم ...وهو عكس ما أراده مستشار بن غوريون الذي صرّح بأنه يريد عرب إسرائيل حطابين وسقاة ماء..
تعليم الأبناء وخصوصا البنات ، أصبح الضمانة الوحيدة لدى الأهل ، بأن أبنائهم وبناتهم سيكونون بخير ، بعد مغادرتهم الحياة ... ولن تحتاج البنتُ إلى رجل ، ولو ظل حيطة، أو باب يحمي من الكلاب ، فباستطاعتها ، وهي تحمل الشهادة الجامعية ، أن تجد لنفسها ولعائلتها مورد رزق ..
وللتذكير فقط ، فليست درب الخريجين العرب، مفروشة بالورود .... في المعدل يحتاج الجامعي العربي الى 56 أسبوعا في البحث عن عمل ، بينما يحتاج زميله اليهودي الى 26 أسبوعا من البحث عن عمل ، بعد التخرج ... ورغم ذلك أصبح التعليم الجامعي ضرورة حياتية للعائلة العربية في إسرائيل ، رغم الوضع الاقتصادي الخانق للعائلات العربية في إسرائيل ... إلا أن التعليم الجامعي وخصوصا تعليم البنات ، مواضيع تكفل دخلا وعملا ، كالهندسات والمواضيع الطبية .. اصبح من ضمن أولويات العائلة العربية ... وسأُعطي مثالا عن عائلتي الصغيرة، فكبرى بناتي تدرس الماجستير في الهندسة ، واختها الثانية تدرس الماجستير في الفنون بينما ثالث بناتي تدرس اللغة الإنجليزية وابني البكر يدرس هندسة برمجة الحاسوب .... كل ذلك رغم الوضع الاقتصادي الصعب ..
ومما يُثلج الصدر ، بأن 35% من الكوادر الطبية والتمريضية في المستشفيات الإسرائيلية هم من العرب الفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل ..
وتوقع أستاذ جامعي من مواطني إسرائيل الفلسطينيين ، بأن عدد الطلاب العرب في الجامعات الإسرائيلية سيفوق عدد الطلاب اليهود ، بعد عقد من الزمان فقط .. ولنتذكر بأن البنات يشكلن ثلثي الجامعيين ...
إذن ، والحال هذه، لن تسكت النساء عن حقهن في المشاركة في العملية السياسية ، وسيدخلن مجال العمل البلدي المحلي ، كعضوات ورئيسات للسلطات المحلية في المدن والقرى العربية في إسرائيل ، وما حصول 14 امرأة على عضوية السلطات المحلية، إلّا أول الغيث....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لطيف المقال بانوراما حلوة!
أفنان القاسم ( 2018 / 11 / 3 - 04:00 )
أعجبتني كلمتي ((ظل حيطة)) فأنا لم أسمعها منذ قرون ههههه!!! وكذلك المصطلحات السياسية الجديدة التي سبق وتحدثنا في ضرورة استعمالها لفلق عين الحكومة مثل ((مواطني إسرائيل الفلسطينيين)) وليس المواطنون العرب في إسرائيل، أنت هنا تكسر دماغهم، وتساوي بين الحقوق والواجبات...


2 - الغالي افنان
قاسم حسن محاجنة ( 2018 / 11 / 3 - 11:03 )
تحياتي واشواقي
واللع يا غالي شو ما كتبت ، مع حكومة نتانياهو وشركاه لا يغير شيئا
يومك سعيد

اخر الافلام

.. البرازيل.. اعتقال سيدة اصطحبت جثة رجل إلى البنك لسحب أموال ق


.. الأمين العام للأمم المتحدة: يجب دعم إنشاء دولة فلسطينية مستق




.. الأمين العام للأمم المتحدة: العمليات الإسرائيلية في غزة خلفت


.. -اليونيسف-: طفل يصاب أو يموت كل 10 دقائق في غزة




.. العربية ترصد الواقع المأساوي للاجئين السودانيين في تشاد