الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع المموّه لحارسي الانقلاب الديمقراطي في تونس : حزب حركة النهضة وحزب نداء تونس

بشير الحامدي

2018 / 11 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الصراع المموّه لحارسي الانقلاب الديمقراطي في تونس : حزب حركة النهضة وحزب نداء تونس
الإنتقال الديمقراطي وسياساته ومجمل الأجهزة والأوضاع التي أنتجها مسار الانقلاب على 17 ديسمبر[الانتخابات التوافقات الإرهاب البرلمان الحكومات المتعاقبة الارتباط بالمحاور الاستعمارية دوليا وإقليميا ـ المصالحة مع مراكز النفوذ الاقتصادية والسياسية الفاسدة التي رعتها البورقيبية في طور وديكتاتورية بن علي في طور لاحق مواصلة تنفيذ سياسات البنك الدولي ـ المديونية ـ التقشف ـ التضخم وانهيار الدينارـ ...] قاده ويقوده ومنذ سقوط حكومة الترويكا سنة 2013 رأسان رأس يقوده التجمعيون الذين خيروا أن لا ينتظموا في حزب النهضة وتوزعوا على أحزاب عديدة على رأسها نداء تونس ورأس يقوده حزب حركة النهضة المعززة بفلول التجمعيين وشتات من الأحزاب القريبة منها والتي لا تختلف عنها في الجوهر من حيث المشروع الذي تتبناه. لقد كشفت انتخابات 2014 بشكل واضح هذا الاستقطاب حيث لاحظنا أن جزء كبيرا من البرجوازية التونسية وقفت وراء حزب النهضة ودعمته ورأت أنها الحزب الأقدر على حماية مصالحها وفسح المجال لها للعودة من جديد لمواقع النفوذ والقرار السياسي والاقتصادي وقد تدعم هذا التوجه في السنوات الأربع الفارطة مما مكّن حزب حركة النهضة من البقاء متماسكا ومن إضعاف كل الأحزاب الأخرى ودفع أغلبها إلى الاقتراب منها والاعتراف بشرعيتها كطرف لابد منه لمواصلة مسار الإنتقال الديمقراطي.
حزب حركة النهضة في الحقيقة لا يستمد الآن قوته ونفوذه فقط من قاعدة منتسبيه التقليدين الذين انتموا له على امتداد فترتي حكم الديكتاتوريين بورقيبة وبن علي لقد دعّم نفوذه بالفلول التجمعية التي انضمت إليه أو اقتربت منه بعد 17 ديسمبر وقوته الانتخابية التي حازها تعود في جزء كبير منها إلى هؤلاء الوافدين الجدد الذين نجح نجاحا كبيرا في دمجهم في صلبه وفي استثمارهم وكانت المصلحة المتبادلة بينهم وبينه هي القاعدة في ذلك.
ارتكاس مجموعات اليسار التقليدي وتسييج مشروعها في حدود المشروع الديمقراطي [الدولة المدنية والحريات السياسية] وتبني بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل لمسار الحوار الوطني والتوافق وفرض هذا التوجه على منتسبي الاتحاد الذين كان لهم دور كبير في الثورة كخط وحيد لا يمكن الخروج عنه أو نقده أو مخالفته وتسليم هذه القاعدة العريضة الهشة بهذه السياسة وتجندها وراء قيادتها "الحكيمة" كما أيضا عجز القوى الثورية المستقلة المشتتة من المتمسكين بمواصلة المسار الثوري على بلورة مشروع سياسي من داخل الأغلبية ومعها مشروع مستقل عن أحزاب النظام وبيروقراطياته يؤسس لهذه الكتلة الطبقية الواسعة الأدوات الضرورية لمواصلة المسار الثوري ويدفعها للانخراط في السياسة من موقع طبقي ولصالحها أمّم تقريبا النفوذ والقرار والسياسة إجمالا لصالح قطبي ترميم النظام النهضة من جهة ونداء تونس من جهة أخرى وحكم كذلك على مجموعات اليسار التقليدي ومنتسبيها وعلى بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل ومنتسبي هذه المنظمة النقابية أن يكونوا خارج الصراع منعزلين عن الكتلة الطبقية الواسعة للأغلبية ومجرد رقم في معادلة السياسات القائمة لا يقدرون على لعب أي دور مؤثر فيها قوى في طريقها إلى الانحلال والترسب أكثر في الهامش وهو واقع تتقدّم نحوه وسيثبته الطور القادم من مسار الإنتقال الديمقراطي.
هذا هو الوضع في هذا الطور من الإنتقال الديمقراطي لقد ترسخت أقدام الانقلاب في الثماني سنوات الأخيرة استقطاب ثنائي مستمر في ترميم النظام وحكم لا يختلف كثيرا سوى في الواجهة عن نظام الديكتاتور بن علي وأغلبية فقدت كل أحلامها في تغيير جذري يقطع مع هيمنة برجوازية فاسدة رثة مرتبطة واعية جدا بأن مصيرها مرتبط بالحيلولة دون استقلال الأغلبية عن نفوذها لذلك فهي تقوم بكل ما في وسعها للإبقاء على أوضاع الأزمة لابل أكثر من ذلك إنها تعمل وبكل الطرق على مزيد إنتاج الفوضى و الأزمات وزرع اليأس والخوف والترهيب في صفوف الجماهير لا عبر القمع المباشر فقط بل أيضا عن طريق توظيف أذرعها المخابراتية والبوليسية في زرع الإرهاب وتغذيته وحراسته.
لقد أدركت أن تواصل نظامها وسياساتها لا يمكن أن يستمر إلا على قاعدة مزيد إنتاج الفوضى والتحكم فيها وفي نفس الوقت مواصلة التمويه بالرهان الديمقراطي وهو ما يجري الترتيب لجولة أخرى منه ستتوجها الانتخابات القادمة التي بدأ الطرفان القويان حزب النهضة ونداء تونس في الترتيب للخروج منها بتوافق آخر يجتهد كل طرف منهما اليوم على أن يكون على قاعدة تخدم مصالحه وتضمن التوازن الذي ينشده وتفرضه قواه وارتباطاته.
محاور الصراع كما محاور الوفاق المعلن بين حزبي الأغلبية لا تبدو أنها ستختلف عما كانت عليه منذ 2013 فهي تقريبا نفسها وفي العموم لن تخرج عن "مكافحة الإرهاب" "الدولة المدنية" "الشرعية "الدستورية" "السلم الاجتماعي".
سيذهب الحزبان الأغلبيان للانتخابات القادمة ببرامج انتخابية كاذبة مموهة وبهذه السلة من الشعارات لتجديد واقع تقاسم السلطة القائم اليوم ولمواصلة حراسة وتنفيذ سياسات الطبقية البرجوازية الفاسدة المهيمنة الآن على كل الشأن السياسي والاقتصادي ومن ورائها وكلائها الاستعماريون لتستمرّ عملية مصادرة وسرقة سيادة قرار وثروات وموارد الأغلبية التي لا شيء ينبئ بقدرتها اليوم أوعلى المدى القريب على الاستقلال عن هيمنة البيروقراطيات الحزبية الفاسدة في حزب النهضة أو في نداء تونس ولا أيضا عن بقية البيروقراطيات الحزبية والنقابية المنخرطة في مسار الانتقال الديمقراطي والمتبنية لأرضيته السياسية أو في مقاومة هذه القوى وآليات هيمنتها وذلك بتعطيل الانتخابات ووقف عملية سرقة سيادتها على قرارها وثرواتها باسم الانتخابات وترسيخ مسار الانتقال الانقلابي.

بشير الحامدي
03 نوفمبر 2018








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار