الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرحيل الوشيك !

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


القاهرة، الجمعة 2/11/2018م

الرحيل الوشيك لولى العهد السعودى محمد بن سليمان، لن يكون، ولا يمكن له ان يكون، فى عالم اليوم، من اجل تحقيق العدالة او القيم الانسانية، لا فى قضية اغتيال خاشقجى، ولا فى مذابح اليمن، ولا فى غيرهما من الجرائم التى ارتكبها النظام الاستبدادى السعودى على مدى تاريخه المظلم؛ الرحيل سيكون فقط، من اجل الانتقال من مرحلة تلقى حكام عالم اليوم للارباح، "رشاوى وعمولات"، من حكام المملكة، الى مرحلة الاستيلاء على المملكة ذاتها.

الصراع الذى يدور الان داخل بيت "الكفيل" الامريكى، حول رحيل او بقاء محمد بن سليمان ولياً للعهد، هو صراع فى جانب منه، صراع مصالح بين المصالح الخاصة لـ"جناح" ترامب وعائلة كوشنر، اللذان يمتلكان شركات خاصة عالمية كبرى، وحلفائهما من كبار رجال المال والاعمال، والمرتبطون بمصالح ضخمة ومتشعبة مع "سعودية سليمان وابنه"، وحليفتها الامارات العربية، من ناحية، وبين مصالح "جناح" اخر، من الشركات الامريكية العالمية الكبرى، والتى ترى فى مأزق سليمان وابنه فرصة لا يجب تفويتها، لتحقيق ربح نوعى اكبر، بقدوم بديل سيكون محمل بذاكرة آنية طازجة، عن ما حل بسليمان وابنه، وهو ما يجعله شديد الليونه والانصياع، مما يسمح بالانتقال من مرحلة تلقى الارباح، "رشاوى وعمولات"، من حكام المملكة، الى مرحلة الاستيلاء على المملكة ذاتها، بئر النفط العميق.

فى مقال للباحث المرموق يزيد الصايغ، بعنوان "الامير المحارب"(1) فى 29 اكتوبر الماضى، بـ"ديوان"، عن مركز كارنيجى للشرق الاوسط، حسم الباحث امر مستقبل الامير محمد بن سليمان بعد جريمة خاشقجى، بأنه "سيتجاوز محمد بن سلمان تداعيات مقتل خاشقجي، لأنه يُحكم قبضته على أجهزة الأمن السعودي."؛ وقد اعتمد الباحث فى هذا الاستنتاج المتعجل، على عنصر واحد من المعادلة، عنصر ميزان القوى الداخلى مهملاً العنصر الحاسم فى المعادلة، العنصر الخارجى، "الكفيل" الامريكى، الذى جاء بمحمد بن سليمان ولياً للعرش قبل الاوان، وهو الذى يستطيع ان يبدله دون تأثر يذكر للمصالح الامريكية فى المملكة. الم يقل لهم ترامب ان ملكهم لا يستطيع ان يطير بطائرته دون الحماية الامريكية، ولم يرده احدهم بكلمه.

كما ان بن سليمان كان يمكن له ان يتجاوز اذا كانت قضية قاشقجى مجرد جريمة قتل، فالحكام دائماً يمكنهم الامر بالقتل، الا ان الحال هنا ليس كذلك، فشخصية القتيل، ودهاء الامبراطور العثمانى المتوارث، وقبلهما اسباب القتل "السياسية"، جميعها جعلتها جريمة اغتيال سياسية وليست جريمة قتل، والفرق نوعى، حيث تمثل العقوبة الجنائية، "اقصى عقوبة"، فى جريمة القتل، اما فى جرائم الاغتيال السياسى، فان التداعيات السياسية/الاقتصادية هى بمثابة "اقصى عقوبة"، اى العقوبة الرئيسية، وتصبح العقوبة الجنائية مجرد عقوبة ثانوية، غالباً ما يتحملها بعض الاعوان، وهى عقوبة تكاد لا تذكر تاريخياً.)
فبعكس ما يرى الصايغ، جريمة خاشقجى جريمة اغتيال سياسى، وليست جريمة قتل، والنتائج والتداعيات لابد وان تكون سياسية، وبالتأكيد نوعية.

ويواصل الصايغ، "تتواصل التكهنات بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد يُطاح به، أو قد يتم تحجيمه إلى حد كبير نتيجةً لمقتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول .. إلا أنه من المستبعد جداً أن تسلك الأمور هذا المنحى، على الرغم من مطالبة بعض الحكومات الغربية بإجراء تحقيقٍ مناسب، ومن القرار الذي اتخذه مسؤولون ماليون كبار في العالم وبعض الشركات العالمية بالعدول عن المشاركة في مؤتمر الاستثمار الدولي الذي عُقِد في الرياض. إنه موقف قوي غير مسبوق، لكن حتى لو أسفر ذلك عن فرض عقوبات أكثر تشدّداً في حال ثبتت مسؤولية الأمير محمد عن الجريمة، فهو لن يحافظ على بقائه وحسب، إنما سيستغل أيضاً ردود الفعل الشاجبة ليرسّخ مكانته باطراد على المستوى الداخلي.".

ان قرار "المسؤولون الماليون الكبار والشركات العالمية"، المتعددة الجنسيات، هو قرار كاشف عن موقف حكام العالم الحقيقيون، من مستقبل محمد بن سليمان، وما قرار "بعض الحكومات الغربية"، الذى هو فى نفس السياق، بمثابة قرار لبعض الادارات التابعة للماليون الكبار والشركات العالمية الحاكمة.

ويضيف الصايغ، "عندما يتعرّض الحكّام السلطويون إلى الضغوط، لايتخلّون عن السلطة، بل يُمعِنون أكثر في فرضها، أياً يكن الثمن، ومحمد بن سلمان هو من أكثر المرشّحين للتصرف على هذا النحو."
هذا صحيح، ولكن هذا لا ينفى ان امكانية الاجبار متوفرة دائماً، كما حدث فى حالات كثيره فى الشرق الاوسط، وفى اجزاء اخرى من العالم، ومثلاً، كما حدث مع الرئيس مبارك فى 2011، وفقاً للتعبير الشهير للرئيس الامريكى السابق اوباما: " Now means now,)".

ويستطرد الصايغ، " لقد أثار ترسيخ الأمير محمد لسلطته منذ تعيينه ولياً للعهد في حزيران/يونيو 2017، انتقادات متكررة. بيد أن معظم التكهّنات عن مصيره تغفل عن الإشارة إلى أنه عمدَ، في إطار دوره الموازي كوزير للدفاع، إلى تشديد قبضته على الأجهزة العسكرية والأمنية في السعودية،".
ولكن، الم تكن ادارة الرئيس الامريكى ترامب هى التى جهزت الامير وعملت على تعينه بدلاً من الامير محمد بن نايف، ولياً للعهد، واطلقت عليه "our boy".



ماكرون يقرر وقف تصدير صفقة "شيكولاته" للسعودية !

الرئيس الفرنسى ماكرون لا يعرف الفرق بين تجارة السيارات وتجارة الاسلحة، كله عند ماكرون تجارة، قال ماكرون "وبراءة الاطفال فى عينيه"، ان الدعوة الى وقف صفقات امداد السعودية بالسلاح هى دعوى غوغائية!، وتساءل فى ثقة يحسد عليها، "ما علاقة مقتل خاشقجى بوقف امداد السعودية بالسلاح"، واضاف بذكاء متقد، "اذا كنا سنطالب بوقف تصدير السلاح للسعوديه، علينا ايضاً ان نوقف تصدير السيارات للسعوديه"، - فى اشارة غامزة لصادرات المانيا من السيارات، بعد ان احرجتهم ميركل بوقف صفقة سلاح المانية للسعودية بنصف مليار يورو -، وربما يتجرأ "الطفل المعجزة"، فى نوبة شجاعة طارئة، ويقرر وقف تصدير صفقة "شيكولاته" للسعوديه.

لقد شهدت ميزانية الدفاع في المملكة العربية السعودية توسعًا بمعدل حوالي 14 في المائة سنويًا خلال العقد الماضي – اى ما قبل الربيع العربى -، وتسارع هذا التوسع ليصل إلى حوالي 19 في المائة سنويا منذ عام 2011.. ويتوقع - بحسب قسم الفضاء والدفاع والأمن بشركة آي إتش إس - أن يرتفع الإنفاق السعودي المخصص للدفاع إلى حوالي 60 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020، الأمر الذي يجعلها حينئذ خامس أكبر منفق على الدفاع في العالم.

لقد انفقت المملكة العربية السعودية عام 2014، ما قيمته 80,8 بليون دولار (البليون هو رقم إلى يمينه تسعة أصفار. أى الف مليون)، على الانفاق العسكرى!، - تستند المعلومات على الإصدار الأول لعام 2015 من "التوازن العسكري"(لعام 2014) الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) http://www.iiss.org -/ - .
كما انفقت الامارات العربية المتحدة عام 2014، ما قيمته 22,8 بليون دولار، على الانفاق العسكرى!، - تستند المعلومات على صفحة الحقائق لعام 2015 والصادرة من معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم (سيبري) - http://www.sipri.org/ - .

ويعتبر الإنفاق الخليجي العسكري على صفقات السلاح هو الأعلى في العالم، وهو ما يوصف بصفقات السلاح "الغبية" كونها تعمل على تكديس للسلاح دون استخدامه، ولكنه الابتزاز المستمر من جانب دول تصدير السلاح واستخدام فزاعة "الخطر الايرانى الشيعى" على دول الخليج، لتستفيد منه دول الغرب حتى تظل الدول الخليجية متحفزه لأي عدوان محتمل - ما يدفعها لاستمرار شراء صفقات السلاح أو بقاء الوجود الأجنبي في المنطقة، وهو وجود مكلف.(2)



ليس هناك من هدف للدعوة الان لوقف الحرب على اليمن، سوى انقاذ النظام السعودى المفضوح عالمياً، فالأجراء يعرف من توقيته !

فى بشاعة ممارسة سياسة المصالح، ليس هناك فرق بين امرأة ورجل، فكما ليس هناك اقبح ولا احقر من تصريح رئيسة الجيوش الفرنسية، "الان يجب وقف الحرب فى اليمن"، الا نفس التصريح لوزير الدفاع الامريكى. الان يجب وقف الحرب، يعنى ان وقف الحرب كما استمرارها، هو رهن بقرار يمكنهم اتخاذه، الان او بالامس او الغد. ان مأساة شعب اليمن المستمرة منذ ثلاث سنوات، يمكن ايقافها الان، انه فضح لكل بجاحة اصحاب دعاوى الديمقراطية وحقوق الانسان فى عالم اليوم.

ان الذين تركوا بلد وشعب بأكمله على مدى ثلاث سنوات، لوحشية نظام يجلس على اكبر بئر بترول فى العالم، السعودية، ومنافسه فى الوحشية، الصاعد بقوة، الامارات. وهكذا فجأة، وبعد مرور ثلاث سنوات مريرة على اليمن الذبيح، وبعد الفضيحة العالمية لحكام السعوديه بالجريمة البربرية باغتيال خاشقجى والتمثيل الحيوانى بجسده، خرج كورس المصالحً المدعى، فى نفس واحد: "يجب وقف قتل اليمنيين الان". ليس هناك من سقف لحقارة مدعى الديمقراطية وحقوق الانسان فى الحضارة المدنية الحديثة لعالم اليوم.


سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam


المصادر:
(1) "الامير المحارب"، يزيد صايغ.
https://carnegie-mec.org/diwan/77592
(2) "تكلفة الحرية" اقل من "تكلفة الاستبداد": .. وماذا عن تقرير "تكلفة الاستبداد العربى" ؟!، سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=498714








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار